بوابات/ نفّــاج.. بلبلة وجقلبة
نفّــاج
بلبلة وجقلبة
– ما قلت وينها الطرفة البكّاية.. تراها بدت ليلة السبت.
– عينة الطرفة السنة دي تلقانا (باكين) أكثر منها.. وشكلها ما حا تزيدنا (بلل) ولا (بلبلة) فوق الفوقنا.
– يعني تخلي (البل) لي ناس لجنة إزالة التمكين.. و(البلبلة) لي الجماعة إياهم؟
ـ قالوا ليكم الموية جاية جاية
ـ جاية من طرف المسافة
البين بُناء الطين والسراية.. زي ما قال حميد (الله يرحمو)؟
ـ مبشرين بي مويات من فوق ومن تِحِتْ.. بس الوضع آمن بعض الشي لي حد الآن.
ـ سؤال.
ـ إتفضل.
ـ ليه نحن دايماً بنتفاجأ بي الخريف والسيول والفيضانات.. ونقعد نجقلب؟
ـ عاااادي نتفاجأ.. زي ما بنتفاجأ بي العيد ورمضان وموسم المدارس.. وبالثورات.
ـ عشرات السنين والنيل بشيل كل سنة قرابينو.. بيوت وشوارع وثروات..
ـ وناس…
ـ وتلقى مافي زووول بفكر إنو يعمل احتياطات مستديمة!
ـ قال ليك خبراء المناخ في العالم لاحظوا إنو الكوارث الطبيعية في صيف السنة دي ضربت حتى الأماكن الناجية من غضب الاحتباس الحراري قبل كده.
ـ زي!
ـ أمريكا وكندا وألمانيا.. يعني تطرف المناخ ما فرّق بين الدول الغنية والفقيرة.
ـ عدل في الإبتلاء..
ـ برضو قال ليك في الصين وغيرها… الناس ماتوا من الحر.
ـ أيوه في الكويت القريبة دي درجة الحرارة وصلت 55 درجة في الضل، وفي الشمس الأسفلت ذاب، وخزانات الموية البلاستيكية إتعجنت.. وزينة العربات وأي حاجة بلاستيكية سالت و(خرخرت).
ـ ها ها ها .. إتذكرت (خرخرة) الجماعة..
– أنا كنت خايفك تعرج بي الموضوع.. خلينا في المناخ.. استعدادات الولاية للخريف كيف؟
ـ زي كل سنة.
– يعني الشوارع الإترقّعت تاني حا تتحول لي عناصرها الأولية.. وتبقى عبارة عن حفر ومطبات؟
ـ لازم.. عشان تلقى الناس تباري بي الحيط.. الواحد زي الضب.
ـ المشكلة إنو المويات ملوثة بي نفايات من كل نوع وصنف.
ـ الله يحفظ خلقو.
____________________________________________________________________________________
زاوية شوف
من الضحية؟
محمد أحمد الفيلابي
ثلاثة عوامل كفيلة حين اتحادها، بتحويل فرحة العيد لدى سكان العاصمة الخرطوم وبعض المدن الكبيرة، إلى خوف مستبطن مما قد ينجم عن التدهور المريع في صحة البيئة. بينها عامل طبيعي، وآخر سياسي، وثالث اجتماعي.
العامل الطبيعي يتمثل في قدوم العيد مع بداية موسم الأمطار، وفي ظل سوء تصريف المياه، تزداد المخاطر البيئية جراء تعرُّض مخلفات الذبيح، ونفايات أسواق الخراف العشوائية في تقاطعات الشوارع، وميادين الأحياء للعطن الذي من شأنه تكوين مفارز توالد الحشرات والهوام، بجانب نفث الروائح الكريهة، والغازات الضارة بصحة الإنسان.
العامل السياسي هو الفشل في التعامل مع ملف النفايات، الأمر الذي اعترف به أكبر مسؤول في الولاية قبل أيام، حين أعلنها في وسائل الإعلام “فشلنا في التخلص من النفايات”، لتضج الأسافير، ويصبح التصريح مثار الأحاديث هنا وهناك.
ويعد عدم اهتمام المواطن، وتصالحه مع الوجود الكثيف للنفايات عاملاً اجتماعياً، يشير إلى ضعف الثقافة والسلوك البيئي، ويفسره البعض بظاهرة (ترييف المدن).
كنا في طفولتنا الباكرة مولعين بمتابعة طقوس الذبيح، ضمن مظاهر اجتماعية ودينية عديدة في موسم الأضاحي وغيرها. يملأنا الفرح حين يطلب منا الكبار المساعدة، كأن نكلّف بإحداث حفرة عميقة بعيداً عن الدار تُطمر فيها المخلفات، أو أن نقوم بإزالة الدم المتيبس، أو أن نشارك في عملية فرد وتمليح الجلد، تمهيداً لتعريضه للشمس، وفي مقابل مراقبته نُمنح حق الاحتفاظ بالمقابل المالي الضئيل حين يمر تاجر الجلود في الأيام التالية. ولاحقاً أصبحت هذه الجلود مصدراً لدعم المؤسسات والمبادرات المجتمعية في القرية، نساهم فيها بذات القدر من الاهتمام والتفاعل، بيد أنها باتت الآن من الثروات المهدرة بعد أن قل الإقبال عليها بسبب توقف معظم المدابغ التقليدية والحديثة في السودان.
ما يحدث الآن على صعيد صحة البيئة يفوق قدرات التحليل، فمن هو الضحية.. هل هي بيئة المدينة؟.. أم المواطن؟.. أم المستقبل؟ إذ ها هو جيل بأكمله لا يرى في موسم الأضحية من الايجابيات سوى إمكان توفر كميات أكبر من اللحوم، وما يمكن أن يتبعها من طقوس غذائية، وفرص للتلاقي مع الأهل. ويلاحظ المرء التجاهل التام لمبادرات جمع جلود الأضاحي، ذلك لارتباطها بمفاسد النظام السياسي السابق، فيما تضيع وسط هذا دعوات التخلص السليم من مخلفات الذبيح.
الدكتور بشرى حامد الأمين، العام للمجلس الأعلى للبيئة، أكد أن جلود الأضاحي تمثل ثروة قومية تستوجب المحافظة عليها، فـ”إذا افترضنا أن ولاية الخرطوم تنحر مليون وخمسمائة ألف أضحية، في هذه الفترة، ما يعني مليون وخمسمائة ألف جلد، أي ١٥٠ مليون دولار على أقل تقدير، لذلك يجب الاستفادة منها”. كما تبنت الإدارة العامة للتوعية والإعلام البيئي بالمجلس عمليات التوعية عبر كافة الوسائل، خاصة وسائط التواصل الاجتماعي بوصفها الأكثر انتشاراً ووصولاً للمواطنين..
فهل ينجح الأمر هذه المرة؟
حاشية:
المقال تم نشره بصحيفة العربي الجديد اللندنية، في زاوية (إيكولوجيا) 28 يوليو 2021، وكنت قد بعثت به قبل العيد، لكنهم نشروه متأخراً قليلاً.. وغيروا عنوانه إلى (جلود الأضاحي)… ليس هذا فحسب.. بل اعتقد المحرر أنني أخطأت حين ذكرت الدكتور بشرى حامد الأمين العام للمجلس الأعلى للبيئة.. فقام بإضافة (تاء مربوطة) للصفة.. باعتبار أن اسم (بشرى) لا يطلق على الرجال في بلدانهم (المحرر لبناني).. وكان لابد من استدراك الأمر، ومخاطبتهم.. لتوضيح الأمر… لكن بعد أن نُشر المقال.. وهنا نعيد النشر مع الاعتذار للدكتور بشرى.. والتأكيد على أن التصحيح حدث في النسخة الإلكترونية من الصحيفة.
____________________________________________________________________________________
بوابة مشرعة
لاستمرار الحياة
أحمد قسومة*
هنالك قول جميل مفاده إننا لا نرث الأرض من أجدادنا ولكن نستعيرها من أحفادنا، هذا الحديث مقصود به الإسراف في استخراج واستخدام موارد الأرض خاصة المعدنية، ويعلم الجميع ما يترتب على التعدين في أشكاله الحالية من مخاطر. وللأسف أصبح جل السودانيين يرتبط همهم الأول في الحصول على المال، وبالكاد يدرك البعض أن المال ليس النقود، وإنما هو توفر الغذاء.
ومن المضحك المبكي هو أنه كل ما تسأل شخصاً عن أولوياته، يقول لك أن يحصل على النقود لكي يعيش، ولا يفكر بأن الزراعة والرعي كمثال هي وسيلة العيش الكريم. ونضرب مثلاً إذا فرضنا بأنَّ إنساناً تائهاً في صحراء ووجد صخرة من ذهب، وبقربها قربة ماء، ولا قدرة له لحمل كليهما.. فأيهما يحمل؟ قد تجد من يقول هذه الأيام صخرة الذهب، بينما البداهة والحكمة تقول إن قربة الماء هي الأولى بحمله.
أيقنت مما جرى ويجري أننا لا نتعلم من ماضينا، ولا قدرة لنا بالتعلم من تجارب سوانا.. إلا من رحم ربي. ويحضرني هنا تصريح لرجل كان في السلطة في السودان قبل عقود، حين تم اكتشاف البترول، بواسطة شركة أجب. وعند اجتماع التعاقد رفض الرجل الموافقة على استخراج البترول وقال مقولة فيها من الحكمة وثاقب النظر الكثير: (لو استخرجنا الزيت ح تحرقوا لينا بيهو الغيط)، فقد كان همه تطوير الزراعة، لأن إمكانيات السودان الزراعية تجعله يسيطر على كل أفريقيا والعالم العربي، حسب دراسة قدمها باحث تونسي في أوائل الستينيات. وقتها صُرف النظر عن مشروع استخراج البترول، ولكن عندما استخرج في منتصف التسعينيات بدأ انهيار الزراعة وما يتبعها من صناعة الغذاء.
الآن نحن نسير في ذات الاتجاه، إذ انصرف كل المجتمع والدولة إلى التعدين، وتكالبنا على استخراج الذهب في كل السودان، واليورانيوم في الغرب والنحاس بدعوى توفير النقد الأجنبي، لتوفير الغذاء مع العلم بأن التعدين لا يوفر الغذاء بل يجلب معه فساد البيئة والأمراض. ألا يوكد الأمر أننا نحتاج للنظر بعمق لمشكلة التعدين، وبحث الأسباب وليس الآثار فقط؟
لي مقال سبق نشرة في 2015 حول الأمن الغذائي، ذكرت فيه كيف أن توفير الغذاء يمكن أن يكون بشكل متوازن، مع الاستدامة وصلاح البيئة، ولنا في القرآن الأمثلة حول ذلك قال الله تعالى: (وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا ۚ إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ (56) الأعراف وقوله تعالى ( إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (القمر- 49) من هذا نفهم بأن الله خلق الأرض متوازنة في كل شيء والإنسان بطمعه يتدخل فيحدث الخراب.
كلنا نعلم بأن البيئة هي إعادة التوازن للطبيعة ولذا من المطلوب النظر للمستقبل واستمرار الحياة..
*الأمين العام لمبادرة (إعلاميون من أجل البيئة).
____________________________________________________________________________________
بوابة روح
نواة وعي بيئي
د. سعادة نايل
تراه منكبّاً على دفتره، ممسكاً بالقلم بين أصبعين، وكأنه يخشى أن يضغط عليه فيكسره. أو قد تجده ممسكاً بذلك الدفتر بكلتا يديه، يضعه أمام وجهه قريباً قريباً، يلتهم السطور التهاماً، ترتسم على شفتيه ابتسامة رضا، إذ أنه هو من كتب تلك السطور. وقد تجده في أحيان أخرى واضعاً قلمه خلف أذنه، يضيّق عينيه في محاولة للتركيز، وتجميع أطراف الحوار الذي يدور حوله، واختزانه، وتحليله. وعندما يستهل النقاش بين أفراد المجموعة الذين ضمتهم دورة تدريب أعضاء لجان قرى المشروع بمنطقة الرهد، يبدأ حديثه بصوته الوقور الهادئ العميق، يدلق أفكاره المرتبة في ثقة، فتكاد تجزم بأنك تستمع إلى رجل عظيم، عالم متواضع، يتدثر في ثياب راعٍ بسيط، يقطن قرية صغيرة (حلة بيلو)، من قرى الهوج الواقعة داخل حدود المحمية.. رجل بسيط، من قبيلة الفلاتة، ذلك هو أحمد حسين نوح.
القرى العشر الواقعة داخل حدود المحمية، لم تنضم للقرى الرهد التي سيدعمها المشروع، فقد قضى القانون بعد السكن وممارسة النشاط البشري داخل المحمية، إلا أن هذه القرى تم استثناؤها، على أن يُنظر في طريقة التعامل معها، فهي صغيرة المساحات، وقليلة السكان. وتم التوصل إلى فكرة تجميع القرى في لجنتين. هنا أخذ أحمد يحكي في أدب جم (كعادته) عن تجربتهم كلجنة موحدة لخمس قرى تشكل المجموعة الأولى لجنة التقدم قرى (نور المدينة/ حلة بيلو، عين الجمل، أم سلعلع، الخيرات، أو ككر)، أما الثانية فقد أسموها لجنة السعادة، وتضم قرى (حنُو الشِّطيف، الحنو الأزرق، أم الخير غرب، حلة هاشم، والجمام غرب). وانتظمت كل مجموعة في اجتماعاتها، وأنشطة التوعية بدعم من لجنة أم الخير. وتم توفير التمويل لمشاريع فردية، وجماعية لقرى المجموعتين من الصندوق الدوّار (أسطوانات غاز.. زراعة.. مجموعات نسائية.. أنشطة فردية).
يحكي أحمد عن لجنة التقدم، وعن المجهودات التي قاموا بها لرفع وعي الناس بأهمية المحمية، والمخاطر التي تتهددها. ولم ينس أن يحكي عن الصعوبات التي تواجهه (كمنسق اتصال) وهو يتنقل بين القرى المتباعدة ليدعو الأعضاء إلى اجتماع، أو لمشاورتهم في كيفية تسيير أعمال اللجنة، وتحويل الخطط التي وضعوها إلى واقع معاش. وعندما يتحدث بتلمس فيه الأدب الجم، ومسحة الوقار، وتلك السلاسة.
في محاولاته الجادة، والمتواصلة بحثاً عن العلم والمعرفة، ترى أحمد نوح، يضع يده تماماً على موضع الألم، يجسه، ويتعرف عليه، ويلح عليك بالأسئلة.. صغيرها وكبيرها.. يسأل، ويسأل.. ولا يمل، ولا يجعلك تمله، وهدفه دائماً معرفة كيف يجتث الداء.. وكيف يصل بالناس الى مستوى الوعي الذي يتمناه لأهله وعشيرته، هو دائماً ملئ بهواجس أهله، ومهموم بأحوالهم، يشغله التفكير في تغييرهم إلى الأفضل. وفي إلحاحه ذلك لطلب المعرفة، تجده دائماً يردد “نحن نحتاج إلى الكثير من التعليم.. ونحتاج إلى زيارتكم لنا في قرانا حتى نتعلم منكم أكثر”.
أحمد نوح.. هو نواة وعي بيئي قد يمتد.. ويتصل.
____________________________________________________________________________________
تذكار على البوابة
وما أدراك ما الفول السوداني!
يوقع على البوابة هذا الأسبوع: سيد الحسن عبدالله
في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، كانت جُل منتجات الفول السوداني من الأراضي الرملية تُشحن مباشرة من أسواق المحاصيل للمعاصر، سواء للولايات، أو للمعاصر بأمدرمان والمنطقة الصناعية بحري، حيث يتم تقليل نسبة الرطوبة بالتجفيف قبل ورودها للأسواق. وفي نفس تلك الفترة كان محصول الفول المنتج في الأراضي الطينية معظمه من إنتاج مشروع الجزيرة (أراضٍ طينية) يتم عرضه للبيع فيما يشبه البورصة، أو أسواق الفول، على شاطئ النيل الأبيض بمنطقة اللاماب، حيث وكلاء المعاصر، والذين يقومون بغسل الفول في مياه النيل الأبيض لإزالة التربة العالقة بالفول المنتج في أراضي الجزيرة الطينية، ويتم تجفيفه في رمال الشاطئ قبل ترحيله للمصانع والمعاصر، وذلك لتقليل مخاطر نقل السموم الفطرية (أفلوتاكسين).
حالياً أزيلت أماكن وكالات المعاصر باللاماب بالمد السكاني على مناطق الغسيل والتجفيف، مع قلة الإنتاج خلال الحقبة من الثمانينيات إلى الآن. علماً بأنه أصبح لا توجد بنية تحتية من وكالات الغسيل والتجفبف كما كان سابقاً. وظهرت حلول، لكنها محدودة بانتشار القشارات في منطقة الجزيرة من الصناعة المحلية بالمنطقة الصناعية المناقل والحصاحيصا، مع دخول القليل جداً من القشارات الصينية. لكنها لا تشكل تأثيراً نسبة لقلة عددها وطاقتها المحدودة، للتقليص من مخاطر الفطريات السامة لكل المنتج من الكميات.
مقتطف من مادة منشورة على الشبكة العنكبوتية تحت عنوان (مؤتمر الفول السوداني.. وانعكاساته على رطل اللبن وكيلو اللحم).
____________________________________________________________________________________
بوابة خاصة
تعتذر بوابات عن الغياب في الأسابيع الماضية نسبة لعدد من الأسباب، ليس من بينها التكاسل عن التلاقي بالقراء الكرام.. بعد انتظام دام قرابة الأربعين أسبوعاً.. ونعد بمواصلة الظهور كل أسبوعين، بدلاً من كل اثنين، حتى تنتفي أسباب الغياب..
ولكم مني كل التقدير