الرأي

رسالة عامة لشركاء الحكم

الحكومة الانتقالية التي تم تشكيلها قبل أيام أثارت الكثير من الجدل وسط الشعب السوداني، ليس لأنه اختلف عليها بين مؤيد ومعارض وإنما لأنه اتفق على أنها ليست الحكومة التي يريدها، ولكنه مضطر أن يرضى بها كونها حكومة ترضيات والفترة انتقالية حتى يتجنب شر الأحزاب والحركات وشرور آخرين يتربصون به، ولكن بصفة عامة شركاء الحكم بجميع ألوانهم وضعوا أنفسهم أمام امتحان عسير سيكون له ثمنه وسيقيّم الشعب كل كيان لوحده؛ حزبا كان أم حركة وهو تقييم مصيري، ولكن رب ضارة نافعة للشعب فهي فرصة جيدة تُتاح له ليتعرف عليهم جميعا ومن ثم تحديد من يقوده في المستقبل فقد يرفضهم جميعا ويقبل بطرف آخر لم يظهر بعد.
الحكومة الجديدة هي حكومة أمر واقع وقد سماها السيد رئيس الوزراء واقعية، فالظروف السياسية في السودان فرضت علينا أحزابا لم تمارس السياسة بشكل فعلي منذ الاستقلال، وما قدمته من تجارب كانت صبيانية بكل ما تحمل الكلمة من معنى، وعاشت 52 سنة تحت تجارب عسكرية حتى تطبعت بطباعهم، وما زاد الطين بلة ظهور الحركات التي حملت السلاح ضد النظام المخلوع وقادها أشخاص دافعهم للتمرد كان غبنا شخصيا، وأطماع مجموعات غلفت بشعار التهميش والظلم التاريخي، لذلك جميعهم رؤيتهم لإدارة شؤون السودان مختلة ومعتلة تماما، وإلا لما تقاتلوا من أجل المشاركة في حكومة مدتها ثلاث سنوات، ولذهبت الأحزاب واستعدت للانتخابات من خلال نشر الوعي بين الشعب وبناء الثقة في نفسها، ولذهبت الحركات الى المناطق التي دفعت ثمن حملها السلاح وعالجت الآثار، وهي آثار كثيرة وعميقة وهي الآن تهرب منها بالمشاركة في السلطة التي ستوفر لها زمنا لتدبر أمورها.
شركاء الحكم من الأحزاب والحركات وغيرهم عليهم أن يعلموا تماما أن حكومتهم هذه ليست الحكومة التي تمناها الشعب، ولا الوزراء الذين تم تعيينهم هم على قدر طموحه وآماله التي هانت عليهم ولم يحترموها، ولكن من أجل هدفه الأساسي وهو الوصول الى الانتخابات التي ستحسم كل هذا الاستخفاف به، سيتحمل هذه الشراكة ثلاث سنوات وسيكون حريصا على متابعة الجميع متابعة لصيقة، وبما أنهم وضعوا أنفسهم أمام امتحان هم غير مستعدين له؛ عليهم القبول بالنتيجة التي ستضع كل منهم فى المكان الذي يناسبه.
عموما إذا أراد هؤلاء الشركاء النجاح في الحكومة فالأمر سهل جدا ولا يحتاج الى كثير عناء فمصلحة الوطن والمواطن واضحة وطرق تحقيقها في زمن وجيز متوفرة، ولكن لا يمكن رؤية هذه المصلحة ولا وتحقيقها إلا إذا صدقت نواياهم واتقوا الله في هذا الشعب وتنزهوا عن خدمة المصالح الشخصية، فإذا صدقت النوايا صلح العمل ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويجعل له من أمره رشدا، وبلا شك نحن لن نقصر منهم مثلما لم نقصر من النظام المخلوع الذي لم يكن يستمع الى أي صوت غير صوته ونرجو ألا يكونوا مثله ورسائلنا المفصلة ستصلهم تباعا وهذه رسالة عامة لكل الشركاء حتى يعرفوا قدرهم وموقفهم وكيف يراهم الشعب وينطلقوا بخطط واضحة وسليمة لا تقبل الفشل وهو خيار مسموح به.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى