الرأي

الصحافة… وإرث الكيزان

عبدالله كرم الله

ليس هنالك ثمة جملة بليغة وقصيدة صرعت هيكل الكيزان، كالجملة التي أطلقها طيب الذكر المرحوم الطيب صالح، (لا أدري من أين أتى هؤلاء)، وهؤلاء حقا كانوا ابتلاء لذا جمعوا كل كتب صالح وأطعموا بها نيران الطالح.

ولم أزل متضرعا لسبحانه وتعالى وبدعاء ذليل دونما رجالة، بأن يفجر في أفئدة الكيزان ينابيع الندم على ما ارتكبوه في حق وطن عزيز كللوه بسخام السجم، يكفيهم فقط ذنب أبنائهم الأبرياء الذين ألحدوا باعتبار (دين آبائهم هو دين السماء) إذ تستطيع أن تكذب على الجميع بل وعلى سبحانه الحليم، لكن لا تسطيع أن تكذب على أبنائك، وإلا انقلب البيت إلى جحيم، والدين الحقيقي بريء من كل إدعاء لذا فليس على الله القدير إلا أن يلهمهم ويحضهم على الاعتراف الجماعي بما ارتكبوه في حق أنفسهم وفي حق أبنائهم، وفي حقنا نحن وفي حق الوطن من قبل ومن بعد، اعتراف بذنب ثم ندم بجنب وليكن الأمر بمثابة مثل أعلى يضرب لكل من انحرف بالرجوع ليبلى، وهؤلاء على أعتاب ملاقاة الذنب بجزاء أو غفران أحلى، وما نادت به رئيسة التحرير لقوش ينطبق على كل كوز بالحوش، فالصحافة كسلطة رابعة كانت أول معول ضرب في حفر (جبانتها) للوئد إزالة حصة القراءة الحرة من المقرر المدرسي وكتهميش فن الرسم باعتباره حاض على الإثم وأتوا بمواد دراسية ما أنزل الله بها من سلطان _معرفة علمية_ وأنهوا قاعدة القاهرة تؤلف وبيروت تطبع وتستف، والخرطوم تقرأ لتعرف.

الصحافة (بقانونهم الصالح العام) أزاحوا عنها المفكرين ليحل محلهم أهل الولاء كأنصاب وأزلام!.

وأول الغيث قطرة والصحافة ستسترد عافيتها دونما قفزة خطرة، فمن الذي يتصور بأن كل المنشورات الصحافية اليوم لا تقارب أعداد إصدار صحيفة الأيام في الزمن التمام، ولكم أن تسألوا الأستاذ علي شمو.

مع بداية الألفية الجديدة اقترحت أن تتبنى الدولة تأسيس ثلاثة دور نشر كبرى دار ذات طابع يساري وأخرى ذات طابع يميني، والثالثة تمثل الوسط العريض بكل أفكاره التي تريد.

واليوم أتمنى بأن تؤسس الدولة فقط لدار نشر كبرى بأرض شاسعة وبمعونات مالية واسعة وبقروض ميسرة مانعة، تماما كدار صحيفة (الأهرام) المصرية، التي جعل منها المرحوم هيكل عالية المقام واستقطب فيها كبار أهل الفكر اليساري واليميني بجانب الوسط العريض، وكان ينشر لمفكر يساري حلقات أسبوعية، وحين اشتم رائحة متابعة رجال الأمن غير السوية، جعل النشر يوميا، واكتمل الموضوع لتفهمه كل الفروع، وكان ذلك أحد أسباب دخول هيكل سجن السادات لحساب اليمين المدفوع، ودفع السادات حياته بيد اليمين، وبقى لهيكل دفاعه عن حق مبين، فالرجال مواقف والأفكار هواتف تظل صلبة ولا تلين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى