الرأي

أين مفوضيات الفساد وإصلاح القضاء..؟!

د. مرتضى الغالي

    تسألوني…؟!  (والمعبود بالحق) لا أعلم لماذا يتأخر إنشاء مفوضية مكافحة الفساد ومفوضية الإصلاح القانوني والعدلي.. وهذا ليس استثناء من تأخر إنجاز مطلوبات الثورة وهيئات الفترة الانتقالية وما يواجهها من عراقيل وحجار عثرة و(تلاقيح جتت)..! هي عقبات معلومة وعيننا على الحكومة التي نتهمها بالبطء والضعف ولا نعفيها بالكامل.. ولكننا نعرف أن هناك ترسانة من المعوقات بينها بعض مؤسسات الفترة الانتقالية نفسها..! كما أن هناك استماتة وتشبث و(عصلجة) من جماعات وهيئات وأجسام نظامية وغير نظامية و(بقايا إنقاذ) وموتورين ومتضررين ومتطلعين ومستفيدين ومتآمرين يريدون أن يقبضوا على مصادر القوة الجبرية والاقتصاد… وسوى الروم خلف ظهرك رومٌ (كما يقول المتنبي) فعلى أي جانبيك تميلُ…؟!

    ولكن هناك أهمية قصوى رغم كل ما ذكرنا لعمل الممكن إلى أن يقيّض الله لنا أن نهزم المتخندقين في العهد القديم وأن نلجم شرور الذين يعود بهم الحنين إلى أيام الإنقاذ، والذين وجدوا في فسادها مداخل لامتلاك الثروات الأسطورية وأصبحوا (بقدرة قادر) أكثر ثراء من صندوق النقد الدولي..! وهم بعد ذلك يخرجون علينا (ليتفاصحوا) بأن المعيشة صعبة والحكومة فشلت  والدولار ارتفع وأن الرغيف كان أوفر أيام الإنقاذ (عليها اللعنة المُستحقة وعلى كل من يذكر أيامها بخير).!!  المعوّقات معروفة ولكن لا بد من إنشاء هاتين المفوضيتين حتى يفتضح من يقفون ضد إنشائهما.. وكما أن (للفساد أحباب) هناك أيضاً من يخشى من الإصلاح القانوني العدلي لأن القضاء هو حائط الصد الأقوى والأبقى ضد رياح الفساد وعواصف الفوضى والاستباحة والسرقة والنهب والتهليب والتهريب.. ومتى استقام القضاء انقطع دابر الفساد وحلّ البوار بالمهربين و(الأوانطجية والمحولجية) وأرباب السوابق واللاعبين بالدولار والهاربين بعائد الصادرات والذين يكتنزون مورد السودان من الذهب لصالحهم مستفيدين من (الجبال البعيدة) ومن فوضى حرية الحركة في بوادي السودان خاصة لأهل الكاكي الذين لا يلتزمون بمرجعية الجيش المركزية.. وقد كان الحال في أيام الإنقاذ أن الطائرات المجهولة كانت تغدو وتروح وتحط وتطير في بوادي وصحاري الوطن بغير علم الخرطوم.. ولا يدرى أحد لماذا أتت ولا من أين انطلقت وماذا تحمل أو إلى أين تعود..!! وهذا هو (سعار الذهب) الذي أصاب البعض في أيام إنقاذ السوء وبعدها بصورة أشرس مما حدث في الغرب الأمريكي على أيام عصابات (ديجانقو) الذي لا يرحم..!

      هناك ارتباط وثيق بين عمل هاتين المفوضيتين؛ فمحاربة الفساد لا تتم بغير نظام قضائي مستقيم ومستقل وكفء ومهني وحازم وقويم ومستقيم.. ومفوضية الفساد تستطيع أن تجمع ما يتفرّق من وقائع وأساليب الفساد وطرق التقصّي والملاحقة سواء كان فساداً من ريع الدولة أو من القطاع الخاص أو المصارف أو داخل البلاد وخارجها والفساد القديم (والمستجد) والبلاغات التائهة والعقارات السائبة والأموال السرية والأسهم والسندات والمزارع والقصور واليخوت والشركات والقنوات الفضائية والصحف والمراكز.. ومن باعوا أراضي الدولة ومن (غسلوا الأموال) ومن كتبوا أموال الخزينة العامة والبيوت والحسابات المصرفية باسم المؤتمر الوطني وباسم أبنائهم وبناتهم وأصهارهم وبأسماء الأطفال والصبيان والزوجات..وأصحاب المخصصات المستمرة حتى بعد مفارقتهم الوظائف والذين حجّوا واعتمروا (وعددوا الزوجات) من مال الشعب.. ومن أكلوا الزكاة وأخذوا إيجارات (الأوقاف) ومن باعوا (ناقة صالح) وسرقوا (قميص يوسف) والمعروفون بسرقة الموارد واكتناز الثروة بعد أن كانوا )يرقعون الرقعة( وأصحاب الثراء المشبوه ومختلسو العطاءات والقروض ومن هربوا بأموال الدولة وعملتها الصعبة وسيارتها وآلياتها حتى يتم استردادها منهم إلى (آخر موتر) بل واسترداد الزي الرسمي الذي لم يقوموا بتسليمه إلى (آخر برنيطة وأزبليطة)..!

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى