تقارير

الكوارث الطبيعية: السودان الوضع جدير بالحذر

تقرير – أم زين آدم
لا تزال آثار آخر فيضانات مدمرة، ماثلة للعيان على جدران المنازل المهدمة، والمدارس، ووجوه من غمرت المياه كل حياتهم ودفنتها. وفي تاريخ حياة الأسر، هناك (155) من المواطنين لقوا حتفهم في تلك الفيضانات.
ظاهرتا الفيضانات الخاطفة والجفاف الحاد من نتائج تاثير التغير المناخي على السودان، والذي يشهده العالم، ويقلق من تفاقمه.
عين العاصفة
جغرافياً يقع السودان في حزام المناطق القاحلة وشبه القاحلة، لذا تتهدده الفيضانات والجفاف، وكلاهما شديدا الخطر لتسببهما في الخسائر الاقتصادية والمعاناة الإنسانية، ويمكن أن يفضيا إلى حدوث مجاعة.
على خلفية الكوارث الطبيعية، وما تفرزه من مشاكل وأزمات حقيقية، خصص معهد الدراسات الأفريقية والآسيوية بجامعة الخرطوم ندوته الشهرية لتناول هذه الظواهر في قارتي أفريقيا وآسيا.
قال الأستاذ حامد عثمان أحمد: “من المهم جداً الاهتمام بالكوارث الطبيعية في جوانب مختلفة، لجهة أنه تمت ملاحظة أن آثارها على قارتي أفريقيا وآسيا أكثر دماراً”.
أسباب متعددة
وأوضح د. أحمد الصديق حياتي، من مركز أبحاث المياه بكلية الهندسة – جامعة الخرطوم، في ورقة أعدها عن مخاطر الفيضانات والسيول في السودان، في ظل التغيرات المناخية، أوضح الأسباب التي تحدثه الفيضانات في التغير المناخي، والتمدد العمراني غير المرشد في مساحات الأراضي الطبيعية المتاحة لامتصاص التربة لمياه الأمطار.

الفيضانات

تحديات ماثلة
موقع السودان الجغرافي يجعله مصرفاً لأمطار الهضبة الإثيوبية، بجانب موسمية الأمطار، والتحكم في الخزانات، والتمدد الحضري في مفيض الأنهار والأودية، وعدم التمكن من التنبؤ بوقوع السيول. كما أن الخزانات صممت أساساً لتخزين مياه الري وإنتاج الطاقة الكهربائية المائية، وليست لمجابهة وإدارة الفيضانات.
هذا بالإضافة لضعف الإنذار المبكر، وعدم وجود استراتيجيات للتخطيط العمراني، وضعف منشآت الحماية، وضعف المشاركة المجتمعية في إدارة الفيضانات، كما أن إعادة توطين المتضررين من الفيضانات تواجه بمقاومة من السكان.
ما بعد الكارثة
الأمطار الغزيرة التي شهدها موسم خريف العام 2020، وتسببت في الفيضانات المدمرة التى غمرت مناطق شاسعة في (16) ولاية، وشهدت ولايات الخرطوم وشمال دارفور الضرر الأكبر بنسبة (43 بالمئة) من جملة الأضرار الناجمة، فاقت النسب الأعلى المسجلة في فيضاني عام 1946 وعام 1988، وهما أشهر الفيضانات التي سُجلت في البلاد، وبلغ مستوى ارتفاع المياه الذي سجل في العاصمة الخرطوم نحو (17٫62 متراً) كأعلى ارتفاع سجل خلال مائة عام.
ووفقاً للإحصاءات الرسمية، لقي (155) مواطناً حتفهم، وجرح نحو (54)، وجُرفت (97) ألف فدان زراعي، ونفقت أعداد كبيرة من المواشي، وتضرر نحو نصف مليون مواطن. كما تم التبليغ عن حدوث كوارث صحية كنتيجة لتلوث المياه، تسببت في الأمراض المنقولة عن طريق المياه والنواقل، كالباعوض والذباب.
أكثر من (30 بالمئة) من عينات المياه التي تم فحصها في (13) ولاية، جاءت نتيجة تحليلها بأنها ملوثة. أعلنت الحكومة وقتها حالة الطوارئ في الولايات المتضررة لمدة ثلاثة أشهر، وأعلنت المنظمة الدولية للهجرة التزامها بدفع (2٫05) مليون دولار لدعم آلية الاستجابة السريعة.
سعت خطة الاستجابة الإنسانية للسودان في ذلك العام، للحصول على (1٫6) مليار دولار لدرء آثار الفيضانات، بيد أنها لم تحصل إلا على نسبة أقل من (46 بالمئة) من المبلغ.
توصيات
يرى د. حياتي، أنه من المهم النظر في مفهوم إدارة الفيضانات والإنذار المبكر على المستوى الإقليمي والدولي، والتعاون بين الدول في تبادل المعلومات، لتقليل حدة الفيضانات، لا سيما في حوض النيل الأزرق.
تقوية المجتمعات للعب دور محوري في إدارة الفيضانات الموسمية، والعمل على إنشاء قواعد بيانات الفيضانات، يسهل الاستفادة منها لأغراض البحث العلمي وتخزينها في نظام تفاعلي، كذلك عمل دراسات لمراجعة السياسات والقوانين ذات الصلة بالفيضانات، والتداخل بين الجهات المختلفة، وتعزيز التعاون بين الباحثين ومتخذي القرار في إدارة الفيضان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى