تقارير

بعد كشف سر الجيوش المحترمة.. السودان و(أفريكوم).. شراكة جديدة وتحديات مشتركة

تقرير- القسم السياسي
“لا يوجد جيش محترم لا تتجذر فيه قيم الشفافية والمساءلة واحترام حقوق الإنسان… القوة العسكرية لا تقاس فقط بعدد القوات أو عدد الدبابات والطائرات، من الأفضل فهمها من حيث قوة قيم أعضائها وطبيعة قياداتها”، هكذا قدمت مديرة الاستخبارات بـ(أفريكوم) هايدي بيرج، للعسكريين السودانيين نظرتهم لطبيعة التعاون ومخاوفهم باعتبار السودان بات شريكاً جديداً بعد إزالة اسمه من لائحة الإرهاب.
زيارة ناجحة
وفي بيان صحفي تلقته صحيفة (الديمقراطي) وصفت (أفريكوم) زيارة نائب قائد (أفريكوم) للارتباطات المدنية – العسكرية، أندرو يونغ، ومديرة الاستخبارات هايدي بيرج للخرطوم نهاية الأسبوع الماضي بالناجحة، وتركزت المناقشات بشكل أساسي على مجالات الاھتمام المشتركة بما في ذلك مكافحة الإرھاب، ونشر جیوش محترفة، والتعاون في مجال الاستخبارات العسكریة ، والوعي بالمجال البحري، وأمن الحدود، وأھمیة المساءلة والشفافیة.
قالت یونج: “تمثل الزيارة فرصة جديدة للشراكة الأمريكية السودانية، ناقشنا كيفية المساعدة في تنفيذ تصوراتهم لبناء جيش قومي محترف يسهم في نجاح التحول الديمقراطي بقيادة مدنية”.
یونج أشارت الى تفاهمات على أهمية فهم الحركات المتطرفة وطرق الهجرة غير الشرعية لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة عبر شراكة تخدم مصالح الطرفين تقوم على تعاون استخباراتي واسع. مضيفة:”إن ازدهارنا وأمننا مرتبطان، عندما تسعى الجهات الخبيثة إلى تدمير السلام والاستقرار في إفريقيا، فإنها تشكل أيضًا تهديدًا للولايات المتحدة، لابد من العمل معًا لمواجهة التحديات ومشاركة المعلومات جزء من الحل”.
من جهته قال نائب قائد أفريكوم أندرو يونغ:” إن أحد الأهداف المشتركة هو الأمن والاستقرار في شرق إفريقيا”، موضحاً أن القيادة الأمريكية لإفريقيا تواصل بناء وتعزيز شراكات شرق إفريقيا لمعالجة قضايا الأمن المتبادلة.
وقال نائب قائد القيادة العسكرية الأمريكية إنه ليس لدى واشنطن صفقة ولا استغلال مع العسكرية السودانية إنما رغبة حقيقية بشراكة ثنائية مستقبلية.
وأضاف: “ناقشت مع الجانب السوداني تعزيز قدرات شعب السودان الشجاع لبناء مستقبل جديد“، لافتاً إلى أن “جزءاً من جهود أمريكا مع السودان تعزيز الأمن والحماية في المنطقة“. وتابع: “لا نرى أنه من الملائم الاتجاه لإنشاء قاعدة أمريكية عسكرية على البحر الأحمر، إنما نتجه لبناء شراكات من خلال العمل معاً”.
مقر جديد
وبحسب تقارير صحفية تصاعد الحديث عن نية الولايات المتحدة نقل القيادة العسكرية (أفريكوم) إلى قلب إفريقيا بسبب رفض المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل منذ سبتمبر الماضي، زيادة مساهمة بلادها في العمليات العسكرية الخارجية.
وبالنظر لتطور أولويات الدفاع الأمريكية والاتجاهات طويلة الأمد في قارة إفريقيا رغم أن الخوض في هذه المسألة لا يزال سابقا لأوانه لاسيما في ظل ضبابية استقرار المناطق الجغرافية التي ينتشر فيها الجيش الأميركي خارجيا، فإن الغموض يلف المكان الذي ستتمركز فيه القوات الأمريكية.
وطرح الباحث في معهد الدراسات الأمنية الامريكي بيتر فابريسيوس نقاط استفهام بشأن استفادة إفريقيا من وجود قيادة أفريكوم في قلب القارة للمضي قدما في ملاحقة التنظيمات الإرهابية الناشطة في مناطق واسعة هناك، وذلك استنادا على الوجود العسكري الأمريكي الكبير في عدد من الدول التي ينشط فيها المتشددون.
عندما سعت وزارة الدفاع الأمريكية إلى تحديد موقع قواتها الإفريقية المشكّلة حديثا (أفريكوم) في مكان ما في إفريقيا في 2007، ورد أن بوتسوانا وليبيريا حريصتان على استضافتها. لكن رئيس جنوب إفريقيا آنذاك ثابو مبيكي ووزير دفاعه موسيووا ليكوتا حشدا القارة لمعارضة الخطوة، وقالا إن ذلك سيشكل انتهاكا غير مقبول لسيادة إفريقيا.
وقد تراجعت الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس جوروج بوش الابن في نهاية المطاف واختارت بدلا من ذلك مدينة شتوتغارت في جنوب ألمانيا، مقرا لقوات أفريكوم لتدير العمليات العسكرية الأمريكية في إفريقيا. والآن تبحث أفريكوم عن موطن جديد.
وكان قائد أفريكوم الجنرال ستيفن تاونسند قد أعلن في يوليو الماضي أنه تم إخطار القيادة الأمريكية في إفريقيا بالاستعداد للتحرك، وسيكون هذا جزءا من خطة البنتاغون لسحب 12 ألف جندي من ألمانيا بعد أن قرر ترامب تقليص عدد القوات الأمريكية هناك.
ويقول فابريسيوس إن موقف ترامب استند على أن برلين لم تكن تفي بالتزاماتها الدفاعية لمنظمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) بإنفاق ما لا يقل عن اثنين في المئة من إجمالي ناتجها المحلي على جيشها.
وقد كشف تاونسند أن أفريكوم تبحث عن موقع جديد سواء في أوروبا أو الولايات المتحدة، وبحسب ما ورد قال المسؤولون سرا إن القيادة لا تبحث عن مقر جديد في إفريقيا وسبب ذلك على ما يبدو أن الولايات المتحدة تريد تجنب انطباع قد يؤخذ عليها بأنها تعمل على عسكرة علاقاتها مع القارة.
وأكد رئيس برنامج إفريقيا في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية في واشنطن جود ديفيرمونت، ذلك السيناريو، وقال إنه إذا تم نقل أفريكوم، فمن المرجح أن تنتقل إلى أوروبا أو الولايات المتحدة أكثر من انتقالها إلى دولة إفريقية.
ويستند ديفيرمونت في تبريره على نقاط عدة، وقال إنه “عندما تم إنشاء أفريكوم كان هناك عدد قليل من المستفيدين الأفارقة، وأظن أنه لا يزال هناك اهتمام محدود باستضافة عدد كبير من القوات الأمريكية”، مشيرا إلى أنه إذا بقيت القوات في أوروبا، فإن بلجيكا وإيطاليا وإسبانيا والمملكة المتحدة مرشحة محتملة لاستضافة القوات. ولكن في المقابل، أوضح أنه إذا كان هناك أي أفارقة مستفيدين من تمركز القوات في القارة الإفريقية، فعندها سيكون الانتقال إلى القارة منطقيا، ومع ذلك ربما يعارض البنتاغون ذلك بسبب الجدل الضخم الذي حدث في عام 2007.
وثمة مفارقة كبيرة في الوقت الراهن حول أفريكوم، فإذا كانت جنوب إفريقيا ودول أخرى تعتقد أن إبقاء التمركز في الخارج سيجعل الوجود العسكري الأمريكي في مأزق أو غير قوي، فإن هذا السبب غير وجيه فعلى العكس من ذلك، انتشر النشاط العسكري الأمريكي والأجنبي في إفريقيا بشكل كبير.
تنافس كبير
وفقا لمعهد الدراسات الأمنية تمتلك 13 دولة أجنبية الآن وجودا عسكريا في إفريقيا، بينها الصين وروسيا، يتركز معظمها في القرن الإفريقي حيث توجد 11 قاعدة عسكرية، ولدى الولايات المتحدة وفرنسا أكبر عدد من القوات في القارة.
وبينما تقول وزارة الدفاع الفرنسية إن لديها ما يقدر بنحو ثمانية آلاف من الأفراد العسكريين المنتشرين في جميع أنحاء القارة باستثناء عمليات الأمم المتحدة، تقدر مصادر عسكرية أن الولايات المتحدة لديها حوالي سبعة آلاف جندي خاص متناوبين في إفريقيا، يقومون بعمليات مشتركة مع جيوش بلدان إفريقيا ضد المتطرفين، ويقوم ألفا جندي آخرون بمهام تدريبية في حوالي 40 دولة بينها بلدان المغرب العربي.
وتعتبر جيبوتي، بموقعها الإستراتيجي على البحر الأحمر والمطلة على مضيق المندب، مركز هذا الوجود العسكري الأجنبي، وهي تستضيف سبعة جيوش ومعظم القواعد العسكرية في القرن الإفريقي، وتشير بعض المنصات المتخصصة في الشؤون العسكرية إلى أن أفريكوم لديها الآن 15 قاعدة دائمة و12 قاعدة غير دائمة مخصصة للطوارئ في القارة.
الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء د. أمين إسماعيل مجذوب يقول إن نقل قيادة “أفريكوم” من جيبوتي للسودان، وهو أمر قديم وأحلام وأشواق أمريكية؛ لأن السودان بتوسطه القارة الإفريقية، تسهل الحركة منه في كل الاتجاهات، وتعمل كل أجهزة التنصت والالتقاط عبر السودان على كل الدول الإفريقية في كل الاتجاهات.
وأشار مجذوب إلى أن “من يريد أن يسيطر على إفريقيا معلوماتيا واستخباراتيا لا بد أن يدخل عبر السودان”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى