الرأي

دراما الثورة

عبد الرحيم حمد النيل 
• لم يمر عام على الثورة المصرية إلا وكان هنالك أكثر من (٢٧) عملاً درامياً وسينمائياً قد تناولت أحداث الثورة المصرية التي اندلعت في”٢٥ يناير” 2011م؛ وقد كانت ثمة أعمال بدأت التصوير فعلياً واضطر منتجوها لإعادة كتابة بعض الحلقات وتصويرها لتدرك الأحداث ولا تخرج عن سوق الأعمال الفنية التي تم تقديمها؛ من ضمن هذه مسلسلات “طرف ثالث” و”ابن النظام” و”العراف” التي رصدت أهم 30 يوماً قبل الثورة، “المواطن إكس” و”خاتم سليمان” دراما تناولت 25 يناير
“الهروب” و”آدم” رصدا حالات تعذيب الشباب من نظام مبارك.
• في السودان لا زالت الدراما تعاني عدداً من المشكلات المعقدة والتي يأتي في مقدمتها الإنتاج؛ فالمنتج الأهم إذا لم يكن الوحيد للمسلسلات هو تلفزيون السودان نفسه.
• تقدّم الثورات مادة عظيمة ودسمة للكتاب والمخرجين والمنتجين نفسهم من حيث غزارة الأحداث والقصص التي يمكن أن تُروى، والمعطيات الواقعية للحراك الثوري والدراما المشوبة بالبطولة والتضحيات وحجم الأكشن الذي يحدث في ثنايا ذلك.
• وقد مثل الفن العامل الأهم والمقياس المعياري في تقدم الشعوب وقدرتها على الارتقاء، ومن دروس التاريخ نتعلم أن الفن كان المحرك الأساسى لمواجهة النظم الاستبدادية، لأن الأنظمة الغاشمة دائماً لا يمكنها أن تخلق فناً وتنمو عداوتها مع مجمل الفنون التعبيرية منذ البداية؛ فالفن هو فضاء الحرية وبها ينمو ويزدهر؛ وقد ظل الشعر والتشكيل والمسرح في السودان من أهم أدوات المقاومة لكافة الأنظمة الشمولية التي تم إسقاطها وكانت وقود وعطاء تلك الثورات التي اندلعت.
• في ديسمبر ونحن نعيش أجواء الذكرى الثانية للثورة العظيمة التي أطاحت بأطول الأنظمة الشمولية في بلادنا وأكثرها دمويةً، يبدو السؤال عن المنتج الدرامي أكثر إلحاحاً وقد كانت الثورة السودانية العظيمة مدهشة لأمم كثيرة حول العالم تفاعلوا معها بشتى الطرق، غناءً ومسرحاً وشعراً؛ وقد احتشدت ثورة ديسمبر بالمئات من الصور والمشاهد الملحمية الغنية والتي يمكنها منح أي عمل درامي غنىً وفرادة لا مثيل لها (ظهور تجمع المهنيين، حرق مقر المؤتمر الوطني في عطبرة، زغرودة الساعة الواحدة، وقفة الشهيد عبدالعظيم، قطار عطبرة، الرهيفة التنقد، وقفة النقيب حامد ومجابهته لرباطة جهاز الأمن، مجزرة اعتصام القيادة العامة، موكب “٣٠” يونيو؛ وقفة عباس فرح المهيبة على الترس؛ والمئات من الصور والمشاهد التي يمكن معالجتها داخل فضاء درامي فني محكم وتمنحه الألمعية والأصالة والعظمة المستحقة.
• ربما لا زال الوقت مبكراً للتناول العميق لأحداث ومجريات هذه الثورة خاصة وأنها لا تزال متصلة ومستمرة؛ لكن ما سبق منها من حراك يمكن أن يغذي شرايين الأعمال الدرامية للسنوات القادمة إذا وجد المنتج الذكي، أتمنى وآمل أن يستطيع المنشغلون بالدراما؛ الاهتداء إلى تكوين شركة مساهمة عامة وطنية للإنتاج الدرامي حتى يتسنى لهم العمل كمستقلين وفتح وتعبيد هذه الدروب المستعصية فيما يتعلق بتمويل وإنتاج الأعمال الفنية. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى