الرأي

فى قضية الشهيد ابراهيم: من يصدر التعليمات؟

رؤى مغايرة

صباح محمد آدم
وجهت النيابة العامة فى 15 مارس2023، الاتهام تحت المادة 130 من القانون الجنائي (القتل العمد)، في بلاغ الشهيد إبراهيم مجذوب، للمتهم الملازم أول شرطة، وتم اخطاره بقرار توجيه الاتهام.
وأشار مصدر “لسونا” إن التحريات شملت كل القادة في رئاسة شرطة محلية شرق النيل، فضلا عن القادة الميدانيين للاستيثاق ما اذا كان هناك تعليمات او اوامر قد صدرت باستخدام السلاح الناري، وقد تبينت النيابة بعد الوفاء بالتحقيقات والتحريات اللازمة عدم صدور اوامر او تعليمات بالتسليح بالسلاح الناري او حمل سلاح ناري، ولا اوامر او تعليمات صدرت بإطلاق النار على المتظاهرين في يوم الحادث او موقعه، وهو ما اكده المتهم نفسه عند مباشرة التحقيقات معه.. (انتهى).
جاء ذلك فى يوميات التحرى التى وجه بعدها بتقديم المتهم للمحاكمة. اذاً، فقد برأت التحريات قيادات الشرطة من المسوؤلية تماما، واطمأنوا لاعتراف المتهم بارتكاب جريمته الشنعاء التى شهدها كل العالم، لنعرف مدى القسوة والحقد الذي يتعامل به بعض افراد الشرطة مع المتظاهريين السلميين.
ماهذا الذى يحدث؟ هل اصبحت البلد محكومة بأشباح؟ فهذه ليست المرة الاولى التى يوجه فيها عسكري او شرطي سلاحاً ويردي أحداً او عدداً من المتظاهرين السلميين قتلا بالرصاص وثقتها كاميرات بعض الصحفيين والناشطين، وهى لن تكون المرة الاخيرة التى يسجل فيها اعتراف لشرطي او رجل أمن بأنه وحده من قام بالفعل، وهو وحده الذى عمر بندقيته وصوبها على رأس الفتى الذى لم يتجاوز عمره 16 عاما فأرداه قتيلاً دون أي تعليمات مبرئاً قيادته من المسوؤلية، اى انه قرر (ان يشيل الشيلة وحده)، أشك فى ان يدخل مثل هذا الكلام عقل أي شخص مهما بلغت درجة سذاجته، المعروف أن الشرطة جهاز متكامل يعمل افراده تحت إمرة قادتهم ويتحركون وفقا لاوامر وتعليمات، وأي سلواك يتجاوز ذلك، له ثوابه وعقابه، هذا ما تعلموه فى مدارس الشرطة. لذا فإن ما ذكر فى مضابط التحري أمر مخجل للغاية وكذب يشعر المرء بالتقزز والقرف، وهو في نفس الوقت لو صح ذلك! أمر يفزع ويخيف أي مواطن سوداني أن يتصرف رجال الشرطة على هواهم او وفقاً لتقديرهم الشخصي، اذ ماذا يفعل مواطن اعزل ازاء رجل شرطة متنمر (قاتل) يصوب سلاحه اليه حتى لو كان ذلك بغرض التخويف او التهديد فى الشارع العام، ونتساءل، ماذا يفعل امثال هؤلاء داخل دور الشرطة المحصنة، بالمواطنين العزل الذين يقعون فى قبضتهم؟ اذا كانوا فى الشارع امام اعين الناس نهارا جهارا يفعل احدهم ما يفعله من قتل أو بقصد تسبيب اعاقة لمتظاهرين سلميين.
ما نستطيع ان نقوله هنا، إن الحصانات للقوات النظامية هى التى تجعلهم يقومون بما يقومون به من افعال تقشعر لها الابدان، لم يكن ليفعلوا ذلك دونها، لو علموا انهم سيواجهون العقوبة (كبيرهم قبل صغيرهم)، وان القانون لن يمكنهم من الافلات من العقاب. فالعساكر الذين يتصدون للثوار ينفذون تعليمات الجهات العليا ولارضائها يغالون فى اراقة الدماء، وبعد ان يصبحوا جناة تتهرب منهم تلك الجهات حتى لو انهم حصلوا منها على (ضمانات شفهية) لتسجيل اعترافات تبرئ القيادة مثل تلك التى سجلها هذا الشرطي الذى ستلاحقه اللعنات والعقاب، ولو تمكن من الهرب الى حين.
من أجل كل هذا النفوذ والسلطة الغاشمة التى يملكونها وتمكنهم من البطش والفساد. لن يقبل الانقلابيون بقيام دولة مدنية ترسي قيم العدالة والمحاسبية. كيف ذلك وقد ظلوا لأكثر من ثلاثين عاما يحاسبون الناس وهم فى منأى عن الحساب والعقاب.
(هنا استعير عبارة زميلي الصحفى المهموم بالوطن مرتضى الغالي..
# الله لاكسبكم..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى