الرأي

على إسرائيل -الإمارات- مصر- السُعودية الإختيار

نضال عبدالوهاب
ليس خافياً الدور السلبي الكبير الذي لعبته وماتزال، دول الثورة المُضادة في السُودان..
الإمارات والسُعودية ومصر وإسرائيل، تقوم بدور عدائي تجاه المشروع المدني الديمُقراطي في السُودان… وحاولت وأد وإجهاض الثورة في السُودان لصالح الحُكم العسكري وسيطرتهم ولصالح عدم التحول المدني الديمُقراطي ولصالح الفوضي وعدم الإستقرار في السُودان… فأيٌّ من هذه الدول يرى مصلحته في الوقوف ضد الإنتقال المدني وضد الحُكم الديمُقراطي وضد عدم تحقق أهداف الثورة السُودانية… فقد دعموا العسكر والإنقلاب في السُودان وإستماتوا في إجهاض الثورة السُودانية…
الإمارات ومصر والسُعودية يخشون من الديمُقراطية وبينهم كحكومات وحُكام ومابينها جدار عالي من الرفض لأنهم يُريدون حُكم بلادهم وشعوبهم وفق أنظمة الإستبداد والسُلطة القابضة المُتحكمة التي لا تتغير ولا تتبدل وتظل إما متوارثة وإما ماكثة مدى الحياة..
أما إسرائيل فترى في العسكر بوابتهم للتطبيع، وفي مقدرتها جعلهم يحققون مصالحها في المنطقة ويصبحون أنظمة تحت مشروعهم الكبير في الشرق الأوسط ولا تثق في المدنيين ولا في الديمُقراطيات خارج حدودها في الشرق الأوسط وأفريقيا… وكذلك لعل العامل المُشترك في تأييد هذه الدول الأربع للعسكر والإنقلابيين والمليشيات في السُودان هو الجانب الإقتصادي وتعاون الأنظمة المُستبدة والعسكرية على نهب ثروات السُودان لصالح قوى الثورة المُضادة هذه…
هشاشة الدولة السُودانية وضعفها المُستمر يُتيح فرصاً عظيمة لدول الثورة المُضادة هذه في السيطرة عليها وعلى مواردها وعلى القرار فيها أو على أقلّ تقدير التأثير الكبير والتبعية لها…
لكن ومع هذا، فهنالك خطر كبير وحقيقي ومُهدد مُباشر يأتي ضد دول الثورة المُضادة هذه نفسها ويتمثل في المشروع التخريبي الإسلامي الأصولي الإرهابي والذي تُمثله بقايا وعناصر الإسلاميين والإخوان في السُودان “الكيزان” وتقف من وراءه وبشكل مُباشر ايران… وايران هي العدو الأساسي والخطر الحقيقي ضد الثورة المُضادة خاصة لإسرائيل والإمارات والسُعودية، بينما يشكل الاسلاميون في السُودان إمتداداً وحليفاً لإخوان مصر، وكلاهما مصدر رئيسي ومُباشر للإرهاب والتطرف والذي عانت منه مصر حكومة وشعباً طويلاً، وسدد ضد الدولة المصرية الكثير من الضربات وزعزعة الإستقرار والخسائر الإقتصادية والسياسية..
ما تقوم به هذه الدول الأربعة في السُودان وسياستها فيه ومحاولتها التأثير السلبي على التحول الديمُقراطي فيه ظناً في أنه ضد مصالحها، يفتح في ذات الوقت الباب مُشرعاً ومنفتحاً على مصراعيه لدخول المشروع الأصولي الإرهابي الإيراني الذي ومن خلال تحالفاته في المنطقة مع الروس والصين وفي وجود الإمتداد الشيعي والإخوان الإسلاميين ومع نفوذها العسكري والإقتصادي ومطامعها التوسعية، فهي قادرة على أن تمثل مُهددا حقيقيا ودائما لأمن ومُستقبل هذه الدول وأنظمتها وإستقرارها…
تركيز دول الثورة المُضادة الأربعة على قتل المشروع المدني الديمُقراطي عبر تقوية العسكر في الجيش والمليشيات “الدّعم السريع” وسيطرتهم ووجودهم في السُلطة أو إستخدامهم كأدوات ضد الثورة السُودانية يُعيد رتق وبناء المشروع المُقابل في السُودان ويُعيد الإسلاميين والإخوان “الكيزان” للسُلطة أو عبر مشروعهم التخريبي الأصولي الموالي لإيران للواجهة والسيطرة من جديد… وبالتالي تقوية للمد الإيراني عبر أكبر دولة في المنطقة وذات موقع حساس يُمكن له من التحول لخطر حقيقي في شبكة التحالف مع الروس والصينيين أو حتى الأتراك…
فبنية الدولة السُودانية ما بعد فترة الحُكم الطويلة للإسلاميين جعلتهم أي الإسلاميين الأصوليين وبما لديهم من نفوذ داخل مفاصلها مايزال اضافة للمال والسلاح والتمكين أن يكونوا في إتجاه العداء الحقيقي لمستقبل وأمن دول الثورة المُضادة وحكوماتها وأنظمتها… أما الذهاب لسيناريو الفوضى والذي أيضاً تدعمه الثورة المضادة أيضاً ودولها الأربعة في السُودان، فسيكون كذلك هو البئية المُناسبة للإخوان والإسلاميين الإصوليين في نشر التطرف والإرهاب وتصدير الثورات المُسلحة لتلك الدول، ويمكن أن تضاف إليهم عناصر لم تكن تنتمي لهم ولكن بفعل الغُبن ضد أنظمة الثورة المُضادة سيتم إنتشار الأرهاب وتصديره لها في ظل الحدود الطويلة والمفتوحة هذه ومن عدة جبهات في موقع بمثل موقع السُودان وحدوده، وأول المتضررين مصر ثم إسرائيل ومع وجود إيران في الخلف لن تكون الإمارات والسعودية بمأمن…
إذاً الخلاصة الخطر الحقيقي على إسرائيل والإمارات ومصر والسُعودية هو ليس المدنية ولا الديمُقراطية في السُودان ولا المشروع الثوري فيه ولكنه يتمثل في الإسلاميين ومشروعهم التخريبي وحليفتهم إيران…
من الأفضل لهذه الدول رفع يدها عن دعم العسكر الذين يمثلون الذراع العسكري للكيزان أنفسهم والإسلاميين وكذلك للروس وأيران، إذا أضفنا لهم مليشيا الجنجويد…
ومن الأفضل لها دعم التحول الديمُقراطي الحقيقي لأنه سيمثل الخلاص من بذور الإسلاميين السامة ومشروعهم التخريبي الأصولي الإرهابي الإيراني في كامل المنطقة وليس السُودان وحسب… تحول السُودان إلى الديمُقراطية سيوقف زحف المشروع الإيراني وحليفتها روسيا في حدود خارج الدولة السُودانية وموقعها المُطل على البحر الأحمر… وسيفتح المجال لشراكات إقتصادية وحُسن جوار… وتعاون رسمي وشعبي… أما محاولات السيطرة ولعب دور الثورة المُضادة في واقع السُودان الحالي سيكون وبالاً على هذه الدول الأربع، مصر والإمارات والسُعودية وإسرائيل، إن لم يكن الآن ففي المستقبل القريب…
إذاً فعليها الإختيار ما بين المشروع التخريبي الأصولي الإرهابي المُتحالف مع إيران وبزعامتها وخطره الحقيقي عليها، وما بين مشروع التحول المدني الديمُقراطي الحقيقي في السُودان، والكف عن دعم العسكر بزعم الخوف من الديمُقراطية والثورة، مع إنهما في الحقيقة تُمثلان مصدر أمن لهم وتعاون مُثمر وإطمئنان وهدوء وسلام، وأيضاً في إضعاف السُودان أو مُحاولة صُنع أنظمة تابعة عسكرية أو “هجين” على حساب حكومة مدنية ديمُقراطية راشدة ومستقلة ليس في مصلحتهم في ظل الواقع الحالي وموازين الصراع…
على أنظمة هذه الدول التفكير في ما كتبناه إليهم والتعامل معه بالتعقل وليس التجاهل وليس بروح العداء والتربص كذلك، فالعدو الحقيقي هو الإسلام السياسي والمشروع التخريبي الأصولي الإرهابي الذي يحمله هذا الفكر وعناصره…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى