حوارات

وزير الري البروفيسور ياسر عباس: لدينا معلومات بأن الملء الثاني لسد النهضة فى مايو ويونيو 

حوار- سمر إبراهيم

قال وزير الري السوداني البروفيسور ياسر عباس، إن بلاده وافقت على المقترحات الإثيوبية خلال مفاوضات «كينشاسا» ولكنها اندهشت من التعنت الإثيوبي غير المبرر الذى يوضح رغبتها فى كسب الوقت لمواصلة الملء الأحادي دون اتفاق حول ملء وتشغيل سد النهضة، مؤكدًا أن أي مفاوضات بنفس المنهجية السابقة لن تقود إلى أي نتائج وتُعد ضياعا لوقت غالٍ للغاية.

 

وأضاف أن الخرطوم لديها معلومات بأن الملء الثاني للسد ربُما سيكون في شهري مايو ويونيو، مشيرا إلى أن الفرق القانونية بوزارة الرى السودانية تعمل على دراسة إقامة دعاوى قانونية ضد الشركة الإيطالية التي تعمل على بناء سد النهضة وكذلك ضد إثيوبيا، كما أن مقترح اللجوء لأي محكمة ما زال قيد الدراسة وهناك خيارات متعددة كثيرة، كـ «جهات محلية، إقليمية، ودولية»، لاسيما أن الملء الثاني للسد من غير اتفاق سوف تكون له عواقب ومخاطر حقيقة تهدد حوالى نصف تعداد سكان السودان وإلى نص الحوار:

**

>عقب فشل مفاوضات كينشاسا الأخيرة نتيجة تعنت الجانب الإثيوبي، ما الذي طرحته مصر والسودان لإنجاح الجولة؟ ولماذ أصرت إثيوبيا على رفض مقترح الوساطة الرباعية في تقديركم؟

 

ــ ذهبنا إلى المفاوضات في العاصمة الكونغولية «كينشاسا» بطرح آلية جديدة لتغيير المنهجية السابقة باعتبارها لم تحرز أي تقدم خلال الجولات السابقة والتي استمرت لوقت طويل في عواصم الدول الثلاث، وفي الولايات المتحدة الأمريكية من خلال وساطة وزارة الخزانة الأمريكية والبنك الدولي، لذلك تقدمنا بمقترح تغيير المنهجية وإضافة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة تحت قيادة الاتحاد الأفريقى كـ «وسطاء»، وهو الطرح الذي أيدته الدولة المصرية باعتباره الطريق الأقرب للوصول إلى اتفاق مُرضٍ لجميع الأطراف، ولم نتمسك بالرباعية الدولية، حيث وافقنا على أن يكون هناك دور لأطراف الرباعية كـ «ميسرين» بدلا عن الوساطة، ووافقنا على المقترح الإثيوبي بإضافة دولة جنوب إفريقيا، وأيضا اعترضت إثيوبيا، ووافقنا على أن تكون لدولة الكونغو الديمقراطية رئيس الاتحاد الأفريقي الحق في الاستعانة بخبراء لمعاونته، ولكن اندهشنا بتعنت إثيوبي غير مبرر يوضح رغبتها في كسب الوقت لمواصلة الملء الأحادي دون اتفاق حول ملء وتشغيل سد النهضة.

>ترددت أنباء عن اعتزام الرئيس الكونغولي فليكس تشيسكيدي دعوة الدول الثلاث إلى جولة أخرى من المفاوضات خلال الشهر الجاري، ما مدى صحة هذه الأنباء؟

ــ لم يتم تقديم دعوة لنا إلى أي جولة مفاوضات أخرى ولكن نحن نثمن مجهودات دولة الكونغو في المفاوضات السابقة، وكما أوضحنا منذ يناير الماضي أن السودان حريص على التفاوض وفق آلية أو منهجية تقود إلى نتائج، وفي الجولات السابقة خلال رئاسة دولة جنوب أفريقيا للاتحاد الأفريقي، أصرينا على إعطاء دور للخبراء في الاتحاد ولكن لسوء الحظ لم نتوصل لاتفاق، ثم اقترحنا عقب ذلك آلية الوساطة الرباعية بقيادة الاتحاد الأفريقي لكي تلعب دور الوسيط ولم يتم ذلك أيضًا، ولهذا ما لم توضح طريقة المفاوضات أعتقد أن أي مفاوضات بنفس المنهجية السابقة لن تقود إلى أي نتائج وتُعد ضياعا لوقت غالٍ للغاية.

>من الملاحظ أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لم يتخذا موقفا حازما تجاه دفع إثيوبيا بالأزمة إلى طريق مسدود، هل مازلتم تعولون على ضغوط «أوروبية – أمريكية» لحلحلة المفاوضات؟

ــ المقترح السوداني بتوسيع مظلة التفاوض وإشراك الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تحت قيادة الاتحاد الأفريقي لم يقصد به ممارسة ضغوط على إثيوبيا، وإنما تسيير وتسهيل للمفاوضات لما لها من أثر وخبرة في حل مثل هذه القضايا الخلافية وكذلك لبناء الثقة بين الدول مع ضمان تنفيذ الاتفاق.

 

>هل يمكن القول إن أزمة سد النهضة وصلت إلى نقطة اللاعودة؟

ــ لا يُمكن أن نقول بأن الأزمة وصلت إلى نقطة اللاعودة باعتبار أن هناك سُبلا للتفاوض والتباحث بين الدول الثلاث وهو الطريق الأمثل لحل الخلافات بشأن الملء والتشغيل والجوانب القانونية التى تحفظ حقوق الدول الثلاث، وهناك كثير من الخيارات التي يُمكن اللجوء إليها.

>ما هى الإجراءات الاحترازية التي يتبعها السودان لتقليل مخاطر الملء الثاني لسد النهضة؟

ــ وضع السودان سلسلة من التدابير لمواجهة أي تصرف أحادي يُمكن أن تقوم به إثيوبيا ومنها إحداث بعض التعديلات في نظم تشغيل الخزانات، على الرغم من تأثيرها السلبي على كثير من نواحي الحياة مثل التوليد الكهربائي والزراعة المروية، وذلك لتقليل مخاطر الملء الثاني دون اتفاق مُلزم وقانوني وتبادل للمعلومات والبيانات وفقا للقانون الدولي، كما يجري دراسة سيناريوهات مختلفة، ومن ثم سنبدأ حجز 600 مليون متر مكعب من المياه لخزان جبل أولياء تحسبا للملء الثاني لسد النهضة، كما سيتم تخزين مليار متر مكعب في سد الروصيرص.

>ما رأيكم في مقترح إثيوبيا بشأن تبادل المعلومات حول الملء الثاني لسد النهضة؟ وكيف يُمكن طرح ذلك دون الوصول لاتفاق مُلزم؟

ــ تلك الخطوة غير كافية لموافقة السودان وذلك لعدة أسباب، منها عدم ضمان إعطاء البيانات وفق اتفاق قانوني وإنما اعتبارها كـ «هبة» من أديس أبابا وليس حقا للدول المتشاطئة على النيل الأزرق، فهناك الكثير من البيانات والمعلومات المطلوبة بما فيها وسائل سلامة تشغيل الخزان، ووسائل سلامة تشغيل سد النهضة، حتى يتمكن السودان من تعديل وسائل سلامة سد الروصيرص، فضلا عن الآثار البيئية والاجتماعية وتفاصيل الملء الثاني ذات نفسها، فقد كنا نتباحث إن الملء يتم في شهرى يوليو وأغسطس، الآن لدينا معلومات بأن الملء ربُما سيكون في شهري مايو ويونيو، فتفاصيل الملء نفسها كيف تتم خلال هذين الشهرين!.

ولذلك نعتبر أن الطلب الإثيوبي غير كافٍ وإنما كما أوضح السودان في خطابه لإثيوبيا لابد أن نتواصل في حوار وتفاوض جاد للتوافق حول الجزء اليسير المتبقي من هذا الاتفاق الشامل، والذي كما ذكرنا لا يتبقى فيه سوى 10% فقط ولا يحتاج إلى مزيد من التفاوض إنما يحتاج إلى الإرادة السياسية، للتوافق حول الثلاث نقاط الفنية والنقاط القانونية الأربعة.

 

>إذن الوقت يداهم المنطقة والملء سيتم في أول يوليو أو ربما حسب ما ذكرتم في مايو، ما هي الإجراءات التي يُمكن أن تتخذ لوقف الملء لاسيما في ظل عدم الوصول لاتفاق حتى الآن؟

ــ الإجراءات تشمل عدة جوانب، فهناك إجراءات فنية وتتضمن تعديل تشغيل سد الروصيرص، حتى نحتفظ بمقدار معين من المياه في بحيرة السد، كما سيكون هناك أيضًا تعديل في خزان جبل أولياء حيث لن نفرغ الخزان بالكامل بل سوف نحافظ على بعض المياه لكي نستخدمها في شهر يوليو المقبل بمقدار 600 مليون متر مكعب، كما هناك أيضا إجراءات قانونية سيتم اتخاذها قريبًا والفرق القانونية بالوزارة تدرس الآن رفع قضايا قانونية ضد الشركة الإيطالية التي تعمل على بناء سد النهضة وكذلك ضد إثيوبيا.

وبشأن الجهات القانونية واللجوء لأى محكمة ما زال قيد الدراسة وهناك خيارات متعددة كثيرة، كـ «جهات محلية وإقليمية ودولية»، ونبحث أي محكمة التي ستقام أمامها الدعاوى والخيارات متعددة، وهناك فريق قانوني كبير من داخل وخارج السودان يدرسون تلك الخيارات لكن إلى اليوم لم تصلنا النتائج النهائية، فالملء من غير اتفاق سوف تكون له عواقب ومخاطر حقيقية تهدد حوالى نصف تعداد سكان السودان وذلك الملف قيد الدراسة في الوقت الراهن، والخيارات متعددة ولم نصل للنتائج النهائية.

 

وبشأن الجانب السياسي هناك اتجاه للذهاب إلى مجلس الأمن الدولى، ولكن الجانب القانوني له أيضا خيارات متعددة لكن لم نصل للتوصيات النهائية حتى الآن لمتابعة الخيار القانوني، كما هناك اتجاه لتكثيف النشاط الدبلوماسي مع دول الجوار والدول الصديقة والمنظمات العالمية لضرورة التوصل إلى اتفاق والتأكيد على أن السودان ومقترحه واقعي وليس ضد أحد وبقيادة الاتحاد الأفريقي، وذلك لتقريب وجهات النظر بواسطة المنظمات أو الدول التي تتمتع بثقل سياسي، وهم نفس المراقبين الذين كانوا في المبادرة السابقة بجانب الأمم المتحدة والتى لم توافق عليها إثيوبيا.

وبالنسبة لنا كـ «مهندسين» وخبراء فى الأنهار ونعرف جيدا عن قضايا النزاعات حول الأنهار فليس هناك حروب بسبب المياه، لذلك فإن الخيار العسكري غير وارد وإنما جميع الخيارات التي يسمح بها القانون الدولي سوف نلجأ إليها.

نقلا عن «الشروق»

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى