الرأي

مبادرة الخرطوم بالليل

عبد الرحمن أبو حس
أتاح لي الأستاذ إيهاب بمركز الدراسات السودانية بشارع الجمهورية مشكوراً حضور اجتماع مجموعة مبادرة الخرطوم بالليل وهم شباب وشابات زادهم الله هدى، تنادوا من منطلق الإشفاق والحرص على عاصمة البلاد الخرطوم وما وصلت إليه من تردٍّ في الجوانب كافة، العمرانية والبيئية والسلوكية. صاحب الاجتماع عرض فيديو وشرح من الأستاذ طارق الأمين وهو الشارع الذي اشتهر دون غيره من شوارع العاصمة بالخرطوم بالليل.
وللتركيز ولفت الانتباه اختير من قبل المبادرين لإقامة فعاليات مجتمعية ثقافية وفنية على امتداده بعد تأمينه وعزمهم تأهيله وإنارته وإجراء بعض التحسينات اللازمة للفعاليات بالعون الذاتي وجمع التبرعات من أصحاب المحلات والشركات على امتداد شارع الجمهورية.
كاميرا الفيديو لا تجامل فقد عكست كثيراً من التشوهات المعمارية والسلوكية على جانب الطريق أكبرها وأخطرها الهياكل الأسمنتية التي وضعت في الموقع المميز والتاريخي للمحطة الوسطى جنوب حمزة بلازا…. والمحطة لمن لم يشاهدوها في الماضي عبر عنها الشاعر الشفيف كامل عبد الماجد بأنها كانت ملتقى الناس والحبايب ناس بتضحك وناس تقالد وناس تطايب جاطت الدنيا وأصبحت ساحة مآرب إلى آخر القصيدة التي ينعي فيها الزمن الزاهي كانت الخرطوم خير ما يعكس جماله ونقاءه وبهاءه وقد استهدفها النظام البائد ضمن مخططه اللئيم لمحو ذاكرة المواطنين من جميع المواقع والأماكن الأثرية كالسينما وحديقة الحيوان…الخ.
المبادرة إحساس وشعور طيب جاء في وقته رمى به المبادرون حجراً في بركة الخرطوم الساكنة ولأنه لابد من ذوي مروءة يعلنون عن ما أصاب الخرطوم بأكملها ووسطها تحديداً من خراب ودمار جعلها أسوأ العواصم وهي التي كانت حتى السبعينات درة المدن والعواصم جمالاً وتنسيقاً ونظافة وهدوءاً أشجارها ظليلة تتوسطها الميادين والنوافذ وشوارعها تغسل كل ليلة بالماء والصابون ولعل ما تواتر لناس الخرطوم في ذلك الزمان أن الشيخ زايد رحمه الله من فرط إعجابه بالخرطوم كان يرغب أن تكون أبو ظبي على شاكلتها … سبحان الله!!
هذه المبادرة الجريئة ينبغي أن يكون نداؤها قومياً يشارك فيها جميع المواطنين بالعاصمة والأقاليم ومن هم بدول المهجر. ويتحتم بل يجب على حكومة الثورة أن تضعها في موازنة الدولة وأن تستقطب لها الدعم من الصناديق والدول الصديقة لأنها أصبحت بفضل ثورة ديسمبر المجيدة محط أنظار العالم الداعم والمستثمر والسائح وهل يشرف السادة الحكام الشعور بالسعادة داخل المكاتب والتعاسة خارجها؟!!
إذن لابد للخرطوم من ثورة اقتلاعية تقتلع جذور التشوه العمراني والجمالي بعد أن اقتلعت جذور الفساد السياسي والإداري والخرطوم برغم ما أصاب بنياتها التحتية من تدهور مريع هي أيضاً قلعة قابلة للتأهيل والتطوير الجمالي والفني فموقعها الطبيعي والأنهار التي تحفها والكباري التي تربط بين مدنها الثلاث وشوارعها الطولية والعرضية قابلة لاستقبال الثورة التجديدية.
أهل الرأي والفكر والهندسة والتشكيل والتخطيط من المهم بل والضروري انضمامهم للمبادرة وعمل الدراسات اللازمة ورفعها للحكومة لتوفير التمويل لإنقاذ العاصمة وإخراجها من الظلمات إلى النور وإعطاء تجديدها الأولوية ضمن برامج ومشروعات حكومة الثورة لأنها ببساطة أصبحت قبلة أنظار العالم والعالمين بفضل ثورة ديسمبر المجيدة سيدة ثورات الربيع العربي وإلى الأمام شباب مبادرة الخرطوم بالليل!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى