الرأي

الجميل الفاضل يكتب:

الترابي هل لا زال يحكم من قبره؟

يبدو أن قارب “العملية السياسية” الذي كاد أن ينقل البلاد الي خارج فضاء إنقلاب “الجنرال البرهان”، قد إرتطم هو بصخرة الوجود “الإخواني” المتغلغل والكثيف داخل أروقة الجيش، الأمر الذي لا يدع أدني مجال للشك في صحة الإعترافات التي ادلي بها في العام (٢٠١٠)، الدكتور حسن الترابي لبرنامج “شاهد علي العصر” بقناة الجزيرة الفضائية، والتي قال في جانب منها: “بدأنا منذ مرحلة مبكرة الدخول في الجيش للسيطرة عليه، وقد رأينا أن يبدأ الإسلام في القوات المسلحة لأنهم كانوا حديثي تربية بالإسلام، ثم سيطرنا علي الشرطة، والجيش، والأمن، ومؤسسات المجتمع الأخري، لتثبيت أركان الحكم، ومن بعد حددنا نحو عشرة الي عشرين سنة للتخطيط لما حدث في يونيو (٨٩).
حيث كنت قد أعددت مذكرة سرية للوصول الي السلطة، شاركنا لأجلها النميري في السلطة لكي نرتب أوراقنا، إذ لا بأس أن تكون إنتهازيا في السياسة لإستغلال الفرص السانحة”.
صحيح أن أقوال الترابي تلك قد مضي عليها الي اليوم، أكثر من عقد من الزمان، وهي تتحدث بالطبع عن وقائع تعود الي نحو نصف قرن، إلا أن التاريخ ليس هو بالضرورة الماضي فقط، إنما التاريخ هو الأحداث، التي ما زالت تؤثر في الحاضر والمستقبل.
فقد عَّرفَ أحد أهم المُؤرخين في القرن الماضي “هايدن وايت” التاريخ بقوله: “ان التاريخ ليس مادة لفهم الماضي، بل هو مادة للتحرر منه”.
ولعل الأيام القليلة الماضية قد أثبتت عمليا، كيف أن خطة الترابي السرية التي وضعها في العام (٧٥)، لا زالت تعمل وتؤثر في الحاضر، بل وربما في المستقبل أيضا، ما لم يجري الآن العمل بقوة وبجدية للتحرر من تأثيرات هذا الماضي، الذي لازال يتأبي الي الآن علي الأقل، في أن يكون جزءا من التاريخ، ومن الماضي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى