نزعات سياسية (نرجسية) ..!
مجموعة لا تُحصى ولا تُعد من مشاريع للحوار تستهدف تبادل وجهات النظر حول الواقع السياسي في العديد من المنابر الإعلامية والسياسية المُستقلة، قُدمت فيها الدعوة للحزب الشيوعي السوداني للمشاركة والإسهام التنويري على منصاتها، لكن الحزب -وكعادته في الحزم الأقرب للتطرُّف والشطط- كان يرفض عبر هيئته المركزية الجلوس في أي منبر يكون أحد المشاركين فيه مُنتمياً لقوى الحرية والتغيير الأصل.
وقد أفاد الأستاذ مجاهد بشرى، في تعميم تم نشرهُ في وسائل التواصل الاجتماعي، أنه دعا الدكتور صدقي كبلو، عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي، لندوة إسفيرية، وبعد موافقته المبدئية تراجع وطلب من المنظمين (تعديل) صفة الأستاذ خالد يوسف، الذي كان مُشاركاً في الندوة باعتباره متحدثاً عن قوى الحرية والتغيير، والمُبرِّر كان أن اللجنة المركزية للحزب ترفض التواجد في منابر يشارك فيها منسوبو الحرية والتغيير الأصل.
أما آخر فصول هذه (الملهاة) التي يمارسها الحزب العتيق، فكانت بالأمس على لسان الأستاذة هنادي فضل، عضو اللجنة المركزية والمكتب السياسي للحزب الشيوعي، والمُستضافة في برنامج للحوار السياسي بقناة (سودانية 24). حيث أفادت -أثناء الحوار- (بأنها جاءت إلى الأستديو وهي تعلم أن أحد المُستضافين هو مبارك أردول، ولو كانت تعلم أن هناك مُستضافاً آخر ينتمي للحرية والتغيير لما حضرت). أليس هذا أيها العُقلاء أنسب ما يُمكن أن نُطلق عليه (العجب العُجاب)؟!
أولاً نقول: أين الحزب الشيوعي من مبدأ مساهمة الأحزاب السياسية في إرساء ثقافة ومبدأ الحوار والقبول بالآخر كركيزتين يقوم عليهما المنهج الديموقراطي؟! وأين أدبيات الفكر الماركسي في مناهج التكتيك السياسي وتحديد (الأوليات) في قائمة إحصاء المخاطر التي تُحيط بالمسار الديمقراطي في السودان؟! وبصورةٍ مباشرة نتساءل: من الأولى والأحق بهذا الحزم المُتطرِّف في عدم التحاور والتعاضد والائتلاف، مبارك أردول وشُلة اعتصام الموز، أم منسوبو قوى الحرية والتغيير الأصل؟! لا أملك في هذا المقام سوى أن أُردِّد مقولة المُندهشين: “ما لكم، كيف تحكمون؟!”.
على الهيئة المركزية للحزب الشيوعي ومكتبها السياسي أن تعلم أن ما تسير عليه توجُهات الحزب وفق تلك الرؤى المُتطرِّفة والإقصائية لن تفوت على الشعب السوداني، من ناحية تأثيرها على استقرارهِ وتأخير خروجه من دائرة المُعاناة. كما أن التاريخ لن يغفل تسجيلها بمدادٍ أسود، نستخسر أن يطغى ويعمل على تشويه صفحات ناصعة وثَّقت لنضالات هذا الحزب الرائد في مقاومة الطُغاة.
على الحزب الشيوعي أن يعلم أيضاً أن الكثيرين يعتقدون اعتقاداً جازماً أن قرارات الحزب وتوجُّهاته إبان الفترة الانتقالية التي بدأت عقب الثورة، كانت (معوَّلاً) أساسياً لا يقل فعاليةً عن معاول الفلول وداعمي البرهان وانقلابه، في هدم آمال الشارع الثوري وتطلُّعاته للانتقال من دولة التطرُّف والإرهاب والحزب الواحد إلى دولة المؤسسات والعدالة و(التعدُّدية).
قوى الحرية والتغيير -وإن (تعاظمت) أخطاؤها- لا يمكن لعاقل أن يناصبها عداء أكثر من عدائه للفلول والانقلابيين كما يفعل الحزب الشيوعي الآن. ولا نريد أن نلفت انتباه (شيوخ الحزب) من أصحاب الحكمة والخبرات إلى الأهمية المرحلية لدعم كل مُسببات (توحيد وتماسُك) قوى الثورة من أجل دحر الانقلاب بأقل قدر ممكن من الخسائر.
في الختام أقول: إن أي توجهات حزبية يتم تفعيلها فقط لمُجرَّد (المصلحة الحزبية الضيقة) كمحاولة استمالة الرأي العام فقط للهُتاف والمناداة بالمستحيل، هي -من بابٍ آخر- مُجرَّد (نزعات نرجسية) تنخر في جسد المصلحة الوطنية وتُعادي الإرادة الجماهيرية، وإن غداً لناظره قريب.