الرأي

الخيار الأفضل لقادة الجبهة الثورية  

تجمع الحركات الذي عاد بعد توقيع السلام تحت مسمى الجبهة الثورية منح خمسة مقاعد في تشكيل الحكومة الانتقالية النسخة الثانية وغالباً ما تذهب إلى القادة البارزين، وهم منذ وصولهم إلى الخرطوم لم يفعلوا شيئاً غير انتظار نصيبهم. قليل من الحركات عموماً انشغلوا بالهم العام وانصرفوا لدعمه، وهذه مصيبة كبيرة بلا شك لأن المناصب ستعمي بصرهم وهم أصلاً ما ناقصين، وأعتقد أن المناصب ستحرمهم من مهمتهم الحقيقية التي يهربون منها، وهي الإسهام في تقوية وتعزير السلام وتحقيق العدالة وتصفية المناخ الاجتماعي من الصراعات وتحريك المجتمعات وتأهيلها نفسياً واجتماعياً لقبول التغيير واستيعاب متطلباته، هذا بالإضافة إلى دعم التحول الديمقراطي، وهذا أفضل بكثير من المناصب الرسمية، كما أن تجربتهم وخبرتهم لن تنفعهم في المناصب الحكومية وإنما في التبشير بالسودان الجديد والآن إذا تقلدوا مناصب سيفشلون وسنذكرهم، وحقيقة من الذكاء والحنكة السياسية أن يعتذروا.
كان الجميع يتوقع أن يشغل ياسر عرمان أحد المناصب المهمة التي منحت للجبهة الثورية، ولكن قبل يومين حسم عدم ترشيحه لأي منصب وزاري في التشكيلة الحكومية المُرتقبة، وقال في تغريدة له إنه اعتذر عن وزارتي الخارجية أو الإعلام اللتين عرضتا عليه، وقال إنه يرى مساهمته في نشر رؤية السودان الجديد والعمل مع كافة قوى الثورة والتغيير من أجل نظام جديد وشراكة منتجة، وهذه يفترض أن تكون رؤية جميع القادة الذين حملوا السلاح، وأعتقد أن ياسر (حسبها صح)، هو بهذه الطريقة يستطيع أن يجد لنفسه مكاناً أفضل في المستقبل فهو يقدم نفسه كسياسي قادر على التأثير بشكل أعمق عكس زملائه.
أعتقد أن الذين سيقبلون بالمناصب من قادة الحركات عموماً ينظرون إلى الأمور بقصر نظر شديد، وسيجدون أنفسهم يدورون في فراغ لا نهائي يخسرون أنفسهم والشعب الذي ادعوا أنهم تمردوا من أجله، وحقيقة يبدو أنهم لا يهتمون بما يقال عنهم ومشغولون جداً بإرضاء أنفسهم ولذلك نحن نحاول أن ننبههم إلى ما يهدد مستقبلهم ولهم الخيار فهم من سيدفعون الثمن في النهاية ولا نعرف كم سيكلفهم.
أعتقد أن قادة الحركات المسلحة الموقعة على السلام وحتى تلك التي يُتوقع أن تلحق بها، عليهم رفع نظرهم أكثر نحو الأفق البعيد وإدراك أن مساعدة المجتمع المظلوم المهمش لا يحتاج إلى أن تكون في منصب حكومي، بل إلى أن تكون مؤثراً عليه بشكل مباشر مثلما يعمل القادة الملهمون الذين وصلوا بشعوبهم إلى مبتغاهم بسرعة وبطريقة آمنة دون أن يتقلدوا منصباً واحداً.
خلاصة القول مطلوب من قادة الجبهة الثورية أن يحذو حذو ياسر عرمان ويعتذروا عن المناصب ولتذهب إلى آخرين منهم فلديهم كفاءات جيدة غير ظاهرة، إنه أفضل خيار لهم وللشعب، وعليهم العودة إلى المجتمع وفتح كل الملفات المسكوت عنها ومعالجتها، وإلا فإن لعنة المناصب ستطاردهم مدى الحياة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى