على الشارع.. إعداد- زهرة عكاشة

“شغف الصورة” إبداع ورثهُ من الجذور فجسَّدهُ على اللوحات وورق الصور
الخرطوم – زهرة عكاشة
هو الإبداع اللا متناهي.. يلتقط الحياة ويصوغها صوراً تعبر عن واقع الناس، ويفصل وجوهاً يملأها الأمل والغد المشرق بلا انكسار، في يده يحمل عشقه المكنون، يوثق للأماكن والشخوص، ملأ السحات العالمية بالتصاوير السودانية، فكانت لوحات شرفت السودان والسودانيين.
مبارك محمد عبد الرحمن الشهير بـ”مبارك حتة” نشأ وترعرع في حي القوز بالخرطوم، تعود جذور والديه إلى جبل أولياء بمحلية الخرطوم، أنهى كل مراحله الدراسية بالقوز، وبعدها انضم لطلاب الفنون الجميلة والتطبيقية بجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا.
انطلاقة أولى
كانت بداياته في التصوير الفوتوغرافي في العام “2011”، لكنه كان شغفاً داخله لم يبرز للسطح إلا بعد امتلاكه كاميرا هواءك، ومنها كانت الانطلاقة الصحيحة.
تشجيع
والديه عليهم رحمة الله كانوا دافعه وسنده نحو الفنون بشكل عام، لكن والدته بالخصوص كانت القائدة فقد تأثر برسوماتها فهي فنانة تشكيلية بالفطرة مغرمة برسم الطبيعة وتجسيدها على الأرض والورق، بجانب اهتمامها برسم للطيور، وهو يقوم بتقليدها، أما والده فتعلم منه تكوين الكادر في عمل البروايز.
وفي كلية الفنون الجميلة أهداه صديقه وزميله علاء الدين شميم كاميرا سوني ديجتل، كانت أول كاميرا حصل عليها.
إثبات وجود
بالنسبة لـ”مبارك” المثابرة ووضع الهدف أمامه هو ما يحفزه على المضي نحو الهدف بقوة، ويرى أن الفنان في أي ضرب من ضروب الفن لا يتنافس مع أحد من أجل إثبات قدراته بقدر ما هو في حالة عصف ذهني من أجل التميز والتفرد عن الآخرين.
مستلزمات العمل
بالتأكيد المصور الفوتوغرافي يحتاج الى ما يعينه على أداء واجبه نحو الصورة بشكل احترافي ليخرج العمل مكتمل الأركان وجيد الصنع؛ لذلك نجد المصور دوماً في حالة تطور حيث ينصب تفكيره دائماً في مواكبة أدوات التصوير من عدسات ومرفقات أخرى، بحسب مبارك، ويشير إلى أن بعضهم يقف عاجزاً امام أرتفاع أسعار الأدوات وتصبح حائلاً بينه وبين ما يرغب في اقتنائه.
حب التصوير
يقول مبارك إن الفوتوغرافي بشكل عام يجيد عمله سواء كان هاوياً او محترفاً، لكن في الوقت ذاته عليه الإلمام بمحاور التصوير المختلفة لتوافرها على الطبيعة، وتابع: “عن نفسي بجانب تصوير الطبيعة أهوى تصوير البورتري، أو ما يعرف بتصوير الشخوص، لكنني لا أميل لتصوير المشاهير فأنا مصور رسالي أهتم بتصوير الطبيعة وأوجه السياحة والعادات والفنون الشعبية والآثار وغيرها من حراك الحياة، وهو شغف تختلف أدوات تصويره ما بين مصور وآخر بجانب تباين المهارة والإتقان”.
توقيت التصوير
يسعد مبارك بتصوير غروب الشمس وينتظر تلك اللحظة بفارغ الصبر لتصويره وانعكاس الأشعة الذهبية عليه، وهو ما يعرف بتصوير “السلويت” وتعني الغروب.
أجمل صورة
يقول مبارك الصورة الأجمل في حياة المصور لم تأت بعد، واستدرك قائلا: “وهذا لا يعني أنه ليس هناك صور جمالية يعتز بها المصور، فلازالت صورة الوان الطيف من داخل حديقة البلدية بمدينة سنتكلاس في بلجيكا عالقة بذهني”.
الصورة بوابة السياحة
يعمل “حتة” دوماً على تخطي الصورة السودانية مرحلة المحلية إلى العالمية عبر المشاركات الخارجية، لافتاً إلى أن أنها دائماً تعبر عن السودان الشاسع المتسع الغني بالتدفق البصري من العادات والتقاليد والفنون الشعبية والفلكلور المميز، وغيرها من المحاور البصرية الجاذبة باعتبار أن السودان بلد قارة.
المهارة الإبداعية
كل فنان له طريقة خاصة به في توصيل عمله الإبداعي للمتلقي، وهذه مهارة تختلف من شخص إلى آخر، ودوماً ما يسعى المصور الى تطوير أدواته من أجل إبراز عمل جيد، ويضيف: “هذا شغفي من أجل تقديم مادة ترضي طموح نفسي والآخرين”.
العرض والطلب
هنا يوضح مبارك أن الصورة فعل جميل يوثق لحراك الحياة بشكل عام، والصورة كثقافة تحتفي بها الشعوب ولها حركة وطلب في الشراء والبيع، لكن في السودان لم يعهد الناس عملية شراء الصور وعملية البيع والتداول، ويمضي موضحا: بل إن البعض يستنكر بيع الصورة ويستسهل الفعل، وذلك لعدم المام البعض بأهمية الصورة.
عمل آخر
عمل في صحيفة الرأي العام في قسم المنوعات، وفي الوقت ذاته لم يعمل مصوراً صحفياً فقط، وقال: “أكرس كل جهدي من أجل البحث عن ما وراء الصورة باعتبارها لغة صامتة يستنطق فعلها المتلقي، لذلك هي عملي لا بديل لها سوى الطواف حولها كلغة إعلامية تدخل في كثير من الجوانب، وبجانب ذلك متعاون مع عدد من الجامعات في مجال الرؤية البصرية، وأعمل الآن على إصدار كتب في مجال الرسم بالضوء”.
مشاركات
شارك في عدد من المعارض الداخلية والخارجية في مجال الرسم بالضوء، وقد مثل السودان في المهرجان العالمي العاشر للصورة بالمملكة الأردنية الهاشمية في صالة “قصر العين” بعمان الكبرى رفقة زميله المصور العالمي قاسم حسن ناصر، كذلك شارك بمسابقة اتحاد المصورين العرب بدولة الإمارات العربية المتحدة وهناك آخر بالعراق ولبنان.
إضافة لتمثيله السودان في معارض أوربية منها مشاركته في معرض مدينة “لوكرن” ببلجيكا بتنسيق مع مراسل السودان الأستاذ الصادق البديري ومحمد خلف الله، رفقة المصورين سلمان محمد الحسن وناجي المك، وكان عنوان المعرض “السودان بوابة الشعوب العربية والأفريقية”، بجانب معارض أخرى مشتركة في مدينة لاهاي بهولندا وبرلين والمانيا، فضلاً عن زيارة ورحلة تصوير لفرنسا، وأقام معرضاً في بروكسيل موضوعه االمرأة العاملة لكنه لم يحضره.
جوائز وألقاب
حاز على عدد من الجوائز في مجال الفوتوغراف عبر مشاركات كثيرة، وصنفه اتحاد المصورين العرب الأفضل من بين “31” مصوراً عربياً في العام “2013”م، ورأس لجنة تحكيم المسابقات في مهرجان الإبداع الشبابي الأول والثاني الذي نظمته وزارة الشباب والرياضة، حصل كذلك على صفة المصور العالمي بشكل رسمي من الاتحاد الدولي لفن الفوتوغراف ومقره برلين بالمانيا، ويحمل بطاقة العضوية، وهي صفة تمنح من الاتحاد الدولي، أحد مؤسسي نادي الخرطوم للتصوير الضوئي.
المشاكل
حصر مبارك المشاكل التي تواجه المصورين، وقال: “عدم الفهم والإدراك لأهمية الصورة أكثر ما يعيق عمل المصور، بالإضافة إلى تطفل البعض في عمل المصور وما يسببه من إزعاج الآخرين وما يشغله عن الفكر الإبداعي، مع عدم استيعاب الكثيرين لما تقوم به الصورة في الحياة العامة”.
رؤية مستقبلية
يرجو مبارك أن تكون هناك كلية خاصة بالتصوير وما يتعلق بها من مجالات لها ارتباط وثيق بها، ويؤكد أن مستقبل الصورة في السودان مشرق باعتبار أن السودان بلد يمثل قارة به تنوع وتدفق بصري مدهش.
**
المناطق الأثرية بقرية “قبة سليم” شمال السودان تحتاج لموقف حاسم من الحكومة
“عبث وفوضى”
الخرطوم – الديمقرتطي
تظل مشاكل التعدين الأهلي من المشكلات الأهم لسكان الولاية الشمالية، وقرية “قبة سليم” التي تقع في منطقة السكود ريفي عبري، تطالها انتهاكات المعدنيين العشوائين لهثاً وراء الغنى السريع، ضاربين بمصلحة المنطقة وأهالها عرض الحائط.
وبالرغم من أن الدراسات والتجربة الحية أثبتت الأضرار الصحية جراء هذه الفعلة إلا أن هناك من يصر على التنقيب وإخراج الآثار من باطن أرضها الغنية بإرث الأجداد.
قرار وزاري
التنقيب في القرية منع بقرار من وزارة المعادن والمجلس الوطني فالمنطقة أثرية، حيث نجد موقع “صدنقا” شرق الزلط، وهذا يفتح الشهية للمحاولات الدائمة في البحث عن الذهب، وما يستدعي الغبطة أنهم يستخدمون أبناء المنطقة في مساعدتهم، وهذا بالطبع لن تجني المنطقة منه سوى مزيد من الاحتكاكات الأهلية التي تقود إلى مشكلات كبيرة لن تحمد عقباها إذا لم تحسم بقرار من الجهات الرسمية.
وفاطمة عثمان التي لم تتوانَ يوماً في منع كل المعتدين على القرية رفقة مجموعة مقدرة من الأهالي تقول: “التعدين العشوائي في قبة سليم ومعاناة أهلها من آثارها السالبة، بدأت في نوفمبر العام “2011” وفي زيارة خاطفة لقريتنا قبة سليم لاحظت وجود سياج بالزنك الأمريكي على بعد أمتار من الحي السكني وعلى مداخل المنطقة الأثرية (صادنقا)، فذهبت أستفسر الأمر وإذا بي أفاجأ بأن أشخاصاً يبحثون عن المعدن النفيس تحت مسمى نحن “الحكومة”.
رعب للسكان
ولم يكتفوا بذلك وإذا برجل الأمن يستنكر مجيئي إلى هذه المنطقة، فقلت له إنني هنا في قريتي، ومن حقي أسأل عنما يجري هنا، وكانوا قد أرعبوا البسطاء من السكان بالأمن وبأنهم الحكومة”، وتابعت: لذلك لم يتجرأ أحد بالحديث معهم أو مطالبتهم بحق القرية.
واضافت: “نحن نحمل مسؤولية التعدي والدمار الذي لحق بالقرية الأثرية إلى مدير الآثار الذي كان عليه حماية القرية فتلك الآثار ملك أمة وليس السودان وحده، ومن هنا كانت نقطة الانطلاق وتكوين لجنة مناهضة التعدين العشوائي، وفي صيف “2016” قام أهل القرية بوقفة احتجاجية في الموقف ذاته وكل المحاولات في الوحدة الإدارية في عبري لم تنجح فذهبنا للخرطوم لوزير المعادن السيد كاروري الذي أصدر قراراً بأن هذه المنطقة أي قبة سليم ليست مصنفة كأرض يمارس فيها التعدين، وهذا القرار حجب في الولاية الشمالية ولم يخرج إلى النور”.
عبث وفوضى
لم تيأس فاطمة ورفاقها من أهل القرية بما يحدث من تواطؤ مدمر، وتقول: “ذهبنا الى المجلس الوطني وتحركت معنا الدكتورة حياة الماحي مسؤولة الطاقة والتعدين للقرية، ووقفت بنفسها على ما يحدث من عبث وفوضى”، وتابعت: “رغم كل ذلك مازال التعدي والتدمير مستمراً؛ لتواطوء بعض موظفي الدولة مع المعدنين، وكل شهرين نحن في قسم الشرطة لإخراج هذا والقبض على ذاك”. ولفتت إلى أن المستثمرين يعملون ولم نسكت، وكلفنا محامياً لرفع دعوى قضائية ضدهم، ذهبت قوة من العاسكر لإيقافهم إلى حين تحريك القضية.
وتشير فاطمة إلى أن سلطة الدولة في تلك المناطق النائية ضعيفة، ويطالبون بإنشاء وحدة إدارية لقرى غرب السكود نسبة لصعوبة عبور النيل والذهاب الى عبري، حيث الوحدة الإدارية.
ايقاف العمل
محمد احمد عبد المحيد المحامي يقول: “تم استدعاء وزيري المالية والهيئة العامة للاثار والاستاذ خالد موسى المسؤول من الطاقة والتعدين انذاك ورئيس اللجان التي كونت من قبل الوالي في “2016” بالاضافة الى مدير الشركة السودانية للموارد المعدنية، واقروا فعلا بالتنقيب في هذا الموقع واستخرج منه ذهب واودعت وزارة المالية المبالغ المالية ببنك النيلين”.
وتابع: لكن عدم وجود وكيل النيابة المختص لم نتمكن من معرفة ان المبالغ المتحصلة دخلت فعلا حساب وزارة المالية ام لا، وننتظر عودته لمخاطبة بنك النيلين. وقال: “وفقا للمستندات التي يحملها المستدعون تم ادانة وزارة المالية والمستثمر، وتم اصدار امر بايقاف العمل في منطقة قبة سليم