شرطة (أهل الكهف)!
خالد عويس
* في الكثير من الأحداث العنيفة التي ارتكبها عناصر من الشرطة السودانية غاب حس القانون بل وأبسط مبادئ المهنية وغاب الوعي بتغير العالم كله بفضل التكنلوجيا وكاميرات الهواتف النقالة وصحافة المواطن عبر مواقع التواصل، غاب كل ذلك وحضر التوثيق ليعلم الناس أولا بأول كل شاردة وواردة قبل صدور بيانات الشرطة.
* حدث ذلك في اقتحام مكتب قناتي العربية والحدث ليتفاجأ العناصر بصورهم وهم يضربون ويعتدون ويفتشون جيوب الصحفيين على شاشات التلفاز !
* حدث ذلك في جرائم المدرعات التي تطأ الصبية الصغار وقنابل الغاز التي توجه للرؤوس والصدور !
* حدث ذلك في محاولات الدهس الناجحة تحت بصر الناس بفضل التكنلوجيا ووسائل التواصل!
* حدث ذلك مرارا منذ انقلاب 25 أكتوبر، بل وقبله!
* حدث ذلك في جريمة اليوم التي لم يكلف كل الفريق الشرطي نفسه بتوقيف المتهم الذي سارع بالعودة إلى الخلف دون أن يجرده شرطي آخر من سلاحه أو يلقي القبض عليه في لحظة الحادثة!
* حدث ذلك كثيرا والشرطة وقادتها المرصعون بالنياشين والرتب آخر من يعلم أن السودان كله يشاهد هذه المهازل والدم المتفجر من الصدور والرؤوس والضرب والدهس والموت.. (صورة وصوت)!
* يحدث ذلك والتكنلوجيا تقدم المعلومة طازجة وتسجل لحظات الموت المحمول على بعض سيارات الشرطة، والشرطة وقادتها كأنهم لم يسمعوا قط عن التقدم التكنلوجي، كأنهم ما زالوا متأخرين عن العالم خمسمئة سنة، كأنهم سجناء كهف لا يلقون بالا للصورة التي باتت عليها شرطة السودان اليوم!
* جريمة 28 فبراير 2023 ستبقى طويلا جدا في الذاكرة السودانية.. وهي حرية بأن يقدم جنرال الشرطة استقالته الليلة قبل الغد وحرية بأن يسأل قادة الأمر الواقع في البلاد منذ 25 أكتوبر أنفسهم: هل هذا ثمن هذه الكراسي؟ دماء هؤلاء الشباب مقابل البقاء؟ هذا القتل بدم بارد وقسوة لا مثيل لها؟ كيف ترون أنفسكم في مرآة التاريخ؟ كيف سينظر إليكم أحفادكم وأحفاد أحفادكم يوما حين لا يبقى منكم سوى صفحة من التاريخ طويت بخيرها وشرها؟
* على الحرية والتغيير أن تراجع موقفها من العملية السياسية برمتها إن لم تأخذ العدالة مجراها على نحو عاجل وناجز دون تسويف أو مماطلة. وعليها أن تستبق حتى ورشة الإصلاح الأمني بالتشديد على محاسبة قادة الشرطة.
* وعلى حزب الأمة القومي أن يكون رأس الرمح في هذا الأمر، وإلا فإن العملية السياسية لن تساوي الحبر الذي تكتب به إن كانت المسألة كلها حبرا على ورق.