صفحات متخصصةضحك السواد ( صفحة ساخرة )

ضحك السواد

عربات زمان…
ياسايق الفيات
طارق اللمين
ومن العربات التي عاشت وسط الشعوب ألفوها وألفتهم كانت العربة الرشيقة الأنيقة والساحرة الشعبية (فيات) وهي عربة إيطالية الصنع والابتكار نشأت في مدينة تورينو الإيطالية قبل أن تعم شهرتها العالم وكان ميلادها في العام ١٨٨٩ ميلادية أما الاسم فقد جاء اختصاراً لاسم الجهة المصنعة حيث تم أخذ حرف من كل كلمة من كلماتها وهي:
(Fabbrica Italiana Automobili Torino
ليصبح الاسم اختصارا هو (Fiat)وقد كانت للفيات سمعة جيدة فهي العربة الرياضية والشبابية الأولى وذاع انتشارها ليعم دولا أخرى فكانت ولم تزل السيارة الأشهر في مصر وسوريا ولبنان بل إنها أصبحت تصنع في مصر عقب اتفاق فيات مع شركة نصر للسيارات منذ العام ١٩٧٩ فغدت حلم الشباب وموضة السينما المصرية وعربة المشاهير حيث امتلاكها بالأقساط وفر فرصة للنجم عادل إمام وأحمد زكي ومحمود الخطيب بل كانت سيارة السينما الأولى ومعظم مشاهد المطاردات في السينما كانت من نصيب فيات.
وفي السودان انتشرت فيات مطلع الخمسينات واشتهر بها المطرب سرور الذي لقب بـ(سايق الفيات) كما غدت عربة الافندية وكبار التجار والموظفين وامتزجت مع حكاوي السودانيين في حلهم وترحالهم وأسفارهم… بقي أن تعرف أن فيات كانت سباقة في عصرها حيث سبقت الكثير من قريناتها بتصميم الماكينة التي تأخذ مكانها عرضا ذات الدفع الأمامي قبل أن يصبح ذلك التقليد موضة ميزت السيارات التي صنعت بعدها بسنوات طويلة.. لم يكن سعرها يتعدى ٤٠٠ إلى ٥٠٠ دولار أمريكي كما لم تزد سرعتها عن ٨٠ كيلو متر في عهد انتشارها مما جعلها عصية على (التفحيط) وقلة أدب السيارات الحديثة، وتهديدها للسلامة المرورية وكانت متينة الصنع تحمي ركابها وتطيع أوامرهم بكامل الرضا والأريحية.
كما كانت عنواناً للأناقة والجمال وقبلة للفنانين والساسة والشعراء ونجوم مجتمع الخرطوم.
واشتهرت أغنية سايق الفيات للشاعر إبراهيم العبادي بصوت عميد الغناء محمد أحمد سرور بكلمات موغلة في الروعة والبساطة وقد تم تأليفها أثناء مرافقة العبادي لسرور في رحلة كان يقود فيها العربة الفيات بين سنجة وسنار حيث يقول شاعرها:
ياسايق الفيات
عود بي واخد سندة
بالدرب التحت تجاه ربوع هندة
بوصيك قبل تبدا
سيرك داك طريقك صابق الربدة
منك بعيد جبدة
حي هنده المراد ميل بى ربوع عبده
اطوى الأرض واضرع
من أفكارنا سيرك يالفيات أسرع
ميل على المشرع
لا تريع القطيع بتجفل الادرع
شوف سايق الفيات الليلة كيفن هاش
والشدر الكبار بقى شوفنا ليهو طشاش
قولي دحين وين ماش
فارقت الطريق أتيامن الرماش
(تمت)

تماطيق
السخينة.. أو
قلية البصلة المسبكة بالبهار
طارق اللمين
والسخينة للناطقين بغيرها خليط ساحر لا يتأتى للراغب (بي أخوي وأخوك) لكنه لأصحاب الخبرة أمر يسير وشديد الدسامة والوسامة وطيب المذاق، يسميها بعض الأهل بـ(قلية البصلة) وفي كل خير فمِّما إذن تتكون هذه الوجبة الساحرة، وما هي الخطوات العملية للحصول عليها وفقاً لرأي المختصين والخبراء من سابكيها ومريديها.
إن أولى مقامات سيمفونية البصل المسبك بالبهار تعتمد على البصل ذات نفسه “حفظه الله وأبقاه”، ومن دراساتي وتجاربي العملية في شأن البصل توصلت لاكتشاف بأنه أصل المسبكة وجذر الطعم في أي طبخ يراد به خيراً، فالبصل ذلك الكائن الخرافي والذي ظللت أدعو لتكريمه لما ظل يبذله من خدمات جليلة، هو أصل كل حلة مرموقة الطعم، وهو لا يسأل ولا يشترط نوع الطبخ الذي سيليه في الترتيب، فهو مخلص لما خلق له يتفاعل مع الزيت بكل أريحية، ولا شأن له إن كانت الحلة التي “يجغجغ” فيها هي حلة من الدجاج أو اللحم أو الأسماك فالبصل لا يتدخل فيما لا يعنيه وهو طيب المعشر رغم أنه مثير للدموع، وقديماً قال بعض الأهل إن الحلة بصلة، ولا أزيد على ذلك فليس كل مثل آخره صحيح.
قم بغسل البصل جيداً وقطعه إلى شرائح ثم ضع قليلاً من الزيت أو السمن على حلة الأسرة العتيقة، وابدأ تقليب البصل، ولابد أن ينتابك الشعور في هذه اللحظات بأنك تعد في وجبة عظيمة كان يعشقها الأجداد وهي تمتد موغلة في العتق وفي تاريخ العالم، قم بإضافة كل بهار متاح ولا تترك التقليب ثم استمتع “بجغجغة” البصل على النار قبل أن تصب عليه الطماطم وبعض الماء والملح ثم تأمل مرة أخرى عظمة البصل وجدارته بالتكريم والاحتفاء.
نعود لأصل الحكاية فنبين أن الفرق الوحيد بين قلية البصلة والسخينة إنما يتمثل في الدكوة التي يتم خلطها بعد قلي البصل وإضافة البهارات وخليط الطماطم. أما في قلية البصل فيتم الاكتفاء بتقليب البصل المحمر على الزيت ثم تضاف له البهارات كالفلفل والكسبرة والشمار ثم خليط الطماطم مع إضافة الماء وهذه الوجبة إن عمدت إلى صبها في الفطير فإنك لا محالة من سعداء البشرية لما لها من نكهة شديدة اللذاذة أما في حالة إضافة القليل من الدكوة ثم صبها على قطع الرغيف فإنك لا محال ستحصل على فتة جهنمية تقضم كل قطعة منها بمصاحبة الشطة وأنت تتصايح ملء الفم واللسان (مدنياااااو).
اللهم احفظ البصل واجزه عنا خير الجزاء فقد استمات في إشباعنا وتفنن في تقديم أشكال من الأطعمة بل إنه يصلح وحده مع البهار لقيام حلة شديدة الدسامة ولذيذة لا يشق لها غبار، معا لتكريم البصل بقدر ما قدم للبشرية فهو لم يستبق شيئا بل هو جدير بالتكريم والاحتفاء بل إني أعتبره (بصل) العالم دون منازع.
///////////
كيكيات
عبدالكريم الامين..
أركلوجيا الدالي والقراي..
الدالي والقراي..القراي والدالي وأركلوجيا احنا الجيل الما محظوظ.!
ولجنا الى أبواب جامعة الخرطوم عقب انتفاضة إبريل من عرابينها الدينيين حتى اللحظات قبل الأخيرة إلا نيف وانقلابهم على نميري أو انقلاب نميري عليهم.
وإن كنا في الجانب الآخر دخلنا والبلد فاتح أبوابه على ديمقراطية سرقت فيما بعد؛ إلا أنها فترة ولعت الوطن بأشواق الحرية والإبداع والندوات والصراع الفكري والسياسي وأشواق الديمقراطية في السودان وأناشيد “سدنة ديل ما تصوتو ليهم في الفساد مافيش مثيلهم” وردي يدندن “يا شعبا لهبا ثوريتك..!!”.
ولكن رغم كل ذلك الزخم كانت الجامعة في مناحي الصراع الفكري تعطيك إحساساً وكأنها (داخلة بيت الحبس).. فالطاغية في أواخر أيام حكمه الفاسد كان قد أعدم الشهيد الأستاذ محمود محمد طه..الذي كان تلاميذه هم نجوم النقاش والجدل وسطوة المنطق في سماء الجامعة عبر الأركان والندوات التي لم تمكننا الأقدار من حضورها أو الاستمتاع بسطوة التمرد الأكاديمي ودك محاضرة محاضرتين والجلوس في أركان النقاش للدالي او القراي والتي نقلت عبر المشافهة مع الجيل الأقدم في الجامعة بأنها كانت مدرسة في فنون الحوار والجدل الفكري الرفيع المسالم مع كل الكيانات والمدارس الفكرية المختلفة في السودان. وقضايا كثيرة وعديدة وشائكة تمت مناقشتها والجدل الخلاق الملهم. حولها..ولولا أيادي البطش وقهر الأنظمة السودانية اللعينة كان سيكون الصراع الفكري والحوار في السودان قد ارتقى وارتفع الى مستويات رفيعة محروسة بحرية الفكر والاعتقاد ولكن تأتي سفن الطواغيت بما لا تشتهي سفن تطوير الشعوب.
دالي لاحقا وعقب سنين طويلة حضرت له ندوة مع أحد الكيزان في أمريكا فبدا الرجل عميقاً بارعاً في الحوار والجدل بقدر ما أفرحني جندلته ومنطقته للكوز في تلك الندوة إلا أن الحسرة ملأت القلب كوني ما احضرو في الجامعة (وأدك عشرمية لكشر) مخصوص.
القراي أتي إلينا ومتعنا في الاتجاه المعاكس ووضب وردم الكوز الهالك ربيع عبد العاطي ولقنه درسا في فنون الحوار الملهم الممنطق..
هي حسرة على انقطاع الحركة الفكرية في السودان..وهي أيضا فرحة لعودة سيرة شهيد الفكر السوداني الى الأضواء في أزمنة الوعي والحريات ولعل الرب أراد للسودان خيراً في حرية أفكار عياله وحتى الشهداء منهم.
والمجد لروح الأستاذ محمود ولعبد الخالق المحجوب ولقرنق في الخالدين فلقد كانوا أحراراً وقادة فكر وأيقونات ستظل ترفرف في الوطن تمنح شعبه الشموع في دروب دقون رهط عبدالحي ومن شايعه من لصوص الديانات…وذلك الإمام الباكي الذي لم نسمع بالبكاء والعويل في بكائيته التي أتت بعد نهر من الدم السوداني..
وهاهو القراي استقال وأعطانا فرصة للتأمل في ثورتنا التي ظلت دوما تمنحنا نصف ابتسامة او ابتسامة خالي كلتش.

الأنف والأذن والحنجرة
أعترض على هذا التقسيم الجزافي
طارق اللمين?️
لا أعرف بالضبط معنى كلمة جزافي وأين نشأت.. لكنها على أي حال كلمة موقرة عندي تملأ الخشم وتخيف السابلة والمتنطعين ولها وقع وجرس تهتز له جنبات المحاكم ودور العبادة لذا لن أبحث في معناها وسأكتفى بسمعتها وصوتها المجلجل وكفى.
إن اعتراضي على الربط المستمر بين كلمات الأنف والأذن والحنجرة لا يقف دون دليل بل إن إصرار الناس على هكذا ربط بوهيمي أراه مدخلا للفساد وتداخل السلطات وهدر الموارد… ذلك يشبه عندي أن نقول مثلا: إدارة المخازن والمهمات والنقل الميكانيكي فانظر ياهداك الله فيما يمكن أن يسببه هكذا تقسيم قسري من فساد سلطوي ومالي وإداري تختلط فيه حابل المخازن بنابل المهمات ونابل النقل الميكانيكي بعجلات حديده وزيوت مصفاه المرتجعة وبستم عرباته التي لا يحين أوان جردها إلا بعد قيام الثورات.
كما أن تجارب مماثلة لمدمجات مشابهة شكلت فشلاً ذريعاً يجري احتواءه فانظر يارعاك الله لِما يسمى بهيئة الإذاعة والتلفزيون والسعي الذي يجري الآن لتفكيك هذه البدعة التي أثبتت فشلها ليذهب كل الى حال سبيله، عليه فمن الأفضل أن يمنح الأنف استقلالا كاملا يستحقه كما ينشأ للأذن كيان منفصل، أما الحنجرة فلا أرى سبباً لدمجها مع الأنف الذي يحشر نفسه في كل شيء وليس له من مهمة خلق لها سوى الشمشمة والشمارات وهي أمور لا يحمد عقباها على أي حال.
قد يقول قائل لم هذا الموضوع وماهي علاقة كاتب هذه الخزعبلات بالطب حتى يتصدى لهكذا موضوع. أما أنا فأرد على هؤلاء القوم بمايلي:
صحيح أنني لست من الأطباء ولا شك في ذلك، لكن ذلك لا يمنع أن لي أنفاً وأذناً كما أن لي حنجرة “ملك حر” والحمد لله ولدي على ذلك شهود ومستندات وشهادات بحث مما بجعلني بلا شك من أصحاب المصلحة ممن يجوز لهم التصدى لهكذا قضايا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى