حوارات

مدير مكتب حمدوك السابق عبد الله ديدان لـ(الديمقراطي): فك العزلة الدولية كانت من أولويات رئاسة الوزراء

 

حاوره – الأصمعي باشري والمغيرة حربية

حمدوك لم يوفق في اختيار الآلية ويتمتع برصيد شعبي

حمل عبد الله ديدان أول مدير لمكتب رئيس الوزراء والفاعل السياسي، الحرية والتغيير، حاضنة الانتقال والحكومة، مسؤولية الإخفاق في كثير من ملفات وقضايا الانتقال، وقال إنها لم تهيئ بيئة سياسية للحكومة في عامها الأول لتستكمل الثورة والتغيير الذي وضع مساره الثوار بالدم والصمود في وجه آلة النظام المباد القمعية. وعزا ديدان إخفاق الحاضنة في إنجاز شعار الثورة للأنانية السياسية والتدافع نحو كراسي الحكم دون صندوق انتخاب وعد ذلك سابقة خطيرة على الانتقال والثورة. وقال إن رئيس الوزراء قدم في تلك الفترة مبادراتٍ عديدة للتوليف بين مكونات الحرية والتغيير خارج الإعلام، وإنه كان واعياً وملماً بمشكلات السودان لذا غادر أولاً لعواصم إقليمية ودولية وحقق نجاحاً كبيراً في الملف الخارجي.

يقول عبد الله ديدان أول مدير مكتب لرئيس الوزراء عبد الله حمدوك، ان اختياره لإدارة المكتب جاءت برغبة من عبد الله حمدوك نفسه، وعلى خلفية حوارات أداراها معاً إبان فترة وجوده بأديس أبابا لتنسيق اجتماع مشترك في أغسطس ٢٠١٩ بين تحالف الحرية والتغيير والجبهة الثورية. يضيف “في ذلك الوقت تمت تسميته رئيساً للوزراء، ولاحقاً بحكم وجودي في واحدة من الكتل المكونة للحرية والتغيير، وهي كتلة تجمع القوى المدنية، تم اختياري لمرافقته من أديس أبابا للخرطوم، في هذه الأثناء طرح عليّ أن أكون مديراً لمكتبه ومسؤولاً عن الاتصال السياسي، فرفضت في بداية الأمر، ورشحت له شخصية أخرى، لكنه كان مصراً، واستجبت لذلك، بشروط أن تكون فترتي قصيرة، وطوعية، وهذا أمر نادر في كل الأنظمة الحاكمة، أن يعمل موظف في مكتب رئاسي دون أجر، هذه هي ملابسات اختياري. ويحمل ديدان المجلس المركزي للحرية والتغيير إغفاله مسائل بروتوكولية مهمة. يقول: دعني أقدم بعض الملاحظات، أولها إغفال المجلس المركزي مسائل بروتوكولية في غاية الأهمية، عند اختيار وحضور حمدوك من أديس أبابا” يواصل: “للأسف  لم يذهب أحد من الحرية والتغيير لترتيب حضوره، وتقديمه جماهيرياً وإعلامياً، كرئيس حكومة الثورة، وأمور أخرى تتعلق بأمنه، وبرنامج وصوله، الذي اختلف عليه أعضاء الحرية والتغيير، واكتفى بمؤتمر صحفي مقتضب، ولم يتم تحديد طاقم عمله، وتهيئة المناخ المناسب لأداء مهامه، وهو تقصير ناتج عن عدم معرفة أو خبرة، خاصة بالواجب الثوري. يضيف أن ثورة ديسمبر المجيدة هي ثورة تحولات اجتماعية كبيرة وتاريخية، لم تحدث منذ ثورة اللواء الأبيض، هذه الحقيقة التقطتها القوى الجديدة في الثورة، من الشباب والشابات خارج التنظيمات السياسية، ولم تلتقطها الحرية والتغيير، هذه قلة خبرات من الحرية والتغيير، فدولة إثيوبيا وبمجرد اختيار حمدوك رئيساً للوزراء، كفلت له حرساً خاصاً في بيته في أديس أبابا، وتعاملت مع الأمر بجدية. ويقول إنه شخصياً، ومن خلال كتلة تجمع القوى المدنية، طالب برؤية واضحة لحضور حمدوك، ولكن تم تهميش هذا المقترح. يضيف “كان من الممكن أن يقوم أي شخص غيري بأداء هذا الدور، ودعني أحدثك عن حالة الانفصال الكامل بين قيادات الأحزاب السياسية للحرية والتغيير مع القواعد الاجتماعية التي صنعت الثورة، فهذه القواعد رغم التدجين والكبت الذي فرضته الإنقاذ لمدة ثلاثين عاماً باسم المشروع الحضاري، إلا أن هذه الكتلة الاجتماعية الجديدة من الشابات والشباب كانوا يدركون جيداً طريق المقاومة، ويعرفون جيداً خلق لحظاتهم الثورية بمعزل عن القيادات السياسية.

عقبات

يقول ديدان إن لحظة التغيير، وهيمنة المجلس العسكري، وعدم معرفة العسكر بإجراءات الجهاز المدني، خلق تعقيدات وعقبات واجهت أداء مجلس الوزراء في بداية عمله، حيث لم يتم تنظيف جهاز مجلس الوزراء من فلول النظام المباد، وتم الإبقاء على وكلاء الوزارات، ومعظم الإدارات المهمة داخل المجلس، ومحاولتهم عرقلة حركة العمل. ويضرب أمثلة كثيرة على هذا الإخفاق. يقول “الحرية والتغيير لم تتعامل مع أمر الجهاز المدني ورئاسة الوزراء كجهاز رئاسي يقوم عليه كل هموم وتطلعات الثورة. وأنا عندما أتحدث عن تهيئة الأجواء، لا أقصد المكان، ولكن أقصد مسألة الإصلاح المؤسسي، والتي بنيت لاحقاً على المحاصصة وعدم الاتفاق، إلا من محاولات فردية قام بها صلاح مناع، وبطبيعة الحال لم تكن مكتملة، فبروح الثورة واجهنا هذا النقص”. يواصل “كنت أنا وحاتم قطان وله مهام أخرى غير سياسية، وسكرتيرة أيضاً كانت متطوعة، ولاحقاً جاء فريق إعلامي لم يقدم شيئاً يذكر، حاولت معالجة كل ذلك بالاتصال المباشر والمستمر مع المجلس المركزي للحرية والتغيير، ولكنهم للأسف كانوا مشغولين بمحاصصاتهم التي ابتدروها منذ أيام الاعتصام، وأثناء فترة التفاوض مع المجلس العسكري”.

ويقول ديدان إنهم حاولوا سد هذا الفراغ، فراغ غياب الوزراء، وغياب البرنامج الإسعافي، بوضع رؤية مع رئيس الوزراء، حول صناعة السلام، والإصلاح الاقتصادي، والإصلاح المؤسسي. يضيف “قدنا العديد من القضايا المهمة، ومع ذلك ظللنا نلاحق الحرية والتغيير لشهور بعد استلام حمدوك  لتقديم ترشيحاتهم، وبرنامجهم”. ويرى أن المشكلة كانت تكمن في غياب الرؤية للحرية والتغيير، وعدم التوافق على وزراء، وحتى عندما تم تقديم قائمة بعد زمن طويل جاءت ناقصة عدد وزيرين لأسباب يعلمها الجميع، بالإضافة إلى الملاحظات التي ظلت تلاحق وزراء آخرين. “هذه التجاذبات كانت السبب الرئيس وراء إخفاق حكومة حمدوك الأولى، في وقتٍ كنا فيه في أمس الحاجة للاستقرار السياسي والتنفيذي”.

رحلات خارجية

يقول ديدان”مع غياب الرؤية وغياب دور الحاضنة السياسية الفعلي في دعم الفترة الانتقالية، إلا أنه كانت هنالك أولويات بالنسبة لنا في رئاسة الوزراء، أولها فك عزلة السودان الدولية، باعتبارها المفتاح الرئيس لقضايا الانتقال الاقتصادي، والاستقرار السياسي ودعم عملية السلام، فكانت رحلتنا الأولى لجوبا. يضيف “لك أن تسأل لماذا جوبا أولاً، فغير كونها الجزء الثاني للسودان، فإن حركات الكفاح المسلح ترتبط عضوياً بها، ولن تتم أية عملية تفاوض سياسي دون جوبا، والمجلس العسكري كان قد فطن لذلك مبكراً وأرسل حميدتي الذي وقع اتفاق إعلان المبادئ لسلام جوبا”. يواصل “كان لزاماً علينا أن نذهب لجوبا، والتقينا بقادة الجبهة الثورية، والتقيت أنا أولاً بالحلو ثم لاحقاً بمرافقة رئيس الوزراء، هذه الرحلة الأولى التي مكنت رئيس الوزراء بالإمساك بملف السلام”.

ويكشف ديدان أن الرحلة الثانية كانت لحضور أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة. يقول “انبهار العالم بالثورة السودانية، دفع الجمعية العامة للأمم المتحدة أن تحدد يوماً احتفالاً بالسودان، وعودته لأحضان المجتمع الدولي، وعقدنا على هامش الجمعية ٦٤ لقاءً ثنائياً، مع رؤساء دول وحكومات ومنظمات دولية، أفضت إلى أهم مكسب أن تفتح المفوضية الدولية لحقوق الإنسان مكاتب لها دائمة في الخرطوم وبقية الولايات، باتفاق وقعته وزيرة الخارجية السابقة أسماء، ثم ذهبنا لمدة يومين للقاء عبد الواحد محمد نور بمقر وزارة الخارجية الفرنسية، وعلى الرغم من أنه لم يكن معترفاً بالحرية والتغيير، لكنه وافق على مقابلتنا بحكم أننا جزء من الثورة السودانية وهو أيضاً جزء منها، ثم عدنا إلى أديس أبابا للمشاركة في اجتماع يخص القرن الأفريقي بمشاركة إثيوبيا وكينيا والصومال وجيبوتي” يواصل “هذا الاجتماع مهد لاحقاً أن يكون حمدوك رئيساً لمنظمة الإيقاد، والتقينا لأول مرة  بجبريل إبراهيم، مما دعم عملية السلام لاحقاً في جوبا، وذهبنا لمصر باعتبار أزمة سد النهضة، والامداد الكهربائي، وتطمين الجانب المصري، فمصر دولة مؤثرة في المشهد السياسي السوداني، وذهبنا أيضاً للإمارات والسعودية في رحلتين معنيتين بالتفاهمات الاقتصادية، ولا يخفى الدور المهم لهما من قبل الإنقاذ في الاقتصاد والاستثمار في السودان”.

ويدافع ديدان “مع ذلك لم يغفل حمدوك الشأن الداخلي، إلا أن فشل الحرية والتغيير في التوافق على قضايا أساسية ولم تستطع القيام بدورها في تهيئة الملعب داخلياً، وهذا فشل تاريخي ظل يلازم النخب السياسة السودانية، وأدى إلى نتائج كارثية مثل انفصال الجنوب، واستمرار الحلقة الشريرة من الانقلابات العسكرية، والاختلالات في مجالات الإصلاح المؤسسي، والنقابات، ومنظمات المجتمع المدني، والتراجع المستمر لاقتصاد السودان وغيرها كثير”.

مغادرة

يقول ديدان انه غادر المنصب بمحض إرادته، وإنه ليس ثمة ملابسات في ذلك. يضيف “عن قناعة تامة وأخطرت رئيس الوزراء بذلك، وتحاورنا في رغبتي بالمغادرة لأنني أرى أنها ليست وظيفتي الثورية”. ويستطرد “هنالك العشرات الذين يمكنهم سد هذه الفرقة، وكما قلت فقد كنت متطوعاً، ولدي قناعات كبيرة أن التغيير الحقيقي يبدأ من القواعد وبحلحلة قضايا التغيير الاجتماعي، والعدالة الانتقالية وبناء السلام، ليس ذلك بالمفهوم السياسي، فهذه القناعات تأتي في إطار رغبتي بلعب هذا الدور بعيداً عن محاصصات السلطة، وبعيداً عن الوظيفة الحكومية، قد تكون هنالك تيارات غير راضية عن وجودي وهذا شئ طبيعي في الصراع السياسي”.

حمدوك مبادراً

يقول ديدان إن رئيس الوزراء كان واعياً بالتناقض الذي يحكم مسار التحالف الحاكم، وكان مهموماً بإدارة هذا التناقض وفق رؤية سياسية، وهو يعلم جيداً أن هذا الصراع هو سمة تاريخية لازمت غياب البرنامج والرؤية. يضيف “كل ذلك كان مفهوماً، وكان عقبة كبيرة في الاتصال واتخاذ القرار حول أهداف ثورة ديسمبر، وقاد رئيس الوزراء مبادرات كبيرة جداً خارج الإعلام، لكن دائماً ما يصطدم بحالة عدم التوافق، وأعتقد أن ذلك مازال مستمراً بعد أن غادرت”.

ويعلل ديدان أسباب بروز مستشارين لحمدوك خارج حاضنته السياسية أثار ظهورهم جدلاً أن أية حكومة في العالم الثالث وفي غياب مؤسسات راسخة، وخاصة في حالة الانتقال، لابد لها من وجود مستشارين خارجيين عن حواضنها. يقول “في حالتنا مستشارون خارج سياق الحرية والتغيير، وهو أمر طبيعي، ومن حق رئيس الوزراء أن يحدد من يستشير، إلا أن الخيال السياسي الشعبي أعطى الأمر أكثر مما يستحق، فالثورية هي تكوين رؤية لإنجاز مهام الانتقال. يضيف “في تقديري أن حمدوك نجح في ذلك بطريقة شخصية، فحمدوك ليس عضو حزب سياسي له رؤية في الإصلاح، وبرنامج محدد للانتقال، ولا حلول اقتصادية واجتماعية محمية، فهذه المعادلة السياسية معقدة، بسبب ضعف الحاضنة، وستستمر هذه الأزمات”. ويقول إن إجراءات التغيير طويلة خاصة في حالة مثل الحالة السودانية.

محاور للسلام

ينفي ديدان صفة المدنية عن الأحزاب السودانية ويقول “كل الأحزاب السودانية ليست أحزاباً مدنية بحتة. يضيف “كلها حملت السلاح وشاركت العساكر في الحكم والتمكين، لذلك العقل السياسي السوداني مازال في حاجة لدروس كبيرة في العمل السلمي، وأرجو أن تستفيد الأحزاب السياسية من أساليب شباب ونساء الثورة”.

يواصل “حتى الحركات المسلحة تحمل نفس عقلية النادي السياسي السوداني، فالفشل والنهم نحو السلطة أعماها عن رؤية واقع مجتمعاتها المحلية التي حملت السلاح من أجلها، فلا فرق بين الجبهة الثورية وأحزاب الحرية في بنية تفكيرها، ولكي يتحقق الانتقال لابد من التخلي عن هذه العقلية المدمرة للبناء المدني، واقتراح أساليب جديدة للعمل السياسي الديمقراطي السلمي”.

يقول “وضعت رؤية قبل مغادرتي، مع رئيس الوزراء، حول سلام شامل مع كل القوى الرافضة، تمثلت في أربعة محاور رئيسة هي الحكم والإدارة، والعدالة، والترتيبات الأمنية، والمحور الاقتصادي”. يضيف “قلنا وقتها إن عملية السلام لابد أن تديرها مفوضية، واتصلنا بالعديد من الخبراء في هذا الشأن، ولكن تفاجأت بالسلام المجزأ، وسلام المسارات المعيب، واختطاف الملف من قبل المكون العسكري، وتكوين مجلس أعلى للسلام غير منصوص عليه في الوثيقة الدستورية، ولا أعرف شيئاً عن ملابسات هذا الاختطاف”. ويقول “جاء منبر جوبا بكل عيوبه لقيادة العملية السلمية سياسياً دون النظر لمخاطبة جذور الأزمة”.

ويرى ديدان أن هنالك تشابهاً كبيراً بين حركتي عبد الواحد والحلو، فالحركتان تطرحان قضايا كلية، مثل العلمانية، وهذه مسألة تحتاج لحوار شامل وعميق، وإلى تعريف أولاً. يقول “هذه قضايا لم تطرح في سلام جوبا، وهناك أيضاً اختلاف مثل الحكم الذاتي للمنطقتين، لذلك أرى أنه من المهم أن تكون هنالك تفاهمات يمكن أن يمهد لها الإعلان السياسي بين الحركتين، على الرغم من أن منبر التفاوض لا يشملهما معاً”.

ويقول ديدان إن حركتي عبد الواحد نور وعبد العزيز الحلو لا تعترفان بالحرية والتغيير، وتعتقدان أن التحالف تأسس بطريقة نخبوية، ولم يخاطب مشكلات السودان المزمنة، ويطرح الرجلان محاور تلامس قضايا الحكم، والعلمانية، بشكل جوهري، ولديهما وجهة نظر مختلفة بخلاف ما طرحه منبر جوبا للسلام مع الجبهة الثورية، باعتبار أن منبر جوبا ناقش السلام في اتجاه مساراته الجغرافية، وهذا خطأ منهجي بحسب رؤيتهما لمسألة السلام والتحول الديمقراطي في السودان”. ويواصل “شخصياً كنت قد أعددت ورقة في هذا الاتجاه تنبأت فيه بفشل سلام جوبا الذي سيؤدي لمزيد من الانقسامات، ويؤثر سلبياً على تكوين الحكومة التنفيذية لاحقاً، وهذا ما حدث بالضبط والنماذج على ذلك كثيرة ودونك عدم اكتمال الحكومة حتى الآن وغياب وزير التربية والتعليم، بسبب مسار الشرق، وسلام المسارات أدى إلى احتراب في بعض مناطق المسارات”.

ويؤكد أن عدم الاتفاق مع الحلو في الجولة الأولى لا يعني نهاية أو انهيار السلام، وقد ذهب رئيس الوزراء لجوبا قبل أيام لتحريك هذا الملف.

رسالة سالبة وسطو

ويرى ديدان أن هنالك عدم ثبات على المبادئ، ومحاصصات أوصلت بعض الأحزاب للحكم من دون تقييم حقيقي لحكومة التكنوقراط الأولى والتحول لحكومة الكوادر السياسية. يقول “الأمر هنا لا يخص حمدوك بقدر ما يخص الحرية والتغيير، وهذه رسالة سالبة في بريد الشعب السوداني، وثانياً تعد مسألة خطيرة، فكيف لحزب سياسي ينادي بالديمقراطية ثم يصل للحكم بهذه الطريقة، وهذا استسهال للعمل السياسي، ولا أعني الأحزاب السياسية فحسب حتى الحركات المسلحة، فجميعها منفصلة عن قواعدها وتريد الوصول للسلطة، يجب أن تعيد هذه الكيانات النظرة الكلية لأيديولوجياتها، وطرق تفكيرها، وإعادة بناء هياكلها وفقاً لعملية ديمقراطية، وبعد ذلك لها الحق في التفكير في الوصول للسلطة، غير ذلك فهو الفشل بعينه الذي سيظل يلازم فترات الانتقال والديمقراطية، فهذه الأحزاب نفسها والحركات أيضاً فشلت في الحفاظ على وحدتها، وتحقيق تماسكها، فكيف ستحكم؟ فكلها مريضة بالانقسامات والانشطارات، فكيف نضمن نجاحها في إدارة العمل التنفيذي للدولة، مايحدث الآن هو سطو”.

ويضيف ان المجلس التشريعي ليس من مهام حمدوك، وهو أمر معني به الحرية والتغيير، واهتمام حمدوك به لخلق توافق شعبي داخل التحالف. يقول “خذ مثلاً التطبيع هو مسألة تشريعية، ومناقشة نظام الحكم، ففشل الحرية والتغيير في كل هذه الملفات وليس فشل حمدوك، وأعتقد أن هنالك تيارات داخل الحرية والتغيير ترى ليس من مصلحتها تكوين مجلس تشريعي، فذهبت للتسويف السياسي بتكوين مجلس الشركاء هذا الجسم الغريب الذي اختطف إرادة الشعب، في اتخاذ القرارات المصيرية”.

ويذهب ديدان إلى أن فشل الحرية والتغيير قاد لمبادرة حمدوك الأخيرة. ويقول “هي مبادرات مستمرة منذ توليه المنصب لخلق إجماع وطني حول الفترة الانتقالية، وبذل مجهوداً جباراً في جمع كل الطيف الثوري للالتفاف حول أهداف الانتقال، مثل الأحزاب والكيانات المسلحة والمهنية ومنظمات المجتمع المدني، لكن أعتقد أن حمدوك لم يكن موفقاً في الآلية، واقترحت له من قبل مؤتمراً تداولياً سياسياً لوحدة جميع الأطراف بسكرتارية رشيقة، وليس بطريقة الآلية التي صاحبها خلل، لأن جزءاً من الآلية هو المعني بالخلاف، وهي التيارات المتصارعة، لذلك ستفشل الآلية في قيادة المبادرة”.

يستدرك “لدينا قضايا مصيرية يجب أن تحسم في فترة الانتقال، أهمها إكمال السلام”.

تقييم

يقول عبد الله ديدان إنه من الصعب تقييم نجاح الفترة الانتقالية من فشلها، ويرى  إشارات يمكن البناء عليها. يقول “سيطرة العساكر، وفشل التحالف الحاضن، ومعيار الفشل والنجاح ليس مربوطاً بحمدوك، لكن هنالك عوامل محيطة به، أضعفت من دوره، وللأسف هنالك جهات تدعو لإسقاطه، وأي رئيس وزراء في مكانه بهذه الظروف وغياب الرؤى والصراع بين مكونات الثورة سيفشل”.

ويرى قبولاً لحمدوك وأنه ما زال يتمتع برصيد شعبي، ويدلل بقبول الجراحة الاقتصادية وسط السودانيين.

يقول ختاماً “تظل الفترة الانتقالية مهددة بالخطر طالما ظل هذا الصراع بين المكونات المدنية المدنية والمدنية العسكرية، وتأخر الترتيبات الأمنية، وسطوة الخطاب القبلي، وسطوة الأحزاب دون مسوغ وشرعية على الحكم، وغيرها من المهددات”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى