ثقافة ومنوعات

(الراستا) في معركة للدفاع عن نمط حياة (يكلِّف غالياً)

تقرير – وكالات

يدرك عبدالله أحمد أنّ أسلوب (الراستا) الذي يعتمده بشعره الطويل المجدول وشغفه بموسيقى الريغي ونمط حياته، يمكن أن يكلّفه غالياً في بلد مثل السودان.

الامبراطور هيلاسلاسي

وإذا كان الإمبراطور الإثيوبي الأسبق، هيلا سيلاسي، يعتبر مسيحياً في جامايكا، فإن (الراستافارية) في السودان، البلد ذي الغالبية المسلمة، هي حركة ثقافية أكثر منها روحية. ومنذ أربع سنوات، أحمد مفتون بـ (الراستافارية).

كان (الراستافاريون) في السودان يعيشون في الخفاء خلال فترة حكم عمر البشير، الذي أطيح به في أبريل 2019 عقب احتجاجات شعبية عارمة.

وفي عام 2017، أوقفت الشرطة أحمد عندما كان يقدم عرضاً لموسيقى الريغي في مكان عام، اتُهم بتعاطي المخدرات، وحكم عليه بالجلد (20) جلدة.

كان أتباع هذا التيار يتعرّضون لمضايقات، وتحلق رؤوسهم في العلن، بسبب قانون النظام العام الذي كان يحدّ من حرية ارتداء الملابس واختيار قصة الشعر.

اليوم، يربط أحمد رأسه بعصبة يتدلّى منها شعره الطويل المجدل جدائل رفيعة وكثيفة، ويضع على معصمه ربطة قماش بألوان زاهية، ويبدي إعجابه بمغني الريغي الشهير، بوب مارلي، الذي كانت له علاقة وثيقة بـ (الراستافارية).

يقول أحمد الذي يُعرف باسم (ماكسمان)، بينما كان يعزف مع أفراد فرقته أغاني الريغي في معرض للفنون التشكيلية في الخرطوم: “الراستافارية تعني قول الحقيقة، وأن تكون شجاعاً، وتناضل من أجل حقوقك، إنها نمط حياة بالنسبة لي”.

تمتعت حركة (الراستا) بنفحة من الحرية أثناء تولّي المدنيين الحكم بمشاركة العسكريين بعد البشير، قبل أن يعود أنصارها ويشعرون بالتضييق بعد الانقلاب العسكري الذي قاده قائد الجيش، عبدالفتاح البرهان، قبل حوالي العام، وأزاح المدنيين من السلطة.

يضيف أحمد: “شعرنا بحماس شديد عقب سقوط البشير، ونأمل أن تزدهر الموسيقى والفنون”.

تقول عفراء سعد، ذات الخمسة وثلاثين عاماً، والتي تعمل في صناعة الأفلام، إنّ أعضاء مجتمع (الراستافارية) أصبحوا مستهدفين من القوات الأمنية.

قتل عدد منهم أثناء الاحتجاجات الشعبية ضد الانقلاب. وبعد موتهم، خرج بين المتظاهرين هتاف: “الراستا لا يموت”، إلى جانب: “المدنيون إلى الحكم”، و”العسكر إلى الثكنات”. ويمكن رؤية رايات تحمل صور بوب مارلي في التظاهرات الاحتجاجية.

وقتل (122) شخصاً، وفق لجنة الأطباء التي تدعم الحركة الديمقراطية، خلال قمع الاحتجاجات في السودان منذ أكثر من سنة.

شكل مختلف

في حملات التوقيف التي تسبق أو تلي الاحتجاجات المنتظمة، التي لا تزال تخرج في السودان، يقول أنصار (الراستا) إنهم أوّل من يُستهدف بسبب شكلهم المختلف، وغالباً ما خرج بعضهم من السجن وقد حلق شعرهم.

وتعاني سعد، نفسها، من (تحفظات) الناس على مظهرها، وتقول المرأة التي تجدّل شعرها الطويل أيضاً: “الاعتراض الأساسي هو: لماذا تترك الفتاة جدائل شعرها؟”.

تعتقد أن الرفض يعود إلى أنّ “الصورة النمطية السائدة هي أن من يترك جدائل شعره شخص مدمن على المخدرات، ويسلك سلوكاً غير لائق”. لكنّها تؤمن بأنّ هذا الخيار كان جزءاً من معركة النساء ضدّ حكومة البشير، والأعراف السائدة حينها.

كانت النساء في طليعة الاحتجاجات التي خرجت ضد البشير معرباتٍ عن غضبهن المكبوت، على مدى عقود، من عدم المساواة والسياسات التقييدية التي قلّلت بشدة من دورهن في المجتمع، وتقول سعد: “أنا ببساطة لا أكترث، هذه هويتي، ومن أنا”.

أما بالنسبة لآخرين، فإن إسدال ضفائر الشعر أو جدله أو اتباع أسلوب حياة (الراستا) هو تحدّ في حد ذاته.

قال صالح عبدالله، البالغ من العمر (26) عاماً، والذي يسرّح شعره على شكل ضفائر قصيرة، إنّ هذه كانت طريقته في الاحتجاج على الانقلاب العسكري.

وأضاف خلال تظاهرة مناهضة لانقلاب أكتوبر 2021: “نحن نرفض كل الانتهاكات التي تقوم بها السلطات”، متابعاً: “سأحتفظ بمظهر الراستا حتى يسقط النظام”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى