الرأي

لن يسرقوا أكتوبر الأخضر!

منعم سليمان

(سلمية سلمية ضد الحرامية)..

كان هذا الهتاف هو الشعار الأول للثورة، وكانت المظاهرات الهادرة تبدأ وتنتهي به، حتى صار لحناً وأنشودة؛ يرددها الصغار قبل الكبار في أزقة الحواري الضيقة. حتى  نحن الذين شاركنا في الثورة من منافينا؛ كُنّا نردده صباح وغلس، وفي صحونا ومنامنا؛ وقبل الأكل وبعده.

وبقدرِ ما كان هتافاً مُدويّاً وشِعاراً صادقاً حفّز الحراك الجماهيري وضاعف من الروح المعنويِّة، فقد كان موجعاً ومؤلماً لقادة النظام السابق ومؤيديهم، حتى إنّه أجبرهم على الظهور على شاشات التلفزيون للدفاع عن نظامهم المتهالك؛ بحججهم الواهيِّة وأكاذيبهم المُعتادة التي كانوا يرددونها بتبجحٍ وصفاقة وقوة عين، ولكنّهم كانوا كلما سمعوا هدير التظاهرات الحاشدة تُرددْ (سلمّية سلميّة ضد الحرامية) تحمِّر وجوههم وتُطأطئ رؤوسهم وينقطع عنهم حبل الأكاذيب، فلا يوجد ما هو أكثر قسوة على اللص من الزفة التي تسير خلفه؛ مذكرة إياه بأنّه محض لص حقير وخسيس!

كان القوم حقراء حتى في لصوصيتهم؛ يفتقدون لشجاعة ومروءة أمثالهم من الذين حدثتنا عنهم كتب التاريخ، فقد كانوا يسرقون بسبب الفقر والعوز ويطعمون الفقراء والمعوزين مما ينهبون، أما لصوصنا فقد كانوا بلا مروءة أو شرف أوشجاعة، يسرقون الضعيف ويمنعون عنه الماعون، ويقتلون الأعزل ويمشون في بجثمانه!

ما يُميّز لصوصنا عن سائر لصوص التاريخ إنهم بلا أخلاق وبلا وطنية أو شرف، لا تعرف حمرة الخجل ولا براقع الحياء سبيلاً إلى وجوههم. وهاهم؛ بعد أن سرقوا الوطن يحاولون سرقة الثورة من بوابة الشرق؛ بواسطة بعض منسوبيهم بعد أن دثروهم  برداء القبلية، مُستغلين الجهل المتفشي هناك، وقد كانوا سبباً في تفشيه، بتطبيقهم قانون المناطق المقفولة هناك، وكان أن ساد الفقر واستفحل المرض وعمّ الجهل، وفي مثل هذا المناخ يكون الحريق، والذي لو اشتعل لن يكونوا بمنجاة ومأمن منه، لأنه لن  يكون محدوداً ؛ إنما شاملاً سيحرق أول ما يحرق من يحرضون عليه خلف الكواليس، ويشعلون شرارته، وهذا موضوع سنعود إليه لاحقاً لنتناوله تفصيلاً .

ولم يقتصر مكرهم السيء على الشرق، بل تطاول إلى محاولة  سرقة الثورة نفسها، وفي بقعة انتصارها بالخرطوم، حيث يحاولون سرقتها بجماهيرها وأناشيدها وأحلامها وشعاراتها، وهاهم خلف كواليسهم يخططون ويروجون لدعوات التظاهر في 21 أكتوبر، ويا له من يوم عظيم وعزيز وراسخ في الذاكرة السودانية الثورية، وقد ظلت شعاراته الثورية تستدعى كلما تسلط ديكتاتور أوحكم  باغٍ أو سرق فاسد، ولا شيء يلوث هذه الذكرى أكثر من تركها نهباً بواسطة أعوان الديكتاتورية والبغي والفساد، ولا شيء أكثر بشاعة من رؤية الأثيم الذي سرق وطنك وبيتك وخبزك وحليب أطفالك يخطط  لسرقة حلمك، وهيهات، فلن يتحول أكتوبر الأخضر إلى أكتوبر الكوز!

إنّ قوتنا في وحدتنا، ووحدة قوى التغيير واجب الساعة.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى