الرأي

في ذكرى ال16 يوم للعنف ضد المرأة

رؤى مغايرة
صباح محمد آدم
بيئة امنة وسليمة وخالية من العنف للصحفيات
حملة ال ١٦ يوم للعنف ضد المرأة والتي تبدأ من 25 نوفمبر إلى 10 ديسمبر اليوم العالمي لحقوق الإنسان أصبحت هذه الاحتفالية خلال العقد الأخير من القرن العشرين من الأيام الهامة في حياة كل امرأة في العالم حيث لم تعد يوما احتفاليا رسميا للدولة بل أضحت أياما لجرد الحساب تحسب خلالها النساء سنوات من المعاناة والقهر والظلم المؤسسي حيالها ابتداء من ميلادها كأنثى حيث لازال في كثير من المجتمعات يتم الاحتفاء بولادة الصبي ويتوارى البعض خجلا حين يبشر بأنثى ويتنادى لها الجميع حينها بأن تكون من المستورات كأنها ولدت وهي تحمل عارا على كتفيها، وفي بعض المناطق لازال السلاح يضرب عندما يكون المولود ذكرا ويطبق الصمت القرية عندما تكون المولودة أنثى فتطأطئ الأسرة رأسها وتحمل الأم الوزر كونها لم تنجب صبيا خاصة ويكون حظ المولودة سيئا إذا كانت للأسرة عدد من الفتيات، إنها ثقافة تتحمل النساء وحدهن أثقالها وأوجاعها التي قد تلازمها طيلة حياتهن طالما ظل مجتمعنا أسير ثقافة مترسخة لا يطالها التغيير.
إذا فالمرأة في بلادنا معنفة تولد في بيئة مليئة بالعنف تجاهها تتحمل وحدها عبء العادات والتقاليد حيث حكم عليها بأن تكون حارسة بوابة الشرف، تتحمل مشقة الحياة وقسوة الزمن إذا هجرها زوجها وفي معيتها عدد من الأطفال وهي أيضا تدفع ثمن الحروب والنزاعات القبلية فتصبح أداة في الحروب يتم اغتصابها وعليها أن تصمت تجنبا للعار والفتن، والأمهات في ظل تلك الأوضاع الهشة مضطرات أن يقبلن فكرة زواج بناتهن في سن مبكرة فيتركن التعليم لحياة هن غير مهيئات لها خشية إملاق وعار، حتى من استطعن أن ينلن حظا من التعليم منهن لا زلن أسيرات قوانين اجتماعية وثقافية تتقزم أمامها أي رؤية حقيقية للتغييرالإيجابي في حياة النساء .
لكل ذلك أصبح للاحتفال ب ال16 يوم للعنف ضد المرأة معنى لدى الكثير من النساء وليس ترفا كما يظن البعض وعلى المجتمع أن يصغي إليهن، وأن لا يتم التعامل مع قضايا النساء بردود الأفعال في حالة استثنائية فقط
في ذكرى هذا اليوم يجب أن نذكر أوضاع الصحفيات في السودان في بلادنا فقد عانين الكثير في ظل النظام البائد واجهن التشريد والتنميط لأدوراهن داخل وخارج الموؤسسات الصحفية، قد تكون أوضاع الصحافة والصحفيين في السودان هي الأكثر سوءا مقارنة برصفائهم على مستوى العالم العربي والإفريقي من بيئة عمل رديئة وأجور ضعيفة وغياب قوانين تحمي الصحفيين والصحافة وفي ظل رقابة على حرية التعبير ومنع لتكوين أجسام حقيقية تدافع عنهم وتضع قوانين ولوائح تحمي حقوقهم في ظل ذلك الغياب والتغييب لم يكن بإمكانهم أن يتعرفوا على نقابة حرة مستقلة .
ولكن رغم ذلك تظل أوضاع الصحفيات هي الأسوا حيث يعانين من ضعف الأجور مقارنة بزملائهن الرجال، وقلة فرص التدريب التي كانت سترفع من أدائهن وتساهم في تطوير عملهن مما يحسن أوضاعهن الاقتصادية حيث أن هنالك شريحة عريضة من الصحفيات يعملن الآن خارج المؤسسات الصحفية ليحسن من دخلهن والبعض منهن أيضا كن الأكثر عرضة للتشريد عند إغلاق الصحف أو تخفيض عدد الصحفيين فيها حيث يكون الصحفي الرجل الأوفر حظا عندما يخضع الأمر للمفاضلة، ففي ظل كوفيد على سبيل المثال 19 كانت لهن معاناة أشد قسوة حيث الإغلاق أدى إلى وقف أجور الكثيرات فأصبحن في أوضاع اقتصادية حرجة وكانت فرصهن هي الأقل حظا في الاستمرار في العمل مقارنة بالصحفيين الشباب حيث اضطرت الكثيرات إلى السفر إلى أسرهن في الولايات الأمر الذي قلل من فرصهن في العمل عبر الإنترنت لارتفاع أسعاره من جهة ولضعف خدمات الإنترنت بالولايات .
أما اللواتي لازلن يواصلن العمل يعملن في بيئة غير سليمة حيث لا تتوفر الحمامات والاستراحات حيث لاتراعي المؤسسات الإعلامية والصحفية النوع الاجتماعي وتتعامل كأن العاملين بها كلهم من الرجال، في ظل غياب تام للوائح الإدراية التي توفر لهن الحماية من العنف حيث تتعرض بعض الصحفيات للمضايقات والتحرش الجنسي والابتزاز سواء كان ذلك داخل المؤسسة أو خلال عملهن الميداني فتضطر البعض أن يصمتن خوفا من الوصمة، والبعض الآخر ترك العمل وفضلن البقاء في المنزل أو امتهان مهنة أخرى غير تخصصهن.
إن الغرض من الحديث هنا ليس الإدانة أو الشجب بل رفع الوعي والعمل على خلق بيئة عمل للصحفيات لخلق جو صحي للعمل ولا ينبغي النظر إلى ذلك الموضوع كأنه نوع من الترف في ظل الظروف التي نعيشها بل ذلك حق أصيل يجب علينا أن نقف معه لأن العمل على خلق مجتمع سليم يبدأ من إصحاح بيئته وتقويم سلوك أهله نتوقف عن النظر لما يطرح من هذا النوع من الموضوعات بحساسية أو بشيطنة الأشياء لأن ذلك يجعلنا نقف في مكاننا وفيه مصلحة لمن يريدون أن يستمر الحال على ماهو عليه ويقاومون التغيير لأنهم تعودوا على حال فيه مصلحة شخصية لأفراد وليس لكل الناس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى