الرأي

بوابة لعودة كوادر المخلوع

أسماء جمعة

أحد أهم أسباب الفساد في ظل النظام المخلوع هو استعانة المسؤولين دون استثناء بأبناء أهلهم، فالوزير يحيط نفسه بعدد كبير منهم ابتداء من مدير المكتب مروراً بالسكرتارية والسواق والحرس وآخرين غير ظاهرين وحتى الغفير، لا يهتمون لشيء آخر حتى وإن كان هذا القريب مسجل خطر، وهذه الظاهرة تنتشر في الأحزاب ولا أحتاج الى شرح لكم فأغلبها أحزاب عائلات حتى (الفكة) منها حين انشقت كان في شكل كتل قبلية وحين تم تسجيلها أغلب أعضائها هم من أهل رئيس الحزب، والعجب الحركات المسلحة وخاصة الدارفورية فهي من البداية تأسست على أساس قبلي وحين تشظت تحولت الى عائلات، والآن هناك صراع (تهميش) يدور داخلها بسبب أن هناك قبيلة مسيطرة وأعضاء عبارة عن تمومة جرتق لتبدو الحركة قومية، والمشكلة الحقيقية الآن هي أن هذه القرابة فتحت الباب واسعا أمام عودة الكيزان وهم أصلا مسجلين خطر لدى الشعب.
منذ أن سقط نظام الحركة الإسلامية ظل مطلب الشعب الأساسي هو معالجة أمر وجود عصابة النظام المخلوع في مفاصل الدولة، وهو أحد أسباب إشاعة الفوضى وتعميق الأزمات التي ما زالت تزداد كل يوم، والآن يحذر النشطاء من خطورة عودة فلول النظام البائد عبر بوابة علاقات القرابة والعشائرية.
قبل أكثر من أسبوع أصدر وزير التربية والتعليم بيانا أوضح فيه بعض مشكلات اختيار الوزراء في الحكومة الانتقالية، وحذر من طريقة الاختيار وقال إن عناصر من الحركة الإسلامية والموالين لها يمكن أن يتم تعيينهم وزراء عبر بعض الأطراف المشاركة في الحكومة، وأكثر الأطراف التي يمكن أن يعودوا عبرها هي الحركات المسلحة التي دعا قادتها صراحة الى مصالحتهم.
قبل أيام ضجت الأسافير بالسيرة الذاتية لأحدهم من إحدى المجموعات رشحته لوزارة التربية والتعليم وهو قريب رئيسها، وثار الجدل بأنه رجل مؤهل وشريف، وحقيقة الحركة الإسلامية عصابة ومجرد القبول بالانتماء إليها وعدم الخروج منها وإنكارها فهذا يكفي ليصنف الشخص غير مؤهل لتولي أي منصب، وجبريل نفسه لولا أنه خرج عليها وأنكرها لما نال هذا المنصب، ورغم هذا هناك تحفظ شعبي كبير عليه، فهناك مقولة للشعب السوداني تقول إن الانتماء الى الحركة الإسلامية مثل لعنة الوالدين يطاردك الى يوم القيامة، وهو بالضبط كالانتماء الى المافيا فالعضو فيها مهما تاب وابتعد عن الإجرام وأصبح تقيا ورعا يظل الناس يتوجسون منه وهذا يفرض عليه أن يتصرف كل يوم بطريقة ملتزمة ترضي الناس ليثبت دائما أنه صادق وهذا هو المطلوب من جبريل الآن ومن كل من يريد مصالحة الشعب.
بالأمس عادت الأسافير تضج مرة أخرى بأن وزير المعادن الجديد محمد بشير أبو نمو قام بتعيين أحد أقربائه مديرا لمكتبه وهو أحد عناصر النظام البائد وكان يعمل بإحدى شركات التعدين الكبيرة وهذا يعني أنه من الكوادر المهمة التي أثبتت ولاءها للحركة ووصلت مرحلة متقدمة، وبلا شك الكلام لم يأت من فراغ وإن لم يكن حقيقة فهناك شبهة دعت الناس للحديث.
عموما يجب أن يحذر السادة الوزراء الجدد من تعيين أقربائهم الذين ينتمون الى النظام المخلوع فإن كان لابد من الأقرباء فهناك آخرون لا انتماءات لهم، هذا التصرف يجعل الشعب يصدم مرة أخرى في وزرائه ويؤكد له أنهم لا يحترمون الثورة ولا أهدافها وهذه أول ضربة للجهات التي رشحتهم ويبدأ العد لها بنقطة سوداء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى