عالم سوداني يتحسر على مجزرة الكفاءات في سودابت
بروفيسور نمر البشير: هل من المعقول فقدان هذه الكفاءات بدون مقابل؟

الخرطوم – (الديمقراطي)
تحسر بروفيسور نمر عثمان البشير، العالم السوداني البارز في مجال استخدامات الغاز الطبيعي، أمس الأربعاء على إبعاد سلطات الانقلاب لعدد (50) من الكفاءات المميزة من شركة البترول الوطنية السودانية (سودابت)، معتبراً أن فقدانهم لن يكون بدون مقابل.

وسودابت هي شركة نفط سودانية تأسست عام 1997م، مملوكة بالكامل لوزراة الطاقة والنفط.
وكانت سلطة الانقلاب قد أنهت أمس الأربعاء إجراءات استيعاب (50) خريجاً في شركة سودابت، الشركة الوطنية الوحيدة العاملة في مجال النفط، بعد تأهيلهم لمدة (18) شهراً، داخل السودان وخارجه، بعد أن أظهروا تفوقاً في الأداء، وهو قرار اعتبره ماهر أبو الجوخ، مدير الشركة السابق الذي عزله الانقلابيون قد “دمّر واحدة من أهم الإنجازات التي نفاخر بها نحن الذين تولينا المسؤولية الإدارية للشركة في أعقاب نجاح الثورة المجيدة” وفقما أوردت (الديمقراطي).
البروفيسور نمر عثمان البشير، الذي كان مستشاراً لشركة سودابت، والذي يدرس في جامعتي تكساس بأمريكا والدوحة بقطر حالياً، علق على الخبر بقوله “هذا شي مؤسف جداً وتدمير ممنهج حتى لمستقبل البلد”، قبل أن يلقي بالتساؤل: “ما هو الغرض من هذا الفعل، وما هو البديل لهؤلاء؟”
عن الكفاءات الـ(50)
وأشار البشير، في تصريح تم تداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي أمس، إلى أنه درّب واشتغل مع عدد كبير من هؤلاء الشباب خلال فترة تطوعه في دعم سودابت كمستشار للغاز الطبيعي وللوزارة، مضيفاً: “كان عندي شغل مباشر مع مجموعة صغيرة منهم داعمة لفريق الغاز الطبيعي، ودخلت في مشاريع مصغرة لبناء منظومة استخدام الغاز الطبيعي في السودان، وربطتهم مع فريقي البحثي في أمريكا وقطر، واشتغلوا في تصميم مصنع معالجة الغاز، لغاز الفولة مع سيناريوهات تغيير طبيعة الغاز مع الزمن، وعملوا دراسات مبدئية”.
وتابع: “أيضاً درّست هؤلاء الشباب كورساً مكثفاً عن الغاز الطبيعي مع واحدة من أميز العلماء السودانيين في مجال عملية تكامل وتحسين واقتصاديات الغاز، بروفيسورة فدوى الجاك (جامعة قطر)، مستخدمين مواد من بروفيسور محمد الحلوجي، زميلي في الجامعة، والمرجع العالمي في هذا المجال، وكتبه مترجمة لمعظم اللغات وتدرس في معظم جامعات العالم غرباً وشرقاً”، ذاهباً إلى أن “الشباب السودانيين في شركة سودابت قدموا أداءً ممتازاً في الكورس يفوق كثيراً ممن رأيت من طلابي في جامعة تكساس في أمريكا وقطر في نفس الكورس”. ومشيراً إلى أن هذا هو انطباع الأساتذة الآخرين بقوله “هذا أيضاً كان تعليق بروفيسور الحلوجي وفدوى الجاك، حينما راجعا تصورات المشاريع التي وضعوها في نهاية الكورس كواحدة من متطلبات النجاح فيه”.
أجندة أخرى
وذكر المستشار السابق لشركة سودابت أن الشركة ركزت على تدريبهم وتأهيلهم ووضعهم في كل الأقسام ذات الصلة بصناعة النفط والغاز، ثم علق بالقول “لا توجد مؤسسة في العالم بها ذرة كفاءة أو عقل مهني يمكن أن ترتكب مجزرة بهذا الحجم وتدمر نفسها ومستقبلها، عدا أن يكون الأشخاص الذين فعلوا هذا لا يكترثون على الإطلاق للمؤسسة، وذوي أجندة أخرى شخصية أو جهوية أو حزبية، لأن هذه المؤسسة ملك للوطن وليست ملكاً لحزب أو فئة أو انقلاب عسكري”.
وزاد: “أحد هؤلاء الشباب ساهمت شخصياً في استيعابه في شركة توتال العالمية، وهو أحد أبنائنا المميزين جداً من دارفور من معسكرات النازحين، وأسرته لا زالت هناك، وتخرج بتفوق من جامعة الخرطوم، وقدم أداءً مميزاً جداً في شركة توتال وتم اختياره ضمن الشباب القادة في مجال النفط والغاز عالمياً الذين تم تكريمهم من الرئيس التنفيذي للشركة”، ثم تساءل: “هل من المعقول فقدان هذه الكفاءات دون مقابل؟”
وكان قطاع النفط يعمل في انعدام كامل للشفافية وخاضعاً تماماً لإجراءات التمكين والتجنيب التي اتبعها النظام البائد، وقد وردت شركة سودابت ضمن الشركات التي تجنب المال العام في تقارير المراجع العام حتى آخر تقرير صدر بعد سقوط نظام عمر البشير عام 2019م، وظل النفط يقبع لفترة طويلة تحت سيطرة القياديين الإسلامويين علي عثمان محمد طه وعوض الجاز اللذان اتهما بفرض سيطرة جهوية على قطاع النفط في السودان، وهي تهم لم تثبت، بينما سعت الحكومة الانتقالية التي أعقبت سقوط البشير لإجراء إصلاحات تتناغم مع متطلبات المواطنة المتساوية، من ضمنها اختيار الـ(50) كادراً الذين تم إيقاف تعيينهم أمس.
وكانت منظمة النزاهة المالية العالمية Global Financial Integrity ذكرت في تقرير أصدرته قبل عامين، أن نظام الإنقاذ غش في فواتير النفط المصدر خلال السنوات السبع الأخيرة من عمره فأخفى سنوياً من ريع النفط مبلغاً متوسطه 249.4 مليون دولار.
واستأنف انقلاب 25 أكتوبر 2021م كثيراً من سياسات النظام البائد بعد إبطاله لإجراءات الحكومة الانتقالية، وتراجعه عن قرارات لجنة إزالة تمكين نظام الثلاثين من يوليو، ومن ثم الاستعانة المتزايدة بمنسوبي نظام البشير، الأمر الذي أثار معارضة داخلية وخارجية متزايدة. (انظر/ي الخبر: آفريكا انتلجنس: دعم خليجي لصفقة أفورقي لإبعاد الإسلامويين في السودان).
الجدير بالذكر أن بروفيسور نمر عثمان البشير عالم سوداني أستاذ الهندسة الكيميائية وبرنامج هندسة البترول في جامعة تكساس آي اند ام بقطر وأمريكا، ومدير أبحاث الغاز والوقود بالجامعة، إلى جانب مناصب أخرى، ويحمل العديد من براءات الاختراع الأمريكية والأوربية، وكاتب للعديد من المنشورات العلمية، وحاصل على عدد من الجوائز العالمية آخرها فوزه بجائزة أفضل مخترع للعام 2020م من مؤسسة قطر ضمن فعاليات تمكين الابتكار.
الموضوع جد خطير ومؤسف جدا ما أشبه الليلة بالبارحة ما يتبعه الانقلابيون من تدمير ممنهج هو نفس الطريق الذي سلكه انقلابيو 89.
إن مجزرة الكفاءات التي تمت في الشركة الوطنية الوحيدة في السودان في مجال النفط٫ غالبا فإن الثمن في تاسيس شركة خاصة تستولي على ريع النفط للمصلحة الشخصية.
شكرا بروف نمر البشير لتسليطه الضوء على هذه المجزرة الكفائية..
وجب اسقاط هذه الانقلاب في اسرع وقت
#تسقط_بس