صفحات متخصصة

صفحة عين .. أعداد سلمى سلامة

تحولت رحلاته لأعمال الإغاثة فقط

وابورات الميناء النهري.. المحطة الأخيرة
النيل الأبيض: سلمى سلامة
والنيل يلاطف بأمواجه الناعمة (الصنادل) التي ترسو على الميناء النهري بمدينة كوستي دون أن يحرك ساكنها في ذلك الهدوء الذي خيم عليه، تجد الوابورات تجاور الصنادل في محنة الوقوف الإجبارية هنا يرسو (الوابور اراك)، بشموخ ماضي رحلاته ما بين الجنوب والشمال أيام الحرب والسلام.
أرض الميناء قطنتها الكلاب والقطط والفئران، ونمت فيها الحشائش وأغلقت أبواب المكاتب.
المهندس صديقآدم مديرالإدارة الفنية وإدراة الموقع يقول: بدأ النقل النهري بداية تقلدية باستخدام الحطب والفحم الحجري حتى وصل مرحلة (الديزل). وحملت البواخر أسماء الكواكب ومدن السوادن وأشجار الغابات. وأنشئ خط سكة حديد مع النيل وتم رفده بالبواخر التي كانت مركزها في الخرطوم بحري وكان ذلك في العام 1902م سمي بـ (الترسانة) الحربية ولم يكن القصد منها اقتصادياً، حتى انطلاقة ميناء كوستي النهري في عام 1934م وتعد بداية النقل النهري وبنظام مرتبط بالسكة حديد وكانت تذكرة السفر واحدة من مصر حتى جوبا ويواصل بها المسافر رحلته إلى مدينة (نملي) بواسطة النقل الميكانيكي استمر هذا النظام حتى انفصال النقل النهري عن السكة حديد.
الرحلة الأولى
رحلة الجنوب الأولى انطلقت في عام 1934م وكانت تحمل البضائع والركاب وبتلك الرحلة أضحى الميناء جاهزاوبدأت ملامحه تتشكل في محطة زاخرة حيث شهد طفرة تعد الأهم في تاريخ النقل النهري وهي دخول الجرارات والصنادل الحديثة عام 1982م، (16) جرار من طراز (اراك) جُلبت من السوق الأوربية، و(الجرار) الواحد يدفع (4) (صنادل) وحمولة (الصندل) (500) طن في حالة انحسار النيل باعتبار أن الحمولة أقل وهي تعادل حمولة (16) عربة سكة حديد، خصصت وابورات للركاب من طراز (الجنية ونُملي).
ما تم ذكر ه بحسب صديق تعد فترة نشطة نُقلت فيها كل معدات التنمية للجنوب منها (مصنع سكر ملوط) ومصنع (نسيج منقلة) وأخرى، كما ساعد في استقرار المنطقة.
قطع الرؤوس
إذن ما الذي أصاب الميناء حتى سكنه الخراب وحلقت فيه القطط وصار مأوى للكلاب والفئران؟ يقول (صديق) : إن بداية التمرد كان ضربة حقيقية للنقل النهري وأولى تلك الضربات كانت للباخرة المريخ التي لازالت حتى تاريخ اللحظة غارقة في الوحل، وكما أن الإهمال لعب دورا في ذلك والدليل أنه بعد جلب الوابورات الحديثة مثل (الجنينة ونملي ووادى حلفا والكرمك) تم تشغيل اثنين فقط والأخريات ظلتا في الخرطوم بعد إزالة رؤوسها وطابق كامل لتمكنها من عبور الكوبري، ولكن توقفت رحلتها في منطقة الشجرة بالخرطوم ولم تواصل مسيرها إلى مدينة كوستي، هذه الوابورات تم إدخالها في ثمانينيات القرن الماضي وهي حديثة وفاخرة. الوابورات التي تم تشغيلها هي (الجنينة ونملي) كُتب لهما القدر الوصول لميناء كوستي ولكن بعد أحداث التمرد وضرب الباخرة المريخ كانت نهاية الباخرتين حيث توقفتا عن رحلات الجنوب ثم تم تقطيعها وبيعها ولم يعد لها أثر في الميناء سوى في سجلات الرحلات في ذلك الزمان.الإهمال ضرب الميناء وطال بواخرها دون مساءلة أو محاسبة، وامتد العبث من بواخر النقل العامة إلى باخرة تعد إرثا وتاريخاإذا ما تمت المحافظة عليها تماماً كما حدث للباخرة المملوكة للإمام عبد الرحمن المهدي والتي أطلق عليها اسم (الطاهرة) تم نهبها ولم يبق منها سوى رأس المدخة غارقاً في مياه النيل بجوار الميناء يقاوم البقاء.
الانفصال
ويروي (صديق) أنه عقب التمرد أضحت رحلات البواخر تحت حراسة الجيش عبر نظام يسمى الـ (الكنفوي) وهو كالآتي: تسير (16) وابور في وقت واحد. استمر الوضع هكذا حتى اتفاقية السلام الأخيرة (نفاشا) عام 2005م انتهت بعد توقيعها حركة تسير الوابورات بالنظام المذكور آنفاً. وفي تلك الفترة كان الميناء يملك (17) وابورا العاملات منها (15) .
في عام 2008م تمت خصخصة الميناء وبات يتبع لمجموعة شركات ولكن المعروفة منها هي (شركة عارف) والتي باعت هي الأخرى أسهمها للمجموعة الدولية وهي المالكة حالياً للميناء، الذي تم إغلاقه تماماً عقب انفصال جنوب السودان في العام 2011م مع إغلاق المعابر، وبعد عودته ظل الوضع متأرجحا ما بين هدنة الاتفاقيات ونكوصها. رغم أن النقل النهري يشكل عنصرا أساسيا في الحركة الاقتصادية في السودان ومدينة كوستي تحديداً لأن البضائع تأتي عبره من مختلف الأقطار وقد كان دعامة اقتصادية في الصادر والوارد وهو يقارب في حركته التجارية ميناء بورتسودان.
الميناء حالياً ليس به أي نشاط تجاري يذكر والحركة محدودة أي محصوراً في رحلات الإغاثة التي تتم عبر المنظمات، رغم حاجة دولة الجنوب لنشاط الميناء لأنهم حتى بعد الانفصال مازالوا يثقون في كل منتج يأتيهم من السودان بخلاف الدول الأخرى حسب تعليق (صديق).
كانت رحلات الجنوب تعبر من هنا في محطة الميناء يلتقيأهل يامبيو بوادي حلفا، الضجيج لا يهدأ ما بين أبواق الوابورات القادمة من جنوب السودان وقطار الغرب، للمحطة صورة من الماضى محفورة في ذاكرة (عبد الغني محمد حماد) أقدم المفتشين في ميناء كوستي، توقفت رحلات الجنوب ولكن لم تتوقف ذكرياته مع الوابورات والميناء كأنه يرى صورة الأمس أمامه وهو يسترجع الرحلات وحال الميناء والوابورات التي تحمل أسماء مدن السودان (نملي ووداى حلفا) والأشجار كـ (أراك وهجليج).
اليوم الذي يرسو فيه (الوابور) في مدينة (ملوط) بالجنوب يقام سوق داخل الوابور فيه جميع سحنات أهل السودان، ويمضي الوابور إلى الجنوب وهو يحمل خيرات الشمال و(بوستة) محملة بالرسائل والحولات، ويذهب (سائق الوابور) في رحلته دون أن يخطئ المسار في مياه النيل التي يحفظ جغرافيتها في كل المواسم. يسترجع (عبد الغني) ذكريات الميناء حين كانت ترسو (الوابورات) وهي محمله بالبضائع القادمة من دولة كينيا، والناس ينتظرونها على رصيف الميناء. ومنذ اندلاع حرب الجنوب عاشت الوابورات حالات السلم والحرب.
الميناء رغم حالة المد والجزر التي انتابته إلا أنه مازال يحتفظ بملامح تاريخية وبنية تحتية تسمح له بإعادة مجده بخلق جوار طيب مع دولة الجنوب هو شريان حياة للدولتين.

مرضى ضحايا الإضراب
أشد أنواع المعاناة هي أن تذهب بمريضك إلى مستشفي ويرفض استقباله وهو في صراع مع آلامه، وذلك بحجة إضراب الأطباء الذي ينتج كل يوم مأساة من نوع آخر لمرضى يموتون بحثا عن طبيب منقذ للحياة (الديمقراطي) تابعت تفاصيل الإضراب المستمر من واقع حكايات المرضى.
انتهىإضراب أطباء الامتياز والذي شل حركة أقسام الحوادث ثم عقبه إضراب النواب ليكمل حلقة معاناة المرضى الذين أبدواقلقهم من استمرار إضراب الأطباء، وكشفت متابعات (الديمقراطي) عن تدهور حالات المرضى الذين رفضت المستشفيات استقبالهم باعتبارها حالات تحتاج تنويم لأكثر من ٢٤ ساعة، وقال أحد المرضى إنه ذهب لمركز صحي وقام بإجراء فحوصات وتبين من خلال الفحص أنه يحتاج لنقل دم عاجل بعد انخفاض الدم لـ(32) وذهب لمستشفي أمدرمان حسب توجيه طبيب المركزولكن تفاجأالمريض برفض استقباله، باعتبار أنه حالة تتطلب تنوم لأكثر من (24) ساعة، وانتهى به الأمر البحث في المستشفيات الخاصة المجاورة لمنطقته ولكنه فشل في إيجاد (سرير) خالي بسبب الزحام وكثرة تردد المرضى عليها عقب توقف العمل في المستشفيات الحكومية، يضطر المرضى لبيع ما تيسر لهم من أجل دفع تكاليف العلاج في تلك المستشفيات.
المرضى وذويهم يقضون ساعات بحث مضنية بلا فائدة من أجل مستشفي يقدم لهم خدمة طبية، وأثناء البحث قد تصعد أرواحهم، مثلما حدث لتلك السيدة الخمسينية والتي تعاني من مرض نادر سبب لها مضاعفات في الكلى فاضطرت لجلسات الغسيل وفي يوم اشتد عليها التعب والإعياء حملها ذووها صوب الطوارئ ولكن لم يتم إسعافها بسبب الإضراب وهكذا فشلت محاولات إيجاد مستشفي أو طبيب يسعفها إلا في مستشفي الشرطة وعبر واسطة ولحين ترتيب دخولها كانت روحها قد صعدت وهدأت معها أوجاعها للأبد. ما حدث للمريضة أعلاه تكرر مع أخرى بحسب رواية قريبتها أن المريضة دخلت في غيبوبة ولم يجدوا لها مستشفي أي غرفة عناية مكثفة وأثناء جولة البحث توفيت المريضة وكانت إصابتها بنزيف داخلي إثر سقوطها مغشياً عليها نتيجة مضاعفات السكري.
المرضى يتسائلون إلى متى يستمر الإضراب وتدهور الخدمات الطبية في القطاع الحكومي؟

 

كسورات الصرف الصحي تشوه وسط الخرطوم
تشهد شوارع وسط الخرطوم منطقة السوق العربي تحديدا، كسورات مستمرة للصرف الصحي حتى بات مألوفاً، تتدفق المياه النتنة أمام مطاعم الوجبات السريعة وقد اكتست لوناً داكناً وحولها الذباب، باعة الرصيف اشتكوا من تدفق المياه المستمر دون معالجة وقالوا إنهم يعرضون بضائعهم في بحيرات لامفر منها يغطون أنوفهم من شدة النتانة ولا حيلة لهم للكسب سوى ذلك الرصيف، أما أصاحب الكافتريات فهم الخاسر الأكبر من مياه الصرف الصحي، واشتكى صاحب مطعم من تضرره نتيجة الكسورات ولكن ليس بيده حيلة حسب قوله فهو يبحث عن رزقه فيأجواء صعبة وطاردة للزبائن. وعبر عدد من طلاب جامعة السودان من تردي الوضع أمام جامعتهم (الجناح الغربي) الواقع في منطقة السوق العربي، حتى أنهم فكروا في تأجيل المحاضرات لحين إصلاح الكسورات التي عاقت وصولهم للجامعة وقالوا إن المياه تجف يوما أو يومين ثم تعود من جديد وناشدوا الجهات المسؤولة بمحلية الخرطوم وضع حد لفوضى الكسورات شبه الدائمة وإيجاد حلول لها.

اضطرار الأطباء ومعاناة المرضى
وللأطباء والعاملين في الحقل الطبي قضايا مشروعة تبرر التحركات النقابية من وقفات احتجاجية ومذكرات واضرابات، وكان المفترض لدى حكومة الثورة- وبعد جائحة كورونا خصوصا – أن تركز الاهتمام بالعاملين في القطاع الصحي كأولوية قصوى ولكن لأن هذا لم يتم يضطر الأطباء للاضراب ويعاني المرضى من العقوبات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى