ثقافة ومنوعاتصفحات متخصصة

سينما اعداد منصور الصويم

مباريات الجوع
الفيلم، يعلي من مكانة المرأة، باعتبارها عاملا أساسيا في أي تغيير ثوري محتمل
منصور الصويم
هل يمكننا استحضار الثورة، بمعناها الجذري العميق، داخل إطار سينمائي لفيلم تبدو أحداثه للوهلة الأولى مظهرا من مظاهر (العنف التجاري) التي تغطي أغلب الإنتاج السينمائي العالمي وخاصة في السينما الأمريكية؟ دار هذا السؤال بذهني وأنا أشاهد الأجزاء الأولى من فيلم The Hunger Games)) – مباريات الجوع، فالفيلم – كما هو معروف – حقق نجاحا كبيرا في جزئيه الأول والثاني وحقق جزءه الثالث ذات النجاح على شاشات السينما، وظاهرياً يبدو الفيلم وكأنه موجه لفئة الشباب بسبب روح المغامرة التي تسوده وأدوار البطولة المسندة لممثلين شباب والعائدة في قصة الفيلم إلى شخصيات شابة تعد بتغيير جذري في (الحياة) التي تدور داخل إطارها وقائع الفيلم.
رأيت، في إجابتي عن السؤال السابق، أن الفيلم محمّل بكل القيم الثورية التي تعد بالتغيير والتمرد على الواقع المظلم والدعوة للانتفاض في وجه البغاة والديكتاتوريين. وربما عنوان الفيلم (مباريات الجوع) إذا اعتمدناه عتبة أولى تقودنا إلى الدلالات والمكونات الفيلمية؛ سيحيلنا بشكل مباشر إلى واقع إنساني مزرّ، حياة متفككة ومنهارة (الجوع)، واستهتار وترف سلطوي ممارس (الألعاب – المباريات)، فحين يكون (الغذاء) مقابل الترفيه الدموي فهذا – بلا شك – تعبير فاضح عن حياة تتموضع أدنى من الحضيض.
.. هذا ما يحدث باختصار في هذا الفيلم، سلطة غاشمة تسيطر على مقاطعات كاملة في بلد ما بعد حرب طاحنة في زمن مستقبلي متخيل؛ ولتأكيد قوتها تعمد هذه السلطة ابتكار لعبة الموت، وفيها يتقاتل المختارون من أبناء المقاطعات المستعمرة في فضاء عراك ملائم معد تقنيا ومزود بكافة أساليب الفتك والمراقبة والفخاخ الدموية.
الفيلم، يعلي من مكانة المرأة، أو يعيد – في الحقيقة – لها مكانتها الحقة، باعتبارها العامل الأساسي في أي تغيير ثوري محتمل في أي مكان على هذه الأرض، ورغم أن بطلة الفيلم ” كاتنيس إيفردين” تعتمد على قدراتها القتالية في محاربة الشر والتسلط، إلا أن العاطفة والمحبة اللذان يميزان شخصيتها لا يقلان دورا في هذه الحرب عن إمكاناتها كمحاربة شرسة، بل يمكن القول إن هذه الميزة هي السبب الرئيسي في التفاف الناس حولها وترشيحها لتكون أيقونة ثورتهم المقبلة.
ألعاب الجوع ولكونه فيلم إثارة ومغامرة فهو سريع الإيقاع، محتشد بالعنف والمواقف المؤلمة، وتسوده روح التضحية والإيثار، التي تشكل مبدأ أوليا في كل ثورة ممكنة ومحتملة.
القصة باختصار، فتاة يتم اختيارها عن طريق القرعة لتكون إحدى المشاركات في ما يعرف بالاحتفالات السنوية لانتصار مقاطعة الكابيتل المسيطرة على بقية مقاطعات بانيم المستقبلية، والاحتفال بهذه الطريقة الدموية تذكير سنوي لهذه المقاطعات المهزومة بالمصير الذي ينتظرها إن فكرت في التمرد أو الثورة، بيد أن الضحية المختارة في هذه المرة تقلب الآية وتتحول إلى رمز للتمرد بدلا عن تكون مخدرا وفزاعة طاردة للأمل.
بطولة جينفير لورنس، جوش هوتشرسن، ليام هيمسورث، إخراج جاري روس، وعن رواية بذات الاسم لـ سوزان كولنز.
**


فيلم أفاتار AVATAR
بلة طامح
*معنى كلمة الأفاتار
كلمة أفاتار؛ تعني “القرين”، أو “الفكرة المتجسِّدة”، أو “الروح المتجسِّدة”ـ أي كل قوَّة؛ أو روحٍ، أو إله صار له جسد مادي، أو هي بمعنى القدرة الخارقة لتجسد أية فكرة في أي زمان أو مكان، دون قواعد، فقط للمحافظة على الفكرة أو المفهوم، “إضافة إلى أنواع القوى المحيطه بنا”.
ويُقال؛ إن الأفاتار، هي منطقة جميلة جنوب الصين، فهناك بعض الجبال تُسمَّى “جبال أعمدة السماء الجنوبية”، والتي تم مؤخراً تسميتها بجبال الأفاتار هاليلوجاhallelujah ومعناها ” الجبال العائمة”.

قصة الفيلم
يحكي فيلم “أفاتار”؛ قصة جندي أمريكي مُقعد، يتم إرساله إلى كوكب بعيد في الفضاء يسمى “باندورا”، والذي تعيش فيه كائنات مسالمة، “زرقاء اللون” تُدعى “نافيي”، يبلغ طولها حوالي الـ3 أمتار، وكانت تعيش بأمن واستقرار قبل وصول البشر، الذين جاءوا للتنقيب عن معدن ثمين جداً في هذا الكوكب. ويتم إدخال الجندي ضمن مشروع علمي مكان أخيه التوأم، الذي توفى خلال وجوده على الأرض. المشروع مبني على أساس صنع كائنات مشابهة لكائنات باندورا، وإسكانها بروح الإنسان، وذلك لدراسة حياة هذه الكائنات. هذه النسخ تُعرف باسم “الأفاتار”، والتي جاء منها اسم الفيلم. يدخل الجندي في نسخته؛ وترافقه العالمة المشرفة على المشروع في نسختها، وينطلقان للبحث في الكوكب وهما على صورة وهيئة المخلوقات المحلية، بهدف البحث العلمي، وللعثور على مناجم المعدن الثمين. وبعد مواجهة مع حيوانات ضارية؛ يُفقد الجندي في غابات الكوكب، فيحاول العودة، ولكنه يلتقي بفتاة محاربة تعمل على مساعدته في النجاة، ظناً منها أنه مُرسل ليساعد أبناء جنسها، وتأخذه إلى مكان عيش قبيلتها، والمكان عبارة عن شجرة ضخمة مقدسة لديهم، ويعيش لديهم فترة 3 أشهر، ويتعلم عاداتهم، وطريقة حياتهم، وحتى لغتهم الخاصة، لكنه يكتشف أن المنجم الهائل للمعدن الذي يبحثون عنه، يقع تماماً تحت الشجرة، فيحاول إقناع شعب الـ”نافيي” بمغادرة شجرتهم مكان عيشهم، لأنه يعلم أن البشر سيأتون لتدميرها وسيستولون على المنجم، لكنه يخفق في ذلك.
وبعد تدمير الشجرة؛ يُستخرج من نسخته قسراً بأمر قائده العسكري، والذي يمنع إعادته للكوكب. فيُحتجز الجندي مع العالمة ومساعديها في قاعدة عسكرية، وما يلبث أن يهربوا منها، لكن العالمة تُصاب أثناء الفرار ــ لاحقاً تموت جراء إصابتها ــ ويدخل الجندي نسخته “الأفاتار” من جديد، ويعود لشعب الكوكب، معلناً مساعدتهم في الحرب ضد القوات البشرية. وبعد معركة ضارية؛ ينتصر سكان الكوكب. ويدخل نسخته ليصبح واحداً من الشعب.. وذلك للأبد.
فلسفة الفيلم
فيلم “الأفاتار”؛ من الأفلام المليئة بالرمزية، فاللون الأزرق في كل أفلام “هوليوود” أصبحت له دلالات ورمزيات معينة ــ في كثير من الأحيان يرمز إلى الجن ــ “لاحظ آخر أفلام هوليوود علاء الدين، والذي ظهر فيه الممثل ويل سميث في دور جني المصباح، وكان لونه أزرقا”. وفيلم “الأفاتار”؛ من أكثر الأفلام التي حققت أرقاماً قياسية، ونال جوائز عالمية، وتغلب على فيلم “تايتانك” من حيث الإيرادات. وهو لنفس المخرج “جيمس كاميرون”. ولو تأملت معنى كلمة “الأفاتار”؛ وقارنتها بقصة الفيلم، لما توصلت لنتيجة، فلا علاقة للكلمة ومعناها بالفيلم الذي يقولون عنه خيالي. اللهم إلا حكيه عن الجن؛ وكوكب “باندور”، أو “باندورا”، والتي في معناها تعني “صندوق باندورا”، أو “صندوق الشر” المعروف لدى الكثيرين، ويُضرب به المثل. والفيلم جميل ويستحق المشاهدة.
**


فيلمان لـ “جيلو بونتيكورفو”
مأمون الجاك
في فيلمي “معركة الجزائر” و”احتراق” لجيلو بونتيكورفو، تتحول شخصيات هامشية وبلا ماض سياسي إلى قيادات ثورية فاعلة وملتزمة. ففي ” معركة الجزائر ” والذي يروي قصة حقيقية عن حصار مدينة الجزائر أثناء الاحتلال الفرنسي، يقوم علي لابوانت القواد – وهو أحد أبطال الثورة الجزائرية – بعد خروجه من السجن بعملية اغتيال فاشلة لضابط فرنسي بغرض الانتقام فقط، بعدها ينضم لجبهة التحرير ويصبح مع مرور الزمن أحد قادتها الرئيسيين في القصبة. بينما في “احتراق” الذي يمثل تأثير الاقتصاد وكونه المحرك الأساسي للتاريخ ثيمته الأساسية: يحرض عميل بريطاني “ووكر” حامل أمتعة “خوسيه دولوريس” ، على الثورة ضد الاستعمار البرتغالي لبلاده – ترغب الشركات البريطانية في احتكار استيراد السكر من تلك الجزيرة ولا سبيل إلى ذلك كونها مستعمرة لإمبراطورية أخرى، فتقوم ببعث ووكر لخلق ثورة ضد البرتغاليين -، يتورط خوسيه دولوريس دون أن يدري داخل التاريخ، ما كان في البدء فرصة لخلاصه الفردي عبر سرقة بنك يتحول أثناء حصار القوات البرتغالية لقرية لجأ لها وعصابته، إلى إحساس بالانتماء للجماعة ووعي تاريخي. ينجح في تحرير بلاده وحكمها، لكنه يتخلى عن الحكم بسبب ضغوطات طبقة ملاك المزارع التي تكونت أثناء الاستعمار، وبعد عدة سنين وبسبب فشل تلك الطبقة في الحكم وفسادها يقود ثورة ضدها مرة أخرى، ولكي تقمع الثورة تقوم الحكومة باستدعاء ذات العميل الذي حرضه للثورة لكي يفاوضه – أيضا بسبب الثورة وفوضاها تتعطل عملية تصدير السكر إلى بريطانيا، فتقوم شركات السكر مرة أخرى ببعث وول ووكر – تقمع الثورة ويعتقل خوسيه دولوريس ثم يتم إعدامه – يتيح ووكر الذي لم يرغب في رؤية الإنسان الذي خلقه ميتا، فرصة الهرب لدولوريس، لكنه يرفضها واعيا لتأثير ووكر عليه، قائلا بأن الحرية الممنوحة من قبل آخرين ليست حرية – وفي اللقطة الأخيرة يقوم حامل أمتعة آخر بقتل ووكر – ما يفسره إدوارد سعيد بأنه دورة لانهائية للقتل، أو صعود لثائر آخر، دولوريس آخر – .
ولأن الفيلمين يعنيان بتوثيق مصائر شعوب وجماعات وحركة التاريخ، فإن حياة الفرد اليومية تظل هامشية بل وملغية حتى، ولا تظهر سوى الأحداث التاريخية وموقف الفرد منها، والأخلاق التي يفرضها التاريخ على الفرد: الولاء، التضحية، الشجاعة، الخيانة. بينما يظل ماضي الشخصيات متواريا: يصل هذا الانقطاع عن الماضي عند لابوانت إلى درجة اغتياله لقواد آخر، كان فيما مضى صديقا له، وذلك إطاعة لأوامر جبهة التحرير بمنع الدعارة وشرب الخمر.
***


)كَشِّف) برنامج عن السينما السودانية وصناعها
الخرطوم- الديمقراطي
بثت الخميس الماضي الحلقة الأولى من برنامج (كَشِّف) على موقع “يوتيوب”، وهو برنامج مُحِب للسينما وصنّاعها، يحاول عرض وتحليل الإنتاج السينمائي السوداني، وإجراء مقابلات مع وجوه من داخل الصناعة، وإتاحة مساحة لهذا الشكل الفنّي ليُثري التجربة السودانية ويُلهم الشباب بقصص تعبّر عنهم.
معد البرنامج الأستاذ فائز حسن، يقول إن فكرة البرنامج هي إفراد منصّة إعلاميّة للتعريف بالمحتوى السينمائي السوداني وتقييمه نقديًا، وبناء قاعدة بيانات سينمائيّة لكل ما يتعلّق بصناعة وصنّاع السينما السودانيّة لرفد ودفع وتجويد إنتاج الشباب السوداني في هذا المجال.
ويضيف أن (كَشِّف) يستهدف طلبة الجامعات، والخرّيجين، والكتُّاب، العاملين في المجال الثقافي، المصوّرين، ومخرجي الأفلام، والمهتمين عمومًا بالسينما كفن وصناعة.
ويقول فائز إن شكل البرنامج، عبارة عن حلقات فيديو تعرض على يوتيوب، مدّة الحلقة: 10 – 15 دقيقة. وفي الحلقة الأولى التي نُشرتْ بتاريخ 21/يناير/2021 تم عرض فيلم (نيركوك) وهو كتابة وإخراج المخرج السوداني الشاب محمد كردفاني، وإنتاج Kordofani Films سنة 2016. وتناولت الحلقة عرض وتحليل الفيلم فنّيًا من حيث السيناريو، وأداء الشخصيات، السينماتوغرافي، وبقيّة العناصر الرئيسية في صناعة الفيلم.
وسيبث الجزء الثاني من هذه الحلقه الخميس المقبل وستكون مقابلة مع مخرج الفيلم كردفاني، حيث يتعرض النقاش لتفاصيل صناعة فيلم نيركوك، وأحوال صناعة السينما في السودان، بالإضافة لمشاريع كردفاني السينمائية القادمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى