لا سمعاً ولا طاعة يا جبريل
أبو وضاح
والله ما استعذب الشباب الغض فظاعة الموت، إلا مقتاً للمحسوبية والظلم الذي حاق بهم وبأهلهم من الإنقاذ.
وأنت يا جبريل ما تسنمت مكانك وتبوأت منصبك إلا بشعار العدل والمساواة.
ولكن يبدو أن الأفعال ليس لها نصيب من الأسماء.
فالعدل والمساواة تكريس للظلم والمحسوبية.
والإنقاذ إغماس في الظلم والعنصرية.
والله لو كان إعفاؤك لابن أخيك من الرسوم الجمركية لسبب يستحقه، ما اعترض عليك أحد.
ولكن أن تستغل نفوذك دون أن تتورع لحرمة المال العام، وتستهين بحرمة الغلول فهذا مرفوض.
ولكن لا نستغربه فيك.
لأنك من صلب نظام سن فقه التحلل وأكل أموال الناس بالباطل، وما اعتاد أن يعترض عليه أحد.
لأنه نظام ليس فيه عمر ولا سلمان.
ويرى أهله أنهم فوق الناس جميعاً.
في ذات مرة، وقف ابن الخطاب، بقامته السامقة، وهيبته المعهودة، وصوته الجهور، وعليه ثوب قشيب غطى نصف ساقة.
ابتدر خطبته
بقول:
“يا أيها الناس اسمعوا وأطيعوا”.
فنظر إليه سلمان الفارسي الذي لا ينتمي لقريش، وليس له فيها وشيجة رحم إلا الإسلام. وقال بصوت الواثق المجلجل:
لا سمعاً ولا طاعة.
فدار صدى صوته أركان المسجد حتى استقر عند بن الخطاب.
فأوقفه أمير المؤمنين مستفسراً لا محاسباً.
فنهض سلمان وقال لعمر:
من أين لك هذا القماش الذي عليك، وهو أكثر مما قسمته لنا؟
فابتسم أمير المؤمنين، وقال:
عندما رأى ابني عبد الله أن نصيبي لا يكفيني تنازل لي
عن نصيبه.
فقال سلمان:
الآن نسمع ونطيع. ثم جلس.
وأنت يا جبريل لا تسوى نعال عمر، وتزعل عندما نسألك:
بأي حق تعفي بن أخيك من الرسوم الجمركية؟
والله لا سمعاً ولا طاعة لك حتى ترد المال العام إلى أهله، أو تدفع لابن أخيك من جيبك الخاص.