الرأي

لماذا ترفض الحركات مراجعة اتفاق جوبا

كلما تحدث الناس عن اتفاق سلام جوبا خرج علينا قادة الحركات يحذرون ويهددون بالعودة إلى الحرب اذا ما تمت مراجعته من غير الموقعين عليه (الجبهة الثورية والعسكر) واكثر المحذرين هم حركات ابناء العمومةالذين استفادوا من الاتفاق مثلما استفادوا من الحرب التي اشعلوها في دارفور وهربوا إلى الخارج إلى ان عادوا بفضل الثورة، دارفور التي لم يعد لديهم عزيز يخافون عليه يعيش فيها، حتى أولادهم خارج السودان يعيشون في رفاهية وأمان وإذا ما (جاطت) في السودان سيهربون بانفسهم كما تعودوا، نفس الشيء ينطبق على قادة العسكر هم مستعدين لاسوأ الفروض التي قد يجرون البلد إليها بسبب طموحاتهم.
الحركات المسلحة لديها اتفاقين في جوبا أحدهما فوق الطاولة وهو الرسمي وآخر سري وقعته تحت الطاولة لا تتحدث عنه أبدا، وهو الذي قايضت فيه قضايا دارفور بالمناصب والعيش في كنف العسكر، ولهذا تخاف من مراجعة الاتفاق الرسمي الا من قبل الموقعين عليه أصحاب (العجنة نفسها) حتى لا ينسف الاتفاق السري الذي تنازلت فيه من أهم الحقوق التي تعالج المظالم والانتهاكات التي خلفتها الحرب مع انه ليس من حقها، فقد وافقت على عدم الحديث عن العدالة الإنتقالية ومحاسبة من اجرموا والتعويضات الفردية والجماعية، والعودة الطوعية للنازحين واللاجئين، وكذلك عدم الحديث عن الحواكير والمستوطنيين الجدد، ولا حديث عن حكومة مدنية أو ديمقراطية، فى المقابل منحهم العسكر المناصب والمال واطلقوا يدهم ليفسدوا دون حساب أو عقاب، فاليوم مهما ارتكب منسوبي الحركات لا أحد يسالهم. ولذلك إن راجع

حركات الكفاح المسلح الموقعة على سلام جوبا

الموقعين الاتفاق فسيعالجون الامر بنفس الطريقة التي تحافظ على تحالفهم.
إتفاق سلام جوبا أو كما يسميه أهل دارفور (لعنة جوبا) التي لم تحل على أهل دارفور وحدهم، بل على السودان كله الذي أصبح تحت رحمة العسكر المعروفين بظلمهم وضغيانهم والحركات، التي هي في الأصل مجموعات إجرامية تكونت في الغالب من كوادر الحركة الإسلامية الفاسدة وعصابات النهب المسلح ومرتزقة من دول الجوار إضافة إلى اصحاب السوابق المحوكومين في جرائم وقد أخرجوا من سجون دارفور بالقوة بأوامر من قادة الحركات، وطبعا أذا نجح التحول الديمقراطي فكلهم ستطالهم العدالة، ولهذا اتفقوا مع العسكر ونفذوا مسرحية الانقلاب الذي سموه تصحيح مسار، وهو في الحقيقة حيلة للافلات من العقاب وتنفيذ الاتفاق السري، ففي اعتقادهم تحالفهم مع بعض يطول زمن بقائهم في السلطة، وهذا يفسر ايضا سر تأمروهم على قوى الحرية والتغيير المركزي واقصائها لأنها أزعجتهم بحديثها المستمر عن العدالة والفساد، ولو تماشت معهم لما لما اقصوها ولتمنكوا من قمع الشعب.
الحركات المسلحة الموقعة على إتفاق جوبا السري والعلني متمسكة جدا بالعسكر أكثر من تمسكها بالاتفاق الذي لن يكون له قيمة الا في ظل وجود العسكر، ولهذا حث مناوي البرهان وحمدان على فرض سيطرتهم على البلد. وهنا يظهر عجز الحركات وضعفها وحيرتها فقد أصبحت تراهن العسكر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى