متى يخدع الإعلام ومتى يصدق، وما بينهما؟

د. وجدي كامل
عدد قليل من الصحفيين الذين تستضيفهم القنوات العربية النشطة في التغطية لاحداث ومجريات معارك الخرطوم يملكون المعلومات الدقيقة ويلمون باتجاهات ومحتوى سير الامور والسيطرة على المعلومة والخبر من مصادرهما من على ارض المعركة، ومنهم المراسلون بطبيعة الحال.
اغلب ضيوف تلك القنوات يصنفون وبالمعايير الدقيقة كضيوف رأى يكافحون بغرض اعطاء اوسع نطاق من التأييد لارائهم ومحاولة اقناع الراى العام به، وهو ما لا يساعد على ابراز الحقيقة ووضعها إمام المشاهد.
تلك الاستضافات المزدحمة بها طرقات مرور القنوات ستصبح وبالنتيجة مواقف راى واكثر منها مواقف اعلامية رغائبية من كونها واقعية محايدة.
صحافة المواطن ورغم انها تتقدم على الاعلام التقليدي الرسمي والفضائي التلفزيوني مرات ومرات بدليل توظيفه لها واعتماد اغلب القنوات على تدفقاتها (بوضع القنوات لارقام الهواتف المستقبلة)الا انها خليط بين النقل الامين والنقل الزائف احيانا بسبب اتصافها بنقل الخبر العام بدلا من الخبر الدقيق، ما عدا بعض التوثيق المختص باظهار جغرافيا وزمان الحدث المحدد. العجز في الخدمات الانسانية كمثال فيديوهات المستشفيات، وحريق الاسواق، وانشطة النهب.
صحافة الجنود المحاربين من ارض المعركة واثنائها هي الأقرب إلى الحقيقة ولكن يعاب عليها آنها منحازة ومتقلبة حسب ترمومتر المعارك وتنقلات القوة العسكرية من موقف انتصار الى موقف هزيمة رغم ندرتها. وكمثال على ذلك اننا يمكن ان نتداول فيديو من الفيديوهات يحدث عن استيلاء قوة عسكرية لطرف مقاتل لموقع ما يصبح بعد قليل تابعا للطرف الاخر، هذا اذا لم يكن مصور الفيديو الذي لا نزال نتداوله بالفيس بوك والواتساب ونهلل لمحتواه او نخزن قد لقى مصرعه بمجرد ارسال الفيديو لوسائط الاتصال.
كل ما سبق يحعل الراى العام مشوشا ومريضا بغياب الحقيقة لما يجري والتي لن تتوفر الا بعد توقف او انتهاء المعارك وافساح المجال للاعلام الحر بعرض نتيجة ما وقع من احداث .
توقعاتي واذا ما حضرت تلك اللحظة فربما سيصدق الاعلام بتعرف الراى العام على الاهوال والفظائع التي سيشيب لها الولدان وما لم يكن في الحسبان، لا قدر الله. في ذات الوقت الذي يحافظ فيه احتمال الخداع الاعلامي اذا ما اخفى الطرف المنتصر شواهد ارتكابه لجرائم ضد الانسانية بالتدخل لاعادة هندسة وتركيب مسرح الجريمة.