الرأي

نحو الانتقال

عبد الرحيم حمد النيل

  • تكوَّن المجتمع المدني السوداني منذ وقت مبكّر من عمر الدولة السودانية الحديثة؛ رغم تطاول سنوات الأنظمة الشمولية والعسكرية؛ والتي حاربت وعملت على قطع الطريق أمام مجهوداته لأنه يعمل على نشر الاستنارة والتوعية بالحقوق والحرية وقيم حقوق الإنسان التي تتعارض ومصالح تلك الأنظمة الفاسدة؛ ونحن نجابه تحديات الفترة الانتقالية الصعبة نحتاج إلى بناء مجتمع مدني قوي؛ يقوم بتثبيت وترسيخ مفاهيم الديمقراطية والسلام وحقوق المواطنة وبناء الدستور؛ فلا ديمقراطية بلا مجتمع مدني.
  • ولعل من أهم وأوجب الأدوار للمجتمع المدني نشر مبادئ الفصل بين السلطات الثلاث، والعمل على تعزيز مبدأ سيادة وحكم القانون على طريق بناء دولة القانون، والمؤسسات، وذلك للحد من استقواء وتغول سلطة على أخرى، لِما يسببه هذا الإخلال من زعزعة في استقرار مؤسسات الدولة، ولِما يتركه من مخاطر على أمن المجتمع وحقوق أفراده.
  • لذا فتفعيل دور المجتمع المدني وتقويته وتدريب الشباب للقيام بالأعباء الكبيرة التي تقع على عاتقه شيء ضروري ويوازي عمل السلطة الانتقالية؛ فمن جهة يقوي الاتجاه نحو الديمقراطية والتنمية، ويجعل المجتمع شريكاً حقيقياً في الدفع بعملية الانتقال نحو مسارها الصحيح والطبيعي.
  • قبل حدوث التغيير السياسي عبر ثورة ديسمبر، ظل النظام البائد وأجهزته يلاحقون كل فاعل في المجتمع، غض النظر عن أثر ذلك على النظام، وقد قامت كثير من المبادرات الطوعية التي كانت تهدف بالأساس لسد نقص وثغرات أحدثها غياب السلطة عن القيام بدورها؛ فكانت مبادرات”نفير” “وشارع الحوادث” “وجماعة عمل”؛ وغيرها من الشبكات المدنية والتي كانت تقوم بفعل مدني وسط موجات هائلة من الملاحقة والتخوين والاعتقالات؛ رغم الحوجة التي أنبتها ضعف وتردي الخدمات التي كان يفترض أن تقدمها الحكومة؛ لكن النظام الذي حطّم مشروع الجزيرة والسكك الحديدية فقط لمنع نقابات العمال والمزارعين من مقاومته، وتمليك أصول المشاريع للرأسمالية الإسلامية للتنكيل بالعمل المهني والنقابي؛ كان أكثر سطحية من أن يبصر ما قدمه هؤلاء الشباب لمجتمعاتهم بتفعيل فكرة النفير المتجذرة في ثقافتنا السودانية ودور العمل الطوعي.
  • كثير من الشباب الذين عملوا في أجسام المقاومة المختلفة عبر أجسام مدنية على مدار العقود الفائتة يتربعون الآن على هيئات قيادية في أحزابهم أو في هياكل السلطة الانتقالية المختلفة؛ وقد أكسبهم العمل العام بالضرورة خبرة كبيرة ودربة للتصدي وتحمُّل المسؤولية في العمل التنفيذي الحكومي والسياسي.
  • تضمين مادة في المنهج المدرسي الجديد تُعنى بتقديم فكرة عن المجتمع المدني وتغذية العقول الصغيرة بالقيم المدنية؛ كالديمقراطية وحقوق الإنسان والمواطنة والسلام؛ تمثل ترياقاً ضرورياً لكيلا يتسلل الفكر الظلامي المنهجي إلى حياتنا التي تضررت من أفعال الشر المنظمة التي سادت بلادنا بقوة البندقية وفقه الدبابة.
  • الحوجة ماسة الآن للدفع بمبادرات وفعاليات وأجسام مدنية لمجابهة تحديات الفترة الانتقالية الكبيرة؛ والتي لن نعبر منها بسلام ما لم نعمل؛ كلٌ من مكانه، حسب قدراته وإمكانياته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى