الرأي

في نهاية شهر المرأة نبشر الرجال

آباء البنات أكثر سعادة ودعمهن يطور المجتمع

ما زال الناس في عالمنا يفضلون إنجاب الذكور على الإناث، وما زالت الآية الكريمة التي تقول: “وَإِذَا بُشِّرَ اَحَدُهُمْ بِالْأٌنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ” تنْطبق على الكثيرين، وهو سلوك موروث منذ الجاهلية.
في ذلك الزمن، كان الناس معذورين لجهلهم. ولكن ما بال من أكرمهم الله بنعمة العلم والإسلام، وبقدوة مثل سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام الذي كان هذا الأمر محل اهتمامه، فحاول أن يغير من هذه العقلية، فبشر الرجال بنعمة إنجاب الأنثى، وقال في حديث: “من أعال بنتين أو ثلاث، أو أختين أو ثلاث حتى ينفصلن عنه، أنا وهو في الجنة كهاتين، وأشار بإصبعه الوسطى والتي تليها”.
هذا الحديث جدير بأن يجعل الرجل يفرح بإنجاب الأنثى، بل يدعو الله أن ينجب عدداً من الإناث حتى يتبوَّأ مكانه بالقرب من سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
ولكن ما زال البعض يحزن إذا بشر بأنثى، بل يتخذون إجراءات قاسية في حق زوجاتهم، وكأن الأمر بأيديهن.
في المجتمع السوداني، هناك ثقافة منتشرة تساعد على تهيئة الرجال أصحاب عقلية الجاهلية للقبول بإنجاب الأنثى، وتمنح الآخرين مزيداً من الراحة النفسية، فيقولون إن البنت “بخيتة وقدمها لينة”، ويأتي معها الخير، وإن آباء البنات دائماً محظوظون وأحوالهم المادية ميسورة أو سهلة.
وهذا ليس مجرد عزاء وتشجيع للآباء، بل حقيقة اكتشفتها المجتمعات نتيجة تجارب اجتماعية واقعية متكررة مع من رزقوا بمواليد إناث، ولكن لا أحد يعرف سر هذا البخت ولين القدم والحظ الذي يأتي لمن يرزق ببنت دون الولد.
المفاجأة أنه ثبت علميًّا أن آباء البنات أكثر سعادة وأوفر حظًّا، بل وأطول عمراً وأكثر نجاحاً واستعداداً للتطور من آباء الأولاد.
تقول الدراسات إن إنجاب الإناث يضيف جمالاً لحياة الأب، ويدفع مسيرته المهنية، ويطيل عمره، ويجعله شخصاً أفضل. وذلك لأن إنجاب طفل أو طفلة يعيد تشكيل مخ الأب، فيعمل على رفع هرمون الحب المسمى (الأوكسيتوسين)، وهو هرمون يحسن التصور الذاتي، ويرفع الإحساس بالدفء والثقة والإيثار والانفتاح، خاصة عندما يكون المولود أنثى.
وخلصت الدراسة إلى أن متوسط عمر الرجل يزيد مقابل كل أنثى ينجبها، وأن الآباء يتبنون اتِّجاهات أكثر اهتماماً بالآخرين، ويفكرون في تغيير العالم إلى الأجمل، ويجتهدون أكثر في عملهم عندما ينجبون إناثاً.
كما كشفت الدراسات أن الذين لديهم مواليد إناث يقضون معهن وقتاً أطول ويتفاعلون معهن بشكل مختلف من الذين لديهم ذكور.
مقابل كل هذا، ذكرت الدراسات أنه ليس هناك فرق لدى الأم في التعامل والإحساس مع الذكر أو الأنثى، ويتمتع كليهما بذات الاهتمام.
كذلك يعتبر آباء البنات أكثر سعادة من آباء الأولاد، بسبب الاهتمام والدعم الذي يجدونه من بناتهم عندما يكبرن، وهذا له نتائجه على الصعيد العملي. أعتقد أن كل أب لديه من البنين ذكوراً وإناثاً، لاحظ فرق المعاملة والاهتمام.
رغم كل هذا، يظل بحث الرجال عن إنجاب الذكر والتحامل على الأنثى لا ينتهي، يبررون أن الذكر ليس كالأنثى كما قال الله، مع أن المعنى لا يحمل إشارة إلى أن إنجاب الأنثى به شر يتطلب الجزع والخوف.
بل لو تدبروا المعنى لرأوا جانباً به أفضلية، فالأنثى أحنُّ على والدها، وهو محل اهتمامها وفخرها، وتكون دائماً مستعدة لدفعه إلى الأمام وتشجيعه، تريده أن يكون دائماً بخير.
وفوق كل هذا تدخله الجنة إن أحسن إليها، ويكون في صحبة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وهو أعظم رجل عرفته الإنسانية وأبو بنات.
وبما أن العالم احتفل هذا الشهر باليوم العالمي للمرأة نذكر الآباء بالاهتمام ببناتهم حتى يدعمن المجتمع، فقد أثبتت الدراسات أيضاً أن دعم الآباء لبناتهم يجعلهن أكثر نجاحاً وشجاعة وقوة، وهذا هو ما تحتاجه المرأة عموماً ليتطور المجتمع وينعم بالرفاه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى