الرأي

متى سيقدم الوزراء الجدد إقرار الذمة؟

إقرار الذمة المالية يعد واحداً من أهم أدوات الرقابة المالية والإدارية، ووسيلة مهمة جداً لمحاربة الفساد وحماية الحق العام وتجنب تضارب مصالح الدولة مع مصالح المسؤولين، وكذلك لحماية ذممهم من التشكيك، وذلك من خلال رصد أي ملامح فساد تطرأ عليهم أثناء وجودهم في الوظيفة العامة، وقد تعمد النظام المخلوع عدم الاستعانة بإقرار الذمة والالتزام بأي وسيلة من وسائل مكافحة الفساد لأنه “أصلاً” نظام تقوده عصابة مبنية على باطل، وبقاؤه مرتبط باستغلال الدولة والشعب، أما الآن فلا عذر، ويجب أن تحرص الحكومة الانتقالية على الاستعانة بكل أدوات ووسائل مكافحة الفساد الذي هو هدف ثورة ديسمبر الأساسي.
أسبوع تقريباً مر على تعيين وزراء الحكومة الجديدة والذين أدوا اليمين واستلموا المهام ولا حديث عن إقرار الذمة، ونحن إذ نحذر من التقاضي عن أداء هذه الفريضة فليس هناك سياسي شريف يمكن الوثوق فيه، وكل وزير هو مشروع لفاسد إن لم يشعر بأن هناك رقابة عليه، وإن لم يحاصروا من البدلية فغداً سنجدهم قد تحولوا إلى فراعين، وأمامنا نموذج النظام المخلوع الذين جاء وزراؤه إلى السلطة بشنطة حديد كما يقال وأصبحوا كلهم من أثرياء العالم، حتى العمالة التي تخدم عندهم تحولت لطبقة أثرياء .
لم نسمع أن السيد رئيس الوزراء عبد الله حمدوك طلب من وزراء الحكومة الانتقالية المحلولة إقرار ذمة، وغادروا دون أن يعرف أحد بماذا خرجوا ولربما اعتدوا على الحق العام، وحقيقة هناك مواطنون يشككون علنا في ذمم بعضهم ولا أعتقد أن الأمر جاء من فراغ حتى ولو كان شبهة فلابد أن لها سبب وعليه هو وقوع في الفساد، فالحديث يقول (إنَّ الحلال بيِّن، وإنَّ الحرام بيِّن، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثيرٌ مِنَ الناس، فمَنِ اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومَنْ وقَع في الشبهات وقع في الحرام،) ولا شيء يمنع المسؤولين من الوقوع في الفساد والشبهات إلا الإحساس بأنهم يعملون أمام كاميرات مراقبة عالية الدقة من خلال إحاطتهم بأدوات ووسائل فعالة لمكافحة الفساد.
المطلوب الآن وفوراً إنشاء أنظمة فعّالة لإقرار الذمة المالية، وتنفيذ مجموعة تدابير واسعة ومفصلة لمكافحة الفساد يكون لها أثر على القوانين والمؤسسات والممارسات، ولابد من الالتزام بتنفيذ اتفاقية مكافحة الفساد التي وضعتها الأمم المتحدة وصادق عليها السودان ولم يلتزم بها.
والأهم من كل هذا تكوين البرلمان، فهو أيضاً آلية مهمة جداً لمنع الفساد وذلك من خلال تعزيز العمل لمكافحة الفساد وتنفيذ اتفاقية مكافحة الفساد ومعالجة الثغرات المتصلة بالتشريع وتجريم الفساد في إطار منظومة تشريعية وقضائية مستقلة، وملاءمة الاتفاقية مع الاحتياجات الإقليمية والوطنية.
لا يحب أن يهمل السيد رئيس الوزراء عبد الله حمدوك أمر استخدام الوسائل التي تضمن زجر الوزراء من الفساد مهما كانت درجة ثقته بهم وبالظروف التي طرأت على البلاد فلا ضمان لنزاهة أحد دون الالتزام بوسائل الرقابة والمتابعة والحساب والعقاب والحرص على تطبيق أعلى معايير النزاهة والشفافية، ويجب أن يقدم أي وزير إقرار ذمة أمام الشعب حتى وإن لم يطلب منه رئيس الوزراء هذا وإن لم يحدث فيجب على المواطنين تسيير مليونية تطالب رئيس الوزراء بفرض هذا الشرط على الجميع، وأنَّ من يرفض تقديم إقرار ذمة فهو فاسد ويجب أن يذهب فوراً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى