الرأي

هل يُفلح رهان (نبيل أديب) على البرهان؟

في تصريحات صحفية له (الخميس)، أكّد المحامي (نبيل أديب)، بأنّ الكرت الأساسي في تشكيل الحكومة المقبلة في يدّ (البرهان)!، ووصف من يرون غير ذلك بـ(الحالمين). في لغة جديدة على صاحب السجل الناصع، في مقاومة ديكتاتورية الانقاذ البائدة، والذي ائتمنه الناس على أرواح شهداء مجزرة فض اعتصام القيادة العامة، من خلال تنصيبه رئيساً للجنة التحقيق الوطنية المستقلة في فض الاعتصام، وكانت نتيجة عمله صفراً كبيراً، بل بدا حينها أكثر موالاة للعسكر، من أُسر الضحايا. ومضى أديب في تصريحاته ليؤكد أنّ الاتّفاق الإطاري – الذي خرجت مسودته الأولية من قبيلة المحامين التي ينتمي إليها دون استشارته – جعل مسألة هيكلة القوات المسلّحة، في يدّ العسكريين! بل وصار أديب (ملكياً أكثر من الملك)، حينما حرص على الإشارة لحديث (البرهان) عن أن المؤسسة العسكرية لن تخضع إلاّ لحكومة منتخبة. وتطوع ليتحدث نيابة عنه مؤكداً أن (البرهان حينها كان يقصد هذه الجزئية). فهل ينجح رهان (أديب) على (البرهان) في إمكانية مصادرة (الانتقال الديمقراطي) مرة أخرى، لصالح عسكر الانقلاب؟
في حوار صحفي له نشرته صحيفة (الصيحة) في ديسمبر من العام (2020)، وفي سياق دفاعه عن إشارة البعض له كمحامي لرئيس جهاز الأمن والمخابرات السابق (صلاح قوش) قال أديب: (تاني يوم من تعييني ظهر من يدعي أنني محامي صلاح قوش، كأن صلاح قوش مشغلني عنده محامي!!. أنا دافعت عن صلاح قوش ضد عمر البشير، وليس ضد الثورة، لأن البشير أراد أن يحاكمه بتهمة قلب نظام الحكم). وزاد: (كان الغرض من الدفاع عن صلاح قوش هو هز النظام، ونتيجة لموقفنا لم تتم محاكمة قوش، من يقولون ذلك أشخاص لا أعرفهم ولم ألتقِهِم في حياتي وليس لهم دور في الحياة السياسية، ويتحدثون عن نبيل أديب). وعليه فقد وجد تعيين (أديب) ابتداءً، معارضة من بعض قوى الثورة. باعتبار دفاعه عن (صلاح قوش) في وقت سابق. لكن البطء الشديد في عمل اللجنة، وتصريحات أديب (السالبة)، واتهاماته لمنتقديه على وسائل الإعلام، والتي وصلت لحد تخوينهم، جعلت (مصداقية) لجنة التحقيق التي يرأسها، في أدنى مستوياتها؛ فزهد فيها الناس لدرجة استقبالهم بفتور شديد، تعميماً صحفياً لأديب، في مارس من العام 2022، كشف فيه عن استيلاء (قوات أمنية)، على مقر اللجنة عقب الانقلاب. مُبيناً أن كل شيء يخص التحقيق موجود بالمقر، (المحاضر، والمستندات، والبينات المحرزة، والفيديوهات، والتسجيلات). وحينما سُئل في حوار صحفي أجرته معه جريدة الجريدة في ذات التوقيت عن وجود نسخ أخرى من هذه المستندات والملفات في مكان آمن آخر؟، أجاب أديب: (لا أرغب في الإجابة عن هذا السؤال). وكانت هذه الحادثة كافية لإسدال الستار على (مصداقية) لجنة أديب، وأطلقت (رصاصة الرحمة)، عليها. وفي فبراير الماضي كان أديب حضوراً في ورشة الفلول المعادية للثورة بالقاهرة، يجلس جنباً إلى جنب مع إخوان ترك، وجبريل ابراهيم، وباقي الجوقة. في مشهد لم يستغرب له الكثيرين، عطفاً على مواقف (أديب) التي سبقته، تجاه ثورة ديسمبر المجيدة.
واليوم يراهن أديب على انقلاب ثاني للبرهان، يحثه عليه، ويؤكد على إمكانية تنفيذه. على الرغم من بنود الاتفاق الاطاري الواضحة، والتي وقع عليها البرهان، فصارت ملزمة له بالضرورة. ونصت المبادئ العامة للاتفاق وبوضوح على أن يكون هناك جيش مهني واحد، ملتزم بالعقيدة العسكرية الموحدة، وإقامة سلطة مدنية بالكامل، (دون) مشاركة القوات النظامية. وتم تحديد الفترة الانتقالية بعامين، تبدأ لحظة تعيين رئيس وزراء انتقالي – بصلاحيات موسعة – من قبل قوى الثورة الموقعة على الاتفاق الإطاري. هذا إذا أغفلنا كل الخطوات التي تلت توقيع الاتفاق، خلال فعاليات المرحلة النهائية للعملية السياسية، ما قبل توقيع الاتفاق النهائي.
أما إذا كان أديب يقصد بوجود (كل الكروت في يد البرهان)، أن الأخير يعتبر الاتفاق السياسي الإطاري الموقع في الخامس من ديسمبر الماضي، وورقة مبادئ وأسس إصلاح القطاع الأمني والعسكري، الموقعة في الخامس عشر من مارس الجاري، حبراً على ورق، فمن البديهي حينها أن لا سبيل أمامه سوى تكرار انقلابه – الذي تبين فشله للقاصي والداني – جبراً لخاطر نبيل أديب، وتحقيقاً لما بشر به. ولو كان ذلك على حساب ما رأته عيناه من جسارة السودانيين، في مناهضة الانقلاب. حفظ الله السودان وشعب السودان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى