الرأي

وردي.. فنان افريقيا الاول وآخر ملوك النوبة ورائد التغيير الاجتماعى فى السودان


د. عادل احمد ابراهيم
*مقدمة:
اختار التاريخ وردي ليعبر عن عبقرية السودان، فوردي وليد رؤية فكرية وفنية بإمتياز.
لقد اخترت هذا الموضوع عن فنان أفريقيا الأول أولاً لعشقي له كفنان عظيم ارتبطت به وجدانياً وفكرياً تتبعت غنائه وحفلاته ولقاءاته وأنا شاب عند منتصف السبعينات من القرن المنصرم ، وقد كان قدري الذي أحببته أن تلمست فيه آيات العشق الأولى على نغمات أغانيه، كان وردي أحد النجوم اللامعة في عصرنا الحديث مستنداً على قاعدة قوة دائمة وفق إستراتيجية فعالة ، فالأضواء لم تحوله عن مشروعه الفني، فكان متوقعا له أن يكون غير عادي ففهم الوسائل والإمكانيات والسبق والتفوق فتمكن من استغلالها .
سجل وردي للإذاعة السودانية أكثر من (300) أغنية، وهذه أعمال بالأرقام لم يسبقه عليها في كل شيء فنان من قبل لقد كان استثنائياً ، ساهم وردي مساهمة فعالة عبر أغانيه العاطفية وأناشيده السياسية وألحانه المبهرة في ترسيخ الإنسجام النفسي والتماسك الاجتماعي، وتنمية الحس الوطني والوعي السياسي في المجتمع السوداني بمختلف فئاته وتنوعاته الثقافية والعرقية والدينية ، كما شارك في صياغة الرأي العام تجاه كثير من القضايا الحيوية.
وبذا يكون وردي قد سطر على صفحات تاريخ السودان الفني والسياسي أحرفاً بيض نواصع كالأنجم المتلألئة في مداراتها العتيقة مدركاً أن الفن أحد أهم أدوات التغيير الاجتماعي والسياسي، وبهذا المفهوم وضع وردي الخطوط العريضة للفنان المثقف ، فقد اختار كل الدروب وعورة لتأدية رسالته الفنية العامرة بالمحطات والمواقف الخالدة.
ويكون لزاماً علينا عندما نتحدث عن طراز فريد أن يستحق منا تكريماً يليق بما قدمه لأمته السودانية والإفريقية قاطبة.
أولاً: تخصيص جائزة باسم وردي يكون عنوانها (جائزة وردي للأغنية الإفريقية).
ثانياً: تقديم الدعوة للمنتجين والمستثمرين في العالم من أجل إنتاج وإخراج فيلم وثائقي يحكي عن إبداعاته أو مسلسل تلفزيوني يحكي قصة نضاله ومسيرته الفنية الطويلة.
*وردي الميلاد والنشأة:
ولد محمد عثمان حسن وردي في جزيرة صغيرة في أقاصي شمال السودان من أرض السكوت تسمى واوسي والتي تقع غرب قرية صواردة بشمال السودان التي عاش فيها كان ذلك في عام 1932م ، توفي والده وهو في عامه الأول بينما توفيت والدته السيدة بتول بدري، وهو في التاسعة من عمره فعاش يتيماً منذ بواكير طفولته.
ينتمي وردي إلى الكشاف النوبيين (كاشفي) ومفردها كاشف في اللغة العربية، وكاشفي في اللغة العربية هم الطبقة التي حكمت النوبيين في أقصى شمال السودان منذ عام 1520 حتى حتى عام 1821، وقد تكوّن من هؤلاء العمد والمشايخ في الأرض النوبية حتى إنهاء الإدارة الأهلية في سبعينيات القرن الماضي، وربما يفسر هذا الأمر الاعتداد الشديد بنفسه والذي يعتبره الكثيرين نوع من التعالي!؟ ،فهو ذات السبب الذي أتاح له أن ينال قدراً وافراً من التعليم لأنه لم يكن متاح في ذلك الوقت الذهاب إلى المدارس لغير أبناء الكشاف حتى الأربعينيات تقريباً إلا ما ندر!؟
نشأ وردي وترعرع في قرية صواردة والتي شهدت مهد طفولته ومرتع صباه وعنفوان شبابه فشكّلت القرية جزءً كبيراً في وجدانه وطبائعه، وكانت مصدر فخر وإعزاز له لاسيما فإنها قد وقفت شاهداً على أولى تجاربه في مجال العمل حيث عمل مزارعاً ثم معلماً بها.
نجد أن الأسرة التي نشأ بينها كان لها بالغ الأثر في حياته، فوالدته السيدة بتول إبنة عمدة صواردة كانت شاعرة ومغنية وأخواله كانوا طمبارة مغنيين وجده شاعر لذلك نجد أن القرية وما تحمله من طيبة وإلفة وطبيعة ساحرة من جهة ،وأسرته التي تعتبر أسرة فنية من جهة أخرى لعبتا دوراً حاسماً في تكوّين شخصيته الفنية كما سنجد ذلك لاحقاً. كان ميلاد وردي في العام 1932م وهو نفس العام الذي توفي فيه الفنان النوبي العظيم خليل فرح كأنه جاء امتداداً لحياة خليل فرح لما بينهما من قواسم مشتركة كثيرة أدهشت المهتمين بالغناء السوداني.
نشأ وردي مشبعاً بالإنتماء للآخرين وتحمّل المسؤولية منذ بواكير صباه من “تكم” الساقية إلى مهاجر العلم في شندي حيث عمل معلماً ثم العودة إلى حلفا معلماً بكتاتيب السكوت والمحس ينشر في ربوعها العلم والمعرفة والحكمة.
*الإنتقال إلى الخرطوم:
بالرغم من حبه الشديد وإرتباطه الوجداني بقريته إلا أن وردي كان بداخله فنان بدأ يكبر شيئاً فشيئاً ،ورغبة جارفة في البحث عن مكان يستوعب موهبته الفنية الكبرى والممتدة ، نازعه حبه لوطنه الصغير، ففكر في شد رحاله إلى الخرطوم العاصمة التي انتقل إليها في العام 1957م.
كان أول مكان إقامة للفنان محمد وردي بالخرطوم منطقة بري المحس، وثم انتقل إلى حي الديم وبعد زواجه من السيدة ثريا صالح ابنة عمه انتقل للسكن الدائم بمنطقة الكلاكلة صنقعت ،والذي أقام فيها منذ السبعينيات حتى أواخر الثمانينات ثم انتقل بعد ذلك للسكن بمنطقة المعمورة التي كانت آخر محطات سكنه حتى وفاته.
وردي آخر ملوك السودان القديم:-
(مونولوجيا الإبداع والنقش على ضفاف النيل)
(وردي عشق الوطن كياناً ومجداً)
*مواقفه السياسية:
رغم اختلاف آراء البعض بشأن إنتماء وردي السياسي طوال هذه الفترة فمنهم من يقول أنه انتمى للحزب الشيوعى السوداني في بواكير شبابه، ومنهم من ينفي ذلك لكن أولى المحطات في تاريخ وردي السياسي كانت مشاركته القوية في الدفاع عن أهل النوبة حينما حلت بهم نازلة إنشاء السد العالي، والتهجير الجغرافي والثقافي والاقتصادي من وادي حلفا إلى صقيع حلفا الجديدة . هذا الموقف دفع ثمنه سجناً طويلاً أيام حكومة الفريق إبراهيم عبود مثله ومثل سائر (مناصير) الستينات.
بدأت صورة وردي السياسي تتضح أكثر مع بزوغ فجر أكتوبر الممهور بالدم. لا أحد يقول أن وردي كان شيوعياً منظماً او لربما!؟ لكن الجميع يتفقون بأنه يساري الهوى ذلك من خلال غنائه الثوري المستمد كلماته من قيم الحزب وفكره. كذلك سفره لعدد من الدول الإشتراكية كالإتحاد السوفيتي آنذاك وبعض دول شرق أوروبا ودولاً إشتراكية أخرى كاليمن الديمقراطية الشعبية وكوبا وغيرها من الدول مثل إثيوبيا، مصر ،بريطانيا ،فرنسا وأمريكا وظهرت شخصية وردي مقربة من الحزب الشيوعي الذي تغنى لشعراء يساريين.
ولكن تظل عبارة (لم يكن حكراً على أحد) ربما تعكس مدى شموليته واستقلالية فنه في التعبير عن شعبه وأحلامه وطموحاته وأفراحه وأتراحه وآلامه لكنها تبدو عبارة مترددة إذا تم النظر لها في سياق رحلته السياسية التي تحاصرها الاستفهامات ويظللها الغموض!؟… ويبدو أن عدم القدرة على ضبط وتحديد انتماء وردي يلج من باب تغنيه للجميع باستثناء نظام الإنقاذ، فتغنى لحكومة عبود وهي لا تزال في المهد صبياً بيد أنه عاد ونفض يديه عن عبود إبان وادي حلفا ،وتهجير أهلها لينشط في التظاهرات ضدها حتى تم اعتقاله ليخرج من المعتقل على أعتاب اكتوبر منظماً وإن لم يتم تحديد الجهة التي نظم بها أو فيها.
مجيء اكتوبر 1964م ربما كانت جائزة الفنان الثائر فتغنى لها وردي فكانت – (أصبح الصبح فلا السجن ولا السجان باق… وإذا الفجر جناحان يرفان عليك وإذا الحزن الذي كّحل هاتيك المآقى… والذي شد وثاقاً بوثاق…) ، واكتوبر الأخضر، وثوار اكتوبر بيد أنه عاد ونفض يديه من اكتوبر متغنياً لمايو 1969م الأمر الذي يفسره البعض باستحكام نفسية الفنان ونظرته للأمور على سلوك وردي مستبعدين إنحيازه للإنقلابات العسكرية.
الراصدين لمسيرته سجلوا أن ميوله اليسارية وجنوحه الإشتراكي هو ما دفعه للتخلي عن الحكومة الديمقراطية والتغني لمايو ذات الطابع الإشتراكي فتغنى (كنا زمن نفتش ليك يا حارسنا يا فارسنا يا بيتنا ومدارسنا) بيد أن وردي سرعان ما أرتد على عقبيه عن دعم مايو مستقلاً مع خطى الحزب الشيوعي وإنقلابه المعروف عام 1971م بقيادة الرائد/هاشم العطا.
كثيرون وصفوا تغنيه لكل الأنظمة بالكبوة أو السقطة ويرى آخرون أن تبدله السريع نتاج لعشقه الفطري كفنان بفعل التغيير وتحليقه في سماوات الحلم الجميل السودان فسيح ومريح مما يجعل تركيزه على السياسة ضعيفاً في مقابل نتائجها على الأرض، وبالتالي مع تغير الشارع العام وحياة الشعب يجعله يكفر بالنظام الموجود حتى لو تغنى له بدون حياء لكن بعض المحللين يقطعون بأن وردي قبل أن يكون فناناً كان معلماً معروفاً بإلتزامه الماركسي ويتميز بأنه حاد في قضاياه وغير مهادن في مشروعه السياسي، وقد حرص على استصحاب تجربته الفنية في إطار مشروعه السياسي خلال رحلته الفنية على ضوء تجربته السياسية.
راهن وردي السياسي على هوية مزدوجة عاش مؤمناً ومدافعاً عنها وبغض النظر عن تراجع دوره السياسي ربما بحكم المرض كما يرى معجبيه إلا أنه دمغ بالسلبي في مخيلة الثائرين أو المعارضين أو الرافضين لنظام الإنقاذ الذين يرون في العمل المعارض خارطة واضحة دونها لا يكتسب الآخرون صفة النضال، إلا أنه يبدو أن وردي الفنان كانت له رؤيته الخاصة ومعارضته الخاصة طبقاً لتلك الرؤية يؤكد على ذلك تغنيه لكل تغيير جاء ونكوصه عن تأييده حينما يكتشف أنه تغيير قسري لا ينتمي للشارع ولا يحقق حلم المناضل الحقيقي في راحة الشعب لا حكمه…ليمضي وردي الفنان ،والسياسي مورثاً تركة قوامها حب الشارع، وولاءا متقطع النظير لشعبه… غنى في خضم الحرية وغنى وهو مبعد عنها خلف أسوار المعتقلات مؤكداً أن للنضال ثمن وللفن ثمن وللشهرة ثمن كذلك لكن قليلين هم من يسددون الثمن جملة وهم في القمة.
كثيرةً هي إبداعات وردي السياسية التي تعبر عن معاناة هذا الشعب وطموحاته وأحلامه التي جعلته يتربع على قلوب الملايين من أبناء الشعب السوداني، وذلك بحكم إلتصاقه بقضاياهم منها الروائع الثلاثية الأكتوبرية ،وهي أغنية أصبح الصبح للشاعر محمد مفتاح الفيتوري وأغنية اكتوبر الأخضر للشاعر محمد المكي إبراهيم والثالثة أغنية ياثوار اكتوبر للشاعر/ صلاح أحمد إبراهيم.
*مسيرته الفنية:
حكى وردي عن بداياته بإسهاب في معظم حواراته الصحفية والإذاعية والتلفزيونية إذ كان يقول: (بدايتي كانت بأغنية” يا طير يا طاير”) أذكر في بداية التحاقي بالإذاعة. وبعد إجازة صوتي والثناء عليه من قبل لجنة الأصوات. أصر (علي شمو) أن تكون الخرطوم مكاناً دائماً لإقامتي لقربها من جهاز الإذاعة وكنت وقتها معلماً في المدارس التابعة للمجالس الريفية ولم تكن لوائحها تسمح بنقل المعلم خارج نطاق المجلس الذي يتبعه ،وكان علي شمو يقول إنه بإمكاني أن أمارس الفن والتدريس معاً، وعندما شرحت وضعي وقصة المجلس طلبوا الاتصال بوزير الحكومات المحلية الذي تتبع له المجالس الريفية ولحسن حظي كان الوزير هو المرحوم محمد نور الدين(3) وهو نوبي محب للنوبيين وكان مثلهم متشوق لإبداع النوبيين ومهتماً بتتبع فنونهم منذ خليل فرح، ولمزيد من التعجيل لحل مشكلتي أمروا بإحضار أوراقي إلى رئاسة الوزارة في الخرطوم بالطائرة، ووصلت الأوراق فعلاً، ولكن اصطدمنا بعقبة أخرى إذ لم تكن هناك وظيفة شاغرة في المدارس التابعة لمجلس الخرطوم رغم الجهود التي بذلها مفتش تعليم الخرطوم آنذاك المرحوم الصحافي حسن نجيلة، وإزاء ذلك اضطر المرحوم نور الدين إلى إصدار أمر بأن تفتح مدرسة في الديوم ليتم استيعابي فيها معلماً لتلاميذ الصف الأول.
ويضيف وردي أن الأستاذ علي شمو كان قد أبلغ الشاعر إسماعيل حسن بظهور فنان جديد (وردي) وقد كان شاعراً معروفاً قبل ظهوري عرفته الجماهير عبر حناجر سيد خليفة ، والتاج مصطفى ، ومنى الخير، وكان لقائي به مصادفة في بيت عرس كان يحي فرحه رمضان زايد قدمني رمضان بقوله: “ده فنان جديد قبلوه في الإذاعة وصوتو جميل جداً” فرد عليه إسماعيل: “أنا حقيقة بفتش عليه لأنو كلمني عنو علي شمو” وحصل هذا في يوليو 1957م.
أبدى الشاعر إسماعيل حسن تحمسه وإعجابه بصوت وردي فرتب له لقاء مع الملحن خليل أحمد بعد أن كتب له أغنية (يا طير يا طائر) وطلب منه تلحينها بما يلائم صوت وردي وفي تلك الفترة لم يكن وردي قد خاض غمار التلحين للأغنيات المكتوبة بالعربية ثم تلتها أغنية ثانية هي “الليلة يا سمرا” من أغنيات الكسرات [والكسرة أغنية خفيفة تعقب الاستهلالية البطيئة للإيقاع]ثم تلتها “يا سلام منك أنا آه” ونجد أن وردي لم يلجأ أبداً إلى تعريب الألحان النوبية في تلك الفترة لعدم بزوغ ملكته في التلحين .لقيت أغنيتي “الليلة يا سمرا” و “يا سلام منك أنا آه” نجاحاً باهراً بلحنيهما النوبيين وكلماتهما المعربة أما لحن خليل أحمد لأغنية “يا طير يا طاير” فلم يكن وردي يؤديها بإرتياح كما أكد ذلك وردي بنفسه معللاً ذلك بأن الملحن خليل أحمد لم يكن ملماً بطبقات صوته، إضافة إلى أن “الجواب والقرار” في التلحين لدى وردي كان ضعيفاً لذلك فكّر وردي أن يلحن لنفسه وبدأ بأغنيته الرابعة “أول غرام” وهي أول أغنية من كلماته في غير لغته الأم (النوبية).
لقد أخفى وردي شاعريته دائماً ولم يظهرها إلا في شعره النوبي “له إحدى وعشرون أغنيه نوبية من شعره” . فى منتصف الستينيات وقعت قطيعة فنية ما بين وردي وشاعره إسماعيل استمرت هذه المقاطعة الفنية حتى بداية الثمانينيات حيث التقيا في عمل فني رائع بأغنية “اسفاي” ولقد توفي بعدها الشاعر إسماعيل حسن بفترة وجيزة.
كان وردي يشعر دائماً أنه من المفترض أن يغني شعراً جديداً ولذلك كان اتجاهه للتغني بشعر جيل من أجمل شعراء السودان منذ بداية السبعينيات منهم: (عمر الطيب الدوش – مبارك بشير – محجوب شريف – التجاني سعيد) يحملون ملامح شعرية جديدة خاصة الرمز الذي ذهب الناس في تأويله بعيداً( ).
*الهجرة والمنافسة خارج السودان:
في أرض السكوت والمحس والنهر يتمدد شمالاً نحو البحر المتوسط مثل نصل حاد يخترق قلب الصحارى النوبية، على الضفتين يصحو البشر على أصوات العصافير والمزامير ويمشون على أنغام الطنابير، والمدن الصغيرة مثل عبري وصاي وصواردة التي لا تختلف كثيراً عن الآخريات (والطفل اليتيم) على موعد مع التاريخ.
من هناك جاء جمال محمد أحمد وجيلي عبد الرحمن وأبو سليم ومحمد توفيق وسعاد إبراهيم أحمد وداؤود عبد اللطيف وصالح مشمون ومرس صالح سراج وعبده دهب حسنين وكمال عبد الحليم ومحمد نور الدين ومحمد الحسن دكتور وفاروق كدودة.
والحكاوي والحواديت وأسماء الأساطير والكنوز الأثرية التي أمتلئت من غمر الفيضان الدرامي لبحيرة النوبة من هناك – جاء وردي في التوصيف الفيزيائي لا يشبه الآخرين في الوجه الملامح الفرعونية والقوام السامق نحو الأغاني قد يشبه على نحو ما في السمات والعلاقات المتميزة ذات الإهاب الملوكي لبناة الإهرامات النوبية التي كشفت عنها الكشوفات الأثرية عاش بين مهاجرية ثمانون عاماً بالطول والعرض والإرتفاع لحضور نادر مك السمع والبصر والدواخل التي شكل وجدانها الفريد والشجن الذي لا يرتاح المرء من عذابه( ).
(إن النوبي شاعر وملحن ومغني ليس هناك تخصص . النوبيين الشماليون في حلفا يطلقون على المغني كلمة (شار) أي شاعر كما أن النوبي عاشق إذ كان رجلاً أو امرأة والغناء النوبي يُمجّد المرأة العملية، ويضيف وردي على أن الرقصات النوبية هي حركية. وأن التعبير النوبي في القرية موسيقى داخلية عميقة ،كما زاد في حواره عن المزاج النوبي بأنه اعتزاز بالنفس وليس غروراً)( )
منحة مدير إذاعة أمدرمان وقتذاك متولي عيد الدرجة الأولى وكان وردي في الدرجة الثالثة بحضور عمالقة الغناء أحمد المصطفى/ عثمان حسين وهي ترقية فريدة وغير مسبوقة في تاريخ الإذاعة ، وضع وردي بصمة لا يمكن تجاوزها جمع العديد من الصفات الكبرياء والثقة والإعتزاز بالنفس/ معتصم فضل مدير إذاعة أمدرمان 20/2/2012م.
*أ/ الهجرة النوبية:
كانت الهجرة النوبية الكبرى إذن في بداية الستينات من القرن الماضي خضة عنيفة للإنسان النوبي – مست منه عفاف الروح ذاتها ، فسكت صوت المغني النوبي ردحاً من الزمان، وعاد المغني مرة أخرى يفتح في دروب الإبداع النوبي دروباً شاقة، أما فعل الهجرة فقد امتد تأثيره ليجوب الفناء النوبي إلى غناء باك وحزين يحن بالعودة إلى التراث حيث يرقد التاريخ هناك – يقول وردي في بعض شعره النوبي الذي يغنيه (ترجمها عن النوبية الشاعر ميرغني ديشاب)( ).
*الوطن:
أيها الحزين يا وطن ، كم أحبك
ماثلاً أمامي حتى المون
شكة الشوك ، حتى صهدك
بارد إذ أسير أيها الحزين
وطن بإذاً الرائحة الذكية
يا ذا الليل الأعمى بشمسك الساعيه
يتذكرك البعيد عنك
ويقاتل الباقي فيك كي يبقى
*ب/ المقطع الزماني للغناء النوبي:
أقرب تاريخ يمكن تحديده وفحصه في مجال تاريخ الغناء النوبي وربما كان مقطع الفنان وردي. وذلك بالطبع لأهمية هذا الفنان وثقله.
ويمكن أن نحدد بداية هذا المقطع الزماني عند عام 1902م عند قيام خزان أسوان وقبل أن نعود لأسباب تحديد هذا التاريخ – يجب أن نقرر – أن الفنان وردي عندما يؤرخ بداياته الفنية النوبية ينطلق من محطة أغنية “وأسمر اللونا”.
وردي خير من يمثل هذه الفترة التاريخية ، هو هذا التزامن الذي يمثل أقوى ظاهرة تاريخية تفسر ظاهرة وردي الفنية ولعل أخطر أدواره على الإطلاق أنه ظل على الدوام يمثل صمّام أمان في منطقة تماس ثقافي بين العروبة والنوبة. كل هذه المميزات الشخصية والفنية التي عرف بها ألقت به أمام مقام رمزي “مزدوج” لا يألفه المجتهدون إلا نادراً.
عندما نلملم ظاهرة المزاج النوبي الذي شكل ظاهرة وردي الغنائية والذي بدأها بنظم الشعر النوبي وتغنيه ،وفي زيارة لبرنامج ربوع السودان سجل أغان نوبية (وأسمر اللونا– سكر سكر كموقري)( ) كما نقل أجزاء التراث الشفاهي إلى الآلات الموسيقية واستخدام إيقاعات الطار النوبي في أغنية يا بلدي يا حبوب في مقطع (يا مرمى تحت الشمس) وتعد أغنية سكر سكر كموقرى على الأوكسترا. كما تأثر بإيقاعات الدليب في مرحلته الرومانسية وبداياته مع الشاعر إسماعيل حسن.
كان طبيعياً ونحن نطارد ظاهرة وردي أن نبحث لها عن حدود ونهايات فكان أنسب قطاع زماني في حياة النوبة قيام أول خزان في أسوان 1902م والذي أحدث هزات في بنية التراث النوبي، في هذا القطاع الزماني تمت إعادة صياغة تنطلق من قيم جديدة بمفردات اللغة المهاجرة. وقد ساعدت تلك الكلمات المشبعة في تعميق مكونات المزاج النوبي في النوبة الجنوبية.
*وردي عشق الوطن كياناً ومجداً:
الحلم الإنساني والإبداع الفني كانت كل ملامحه وسماته حيث يلتقي القوس الموشي بتراب هذا الوطن والمطلق بمختلف شرائحه واختلاف الالسنة ونماذج التعابير حينما يتدفق النيل السلسبيل وركائم السحائب تشق الطريق في صعوبة لتسلم حبات الندى المتساقط الذي يحاول ان يجد له موقعا في هذا الزخم الابداعي جاءت (يقظة شعب) لمرسى صالح سراج ،واليوم نرفع راية استقلالنا لعبد الواحد عبد الله وعرس الفداء لمبارك بشير “ولو لحظة من وسنى””وجيلى انا” لمحمد المكي ابراهيم “ووطنا” لمحجوب شريف “وفدا لك العمر” للفيتوري. لقد كان وردي آخر الابدال في قدس اقداس هذا الوطن المفجوع كان آخر الإشراقيين والعارفين( )
*الهجرة والمنافى خارج السودان:
في العام 1992م اختار وردي رحلة المنفى الاختياري خارج السودان فكانت البداية مصر والتي غنى على مسارحها البالون والنادي النوبي وكانت تترافع جموع السودانيين من الطلبة والسياح لحضور حفلاته التي كان يروج لها في الصحف المصرية والمقاهي وكان اكثر ما يميز اناقة هذا الحضور السوداني المميز النوبيون المصريون الذين يتوهجون بأغانيه عن التراث والنهر القديم فيتدافعون طربا ورقصا وألقاً وكان من بين حضورهم الفنان النوبي محمد منير الذي استلهمته اغنيت فنان افريقيا الاول “فرّحي خلق الله واتني” واثنى لشاعرها الحلنقي واستأذن وردي في ترديدها وكان له ما اراد فخاض بها منير مسابقة مهرجان البحر المتوسط للاغنية فحازت الاغنية على المرتبة الاولى، مازال محمد منير يحفظ لهذه الأغنية مكانتها الغالية في قلبه باعتبارها قد فتحت له الطريق نحو العلو والتألق في مشواره الفني الثري.
من مصر كانت محطته التالية بريطانيا فغنى وأطرب وأدهش الجاليات السودانية والإفريقية والنوبية التي كانت تفد حضوراً على مسارح النادي السوداني وغيرها من السوح الأخرى .
المحطة الثالثة كانت الولايات المتحدة الأمريكية التي تنقل فيها إلى ولايات متعددة وكان أكثر ما يميز وردي حضوره في امريكا هي ولاية كاليفورنيا الأمريكية والتي شدا فيها بأعزب ألحانه وأناشيده السماوية ، فقام بإعادة توزيع أغانيه القديمة بصحبة أوركسترا ماسية، وبدأت هذه الأغاني العاطفية والوطنية تجد طريقها إلى داخل الوطن عن طريق أشرطة الكاسيت وعبر شركته (وردي فون) التي أنشأها بالخرطوم فلم ينقطع إرتباطه بمعجبيه ومحبيه بالنقلة النوعية التي سكبها في توزيع أغنياته منذ كان حضوراً فاعلاً ومؤثراً في السودان وعند المنافي وكأنه يردد عند كل منفى أغنيته الرائعة (قلت أرحل أسوق خطواتي من زولاً نسى الإلفة)( ).
*رحلة المرض والعودة إلى أحضان الوطن:
داهم مرض الفشل الكلوي وردي عام 2000م وهو بالولايات المتحدة الأمريكية فقرر العودة إلى السودان بعد أن أقنعه رجل الأعمال السوداني أسامة داؤود عبد اللطيف للاحتفال مع مجموعة شركات دال في ترويج وتدشين مشروب الكوكاكولا ولاعتبار آخر أن والد رجل الأعمال أسامة هو السيد داؤود عبد اللطيف(2) والذي يمثل مع وردي رمزية ومعانٍ ذات دلالة عميقة عند الأثر السياسي والثقافي والفني للنوبيين وقد سبق حضور وردي إلى الخرطوم إعلام ضخم اكتظت به شوارع الخرطوم ومداخل مطار الخرطوم بجمهور لم تألفه العاصمة إلا في حالتين نادرتين الأولى مقدم جمال عبد الناصر إلى قمة الخرطوم عام1967م والثانية استقبال جثمان الفنان مصطفى سيد أحمد .
غنى وردي وهو يعاني المرض على مسرح معرض الخرطوم الدولي في العام 2002م كما لم يغني من قبل من خط التطور الذي ظهر به من انفعالات غنائية فقد كان نافورة متدفقة فناً وإبداعاً وجمالاً.
بعد هذا الحفل الذي تلاقى فيه مع جمهوره بعد غياب وحسن الإعداد والإخراج الذي زينت له (دال) ، قرر وردي إجراء عملية نقل كلى من أجل تواصل المشوار الإبداعي مع معجبيه وإعادة الأمل في الحياة ، فكانت قطر التي أجرى فيها عملية نقل الكلى على يد الجراح الدكتور الفاضل الملك، فأعادته إلى معجبيه معافى.
ملأ وردي بحضوره الفني الطاغي مسارح العاصمة بالتلاقي النخبوي والشعبي وأعطى للشعب السوداني إشارة إبداعية جمالية وتقنية ما بين أحزان الناس بالمكان الذي أحاطهم.
*الأنواط والألقاب والجوائز :
كانت لفنان أفريقيا الأول محطات مهمة في مشوار حياته الفنية والإبداعية نحو الألقاب وحصد الجوائز والنياشين والأنواط وشهادات التقدير والدكتوراه الفخرية. وذلك من خلال مواقفه التي ارتقت بأغانيه وأناشيده الوطنية منذ بواكير شبابه بالتصدي والنضال من خلال الأغنية والرمزية.
منحته جمهورية اليمن الديمقراطية في العام 1974م جائزة بابلونيرودا للأغنية الوطنية .
جائزة مهرجان الثقافة الأول عام 1978م والتي تغنى فيها برائعته جميلة ومستحيلة لشاعر الشعب (محجوب شريف).
وسام الجدارة من الطبقة الأولى منحته إياه رئاسة الجمهورية عند احتفالات إبان أعياد الاستقلال عام 2009 بالقصر الجمهوري.
الجائزة التقديرية من إتحاد
الإذاعة والتلفزيون المصري لدى احتفالاتها بتكريم مبدعي الوطن
العربي عام 2010م.
*ألقاب:
فنان إفريقيا الاول إجرته باستطلاع احدى المجلات الإسبانية المتخصصة لمبدعي ومغني القارة الإفريقية جنوب الصحراء.
الدكتوراه الفخرية منحت له أم الجامعات السودانية جامعة الخرطوم 2005م كأول فنان سوداني يحظى بهذا التكريم نظراً لإسهاماته القيمة في مجال الفن والغناء والحضور المميز في احتفالات جامعة الخرطوم في المناسبات الوطنية وغير الوطنية المتعددة ، كما أنه أنشد ولحن نشيد الاستقلال بعد أن استمع إليه من كورال طلاب جامعة الخرطوم 1960م.
– الفرعون: لقب منحه إيها الصحافي الكبير حسن ساتي.
– الإمبراطور: لقب أطلقته عليه الصحف الفنية بالسودان.
ترأس وفد استقبال زعيم الحركة الشعبية جون قرنق عند حضوره إلى الخرطوم عقب توقيع اتفاقية السلام الشامل– كان ذلك المشهد حاضراً في مطار الخرطوم في العام 2005م.
غنى في احتفالات راس السنة الإثيوبية “الألفية الجديدة” عندما دعاه رئيس وزراء أثيوبيا ملس زناوي إلى أثيوبيا لمشاركة الإثيوبيين فرحتهم بالألفية الجديدة( ).
جرى تكريم وردي في احتفالية كبرى بمناسبة خمسون عاماً من العطاء الفني بمبادرة كريمة من الصحافي السوداني المميز حسن ساتي بقاعة الصداقة بالخرطوم ، وقد تم في هذا الحفل توزيع ميداليات برونزية للسادة الحضور – يذكر أن الصحافي حسن ساتي هو من أطلق على وردي لقب الفرعون . وأجرى معه لقاءات متعددة على تلفزيون الشروق وأمدرمان.
*وردي في مواجهة السياسى:
لحظة محفوفة بالمخاطر وغضبة السلطان، ممهورة بلون الدم القادم لا محالة حين تقرر فيها إعدام عبد الخالق محجوب السكرتير السياسي للحزبالشيوعي السوداني، والشفيع أحمد الشيخ وجوزيف قرنق كان وردي أول من تغنى لانقلاب هاشم العطا الشهير على النميري في19 يوليو 1971م،وبعد دحر الانقلاب، جاء القرار باعتقال وردي ومحجوب شريف وزجهما في سجن كوبر .
هنا يبرز مكر التاريخ وتتجلى سخريته ، فالضابط المناوب في سجن كوبر يطلب من أحد أفراد الحراسة أن يحضر وردي. فقد ظنه محمد وردي الفنان بينما كان الضابط يقصد وردي آخر يرتدي الكاكي ويصنف من جنوده. ليتم إنزال الفنان من عربة المصير المحتوم ،وليقهقة التاريخ – مهدياً الشعب السوداني حياة فنان بهامة وردي( ).
لنعود ونقول( ان مجيء ثورةاكتوبر 1964م ربما كانت جائزة الفنان فتغنى وردي بأروع أغانيه الوطنية اكتوبر الأخضر أصبح الصبح – ثوار اكتوبر وغيرها فأرتقى باكتوبر إرتقاءً نحو مشروعه السياسي مطوراً رحلته الفنية على ضوء تجربته السياسية وميوله اليسارية هي ما دفعته للتنحي عن الحكومة الديمقراطية التي تلت اكتوبر 1964م، تغنى لمايو المدعومة شيوعياً فغنى “يا حارسنا وفارسنا وأنتِ يا مايو الخلاص” وأي المشانق ، لكن سرعان ما أرتد عن دعم مايو متسقاً مع خط حركة يوليو التصحيحية في 19 يوليو 1971م فتغنى في يومها الثالث في برنامج إذاعي استضافه علم الدين حامد مع محجوب شريف (نرفع سد ونهدم سد وإشتراكية لآخر حد) ليعود نميري ويعتقله في اكتوبر ، وعاد وردي بقوة انتفاضة مارس-أبريل 1985م وغنى السجن ترباسو أنقلع تحت إنهيار الزلزلة/ شعباً تساما/ يا شعباً لهبك ثوريتك ، ليعيش وردي بين شعبه حتى مجيء الإنقاذ في 30 يونيو 1989م).
*عصر محمد وردي:
لقد فقد السودان برحيل محمد وردي ركيزة من ركائز الإبداع الفني وعلماً من أعلام الوطنية، قل أن يجود الزمان بمثله.
لقد ظل وردي لما يزيد على نصف قرن يتربع بقدراته وإبداعه وموهبته الثرة على قمة الفن السوداني وسفيراً له في أفريقيا والعالم . لقد كان وردي أحد العبقريات في التأليف الموسيقي وفي الأداء بل هو صاحب المدرسة التي سيطرت على الغناء السوداني.
لقد ظل وردي شديد الإرتباط بقضايا الوطن وإنسان الوطن.عاش وردي فنان السودان وأفريقيا حتى آخر لحظات حياته . إن العصر الذي عشناه خلال نصف قرن هو بلا شك عصر محمد وردي وسيستمر هذا العصر إلى أجيال لاحقة( ).
*وردي قلت ارحل
نعت رئاسة الجمهورية السودانية بمزيد من الحزن والأسى فقيد البلاد، وهرم الأغنية السودانية الفنان محمد عثمان وردي الذي انتقل إلى جوار ربه مساء 18/2/2012م، وقال البيان أن الفقيد كان علماً في سماء الأغنية السودانية واستطاع أن يعْبُر بأعماله إلى العديد من البلدان العربية والإفريقية وقد كابد الفقيد المرض منذ فترة حتى انتقل إلى جوار ربه عن عمر ناهز الثمانين عاماً مليئة بالعطاء والإنجازات شُيع الجثمان إلى مقابر الفاروق صباح الأحد 19 فبراير 2012م في تمام الساعة الثامنة صباحاً.
عندما فارق وردي الحياة عند العاشرة ونيف من مساء السبت 18 فبراير 2012م بمستشفى فضيل التخصصي بعد هبوط حاد في الدورة الدموية ، رحل وردي فنان السودان وإفريقيا الأول (من غير ميعاد).
تقدم تشييع جثمان فقيد الأمة السودانية والإفريقية الرئيس المخلوع عمر حسن أحمد البشير ، ووزير الدفاع -وقتها- الفريق أول عبد الرحيم محمد حسين ولفيف من الدستوريين والفنانين والسفير الإثيوبي، وجمهور الشعب السوداني ومن اللافت أن المرأة السودانية كانت حضوراً في مقابر الفاروق كظاهرة لم تحدث من قبل.
*وكالات الأنباء تنعي فنان إفريقيا الأول:

نعته هيئة الإذاعة البريطانية B.B.C أنه كروان أفريقيا على حد وصفها، وأتبعت الخبر بمقطع قصير من أغنيته من غير ميعاد مع تعريف المستمع العربي بفنان أفريقيا الأول، وربطت رحيله برحيل نجمة البوب الأمريكية Whitney Houston وتني هيوستني ويا لها من صدفة أن قررا الرحيل .
كما تناقلت وكالات الأنباء الأخرى الصحافة الفرنسية عن رحيل أيقونة الفن السوداني محمد وردي.
بالإضافة إلى مواقع التواصل الاجتماعي ومحركات البحث في قوقل.
تلقت رئاسة الجمهورية برقيات العزاء في وفاة فنان أفريقيا الأول فقد أبرق رئيس جمهورية جنوب السودان الفريق سلفاكير ميارديت معزياً كما أبرق رئيس وزراء أثيوبيا ملس زناوي برقية تعزيه للشعب السوداني والإثيوبي عن الفقد الجلل.
وأبرق الحسن بن طلال عميد الأسرة الهاشمية برقية ينعي فيها للأمة العربية واحداً من ركائز الفن العربي.
جاء في تأبين وردي في اليوم الثاني من وفاته كلمات صادقة للعبقرية القومية والفريدة من رموز العمل السياسي والقيادي ورموز الأعلام ورؤساء الأحزاب وممثليهم منهم رئيس حزب الأمة الإمام الصادق المهدي، والناطق الرسمي باسم الحزب الشيوعي .
يقظة شعب
كلمات الشاعر مرسى صالح سراج
هام ذاك النهر يستلهم حسنا
فإذا عبر بلادي ما تمنى
طرب النيل لديها و تثنى
فأرو يا تاريخ لأجيالى أنّّا

ثائر إذ هب من غفوته
ينشد العلياء في ثورتة
كاندفاع السيل في قوته
عجبا من له جند على النصر يعين
كلنا نفس ومالا وبنين

نحن في الشدة بأس يتجلى
وعلى الود نضم الشمل أهلا
ليس فى شرعتنا عبد ومولى
قسما سنرد اليوم كيد الكائدين
وحدة تبقى على مر السنين

قلب إفريقيا بوعي نابض
حل منا بالجنوب الناهض
منعة الغاب بليث رابض
قدما هي كانت جنة المستعمرين
ما لهم منها تباروا خائفين

نحن أبناء ملوك في الشمال
توجوا الفونج وزانوا كردفان
أفسح المجد ليهم خير مكان
نسبا نعم أجداد بهم يزهو جبين
خلق يسمو وعزم لا يلين

شرقنا يوم اللقاء كيف دعا
حين داعي البذل بالروح دعا
كيف بالسيف تحدى المدفعا
ودما بذلوها ذرة لا تستكين
للخنا للقيد للعيش المهين

وحين خط المجد في الأرض دروبه
عزم ترهاقا وايمان العروبة
عربا نحن حملناها ونوبه
بدمانا من خلود الغابرين
هو يحدونا إلى عز مبين

همنا في العيش إقدام وجود
وعن الأوطان بالموت نزود
لنرى السودان خفاق البنود
وغدا سوف يعلو ذكرنا في العالمين
فعلوا كان شأن العاملين

*المصادر:

1. صحف السوداني والشاهد 20/2/2012م.
2. صحيفة الرأي العام السودانية 24/2/2012م.
3. وردي والخليل / فكري أحمد أبو القاسم.
4. تسجيلات الاذاعة والتلفزيون .
5. توثيق محمد وردي سيرته الذاتية – قناة النيل الازرق-
6. ستون عبقرية سودانية في مائة عام/ عادل احمد ابراهيم

الفهـــرس
م الموضوع رقم الصفحة
1 المقدمة………………………………………… 2
2 وردي النشأة والميلاد…………………………… 3
3 وردي آخر ملوك السودان القديم………………. 5
4 وردي عشق الوطن كياناً ومجداً…………… 15
5 الهجرة والمنافى خارج السودان……………… 15
6 رحلة المرض والعودة لأحضان الوطن…………. 16
7 الانواط والالقاب والجوائز……………………. 18
8 وردي قلت ارحل……………………….. 22
9 وكالات الأنباء تنعي فنان أفريقيا الأول…….. 23
10 يقظة شعب 24
11 المصادر 26
*منقول

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى