رسالة مواكب التحول الديمقراطي
أسماء محمد جمعة
جيشنا بدأ يتململ من الفترة الانتقالية قبل أن تكمل عامها الثالث،طبعاً يريدقطع الطريقأمام التحول للحكم المدني كعادته، فقد ظل منذ سقوطقائده السابقيمارس نفس الضغوط القديمة على السلطة المدنية،بل هذه المرة الضغط أشد وأصعب بسبب أنه أصبح(مسيساً جداً ومؤدلجاً جداً جداً)،بالإضافة إلى السطوة الاقتصادية التي كسبها في ظل النظام المخلوع، وهي التي مكنته من البقاء في السلطة30سنة، وهي الآنتشكل له سلاحاً مهماً يعول عليه كثيراً لحسم المعركة .
المشكلة الأكبر من كل ذلك تكمن في عقلية الجيش التي لا تؤمن بالحكم المدني والديمقراطية، بل الأمر وصل درجة القناعة،وليس أدل على ذلك أكثر من لهجة قادته وسلوكهمفي استقطاب الجماهير وكأنهم يقودون حملات انتخابيةوالمحاولات الانقلابية المتكررة وآخرها التي حدثت قبل أيام،وهي التي دفعت الشعب للخروج في مواكب لدعم التحول الديمقراطي، على أمل أن يقتنع الجيش أن الشعب هذه المرةمصر على إنجاح إتمام التحولالديمقراطي، لذلك ستستمر الثورة والضغط السلمي حتى يقتنع أن لا مفر من الأمر ولا خيار.
هذه المواكب لم تخرج فقط من أجلترسيخقواعد الحكم المدني الديمقراطي، بل وحرصاً على المؤسسة العسكرية التي يريدها الشعب قوية وفاعلة، فهي لها دور مهم جداً في العملية الديمقراطية ومن دونه لن تتحقق،ودورها الحاسم يكمن في الالتزامبدورهافي تحقيق الأمن وحمايةالسلطة المدنية والدستور والتدخللصالح الحكم المدني،إذا ما حدثت فوضى سياسية،ويجب أن تعترف أن تركيزها على السياسة والاقتصاد خصم منها الكثير .
قواتنا المسلحة يجب أن تفهم أنثورة ديسمبر ليست مثل أكتوبر ومايوفالفرق بينهما كبير جداً، فهي ثورة أجيال جديدة وشابة وواعية،صحيح لم تعش الديمقراطية في وطنها ولكنها عايشتها في العالم الذي أصبح قرية صغيرة، ولذلك إصرارها على التحول قوي. لا تشتكي من فشل المدنيين مع أن أحد أسبابه دورالقوات المسلحة السلبي،كما أنها على استعداد لتحمل كل آلام التحول والمحافظة على الثورة متقدة حتى تترسخ الديمقراطية.
مواكب التحول الديمقراطي هي رسالة قويةلقواتنا المسلحة وأرجو أن تفهمها وتستوعبها في إطارها الصحيح ودون تأويل،فالشعبليس ضدها بل ضد سلوكها الذي يقوض الحكم المدني،وهو يؤيدها في مسألة فشل أحزاب تجمع قوة الحرية والتغيير،ولكنلا يجب أن يكون ردها الانقلاب أوالضغط على كل الشعب حتى تقنعه بأن الحل في عودتها،بل يجب أن تسهم في العلاج لأن الأحزاب كلها تعاني من أزمة تاريخية، لا يعالجها إلا العملعلى ترسيخ قيم الديمقراطية وفرضهابشتى الطرق.
الرسالة الأهم لأحزاب قوى الحرية والتغيير أنَّ هذه المواكب لم تخرج لدعمها وإنما لدعم الفكرة والمبدأ،وتدين سلوكها الذي لم يتغير منذ أكثر من ستين سنة، قد حان الوقت لتكبر عقلها ليتناغم مع عمرها،وتصحيح مسارهامن الأهمية بمكان لا يختلف عن تصيح مسار القوات المسلحة.