الأخبار

وزير شؤون مجلس الوزراء خالد عمر يوسف: 2-2

إدارة التباين والتعدد بما لا يهدد استقرار البلاد وانتقالها الديمقراطي هذا هو بيت القصيد
جهات عدة من مكونات السلطة تتخذ مواقف خارجية لا تتبع سياسة موحدة متفق عليها وهذا أمر خطير
إدارة التباين والتعدد بما لا يهدد استقرار البلاد وانتقالها الديمقراطي هذا هو بيت القصيد
ما لم نكن حذرين في توجيه سياساتنا الخارجية قد نقع في منزلقات وقعت فيها دول من قبلنا
الخلاف بين لجنة إزالة التمكين وزارة المالية كان بسبب سوء إدارة
رصد – طلال الخضر
مقدمة:
* قال وزير شؤون مجلس الوزراء الأستاذ خالد عمر يوسف، إن من ينظر إلى وضع السودان اليوم يطمئن أن شعبنا قادر دائماً على تجاوز الصعاب وصنع المعجزات، وأن هذا الانتقال المعقد بكل ما فيه، إلا أن تقييم العام والنصف العام يقول إن أهداف الثورة وأهداف المرحلة الانتقالية تتحقق. وأضاف خالد عمر في حوار مع برنامج “بلا قيود” على قناة بي بي سي عربية”، أن الاحتجاجات والمظاهرات ليست أمراً مقلقاً، هي جزء من النظام الديمقراطي الذي يعيشه السودان الآن، وهي أحد مكتسبات الثورة التي سيحافظ عليها الشعب. وقال إن الكثير من الوعود التي قطعتها الحكومة الانتقالية تحققت بالفعل، مشيراً إلى أن الانتقال معقد للغاية ومن الطبيعي أن تحدث بعض الإخفاقات، وأضاف عمر أن الحكومة الانتقالية هي أول حكومة في تاريخ السودان تضع السودان على طريق الإعفاء من الديون، وأوضح أن تأخر قيام المجلس التشريعي كان بسبب طلب الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا بتأجيل قيام المجلس التشريعي. وقال خالد عمر الوطنيون من عسكريين ومدنيين المتوافقين على مشروع الانتقال سيقودون المرحلة الانتقالية، وصولاً إلى انتخابات يختار فيها الشعب السوداني الحكم المدني الديمقراطي المتوافق مع رغباته. وأشار إلى أن اتفاق السلام الذي تم توقيعه في جوبا يواجه تعثراً في التطبيق، إلا أن الآلية الوطنية المعنية بتنفيذ اتفاق السلام كثفت اجتماعاتها من أجل اللحاق بالنقاط المتأخرة، كما تناول اللقاء –تقديم نور الدين زورقي – الكثير من القضايا الملحة المتعلقة بالوضع السياسي والاقتصادي الراهن.
** نور الدين: لا أحد يستهين بما أنجز في السودان خلال هذين العامين أريد أن أوضح ذلك لكن ما قاله رئيس الحكومة الانتقالية من تصريحات تثير تساؤلات عن مدى الانسجام داخل ترتيبات الحكم الانتقالي، استمع لما قاله السيد حمدوك بالحرف: إن وطأة الماضي الثقيلة تركت انقسامات متعددة الأوجه (مدني مدني – مدني عسكري– عسكري عسكري)، وقد تفاقمت هذه الاختلافات في الآونة الأخيرة وأصبحت تعبر عن الأزمة السياسية العميقة التي تعاني منها البلاد حالياً. هل تستفيد الحكومة من هيمنة أو عدم توازن مع المكون العسكري؟
خالد عمر: هذه حقائق نحن نتعامل معها بدون أن نوهم أنفسنا بغير ما هو موجود على أرض الواقع، الحقيقة أن النظام السابق دمر كل شئ في السودان، دمر الأحزاب السياسية، دمر المجتمع المدني، ودمر المؤسسة العسكرية وقسمها. جاءت الثورة على عكس كثير من التوقعات التي كانت تقول إن التغيير الذي حدث بسبب هذه الانقسامات سيؤدي إلى انهيار السودان، ولكن عبقرية الشعب السوداني وإصراره وقدرة مكوناته المختلفة على التوافق في ما بينها على مشروع إسقاط النظام أولا وللانتقال ثانياً، حفظت هذه البلاد حتى الآن، لكن هذا الحفظ لا يعني أن هذه الانقسامات قد انتهت، وستظل مصدر تحدي رئيسي في طريق وجود البلاد واستقرارها. وهذا ما ذكره رئيس الوزراء أن هناك انقسامات على المستوى المدني وانقسامات على المستوى العسكري وانقسامات بين المدنيين والعسكريين ولكن رئيس الوزراء لم يكتفِ بتوصيف الوضع الراهن، لكنه وضع خارطة طريق للخروج من هذا الوضع حيث أنه ذكر بضرورة التوصل لتسوية شاملة وتاريخية حول قضايا بعينها حتى تعين السودان على عبور مطبات الانتقال. أنا أعتقد أنه على مدى السنتين الماضية أثبت الشعب السوداني ومكوناته المختلفة أنه بغض النظر عن كل هذه التحديات بالواقعية والتصميم والإرادة وبالنظر لحقائق الواقع كما هي، استطعنا أن نعبر هذه الصعاب، وسنتجاوز هذه الانقسامات عبر التوافق والوصول إلى كتلة انتقال لا تستثني أحداً من السودانيين إلا منْ أفسد وأجرم من عناصر النظام البائد. الوطنيون من عسكريين ومدنيين المتوافقين على مشروع الانتقال سيقودون المرحلة الانتقالية وصولاً إلى انتخابات يختار فيها الشعب السوداني الحكم المدني الديمقراطي المتوافق مع رغباته.
نورالدين: يريد السودانيون أن يعرفوا عن أي حكم ديمقراطي تتحدثون عنه، ولا يزال الغاز المسيل للدموع يستعمل حتى يمنعوا من الخروج إلى شوارع مدنهم حتى يعبروا عن آرائهم. أستاذ خالد بالنسبة لموضوع الاختلاف بين المكونات المدنية، هناك منْ يقول إن نهج السودان في ملف التطبيع وسياسات البنك الدولي هي ما دقت أسافين بين المكونات المدنية في الحكم هل هذا صحيح؟
خالد عمر: لا بكل تأكيد، هناك قضايا ليس هناك اتفاق شامل حولها بين السودانيين وهذا أمر طبيعي، كما ذكرت نحن الآن في مرحلة انتقالية فيها مكونات عديدة، وهي مرحلة ذات طبيعة ديمقراطية، بكل تأكيد تتباين الآراء حول قضايا عديدة، ولكن القضايا التي يحدث حولها أوسع توافق ممكن الناس يمضون فيها إلى الأمام. لا يستطيع أي شخص أو أي مؤسسة أن يستفرد بالقرار أو أن يفرض على السودانيين أمراً لا يريدوه. أؤكد لك أن أي حديث حول قمع الحريات غير دقيق، نحن خرجنا من أبشع الشموليات في تاريخ السودان والعالم، شمولية ارتكبت جريمة الإبادة الجماعية التي راح ضحيتها الألوف من السودانيين، الآن الشعب السوداني لديه حق التعبير وحق التنظيم والتظاهر، عنده كافة الحقوق الأساسية التي لا يستطيع أحد أن يمس بها، والكلام الذي يدور على أن الوضع كما كان في عهد النظام البائد غير صحيح.
نور الدين: تغلق جسور الخرطوم ويمنع المواطنون من الوصول إلى الأماكن التي يريدون الوصول إليها، هل هذا ماكانوا يريدونه أستاذ خالد؟
خالد عمر: الجسر الوحيد الذي أغلق هو جسر النيل الأزرق وهو جسر يقع مباشرة في محيط القيادة العامة، وهي منطقة من حق السلطات تأمينها. المناطق التي تم تأمينها هي القيادة العامة للقوات المسلحة والقصر الجمهوري ومجلس الوزراء، من حق أي شخص أن يصل حتى أسوار مجلس الوزراء ويتظاهر، وهذا الأمر يحدث، يومياً الوقفات الاحتجاجية والمطالبات تقف أمام بوابة مجلس الوزراء وتقدم مذكراتها بصورة حضارية ويلتقيها المسؤولون في مجلس الوزراء ويستلمون منها المذكرات ويجتمعون معها حتى تحل مشاكلها، كما أخبرتك نحن الآن في حكم ديمقراطي مصدر مشروعيته هذا الشعب.
نور الدين: يعني هل هناك صراع على السلطة في منظومة الحكم الحالية؟ لأنه إذا كان الأمر كذلك فهذا ليس خبراً طيباً وربما يفسر ذلك كل هذا التعسر في التحسن الاقتصادي.”
خالد عمر: هذا أمر طبيعي كما قلت لك، إذا ورثت من النظام السابق مؤسسة عسكرية منقسمة، ورثت أحزاباً منقسمة، ورثت مجتمعاً مدنياً منقسماً، ورثت مكونات قبلية منقسمة، أنا أعتقد أن وجود هذا الوضع كما هو عليه والاعتراف به ليس منقصة للفترة الانتقالية، رئيس الوزراء لم يقف عند محطة توصيف الوضع الراهن بل وضع حلولاً لهذا الوضع، تعدد الآراء وتباينها موجود وسيظل موجوداً، ولكن إدارة هذا التباين والتعدد بما لا يهدد أمن البلاد واستقرارها ولا يهدد انتقالها الديمقراطي هذا هو بيت القصيد، وهذا هو ما قصده رئيس الوزراء وهو كيف تتوافق كل هذه المكونات بصورة كلية حول قضايا محددة، وطرائق لإدارة التباين والخلاف، حتى ننتقل بصورة ديمقراطية وسلمية. لا يوجد حكم في الدنيا يمحو التعدد غير الحكم الشمولي ودائماً مصيره الفشل.
نور الدين: استمع أستاذ خالد إلى ما يقوله أحد المواطنين السودانيين: لماذا نحن في وضع اقتصادي منهار، لا يمكن السيطرة على أسعار الدولار، أين الأموال التي أخذتها لجنة إزالة التمكين والتي لم يستفد منها البلد شيئاً؟ “الخلاف بين لجنة إزالة التمكين ووزارة المالية، هل يوجد مال أم لا يوجد مال، لجنة إزالة التمكين تقول أعطينا مالاً لوزارة المالية ووزارة المالية تنفي”.
خالد عمر: بكل تأكيد لجنة إزالة التمكين صادرت عدداً من الأشياء التي كانت مملوكة للنظام السابق، هذه الأموال أنشئت بها شركة خاصة لا زالت في مرحلة التأسيس، وهي ستدير هذه الممتلكات لمصلحة الحكومة حتى تصبح جزءاً من دخلها، وأي من هذه الممتلكات عن طريق التقاضي يثبت أن هناك خطأ في استرداده للدولة، عن طريق القضاء يمكن للشخص المتضرر أن يسترد حقه.
نور الدين: لماذا ينفي وزير المالية تلقي الأموال؟
خالد عمر: الخلاف الذي تداولته وسائل الإعلام كانت نتيجة لسوء تفاهم، بسبب سوء الإدارة، الأفضل للمؤسسات ألا تتفاهم عن طريق الإعلام بل التفاهم عن طريق المؤسسات المختلفة. عقب ذلك اجتمع وزير المالية مع لجنة إزالة التمكين وعالجوا سوء التفاهم الموجود. كما ذكرت تم تكوين شركة قابضة الآن في مرحلة التأسيس بدأت بضم هذه الأموال عن طريق لجنة حكومية حتى تدير هذه الأموال لمصلحة الاقتصاد الوطني.
نورالدين: مشروع السودان في التحرر من الاستبداد وإقامة حكم ديمقراطي، كان معروفاً منذ البداية أن أساس نجاحه هو السلام، اتفاقيات السلام التي أبرمت بين الحكومة الانتقالية وفصائل دارفور والحركة الشعبية شمال، لم تنفذ لماذا؟”
خالد عمر: لا يمكن القول إنها لم تنفذ حقيقة، دعني أقول إن هذه هي المرة الأولى في تاريخ السودان التي تم فيها توقيع اتفاقية سلام عقب ثورة شعبية جاءت بنظام ديمقراطي، هذه ثالث ثورة شعبية تأتي في السودان، الثورتان اللتان سبقتاها أبريل 1985م، أكتوبر 1964م نجحتا بأن يسقطا الشمولية وتأتيا بنظام ديمقراطي لكنهم لم تنجحا في وقف الحرب الأهلية وتوقيع اتفاق سلام، هذه هي المرة الأولى في تاريخ السودان أن يتبع ثورة شعبية اتفاق سلام، والربط بين السلام والديمقراطية هو الوصفة التي يحتاجها السودان ليكون مستقراً وديمقراطياً.
اتفاق السلام الذي تم توقيعه في جوبا يواجه تعثراً في التطبيق في بعض مناحيه، وتم تطبيق بعض بنوده، والآن الآلية الوطنية المعنية بتنفيذ اتفاق السلام كثفت اجتماعاتها من أجل اللحاق بالنقاط المتأخرة، هناك تعقيدات مالية تحول دون تنفيذ بنوده وتعقيدات لوجستية وتعقيدات متعلقة بتركيبة الاتفاق، المتفق عليه، أن هناك إرادة حقيقية لتنفيذ هذا الاتفاق وتجاوز العقبات التي وقفت في طريق تنفيذه على الوجه الأكمل.
نور الدين: السياسة الخارجية ركن أساسي في مستقبل السودان أستاذ خالد، من ما قاله السيد حمدوك: التجربة السابقة أثبتت عدم تجانس الجهات التي تعمل على ملفات السياسة الخارجية، منْ يقصد السيد حمدوك بهذا الكلام؟
خالد عمر: لا يوجد انفراد بالقرار، ما يقصده حمدوك هو تعدد مراكز إصدار القرار، في جهات عديدة من مكونات السلطة الانتقالية تتعامل وتتخاطب مع الخارج، وحتى أنها تتخذ مواقف خارجية قد لا تتبع سياسة موحدة متفق عليها وهذا أمر خطير. دائماً فترات الانتقال هي فترات فيها سيولة عالية لهذا هناك جهات مختلفة تسعى لتشكيل الواقع بما يتوافق مع مصالحها، في ظل حالة الانقسام الداخلي الموجودة في السودان، مالم نكن حذرين في توجيه سياساتنا الخارجية لمصلحة الحفاظ على السيادة الوطنية، وعلى وحدة وتماسك البلاد قد نقع في منزلقات وقعت فيها دول من قبلنا. رئيس الوزراء دق ناقوس الخطر ووضع وصفة لمعالجة هذه القضية، دعا جميع الأطراف للجلوس والاتفاق على سياسة خارجية موحدة وعلى آليات تنفيذ هذه السياسة واتبعنا هذه المسألة بالاجتماع المغلق لمجلس الوزراء الذي أقر الآلية، ليتم الدعوة لمؤتمر قومي للسياسة الخارجية يضم كل مكونات السلطة الانتقالية، يتوافقون على السياسة الموحدة ومن ثم يتوحدوا على الآلية الموحدة التي من خلالها نستطيع عن طريق علاقاتنا الخارجية تحقيق أكبر منافع وطنية ممكنة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى