انقلاب البرهان يكبد السودان خسائر بمليارات الدولارات
تقرير- محمد عبد العزيز
بعد ستة اشهر من انقلاب قائد الجيش عبدالفتاح البرهان خسر الجنيه السوداني نحو 40% من قيمته خلال الاسابيع القليلة الماضية، وارتفعت أسعار السلع والخدمات بشكل غير مسبوق، فيما يعاني البنك المركزي السوداني من تراجع كبير في احتياطي العملات الأجنبية، بعد أن أوقفت دول غربية بينها الولايات المتحدة الأمريكية دعما بمليارات الدولارات بعد الانقلاب العسكري.
وقال وزير الاستثمار والتعاون الدولي في حكومة حمدوك إن السودان خسر بسبب انقلاب 25 أكتوبر الماضي استثمارات تقدر بأكثر من 35 مليار دولار في مجالات الزراعة والصناعات المتكاملة وغيرها.
واشار وزير الاستثمار السابق، الهادي محمد إبراهيم الى ان :”الانقلاب عطل انطلاقة السودان نحو الاستقرار الاقتصادي والسياسي والدمج الكامل في المجتمع الدولي، وأعاد البلاد إلى عهود العزلة والحرمان”.
ويحذر خبراء اقتصاديون سودانيون، من أن البلاد تشهد بوادر انهيار اقتصادي وشيك، في ظل انعدام القدرة الشرائية للمواطنين، والارتفاع غير المسبوق في أسعار السلع الضرورية، وكانت السلطات السودانية، قد زادت من أسعار الوقود للمرة الرابعة، خلال أقل من شهرين، إذ ارتفع سعر وقود السيارات بأكثر من 30%، في حين زادت أسعار الخبز بنسبة 20%. فيما باتت القوة الشرائية في ادنى مستوياتها بسبب الارتفاع المستمر للاسعار.
وحذر الخبير الاقتصادي د. التجاني الطيب من استمرار الانقلاب العسكري الذي اعاد السودان للعزلة الدولية، وقال:”إذا استمر الانقلاب فستكون تداعياته المستقبلية كارثية على الأوضاع الاقتصادية الحالية في غياب إصلاح داخلي مالي واقتصادي حقيقي لمواجهة تلك الآثار”.
واضاف الطيب: لا يمكن تحقيق استقرار اقتصادي الا بعد الاستقرار السياسي والامني، مضيفا: “الموارد الذاتية لا يمكن لها سد الفجوة بين الايرادات الكلية والانفاق التشغيلي ناهيك عن العجز الذي يصل لنحو 363 مليار جنيه”.
يأتي ذلك في ظل اعتماد الدولة على طباعة النقود لسد العجز، وتوجيه الجزء الأكبر من الإنفاق الحكومي نحو القطاع الأمني، بدلاً من دعم الإنتاج، إضافة إلى الخلل الواضح في العلاقة مع المجتمع الدولي بعد الانقلاب.
توقف المساعدات
وكانت الولايات المتحدة الأمريكية ووكالات دولية، قد علقت مساعدات بمئات الملايين من الدولارات كانت مقررة للسودان، بعد قرارات الجيش في أكتوبر الماضي، واشترطت استعادة الحكم المدني. كما توقفت أيضاً عملية إعفاء ديون السودان، بموجب مبادرة صندوق النقد الدولي، المعزز للبلدان الفقيرة المثقلة بالديون.
قال وزير العدل السابق، نصرالدين عبدالباري، إن السودان خسر 6.5 مليار دولار بسبب الانقلاب العسكري في 25 اكتوبر الماضي.
واضاف عبدالباري: “السودان خسر بسبب الانقلاب 2 مليار دولار من البنك الدولي ومؤسسة التنمية الدولية لدعم 9 قطاعات بالإضافة إلى مليار دولار دعم إضافي من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي كان من المقرر استلامها بنهاية العام 2021 بجانب مليار دولار مساعدات مالية مجازة من الكونغرس الأمريكي.
وأضاف ايضا: “هناك خسارة لـ 500 مليون دولار مقدمة من البنك الدولي لبرنامج ثمرات، و2 مليار دولار استثمار من بنك إكسيم وهيئة التمويل التنموي الدولية كبداية في سياق خطة تصل إلى 8 مليارات، إلى جانب ايقاف إعفاء 40 مليار دولار من الديون و1.2 مليون طن قمح منحة من الولايات المتحدة”.
ويقول المحلل السياسي الامريكي كاميرون هيدسون في تغريدة: “ان الانتعاش الكامل للاقتصاد لن يتحقق دون تخلي الجيش عن السلطة والايرادات الرئيسة في البلاد بدءا من تعدين الذهب وانتهاءً بتجارة المواشي”.
يقدر البنك الدولي أنه في عام 2021، كان 56٪ من سكان السودان البالغ عددهم 44 مليون نسمة يعيشون على أقل من 3.20 دولار، أو حوالي 2000 جنيه في اليوم، وهو أحد خطوط الفقر العالمية، ارتفاعًا من 43٪ في عام 2009.
ووفقا لآخر إحصاء لمفوضية الضمان الاجتماعي بالسودان والذي أعلنت نتائجه في سبتمبر عام 2020، يقبع 77% من السودانيين البالغ عددهم 40 مليونا تحت خط الفقر، ولم يتجاوز دخل الفرد دولارا واحدا و25 سنتا فقط لليوم.