حوارات

رئيس لجنة التحقيق في فضِ اعتصام القيادة في حوار الحقائق مع (الديمقراطي):

 

 المُحامي نبيل أديب:

  • استمعنا إلى ما يربو عن (3300) شاهداً، ولم نتلق أي تهديد لتوجيه دفة عملنا لصالح جهة ما.
  • ماضون بعزمٍ نحو إنجاز مهمتنا، لكن لا بُدّ من توفير قدر من الحماية لنا.
  • العنف مُتجذِّرٌ في السياسة السودانية، وهذه هي الأدلة…
  • استقال مولانا أحمد الطاهر النور عن اللجنة بسبب الإساءات البالغة الموجهة للجنة في وسائل التواصل الاجتماعي وعدم توفير الحماية الكافية لأعضائها.
  • حتى رئيس الوزراء لم يسلم من إساءات وسائل التواصل الاجتماعي والغرض إفقاد المواطنين الثقة والإحساس بالأمان!
  • سأواصل عملي في اللجنة حتى النهاية.. والقضية بالنسبة لي سياسيِّة ووطنيِّة ومِهْنيِّة.

****

لا يختلفَ اثنان على أنّ عمل لجنة التحقيق في فضِ الاعتصام أمر غاية في التعقيد والتشابك. هذه أيضاً وجهة نظر رئيسها القانوني الضليع الأستاذ نبيل أديب، الذي جلست إليه (الديمقراطي) فأكّدْ بشكلٍ قاطع؛ إنّ لجنته وبدعمِ و تأييد غالبيِّة فئات الشعب السوداني ماضيِّة بعزمٍ أكيد وصِدقٍ وتجردٍ ونزاهة نحو إنجاز المهمة المُكلفة بها من أجل خدمة العدالة للوصول إلى الحقيقة؛ لكنه ظل يُطالب على مدى الحوار بضرورة توفير قدرٍ معقول من الحماية لأعضائها.

وصف رئيس لجنة التحقيق الجدّل الدائر على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي حول عمل لجنته بالساذج والسطحي والبسيط، مؤكداً أنهم سيوجهون دعاوٍ قانونية. وأماط بين هذا وذاك  اللثام عن حقائقٍ دونها دفتر أحوال عمل اللجنة، من أهمها أنهم استمعوا حتى الآن لما يزيد عن (3300) شاهداً وأنهم لم يتلقوا أي تهديد لتوجيه دفة عملهم لصالح أية جهة.

حوار: حنان كشة

أستاذ أديب، شكراً لقبولك دعوتنا، ودعنا نبتدر حوارنا بسؤال تقليدي عنك شخصيِّاً. قُل لنا من أنت – بإيجاز؟

أنا من أقلية الأقباط الإنجيليين، ولدتُ في جوبا، ومن المحزن أنها صارت الآن مدينة في دولة أخرى وهكذا أصبحت مولوداً خارج البلاد للأسف. والدي كان طبيباً يتنقل في طول السودان  وعرضه من مكان إلى آخر، وعندما غادرنا جوبا  كان عمري عاماً واحداً، فلم تختزن ذاكرتي أشياءً عنها.

وعن تأهيلك وخبرتك؟

أنا خريج كلية الحقوق بجامعة القاهرة فرع الخرطوم، وحائز على دبلومين وماجستير في القانون، وعملت بمهنة المحاماة 50 عاماً.

طيّب، كيف تم اختياركَ رئيساً اللجنة؟

اختارني رئيس الوزراء وأعتقد أن ذلك في ذلك تشريفاً وتحدٍ لي في نفس الوقت، خاصةً أنّ الاختيار ينبني على المهنيِّة والحياد، ما يُحتِّم عليّ القيام بواجبي الذي أعتبره مثل التجنيد في الخدمة الوطنية، لاُبدّ من أدائها لصالح الوطن.

ما الخطوة  الأولى التي قمتم بإجرائها لتدشين عمل اللجنة؟

بدايةً، نشرنا دعوة لكل من يريد الإدلاء بشهادة يُمكن أن تفيد اللجنة وتمكّنها من إنجاز عملها بالشكل المطلوب، فتدفقت أعدادٌ كبيرة، فيما اتصل آخرون يستفسرون عن الكيفية التي توفر لهم الحماية حال إدلائهم بشهادتهم لوجود بينات لديهم يحتمل أن تسبب لهم مشاكل، ومعلوم أنّ القانون السوداني يفتقر لموادٍ توفر الحماية للشهود، فأوضحنا لهم أننا لن نعلن عن أسمائهم. وتخوفت فئات أخرى من احتمال متابعتهم ورصدهم من بعض الجهات عند  دخولهم مقر اللجنة، وهؤلاء وصلنا إليهم في أماكنهم واستمعنا إلى شهاداتهم.

لكّن، أستاذ أديب، لا يزال البعض يؤكد أنّ اللجنة لم تعطه فرصة للإدلاء بشهادته حتى الآن؟

ذلك يعود إلى أن للجنة ترتيبات وخطط محددة لإنجاز عملها، وإن كل من يرد اسمه في تحقيقها سيتم استدعائه وسماعه بالترتيب، مع العلم أننا استمعنا حتى اللحظة  إلى أكثر من  (3300) شاهد وشاهدة، فالأمر غاية في التعقيد.

إذاً؛ لديكم إحصائية بعدد الضحايا؟

سيظهر ذلك في النتائج النهائية، لكن في العموم هناك قتلى ومصابين ومفقودين، وهناك إصابات جنسية ونحو ذلك.

هل وجدتم في مسرح الحادث؛ أدلة كافية لكشف النقاب عن الحقائق التي صاحبت فض الإعتصام؟

الأدلة المادية متوفرة، هناك صور وفيديوهات التقطت وقت فض الاعتصام وتضمنت بيِّنات.

هل يمكن على ضوء ذلك طمأنة الشعب السوداني أن الأمور تمضي كما يتمنى؟

أعتقد أنه لا يُمكِن أن يكون فض الاعتصام حدثاً؛ مالم يكن هنالك مسؤولون عنه، وذلك كله سيظهر ويعلن عنه فهو جزء من الفترة الدموية التي عاشها الشعب السوداني.

فصّل لنا أكثر؟

عند فض الاعتصام فوجئ الشعب السوداني بوقوع العنف أمامه بشكل مباشر، لكن العنف لم ينقطع أبداً عن تاريخ السياسة السودانية، فالحرب الحرب الأهلية اندلعت في العام 1955م أي قبل الاستقلال واستمرت بعد نيله، كما ارتكبت جرائم كثيرة في الأثناء فأكثر من (300) مُزارِعاً ماتوا اختناقاً بسبب حبسهم داخل مخزن فيما عرف لاحقاً بقضية عنبر جودة كان ذلك في فبراير 1956، لذلك لابُدّ أن تظهر المسؤولية ولاُبدّ للعنف المتجذر في السياسة السودانية أن يتوقف، لكن ليحدث ذلك لابُدّ من كشفه أولاً.

في الغالب لا يتم ربط أعمال لجان التحقيق في أي قضية بفترة زمنية محددة إلاّ لجنتكم، ما تعليقكم؟

تحديد الفترة الزمنية جاء في أمر التشكيل الصادر عن رئيس الوزراء بثلاثة أشهر، وقتها كانت رؤيتي إنّها قليلة مقارنة بالمهمة الصعبة التي أوكلت للجنة لكنّها قابلة للتجديد، والمنطقي أن لا يتم تقييدها بوقتٍ محدد، لكن عندما صدر إعلان الشهود بالقدوم لتدوين شهاداتهم اكتشفنا أننا بعيدين عن إنجاز المهمة في تلك الفترة القليلة المُحددة.

لكن ثمة تعليقات هناك وهناك تقول إنّ اللجنة تأخرت في إنجاز ما أوكل إليها؟

تحديد فترة الثلاثة أشهر لا علاقة له بالواقع، والتحقيقات المشابهة امتدت لسنوات، ونحن حريصون على عدم إهدار الوقت كما أننا أحرص على تجنب الوصول إلى نتائج متعجلة، خاصة أنّ المطلوب من اللجنة إنجاز تحقيق جنائي وليس تقصي حقائق، فلا  بُدّ من توجيه اتهامات وتحويل المتهمين إلى المحكمة، كما ولا بُدّ أن نضع في الاعتبار أن القاضي لن يدين أي شخص إلاّ في حالة ثبوت تورطه في الجريمة بما لا يدع مجالاً لشك معقول، لذا لا بُدّ أن تصمد البيِّنات، ومن حق المتهمين الدفاع عن أنفسهم، والنتيجة النهائية لاتحددها اللجنة.

هذا يعني أن هنالك، مستويات قانونية محددة، حدثنا عنها؟

لابُدّ من التفريق بين ثلاثة مستويات للمسؤولية وأكثرها دقة الجنائية ويحتاج إثباتها إلى توخي الحذر، أما أكثرها غلظة فهي السياسية وتقوم على أقل أنواع الخطأ مثل ضحكة على رئيس  الدولة مثلاً، وبينهما المسؤولية المدنية وهي الأقل وتقوم على الضرر الذي يلحق بالفرد.

وماذا عن النقاش الدائر في وسائل التواصل الاجتماعي عن آلية عمل اللجنة وما يفترض أن تقوم به؟

ما يدور في وسائل التواصل الإجتماعي نقاش ساذج وسطحي وبسيط؛ تعقبه إساءات بالغة دعت مولانا أحمد الطاهر النور للاستقالة من اللجنة، بسبب عدم توفر الحماية الكافية وفي تقديري إنّه لا يوجد سبب يدعو لتحمل إساءات من المرتزقة والجهلة ومن لف لفهم، وما يقومون به يصب في خانة الجرائم وبمقدورنا مقاضاتهم؛ وذلك ليس دفاعاً عن اللجنة بل عن مصداقيتها، لأن ما يدور يفتح الباب لكي تصبح أي نتيجة صادرة عنها مهددة لها.

هل يعني ذلك أنكم ستتخذون إجراءات قانونية في مواجهة هؤلاء؟

أنا لا أفضل ذلك لكن لم يعد هناك مناص، فأنا كشخص صرت لا أستطيع استخدام صفحتي على الفيس بوك، وإذا كتبت في أي قضية يتداخل عدد من المأجورين بغرض إبعاد متصفحيها بإيراد تساؤلات وتلميحات بقبولِ رشىً، من أجل خلق حالة من الاحتقان السياسي، وبرأيي إنِّه لابُدّ من أن تتحول للمحكمة، ونحن قادرون على ملاحقة المتهمين وإنْ تخفّوا.

ما هو تفسيركم للحملة على النائب العام والمتزامنة مع الحملة على لجنة فض الإعتصام؟

ذلك يعود لانعدام ثقتنا في العدالة لـ(30) عاماً. وعموما هناك اتجاهان، الأول يريد أن تصل الفترة الانتقالية لأغراضها بخلقِ مجتمع ديمقراطي، والثاني يود إسقاط الفترة الانتقالية والعودة إلى الوراء وهذا لن يحدث إلاّ عبر إسقاط الثقة عن الأجهزة العدلية والفترة الانتقالية برمتها، وهذه الأمور لم يسلم منها حتى رئيس الوزراء، لأنها في فهمهم تمهد لانقلاب عسكري عبر إفقاد المواطنين الإحساس بالأمان.

إلى أي مدى تأثرت اللجنة بتلك الحملات؟

أعضاء اللجنة في النهاية بشر يتأثرون، حتى وإن كانوا يؤدون عملهم بصدقٍ وتجرد ونزاهة لخدمة العدالة، لكن أغلبية أفراد الشعب اتخذوا موقفاً مؤيداً للجنة، ويعلمون أنها تعمل بكل ما أوتيت من قوة وخبرة وكفاءة للوصول إلى نتائج سريعة، لكن هذا لا يمنع من أن أطالب بتوفير قدر معقول من الحماية لها، لأنه حال استمرار الإساءات فإنِّها ستفقد احترامها ومصداقيتها لذا لابد من اتخاذ الإجراءات القانونية الكفيلة بحمايتها.

وهل سيصمد رئيس اللجنة أمام الحملات التي تستهدفه شخصياً؟

تحدوني رغبة عارمة لمواصلة المهمة التي أوكلت إليّ وزملائي إلى نهايتها والتوصل للنتائج المرجوة، ولن أتوقف أبداً، فالأمور ليست سياسية فقط إنما وطنية ومهنية أيضاً، كما أنني أرى  أن تكليفي برئاسة اللجنة الخلاصة التي عشت من أجلها ولن أتراجع عنها، لكني أخشى على مصداقية اللجنة.

هل تعرضتم لأي ضغوط لتوجيه عمل اللجنة؟

أؤكد هنا وبشِدّةٍ أن أعضاء اللجنة لم يتعرضوا لضغط من أجل توجيه التحقيق بأي اتجاه، أو إيصاله لأي وجهة، كما أنه لم يحدث أن طلبنا أي شخص للتحقيق ورفض أو تمسك بالحصانة، لكن مرات يحدث بطء ومرد ذلك ليست عقلية إتهام سببها إجراءات محددة ومن ذلك طلب المستندات.

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى