الرأي

نقش في تفاصيل يومية

سارة الجاك
الإنسان مسافرا مابين رغباته وأمنياته الداخلية؛ التي تمور داخله؛ مراوحة قلبه تارة؛ وساكنة في عقله تارات؛ متراقصة أمام عينيه؛ واضحة مرة ومستترة مرات، خارجاً إلى رحلة تفاصيله اليومية المتكررة والعادية، إلى إطار دائرته الشخصية والأسرية والمهامية (من مهام على اختلاف تلك المهام)، على قلتها أو كثرتها أو عدم وجودها، يتمطى مابين هاتين النقطتين الداخلية في عمقه والخارجية التي تقع فيما لانهاية ما لا يعلمها أحد، يكون مرنا مرة ومتسقا مرة، وقاطعا لحبل الوصل بين النقطتين لمرات، فيكون منفصما بوجهين وملامح متكسرة، لايعرفها في الحالين…

لم يتجرأ أحدنا على رسم صورته، في الغالب يكتفي بما رٌسم منه، لا نملك أدوات رسم مناسبة، ولا نملك تقنيات رسمنا لصورنا ولذواتنا، ولكننا بارعون في الخنوع داخل الإطار الذي رٌسم لنا، نركض داخله باطمئنان وأمان فقط خشية ألا نستطيع رسم صورة أخرى، أو خوفا من ألا يعجب رسمنا الآخرين، لطالما كانوا مؤثرين في رسم إطارنا بل هم من رسموه، قبل أن تكوّن يجتهد الجميع في وضع إطار لك، ثم يتمددون داخل مساحتك يرسمونك دون أن يضعون لك مساحة بياض، لتساهم معاهم في رسمك، تأتي مطابقاً للصورة، يصفق الجميع على براعتهم في الرسم ثم يتركونك ويمضون لإطار جديد قيد التكوين، الآن فقط، يمكنك سرقة اللحظة وملء الفراغات التي تركوها على عجالتهم، لتغيير ملامحها وتصبح أكثر ملائمة لك، غافلهم خذ الفراشة والألوان فأنت تستطيع ذلك، املأ الفراغ اطمس ملامح لوحتهم وارسم لوحتك، ثم أخرج لهم لسانك وامض في طريق لن يسلكه غيرك، افعلها واشكرني بعدها فأنا أحتاج الشكر، أقولها علانية عكسهم لأنهم يحتاجونه ولا يعلنون ذلك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى