حول المهدية في منتدى سدني
اطلعت على كلام الناس بعنوان المهدية في منتدى سدني واجدني متفق مع الأستاذ عصمت الدسيس في أن الامام المهدي عليه السلام متفرد تمامافي زمانه وانه هو الذي قدم حلولا عملية لإشكالية الأمة الإسلامية والسلطنات الإسلامية في زمانه فهو مهدي الله، وهذا مبحث مهم جدا يحتاج إلى استفاضة كبيرة وقد أحسن الدسيس في تناول هذا الموضوع جزاه الله خيرا .
اختلف معه قليلا في موضوع الوسط وكردفان، وهذا يتعلق بالدعوة في المرحلة السرية بل وماقبلها لأن الإمام المهدي ذكر أنه سعى لإحياء الدين وتغييرالمنكر ولكن المراكز الدينية لم تستجب له في الوسط وذلك قبل المهدية بسبب عدم مقدرتهم عسكريا على مواجهة السلطة التركية الغاشمة، ولكن في الدعوة السرية كان هناك قبولا للإمام المهدي من الوسط مثلا انا اسف والله الشيخ الطيب ود البصير، وبعض مشيخات الطرق السمانية والمكاشفية والكباشية، ومسايد تحفيظ القرءان كخلاوي الغبش وغيرهم .
بعد هجرة الامام المهدي الى جبل قدير قاد مشايخ الوسط حركة الجهاد بانفسهم بعد أخذ البيعة من الامام المهدي (حيث كان الامام المهدي مازال متحصنا في جبال قدير) ودخلوا في مواجهة جهادية مع الحاميات التركية وكانت الحرب سجالا بينهم فيوم لهم ويوم عليهم، ونذكر بالمثل ان مناطق عديدة من السودان قد قادت زمام الثورة بشكل ما، وكان الامام المهدي مازال متحصنا في جبال قدير، مثل تحرك الفكي المنا اسماعيل في شمال كردفان وتحرك الامراء علي وموسى مادبو في دار فور، والامير عثمان دقنة و مجاذيب كسلا في الشرق، وكما ذكرنا في الوسط الشيخ الطيب ود البصير والشيخ احمد المكاشفي والشيخ عامر المكاشفي الذي استشهد والشريف أحمد ود طه والشيخ الكباشي ثم الشيخ العبيد ود بدر و غيرهم، وفي الشمال الشيخ محمد الخير خوجلي والشيخ أحمد الهدي من الشايقية الذي استشهد رحمه الله.
وكذلك في بحر ازرق قبائل رفاعة و اميرهم المرضي ابوروف،لذلك اختلف مع الدسيس في هذه الجزئية التي أعتقد انه يرسل من خلالها رسالة بعدم تعمق الوسط السوداني في قبول المهدية.
كذلك اختلف معه في موضوع الصراع مع القوة الدينية القديمة لأن هنالك تحامل على الامام المهدي، فالقوة الدينية القديمة من ناحية شرعية هي مساءلة امام الله وامام التاريخ عن تصرفاتها، كما ان بعض القوة الدينية القديمة قد بايعت الامام المهدي كبعض السادة الختمية.
واختلف معه فيما سماه بالانتكاسة الإثنية بعد وفاة الامام المهدي عليه السلام، فكأنه يريد ان يوحي بوجود انقسام بين الوسط والشمال مع الغرب، باعتبار ان خليفة المهدي الخليفة عبد الله بن السيد محمد ولد ترعرع ورضع من دار فور، وتقريبا لم يرصد في هذا الموضوع تاريخيا الا واقعتين واقعة ما يسمى بفتنة الاشراف التي اعطاها المؤرخون بعدا جهويا، وحادثة عبد الله ودسعد في المتمة والتي اعطيت بعدا قبليا، ولأن الشمال عموما الوسط كان من اكثر مناطق فترة حكم خليفة المهدي استقرارا بل اكثر من دارفور التي استقرت بعد جهد جهيد بسبب طموح البيت السلطاني لاستعادة سلطنته، الا أن المخابرات المصرية والبريطانية اتبعوا سياسة فرق تسد، وكتبوا في كتبهم وجود صراع شمال غرب، ولكن هذا التصور اذا تعمقنا فيه حقيقة غير موجود و لكن هو مذكور عند الأكاديميين وفي الكتب فإن معظم الشمال عنده وجود قديم في الغرب، بل ان ممالك جنوب تقلي تنسب الى السلالة العباسية والعديد من قبائل كردفان من السلالة العباسية الجعلية والبديرية الدهمشية التي لها صلة مع الشايقية والدناقلة كأسرة سوار الذهب.
التركية كانت توحيد اداري للسودان لرعاية مصالحهم الذاتية فقط وليس لصالح السودان ولكن لم يكن توحيد اجتماعي وايماني للسودان، المهدية هي التي وطدت توحيد السودان اجتماعيا وانسانيا وإيمانيا، حدود السودان القديمة التي انشاتها السلطنة الزرقاء وسلطنة دارفور وممالك جبال النوبة ومملكة المسبعات وقبائل الجنوب، لان كل تلك المكونات قبل التركيةكانت متداخلة وبها تحالفات وتداخلات نسبية وتصاهر فلم تجد صعوبة لتوحيدهم عندما جاءت المهدية.
لذلك هذا الموضوع خطير جدا لأن الباحثين والاكادميين من حيث لا يشعرون يكررون ادعاء مخابرات المحتل في هذا الموضوع، ويفسرون أحداث في فترة المهدية بانها كانت جهوية (كما ذكر الدسيس وآخرون غيره)، فالموضوع خطير جدا، ويجب أن يتم تناوله بموضوعية من حيث الحقائق التاريخية، خاصة وجدت أنه حتى بعض الحراك السياسي يتبنى مثل تلك المفاهيم ويستخدم فترة المهدية كحجة لهم.
والبعض يتجه الى فهم غير صحيح بان العلمانية هي التي يمكن ان تجمع السودان، فالتركية كانت أقرب إلى العلمانيةمنها الى الاسلام وبريطانيا كانت علمانية ولكنها احتلت البلاد وقتلت العباد والحربيين الكبريين قتل الغرب فيها ملاييين من الانفس.
الموضوع فيه تفصيل كثير يحتاج الى مزيد من التفاعل والاراء من الاحباب والمتخصصين.
محمد شيخ الدين من الله