العد التنازلي لهزيمة الفلول
محاولات محمومة، لعرقلة الاتفاق السياسي في مراحله الأخيرة، تقودها قوى الثورة المضادة، وعلى رأسهم الفلول. الذين تزايد نشاطهم في هذه الأمتار الأخيرة، على طريق العودة للمسار الانتقالي، استعانة بعضوية التنظيم داخل القوات المسلحة. وعلى الرغم من تساقط أوراق التوت التي كانت تستر ضعفهم واحدة تلو أخرى، وفشل مخططاتهم في عرقلة الحل السياسي، والتي كان آخرها فشلهم في تنفيذ تهديدهم بإغلاق شرق السودان في مطلع هذا الشهر، لكن ولأن الحياء ليس من شيمة (هؤلاء)، فقد واصلوا إطلاق الأكاذيب– حيلة العاجز- عبر غرفهم الإعلامية في وسائط التواصل. للحد الذي انتحل فيه أحدهم) صفة (لجان مقاومة)، لكن سرعان ما انكشف أمره، بعد أن ردد سامعوه هتاف (هي لله.. هي لله)، كلمة الحق التي لطخها الإخوان بالنفاق، فاستبان أمره للجميع. وادعى بعضهم حمية زائفة للوطن، ومزاعم (حرص)- قديمة ومجربة– على قواته المسلحة، وعلى سيادته! ومضى بعضـ(هم) ليُعلن صراحة، عن قُرب اندلاع حرب أهلية في السودان. وعلى الرغم من كل ما يمكن أن يقوم به الفلول في اتجاه عرقلة الحل السياسي، هذه الأيام، فإن فرص المستقبل أمامهم محدودة، ومرهونة بانفاذ القوى المدنية للاتفاق السياسي، والدفاع (بقوة) عن مُكتسبات ديسمبر.
وبحسب تصريح للناطق الرسمي باسم العملية السياسية الأستاذ (خالد عمر)، فإن اجتماعاً للجنة صياغة الإتفاق النهائي، قد انعقد (الثلاثاء)، بحضور ممثلي القوى المدنية الموقعة على الإتفاق السياسي الإطاري، والقوات المسلحة والدعم السريع. وأوضح عمر أن الاجتماع استلم المُلاحظات التي جاءت من المكونات العسكرية والمدنية، وقامت اللجنة بإدخالها ضمن مسودة النص النهائي للاتفاق، على أن تقوم برفعها للآلية السياسية التي شكلتها القوى الموقعة على الإتفاق السياسي الإطاري. وزاد: (بذلك يصبح نص الإتفاق النهائي جاهزاً، في إنتظار فراغ اللجان الفنية المكونة من القوات المسلحة، والدعم السريع، والتي تعمل بجد على إكمال تفاصيل جداول المراحل الأربعة لعملية الإصلاح والدمج والتحديث، ليكون الإتفاق السياسي النهائي جاهزاً للتوقيع في أقرب فرصة مُمكنة). أما (الحُرية والتغيير)، التحالف الأبرز في تشكيلة القوى المدنية، وفي بيان لها (الثلاثاء)، فقد أكدت أن محاولات إدخال الإدارات الاهلية في مُخططات تستهدف عرقلة التحول المدني الديمقراطي، ستضر بالدور المستقبلي لهذه الإدارات. ودعا التحالف القوى الديمقراطية والوطنية في ولاية الخرطوم وولايات شرق السودان للوحدة، والتصدي لمخططات الفلول، والانتصار للثورة، والتحول المدني الديمقراطي. ودعا بيان التحالف المكون العسكري لأن يتخذ من العملية السياسية وإنجاحها، اساساً للوحدة. وحل قضايا (الاصلاح، والدمج، والتحديث)، في اطار بناء جيش مهني واحد، والحفاظ على العلاقة المهمة بين القوات المسلحة، وقوات الدعم السريع، إلى حين أكمال هذه العمليات.
يحاول (الإخوان) كعادتهم صُنع جو من (الغموض) و(الريبة) حول العملية السياسية الجارية، وبمزاعم شتى، منها وجود (بنود سرية) في الاتفاق. وهي فرية مُضحكة لجهة وجود مراقبين من الآلية الثلاثية، والرباعية، وغيرها. فضلاً عن أنها مزاعم تدين القيادة الحالية للجيش، وتُضعف من مصداقيتها، حين تؤكد عدم جديتها في التعاطي مع العملية السياسية الجارية. لكن الإخوان وفي حربهم (الأزلية) مع غالبية جماهير الشعب السوداني، لا ينظرون إلا لكم الضرر والمعاناة، التي يمكنهم إلحاقها بالسودانيين، في مهمتهم المستحيلة وهي مصادرة مستقبل السودان لصالح الحركة الإسلامية. ولما كان الاتفاق السياسي الحالي يحيد بالجيش عن العملية السياسية، فلا بد أن الحركة الاسلامية في السودان ستعود لحجمها الطبيعي، كأقلية، بعد تنفيس انتفاخها الحالي بأموال السودانيين المنهوبة، في ثلاثينهم العجاف. وعدم السماح باستخدام هذه الأموال في تمويل تنظيم الإخوان المحلول، الذي يعمل وسيعمل بلا ريب على إعادة السودان لعصور الحركة الاسلامية المُظلمة. كما أن معركة (وجود)، كبيرة وحتمية، تنتظر الحكومة المدنية المُقبلة، مع فلول النظام البائد.
وإذا استثنينا محاولات الإخوان للتشكيك في جدية الحل السياسي، عبر تسميم وسائط التواصل- نسبة لفشلها البائن- فلم يعد أمام الإخوان سوى محاولة زياد وتيرة اختلاس المال العام، واستغلال تواجدهم في مفاصل الدولة لإحداث إحلال وإبدال في إدارات البنوك، بغرض التعمية على الفساد في فترة ما قبل التوقيع على الاتفاق السياسي الضيقة. لكن دون أدنى ضمان، في أن تعيد الحكومة المدنية المقبلة كل شيء لنصابه، أو أن تفعّل لجنة تفكيك التمكين فعلها، فيعود أغلب الفلول لمكانهم الطبيعي في مسرح الأحداث كـ(هاربين)، إن لم تطلهم يد العدالة في الداخل. حفظ الله السودان، وشعب السودان.