الرأي

مُناوشات (بريئة)  ..!

سفينة بَوْح – هيثم الفضل
لا نلوم بعض اتجاهات الرأي العام (البريئة) من التواطؤ مع سدنة النظام البائد، والمُتعلِّقة بالمبالغة في بيان ما يحدث من أزمات معيشية وخدمية حالية على أنها (واجهة رئيسية) لفشل الحكومة الانتقالية خصوصاً في شقها المدني، لأنَّ مستويات (الوعي) السياسي والاقتصادي والإستراتيجي يجب أن نقبل فيها التعدُّد والتفاوت والنسبية، خصوصاً وأنَّ بعض أولئك النُقاَّد والمُتابكين على ما نحنُ فيه من حال ومن منطلقات (بريئة أيضاً)، تتمثَّل مشكلتهم في مُجرَّد (ضيق) الأُفق وضُعف القُدرة الاستيعابية لما هو ماثل من تحديات، هذا فضلاً عن (محدودية) القُدرة على التحليل الجيِّد لمسارات الحكومة الانتقالية في أجندة (الأولويات الإستراتيجية) التي ستنبني عليها فيما بعد قواعد (الاستقرار) السياسي والاقتصادي والأمني والثقافي والاجتماعي.
الاستقرار كلمة مُختصرة تُعبِّر عن مفاهيم عدة جميعها تُعد شروطاً أساسية لإرساء قواعد متينة و(مُستدامة) لإحلال دولة المؤسسات والعدالة والمساواة والتنمية المتوازنة، (بديلاً) لدولة الحزب والشخوص والإقصاء بشتى أنواعه، وعلى افتراض إيماننا ببراءة ما يقولهُ هؤلاء عن الفشل الانتقالي من منظور أزمات الخبز والغاز والمحروقات ومعها الغلاء الفاحش للأسعار والتي لا يمكن أن ينكرها إلا مكابر، ثم قمنا باستثنائهم من قائمة المصطلحات التي بات (يبغضها) ويتوجَّس منها الكثيرون، مثل مصطلح الفلول أو الدولة العميقة أو النفعيين، نجد أنفسنا مُضطرين أن نُلفت انتباههم إلى ضرورة مراجعة تحليلاتهم للواقع الراهن عبر تقدير الفرق بين (الحلول المؤقتة للأزمات) والتي تعتمدها الأنظمة الشمولية لخشيتها من ثورة الشارع، وهذا ما حدث في أواخر عهد الإنقاذ البائدة، وبين (الحلول المُستدامة للأزمات) والتي تعمل عليها حكومة انتقالية تسندها قواعد شعبية واعية، لا تخشى غضب الشارع لأن أقصى ما يمكن أن يودي إليه هذا الغضب هو ترجُّلها عن دفة قيادة البلاد التي يعلم الجميع أنها لم تعُد مكسباً  بقدر ما هي خِضم  من الخسائر والمصاعب.
إيجاد حلول جذرية للأزمات الماثلة ومعها قضايا كثيرة كالغلاء وتردي التعليم والصحة وتوقف عجلة التنمية والخراب الذي طال المشاريع الوطنية الكبرى وتردي الخدمة المدنية وهشاشة بنية النظام المصرفي وغيرها الكثير، يعتمد بالأساس على (رؤى) إستراتيجية تستهدف (إعداد وتجهيز) البنية الأساسية للسودان الجديد، ليكون مُستعداً وقادراً على استقطاب العون الخارجي والاستثمارات الأجنبية الداعمة لتوجُّهاته الاقتصادية والإنتاجية، فالقضاء على صفوف الخبز والوقود والغاز وغيرها من المصائب (يبدأ وينتهي) بإزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وتوقيع اتفاق السلام الشامل مع الحركات التي تخلَّفت عن اتفاق جوبا، وإعفاء ديون السودان، فضلاً عن استقطاب دعم  قوى المجتمع الدولي على مستوى المُنَّظمات والدول للمساهمة في بناء وتطوير البنية التحتية للواقع الاقتصادي السوداني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى