تقارير

الخرطوم على أسوار “عواصم الظلام”.. أزمة كهرباء في السودان

 

وكالات

يتعرض السودان لحالات متكررة من انقطاع التيار الكهربائي يوميًا، تتجاوز أحيانًا الـ12 ساعة يومياً في بعض المناطق السكنية والصناعية.

ويكسو الظلام السودان يومياً، الأمر الذي تحول من مجرد أزمة إلى كارثة تقتل المرضى في المستشفيات، خصوصاً نزلاء العناية المركزة، وتمحو آمال الطلاب في تلقي العلم داخل المدارس، كما توقف إنتاج المصانع.

وتسببت أزمة الانقطاع المستمر للكهرباء في السودان في انتشار الأوبئة والأمراض وارتفاع الأسعار نتيجة لوقف إنتاج المصانع ونقص المعروض من السلع، وكذلك تهديد أرواح المرضى في المستشفيات ومستقبل الطلبة في المدارس.

وأرجع خبراء الطاقة أسباب الانقطاع المتواصل للكهرباء في السودان، إلى 4 أسباب تتمثل في نقص التوليد، وقدم منشآت الإنتاج وشبكات التوزيع، إلى جانب اتهام عناصر تتبع النظام السابق بتعطيل عمليات الإمداد.

كما تتفاقم الأزمة أكثر بسبب سلسلة طويلة من سوء الإدارة، التي لازمت عهد الرئيس المعزول عمر البشير، التي شملت صفقات لبعض الماكينات الحرارية وشحنات الوقود غير المطابقة للمواصفات، وعدم قدرة الحكومة الانتقالية الحالية على توفير احتياجات تقدر بنحو 3 مليارات دولار لإصلاح القطاع.

تقليص العجز

ويبلغ إنتاج المحطات الحرارية نحو 560 ميجاوات، في حين تبلغ طاقتها التصميمية أكثر من 1200 ميجاوات. وتأمل شركة التوليد الحراري في رفع طاقتها الإنتاجية بمقدار 750 ميجاوات بعد اكتمال العمل في محطتين عام 2022.

في المقابل؛ تنتج منشآت التوليد المائي الست العاملة في البلاد، ما بين 70 و75 في المئة من مجمل إنتاج الكهرباء الحالي في السودان، الذي يتراوح ما بين 1800 إلى 1900 ميجاوات؛ أي أقل بنحو 33% من مجمل حجم الاستهلاك، الذي يتراوح ما بين 2900 و3 آلاف ميجاوات.

ويؤكد المدير العام للشركة السودانية للتوليد المائي، عباس الحسن، في تصريحات صحفية إلى موقع “سكاي نيوز عربية”، أن الشركة تخطط لزيادة حجم التوليد المائي بنحو 300 ميجاوات خلال الفترة المقبلة، عبر إنشاء محطة جديدة في الضفة الشرقية لخزان سنار، بطاقة إنتاجية تبلغ 146 ميجاوات.

كما تعمل لرفع الطاقة الإنتاجية لخزان الروصيرص من 280 إلى 442 ميجاوات؛ وذلك بالاستفادة من عملية التعلية التي أجريت على الخزان، واستقرار الإمداد المائي، بعد استكمال سد النهضة الإثيوبي.

وقال الحسن إن السودان “يمتلك المقومات والإمكانيات البشرية اللازمة لتطوير منشآت التوليد المائي في العديد من القنوات الرئيسية والفرعية”.

معاناة السودانيين

ويواجه السودانيون صعوبات كبيرة في تسيير حياتهم اليومية بالمنازل والمنشآت الخدمية والإنتاجية.

وتلجأ المصانع والمحلات التجارية والمستشفيات والمدارس والجامعات وبعض العائلات المقتدرة، إلى شراء مولدات كهربائية خاصة؛ رغم الارتفاع الكبير في أسعار المحروقات.

ووفقا للمعتز عوض، وهو مدير إنتاج في أحد مصانع زيوت الطعام الكبيرة، فإن الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي يسبب مشكلات كبيرة للمصنعين، ويرفع كلفة السلع المنتجة بنسب تصل إلى 35%، مما ينعكس بشكل مباشر على سعرها النهائي للمستهلك.

ويقول لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن “جزءًا كبيرًا من أسباب الارتفاع الحالي في أسعار السلع الأساسية، يعود إلى الزيادة المهولة في فاتورة الطاقة، حيث تضطر المصانع للاعتماد لساعات طويلة على التوليد الذاتي، الذي ترتفع تكلفته بشكل كبير بسبب ارتفاع أسعار المواد البترولية وقطع غيار المولدات”.

ويختتم عوض حديثه، بالإشارة إلى أن الانقطاعات المتكررة تتسبب أيضاً في أعطال بالغة، وتؤدي إلى توقف عجلة الإنتاج لمدد زمنية طويلة.

إلى ذلك قال وزير الطاقة والكهرباء، جادين علي عبيد، إن البلاد بحاجة إلى ما لايقل عن 3 مليارات دولار، لتغطية العجز الكبير الذي تواجهه في قطاع الكهرباء، والمقدر بألف ميغاواط.

وأشارالوزير، لدى حديثه في منتدى صحفي، يوم أمس الأول، إلى أن الاعتماد على التوليد الحراري في البلاد يكلف الخزينة العامة نحو 700 مليون دولار سنوياً تُصرف على الوقود، وأن تكلفة انتاج الكيلواط الواحد تناهز 10 سنتات، وهي تكلفة عالية إذا ما قورنت بدول أخرى.

ومنذ أشهرطويلة، يعاني السودانيون من انقطاعات مستمرة في التيار الكهربائي تصل إلى 8 ساعات في اليوم الواحد، ما أثارغضباً واسعاً في الشارع السوداني، وحمل الحكومة الانتقالية المسؤولية كاملة، وأثرت الأزمة تلك على قطاعات أخرى حيوية مثل المستشفيات والمصانع والمخابز.

وقدّم الوزير خلال المنتدى، اعتذاره للشعب عما تسببه الأزمة من متاعب، مؤكداً أنه سيستقيل من منصبه حال شعوره بعدم القدرة على خدمة الشعب، مشيراً إلى أن الوضع الاقتصادي الصعب التي تعيشه البلاد انعكس تماماً على مشاريع الكهرباء، إما بعدم توفير اعتمادات مالية لإجراء الصيانات الدورية أو الطارئة، أوالفشل في توفيرالوقود المشغل للمحطات الكهربائية.

كما حمّل الوزير النظام السابق جزءاً من مسؤولية ما يحدث الآن من مشكلات سببها الهيكلة الإجرامية التي قام بها النظام في شركات الكهرباء الحكومية، كما أشارإلى أن الدولة تتحمل نحو 90% من نفقات التشغيل في حين لا يدفع المواطن سوى 10% فقط.

ويُنتج السودان حالياً ما بين 2500 و3500 ميغاواط يعتمد فيها بنسبة 50% على محطات التوليد المائي، و50% الأخرى على التوليد الحراري، كما يستخدم محطات تركية في مناطق شرق البلاد وغربها، فيما لا يغطي الإنتاج الكلي سوى 40% من الحاجة إلى التيار.

وحول مطالبة السودان إثيوبيا ببيعه أكثرمن ألف ميغاواط رغم اعتراضه على مشروع سد النهضة، ذكر الوزير أن بلاده لا تعارض مطلقاً قيام السد الإثيوبي، وتتطلع إلى جملة من فوائده التي تنعكس على السودان، بما في ذلك الاستفادة من إنتاجه الكهربائي، مشيراً إلى أنَّ السودان يشدد على اتفاق قانوني ملزم للدول الثلاث، السودان وإثيوبيا ومصر.

وكشف وزيرالطاقة عن نية السودان زيادة كمية الكهرباء المستوردة من مصر من 100 إلى 300 ميغاواط، معتبراً أن الأمر يحتاج إلى تأهيل خطوط النقل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى