الرأي

العفو عن الشيخ موسى هلال واختبار لمرسوم العفو العام الصادر من السيد الفريق أول عبد الفتاح برهان في نوفمبر 2020

 

رفعت مكاوي المحامي

بتاريخ الخميس ١١ مارس ٢٠٢١أطلقت السلطات السودانية سراح رئيس مجلس الصحوة الثوري الحالي، موسى هلال، بعفو رئاسي أسقط عنه تهما كان يحاكم بموجبها، وهو ما اعتبرته دوائر سياسية مصالحة تدعم العدالة الانتقالية. وفقا لصحيفة الراكوبة الإلكترونيةاستندت المحكمة العسكرية في إسقاط التهم المنسوبة لموسى هلال إلى تنازل “أولياء الدم” عن حقهم في القصاص، وجرت تسوية شاملة قضت بدفع الديّات، وحفظت الإجراءات الجنائية.
موسى هلال الذي وصفته “هيومن رايتس ووتش” بأنه “مرادف دوليًا للجنجويد” الميليشيا المدعومة من الحكومة التي ارتكبت جرائم دولية خطيرة في دارفور، اعتُقل في عام ٢٠١٧ بعد الإصدار السابق للمرسوم الرئاسي رقم ٤١٩/٢٠١٧ الرئيس الأسبقعمر البشير، تم القبض على موسى هلال مع عدة مئات من الضباط من قوات حرس الحدود، وهي مجموعة شبه عسكرية مكونة من قوات الجنجويد السابقة التي تم دمجها في القوات المسلحة السودانيةفي أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
كان القرار الجمهوري رقم ٤١٩/٢٠١٧، الذي كان يهدف إلى إجبار المواطنين على تسليم أسلحة وذخائر ومركبات غير مرخصة لقوات الأمن السودانية، جهدًا ذا دوافع سياسية للحد من نفوذ موسى هلال (والميليشيات القبلية الأخرى) يمثل تهديدا لعمرالبشيرآنذاكقاد تنفيذه محمد حمدان دقلو(حميدتي)، قائد قوات الدعم السريع – والنائب الحالي لرئيس مجلس السيادة الانتقالي.
منذ اعتقاله لرفضه تسليم أسلحة بحوزة قوات حرس الحدود، لم يُحتجز موسىهلال في مراكز احتجاز رسمية تابعة للدولة أو يمثل أمام محكمة عادية، اتهم هلال والمتهمون الآخرون بارتكاب جرائم بموجب المادة (٥٠ -تقويض النظام الدستوري) والمادة (١٣٠- القتل العمد مع سبق الإصرار) من القانون الجنائيلعام ١٩٩١ولم توجهاتهامات للشيخ موسى هلال بارتكاب أي جرائم ضد المدنيين في دارفور.
في الماضي دعا المدافعون عن حقوق الإنسان إلى إنهاء احتجاز موسى هلال خارج نطاق القضاء، مشيرين إلى أن استخدام السلطات السودانية لسلطات “حالة الطوارئ” للاحتجاز يفتقر إلى الضمانات اللازمة ضد الاعتقالات التعسفية والاحتجاز المطول دون ضمانات الإجراءات القانونية الواجبة. في حين أن إطلاق سراح موسى هلال من الاعتقال يمكن اعتباره خطوة إيجابية لتلك الأسباب المذكورة، فإن الآفاق المستقبلية للمحاسبة على أي جرائم يرتكبها هلال وقواته غير مؤكدة الآن.
يحاول هذا المقال أن ينظر بمنظور ضحايا السيد موسى هلال في هذا البلاغ الذي أسقطت عنه التهم، وضحاياه في البلاغات الأخرى لكي يجيب على سؤال هل ما حدث عدالة انتقالية أم إفلات من العقاب.
على وجه الخصوص، يناقش هذا المقال أوجه القصور الإجرائية فيما يتعلق بعفو مجلس السيادة عن موسى هلال والعقبات التي تلوح في الأفق أمام المساءلة، بما في ذلك قرار العفو الصادر في نوفمبر ٢٠٢٠ والحصانات القانونية الأخرى.
١. مارس ٢٠٢١ العفو
يشار إلى أن العفو الخاص الصادر عن مجلس السيادة في حق الشيخ موسى هلالمخالف للقانون السوداني، القانون السوداني ينص في المادة ٢١١ من قانون الإجراءات الجنائية ١٩٩١ علىأن الطريقة التي يصدر بها العفو هو أن يصدر بقرار من رئيس الجمهورية بعد التشاور مع وزير العدل، وهو الذي عادة يتقدم بالتوصية باعتبار أن النيابة صاحبة الحق الأصيل في الإشراف على الدعوى الجنائية ومن بينها البلاغات موضوع العفو.
لكن كانت الطريقة التي صدر بها عفو الشيخ موسى هلال وفقا لأقوال رئيس هيئة الدفاع عن السيدموسى هلال في صحيفة الراكوبة الإلكترونية “تم حل هذه القضية بمبادرة من قائد ثاني قوات الدعم السريع الفريق عبدالرحيم دقلو، وذلك بمباركة ورعاية الفريق أول محمد حمدان دقلو نائب رئيس مجلس السيادة، ووافق عليها الفريق أول البرهان رئيس مجلس السيادة، ولاحقاً اعتمدتها القوات المسلحة ممثلة في السيد رئيس هيئة الأركان” لذلك تعتبر هذه الإجراءات باطلة لمخالفتها للمادة المشار إليهاآنفامن قانون الإجراءات الجنائية.
بالنظر إلى الحساسية السياسية للقضية المطروحة، وطبيعة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني التي ارتكبها موسى هلال وقواته في دارفور، يجب التدقيق بعناية في مخالفة العفو الصادر في مارس آذار ٢٠٢١، مع مزيد من التوضيح من الحكومة الإنتقالية.
٢. مشاركة الضحايا في عمليات العدالة الانتقالية
علاوة على ذلك كما لوحظأن العفو الممنوحللشيخ موسى هلالاستند جزئيًا إلى تسوية تم التوصل إليها من خلال آليات العدالة التقليدية،ومن بين أوجه القصور الأخرى، أن هذه الآليات، التي تعتمد على مؤتمرات المصالحة القبلية ودفع “الدية” لا توفر بشكل كافٍ مشاركة الضحايا. في إطار العدالة الانتقالية المتكامل، ينبغي تركيز الضحايا وإدماجهم في جميع عمليات العدالة الانتقالية.
ومع ذلك، حتى في المحاكم السودانية العاديةليس للضحايا سبل مفيدة للمشاركة في الإجراءات القانونية؛ هذه المشكلة أكثر حدة في المحاكم العسكرية في السودان، والتي قد تطبق السرية، ولا توفر للضحايا فرصًا لعرض قضيتهم، وغالبًا ما تصل إلى قرارات غير متاحة للتدقيق العام أو المراجعة القانونية.
في هذه الحالة، على الرغم من اتهامالشيخ موسى هلال بجرائم لا يمكن عرضها على محكمة وتسويتها دون موافقة الشخص المصاب (الأشخاص) أو الوصي (الأوصياء) عليه، لم يتم تضمين الضحايا في أي إجراءات تسوية. ورد في الراكوبة في ١٢ مارس أن “قيادات الإدارات المدنية والمجتمعية” ممثلة برئيس قبيلة الرزيقات (التي ينتمي إليها حميدتي وموسى هلال) وغيرهم من زعماء العشائر شاركوا في تسوية المصالحة، ليس هناك ما يشير إلى أن الضحايا أنفسهم قد تم إشراكهم في أي مناقشات بشأن هذه التسوية،إنما شارك زعماء قبائل الضحايا وليس الضحايا بصفة شخصية، إن المحكمة العسكرية استندت في إسقاط التهم المنسوبة لهلال إلى تنازلات مكتوبة من “أولياء الدم”عن حقهم في القصاص، مقابل الديّات، هل قيمة الدية بغض النظر عن انخفاض قيمتها الآن نتيجة للتضخم الاقتصادي (٣٣٧ألف جنيه سوداني أي أقل من ألف دولار أمريكي) تشفي غليل الأم الثكلى والزوجة الأرملة والأطفال الأيتام؟
لا خلاف حولالمزايا الكبيرة للعدالة التصالحية القائمة على الأعراف والتقاليد القبلية والدور الذي يمكن أن تلعبه في سياق العدالة الانتقالية في دارفور أو في باقي أجزاء السودان، فمن وجهة نظرنا أن نظام الدية بهذا الشكل لا يحقق الردع العام للأشخاص الآخرين من ارتكاب جريمة القتل،أو حتي الردع الخاص للقاتل نفسه من تكراره لارتكاب جريمة القتل مرة أخرى؛ نتيجة لانتشار السلاح ونتيجة للموارد المالية من عائدات الذهب ونتيجة للإجراءات التي تدفع بها الدية التي لا تهتم بالاعتراف وتحمل مسؤولية الخطأ بشكل فردي والوعد بعدم التكرار بالإضافة إلى النسبة المئوية التي يحصل عليها المسهلون لإجراءات الصلح في الإدارات الأهلية التي تتعارض فيها مصالحهم مع مصلحة الضحية في حال رفضه للدية، ولذلك هناك المئات من الديات التي دفعت في دارفور في كثير من مبادرات الصلح تلكلكنها لم توقف العنف.
لكل ما تقدم من الصعوبة بمكان أن نصف ما حدث بأنه يمكن أن يرقى لمنهج عدالة انتقالية ما لم نثبت أن كل ضحايا البلاغات المتهم فيهاالشيخ موسى هلال قد عفوا عنه حقيقة وليس مجازا بعد أن يعرفوا لماذا فعل فيهم الشيخ موسى هلال ذلك؟ وكيف فعل ذلك؟ وبأمر من فعل ذلك؟ هذه الأسئلة التي يبحث الضحايا عن إجابات لها. ومن غير أن يتعرضوا لمثقال ذرة من إغراء او إكراه. لم يشر الخبر إلىأنالشيخ موسى هلال عبر عن ندمه على ما فعله واعتذر للضحايا وطلب العفو والسماح منهم. ووعد بعدم التكرار وقبول الضحايا لذلك الاعتذار.
العدالة الانتقالية تستلزم الشجاعة، لذلك نأمل أن يقوم شيخ كالشيخ موسى هلال بذلك فهو ما يزال زعيما لمجلس الصحوة الثوري، وهي خصال تؤهله للاعتراف بالذنب وبذلك يمكن أن يساهم في تحقيق العدالة الانتقالية في دارفور.
لكن ما يدعو إلى التفكير في نهج العدالة الانتقالية هو النظر في الملف الآخر الخاص بأحداث التعدي على قوات الدعم السريع بمنطقة مستريحة والتي قتل فيها (١٥)فردا من قوات الدعم السريع على رأسهم العميد عبدالرحيم جمعة عبدالرحيم قائد القوات. حيث جاء في صحيفة الراكوبة في نفس التاريخ أن أولياء الدم قد قاموا بتقديم طلب لحفظ الدعوة الجنائية وإطلاق سراح المتهمين بالضمانة العادية، وبالرغم من أن الجريمة عقوبتها الإعدام ولا يجوز الإفراج بالضمان إلا أن هناك استثناء وفقاً لنص المادة(١٠٦) يجوز الإفراج بالضمان العادي إذا وافق أولياء الدم في الجرائم التي عقوبتها الإعدام وبما أن أولياء الدم قد وافقوا على إطلاق سراح المتهمين، فقد وافقت المحكمة على الطلب المقدم من أولياء الدم بحفظ الإجراءات وإطلاق سراح المتهمين بعد أن تقدم المتهمون بضامن كفء وهو ناظر قبيلة الرزيقات محمود موسى مادبو الذي وقع على محضر المحاكمة بأن يكون ضامناً ومتعهدا عن جميع المتهمين.
السؤال: لماذا لم تطلب قوات الدعم السريع التنازل عن البلاغ وشطبه، بدلاً من حفظه الذي يعني في القانون السوداني إنه يمكن لقوات الدعم السريع أن تعيد فتح البلاغ وتواصل السير فيه في أي وقت. ماذا لو قام الضامن أو الكفيل بإلغاء الضمانة أو الكفالة في أي وقت، وهو أمر لا يتوقع من ناظركالناظر موسى مادبو. لكن لا قدر الله إذا حدث ذلك فعمليا سيقوم القاضي بالقبض عليهم ومواصلة الإجراءات.العدالة الانتقالية تختلف عن العدالة الجنائية في أنها لا تجعل الباب موارباً لذلك إن أرادت قوات الدعم السريع أن تنتهج نهج العدالة الانتقالية عليهاأن تتنازل عن البلاغ وتصفح عن المتهمين وتفتح صفحة جديدة. لأن حفظ البلاغ يعني أن سيف الاتهام سوف يظل مسلطا في وجه المتهمين ترفعه قوات الدعم السريعمتى ما أرادت وفي ذلك بعد عن العدالة الانتقالية التي تعني الصفح ونسيان الخطأ والعفو عند المقدرة؛ وقفل صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة للحاضر والمستقبل.
٣. اختبار مرسوم العفو لعامنوفمبر٢٠٢٠
وقبل هذا العفو الخاص ببلاغات أحداث منطقة مستريحة في سنة ٢٠١٧ التي قتل وجرح فيها عشرات من الأشخاص بينهم أطفال، تقدم قضيةالشيخ موسى هلال اختبارا وتطبيقا عمليا للعفو العام الصادر من الفريق أول عبد الفتاح البرهان (قرار مجلس السيادة بتاريخ ١٢ نوفمبر ٢٠٢٠) حيث تم العفو عن جميع من حمل السلاح وشارك في أي من العمليات العسكرية والحربية أو ساهم بأي فعل أو قول يتصل بالعمليات القتالية، ويشمل ذلك العفو العام الأحكام الصادرة والبلاغات المقدمة ضد القيادات السياسية، وأعضاء الحركات المسلحة بسبب عضويتهم،كما يشمل الأحكام الصادرة والبلاغات المقدمة ضد القوات النظامية التي وقعت أو صدرت في سياق المواجهات العسكرية والحربية بين الحكومة والحركات المسلحة.

يشمل العفو أولئك الذين سبق لهم حمل أسلحة أو شاركوا في عمليات عسكرية في السودان، وكذلك أي قادة سياسيين وأعضاء في حركات مسلحة معرضين لخطر الملاحقة القضائية على وجه التحديد لانتمائهم لهذه الجماعات. استبعد القرار من العفو أولئك الذين:
(١) وجهت إليهم المحكمة الجنائية الدولية لائحة اتهام.
(٢) متهمون بارتكاب جرائم دولية خطيرة أو انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان تقع ضمن ولاية المحكمة الجنائية الخاصة بدارفور.
(٣) مواجهة أحكام القانون المدني أو القصاص.
لذلك يزداد حظ الشيخ السيد موسى هلال بالرغم من أن منظمات حقوقية عالمية حملته مسؤولية قتل مئات من المدنيين في دارفور، وفرضت عليه الأمم المتحدة عقوبات منذ ٢٠٠٧ تشمل تجميدا لأصوله وحظر سفره بسبب مشاركته في الجرائم ضد المدنيين التي وقعت بدارفور في الفترة من ٢٠٠٢ إلى ٢٠١٠، وذلك ببساطة لأنه غير مطلوب من جانب المحكمة الجنائية الدولية، وبالتالي سيستفيد من العفو الرئاسي الصادر من الفريق برهان في نوفمبر ٢٠٢٠.
الاستثناء الثاني من قرار العفو أنه لا يشمل الأشخاص الذين يواجهون اتهاما أو دعاوى جنائية بجريمة الإبادة الجماعية أو الجرائم ضد الإنسانيةأو جرائم الحرب أو الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان أو القانون الدولي الإنساني، منذ ٢٠٠٢ والتي تدخل اختصاص المحكمة الخاصة بجرائم دارفور، وحيث أن السيد موسى هلال حسب علمنا لا يواجه مثل ذلك الاتهام لأن عبارة مواجهة اتهام بناء على تفسير قانون الإجراءات الجنائية لسنة ١٩٩١ لا تتم إلا بعد فتح الدعوى الجنائية أي بناء على علم شرطة الجنايات أو وكيل النيابة أو بناء على ما يرفع إلىأيهما من بلاغ أو شكوىلا توجد دعوى جنائية واحدة من هذه الجرائم ضد الشيخ موسى هلال في أي قسم شرطة أو نيابة في درافور أو حتيى أمام محكمة دارفور الخاصة، وبذلك سوف يسدل الستار عن كل تلك الجرائم في حق الشيخ هلال.
الاستثناء الثالث والأخير للفئات التي لا تستفيد من قرار العفو؛ هم الذين يواجهون بلاغات وأحكام متعلقة بالحق الخاص وأحكام القصاص إلا بعد استيفاء الحق الخاص. سوف يستفيد أيضا الشيخموسى هلال من ذلك لأنه لا يواجه بلاغا مقيدا ضده، صحيح أن هناك عشرات من التقارير الصادرة من المنظمات الدولية لحقوق الإنسان والأمم المتحدةأهمها تقرير لجنة التحقيق الدولية في دارفور، برئاسة القاضي أنطونيو كاسيزي تتهم فيه موسى هلال بارتكاب جرائم بالحق الخاص وأحكام القصاص،أكثر من ذلك حتى علىالمستوى الوطني خلصت ﻟﺠﻨﺔ اﻟﺘﺤﻘﻴﻖ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ اﻟﺴﻮداﻧﻴﺔ، برئاسة مولانا دفع الله الحاج يوسف أن اﻟﻘﻮاتالحكوميةقدارتكبتجرائم ضد الإنسانية ﺗﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ اﻟﻘﺘﻞ وجرائم الحرب المتمثلة ﻓﻲ اﻟﻘﺘﻞ العمد ﻓﻲ كل وﻻﻳﺔ ﻣﻦ وﻻﻳﺎت دارﻓﻮر، ﻟﻜﻦ وﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ إنشاء محاكم خاصة في دارفور، ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﺠﺮ أﻳﺔ إﺟﺮاءات ﻗﻀﺎﺋﻴﺔ ﻓيما ﻳﺘﻌﻠﻖبتلك الجرائم، بكلمات أخرى لم تقيد تلك الجرائم كبلاغات لأسباب كانت معروفة من بينها تعنت وتلكؤ ورفض الشرطة والنيابة القيام بذلك، وبسبب تخويف وإرهاب الضحايا والشهود ومحاميهم، الأمر الذي يجعل من تقارير تلك اللجان مجرد حبر على ورق لا قيمة لها أمام القانون،لذلك سوف يستفيد السيد موسى أيضا من هذا الاستثناء.
أي تمديد لعفوالشيخ موسى هلال بموجب قرار نوفمبر ٢٠٢٠ سيكون انتهاكًا واضحًا للقانون الدولي، على الرغم من أن قرارات العفو يمكن أن تلعب دورًا في تسويات السلام، فإن قرارات العفو التي تمنع تمامًا تدابير المساءلة عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني لا تتوافق مع التزامات الدول في مجال حقوق الإنسان. مطلوب من الدول التحقيق بشكل فعال في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، بما في ذلك التعذيب، ومقاضاة مرتكبيها، لهذا السبب، في حين أن العفو المحدود في السودان يمكن أن يحقق بعض الأهداف المهمة، مثل تسهيل مشاركة قادة الحركات المسلحة في مفاوضات السلام، فإن العفو عن الشيخ موسى هلال أو غيره من مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان في السودان سيكون انتهاكًا للقانون الدولي.
٤. الحصانات

وعلى نفس المنواليجب التأكيد على أنه لا ينبغي السماح للشيخ موسى هلال بالإفلات من المساءلة الجنائية على أساس أحكام الحصانات القائمة بموجب القانون السوداني. حاليًا، بموجب القانون السوداني، يُمنح ضباط الشرطة وأفراد قوات الأمن والمتعاونون وأفراد القوات المسلحة حصانات موضوعية وإجرائية – والتي تتعارض مع الحق في الانتصاف الفعال لأنها تمنع فعليًا ضحايا التعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان الأخرى من المطالبة بالتعويض أو غيره من أشكال الجبر.
بموجب المادة (٣٤) من قانون القوات المسلحة لعام(٢٠٠٦)، يُمنح الجنود والضباط الذين يقومون بأي عمل “بحسن نية” أثناء أداء واجباتهم حصانة واسعة، باستثناء الحالات التي يتم فيها التنازل عن هذه الحصانات. كما تمت مناقشته سابقًا، تم دمج قوات حرس الحدود (التي كانتتحت قيادة موسىهلال) في القوات المسلحة السودانية ومنحت وضعًا عسكريًا. وبالتاليمن المحتمل أن تنطبق تدابير الحماية المنصوص عليها في المادة ٣٤ علىموسى هلال، ما لم يتم التنازل عن هذه الحصانات.
كما هو الحال بالنسبة لقرار العفو الموضح أعلاه، فإن تمديد أي حصانة من الملاحقة القضائية للشيخ موسى هلال سوف يتعارض مع القانون الدولي. على السلطات السودانية اتخاذ إجراءات عاجلة للتحقيق معالشيخ موسى هلال وغيره من المسؤولين عن أخطر الانتهاكات في دارفور ومحاكمتهم.
٥. استنتاج
ختاماًأن ما يحدث في ملفات العدالة بعد حكومة الثورة يجعل إيمان الضحايا بنظام العدالة الجنائية سواء أكانت في الداخل أوالخارج يهتز اهتزازاً شديداً، ومن أجل استعادة الثقة في العدالة كقيمة ومنع الإفلات من العقاب، سيتطلب الأمر إحداث تغيير جذري وفرعي في التعامل مع هذه الملفات بدلا عن تجريب تكتيكات جربها حكام من قبل مثل الإنكار والتأخير والتضليل والتهوين، لكن تلك التجارب كانت عبارة عن زراعة ريح لم يحصد منها هؤلاء الحكام سوى العاصفة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى