تلك البذرة التي في قلوبنا
احمد الفكي
نثروا بذور القادم تحت هجير الشمس وملاحقة الحاكم باسم الله ولحس الكوع وكتائب الظل. روتها دماؤهم وبسالتهم ونبلهم. اصبنا بالذهول وكادت ارجلنا ان تتكسر وتفشل في حمل اجسادنا واحلامنا المثقلة والمرهقة من العجز عندما هتفوا حرية سلام وعدالة والثورة خيار الشعب. فرحنا معهم ولكن فرحنا خالطه خوف من انفسنا.خوف من الكوز الذي بدواخلنا والذي لم ننجح في هزيمته. لقد كان اكبر من كل كيزان الخارج التي يفتح شبابنا الابواب لهزيمتها.
تصارعنا واقترح بعضنا ان نتحلق حول تلك الزهرة الجميلة ، زهرة القادم، لنحميها من غارسييها ومن اشعة الشمس. عادت عناكب خيبتنا واحتلت مساحتها التي كادت ان تفقدها بفعل الثورة وتربعت علي قلوبنا وادمغتنا.
اكلت العناكب من نصف ايماننا بالتغيير وشربت من اوهامنا كوبا كاملا وعاودت احلامها. احلامها بوراثة الثورة وببيع دم الشهداء في اسواق الاحلاف وصالات الفنادق واوهام المثقفين والخبراء الاستراتيجيين والامميين اخيرا وليس اخرا.
لقد كان كشة شابا عاديًا يمتلك الحكمة من معرفة اليومي الخارق منه والعادي، ومن ممارسات الدولة الدينية ومن معايشة التسلط. كانت احلامه بلا حدود.لم يكن خاويا استراتيجيا او غفيرا امميا، بل كان يعرف طعم الواقع جيدا كما يعرف طعم فتة الفول ويتبين رائحته من اميال كما يعرف اهلنا رائحة الطعمية والحرجل والكركدي. كان حكيما وصادقا مع خبرته ومقدراته ولم يحتاج الي ان يطلق عليها وصفا واحدا. كان عمليا تماما كترالبة بلادى دليل نجاحهم ارتفاع رؤوس السنابل وتفتح زهرات عباد الشمس ومطاردتها لاشعتها من الصباح الى المغيب.
كان جيلا كاملا من خبراء الواقع الذين لا يسمون انفسهم علماء ولا خبراء لسبب بسيط وهو انهم كانوا وظلوا في رحلة مستمرة من اجل المعرفة ومراجعة المعرفة علي ضوء الواقع واعادة اكتشاف كل شيء حتي انفسهم التي لا تستوعبها الالقاب.
ثورتهم لم ولن تتوقف. ستطرد من بدأت في طردهم من حياتنا مرة واحدة والي الابد، من حكمونا باسم الدين وانتفخت حساباتهم في البنوك، وستطرد الخبراء الامنيين والامميين وعواطلية الفنادق من الحركات المصلحة وعبدة الالقاب.
تري كم نحتاج من الوقت ومن اشعة الشمس لفضح الذهنية التي انبتت اعشاب التسلط والعنصرية واحتقار الجماهير وانتهازيتنا التي تقتل كل ازهار الدنيا.
*نقلا عن الراكوبة