الرأي

حروف مبعثرة 

سارة الجاك

عنوان عادي لكتابة غير واضحة المعالم هي فقط شهوة الثرثرة، أو ربما كان هناك سبب آخر خفي، الكتابة أنثى لعوب لها وجوه عديدة لا يمكنك تحديد ملامحها من نظرة واحدة كما أن مشاعرها تطغى على ملامحها فتلوّنها.

كم تمنيت وكم من أمل صعب المنال، صوت زيدان برنينه المحبوب وهو يصعد به شرفات السماء، ممدداً ألف مد المنااااااال، يطربني حد الوجع، ماعلينا .

كم تمنيت لو كنت مثل أمي، فهي امرأة مميزة، بشكل خاص مميزة في تميزها، سليلة ملوك الداجو، سيدة صموت وفي صمتها كل الكلام، نافذة البصر، تزين ابتساماتها وقارها، أحببت اهتمامها بي وبأخي في صغرنا، ربتنا علي المسؤولية، وتركت لنا الحبل على الغارب، كانت تراقب مغامراتي من على بعد، وأنا أعلم أنها تعلم، في مرات عديدة أحس بأنها تمنت (شفتو التمني دي ملاحقنا كيف الحياة عبارة عن أمنيات) لو شاركتني تلك المغامرات، فكنت في بعض الأحيان أشاركها رأس خيط المغامرة، نهايتها أو وسطها، لم أخف من والديّ يوماً، ننسج مع بعضنا تفاصيل أيامنا بلا توجس (كنت الشافعة الفصيحة الشاطرة، قطعت لساني بسبب الفصاحة ومرات كتيرة الآن بقطع أثناء مابتكلم ماعارفة لحادثة قطع اللسان علاقة بالموضوع دي).

ملامحي أقرب للفتيان أكثر من الفتيات، بلغت مبلغ النساء في سن متأخر (لما شكيت في الموضوع المهم الله ستر).أشبه أبي جدا كلما تقدم بي العمر، هو يقدم الأنموذج الكامل للواثق بالله، المتوكل عليه (ضارب الهم بالفرح) يحب الخير للجميع ويقدمه بأكثر من حبه له، لكنه للأسف يظن أنه الجميع أيضاً، لا حواجز ولا فواصل بينه والآخرين، حأحكي قصة للتدليل على كلامي.

كنا في عزاء بعطبرة، في طريق عودتنا بالبص السفري، جلس أبي بجوار رجل كباري من أهلنا ساكني أرياف عطبرة، تظهر على الرجل ملامح الحكمة والفراسة، وهما صفتان ملازمتان للعين الحارة، تعرفا على بعضهما وتعرف الرجل على مجايلي والدي بالمنطقة واستغرب من أن والدي الذي لا تبدو عليه آثار السنوات يجايل أولئك العجائز، يخاف أبي من العين ولا يخاف من الموت، فما كان منه إلا أن استدرج الرجل حتى عرف أنه بصير يعمل على علاج الكسور وتطبيب المرضى، هنا وجد ضالته وقد كان بساقه فصل وبعض ورم، فما كان منه إلا أن ضغط على ساقه المفصولة ليتألم وأمعن في إظهار ألمه أمام الرجل الذي بادره بالسؤال وشرع في علاجه وقال له:

العمر ما ظاهر في وشيك.

إلا ظاهر في مشيك.

حمد أبي الله على أن كف عين الرجل عنه بإصابته، بل وعالجه أيضا وأوصاه بالعناية (بالمشايات) الأرجل من (الكشايات) السنوات، تم بسلام التخفيف من شهوة الثرثرة بهذه الأحرف المبعثرة وإلى ثرثرة قادمة بلا قيود.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى