الرأي

التكنولوجيا من أجل الديمقراطية.. توجه جديد يقوده بايدن

00الحرة – واشنطن
بدأت في الولايات المتحدة، الأربعاء، قمة الديمقراطية الثانية، والتي ستوجه الاهتمام نحو “استخدام التكنولوجيا لصالح الديمقراطية”.
وأعلن الرئيس الأميركي، جو بايدن، في افتتاح القمة عن تعهد واشنطن بتخصيص 690 مليون دولار لتعزيز برامج الديمقراطية حول العالم.
ويلتقي رؤساء ومسؤولون في القمة التي تعقد على مدار يومين في جلسات ستجرى عبر الإنترنت لبحث التحديات أمام الديمقراطية حول العالم، وذلك في ظل زيادة المخاوف من استخدام التكنولوجيا لأغراض سياسية وبما قد يحد من الديمقراطية.
فكيف يمكن للتكنولوجيا تعزيز الديمقراطية؟
علاقة التكنولوجيا مع الديمقراطية مرت بـ3 مراحل: الأولى، عندما ساهمت الثورة الرقمية في دعم الديمقراطية وحقوق الإنسان، الثانية، عندما استخدمت الأنظمة السلطوية التكنولوجيا لصالحها فيما يشبه الثورة المضادة.
أما المرحلة الأخيرة الثالثة، فتسعى من خلالها الولايات المتحدة والديمقراطيات الأخرى لدعم الثورة الرقمية والحفاظ على نظام بيئي تقني يمتاز بالنزاهة والانفتاح والثقة والأمن، بما يعزز المبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان، بحسب البيت الأبيض.
ويعتمد المؤيديون للديمقراطية على الوصول المفتوح إلى الإنترنت، حيث يستخدمون تطبيقات التراسل وشبكات التواصل الاجتماعي لزيادة الوعي وتنظيم الاحتاجاجات، والترويج للتصويت المبادرات المجتمعية، وفق تقرير نشره موقع “شير أميركا” التابع للخارجية الأميركية.
ويستفيد النشطاء في العديد من الدول من شبكات التواصل الاجتماعي ويعتبرون أن للإنترنت قيمة هامة خاصة للأصوات المهمشة، فيما يساهم التدفق الحر للمعلومات عبر الإنترنت في فتح النقاشات وتبادل الأفكار، ما يشكل ركيزة هامية للديمقراطية.
وفي الوقت الذي يستفيد فيه البعض من التكنولوجيا للديمقراطية، إلا أن العديد من الدول تحاول تطويع التكنولوجيا في فرض “الرقابة” وتتبع النشطاء، بحسب “فريدوم هاوس”، وهي مجموعة للأبحاث في مجال الديمقراطية تدعمها الحكومة الأميركية.
وتقول المجموعة إن هناك موجة “متزايدة من سيطرة الحكومة على الإنترنت”، مشيرة تراجع الحرية عبر الإنترنت، حيث يواجه المستخدمون تداعيات قانونية بسبب تعبيرهم عن أفكارهم عبر الإنترنت، بحسب آخر تقرير للمجموعة لعام 2022.
وخلال الفترة الماضية شهدت شبكات التواصل الاجتماعي تشكيل منظمات أو حركات لتعزيز حقوق الإنسان لفئات مختلفة، مثل تلك التي أسستها “تارانا بورك” التي ظهرت في 2006 من أجل مواجهة التحرش والاعتداءات الجنسية، والتي لاقت انتشارا عالميا في 2017 بعد هاشتاق “مي تو”.
كما أطلق العديد من الأشخاص مبادرات على شبكات التواصل لزيادة الوعي بقضايا المتحولين جنسيا (LGBTQI)، فيما أطلق البعض مبادرات للاهتمام بقضايا المناخ.
مبادرة بايدن الجديدة

بايدن يعزز الجهود لمقاومة الاستبداد الرقمي

ويقول البيت الأبيض إن مبادرة بايدن الجديدة لدعم الديمقراطية تركز على “تطويع التكنولوجيا لدعم القيم والمؤسسات الديمقراطية”، من أجل مواجهة إساءة استغلال التكنولوجيا في القمع والسيطرة والتمييز والحرمان.
وتؤكد المبادرة على أهمية مؤائمة التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي مع احترام المبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات الأساسية.
وترتكز المبادرة على ثلاثة مواضيع: النهوض بالديمقراطية وحرية الإنترنت في العصر الرقمي، التكنولوجيا وتزايد الاستبداد الرقمي، التقنيات الجديدة وضمان احترام حقوق الإنسان ومبادئ الديمقراطية.
كيف تعمل المبادرة؟
وتعمل مبادرة بايدن للديمقراطية الرقمية من خلال تعزيز دور برامج الوكالة الأميركية للتنمية الدولية في الدول التي تعمل بها، إضافة تعزيز ائتلاف “فريدوم أونلاين” بإضفاء نوع من الطابع المؤسسي لتعزيز حرية الإنترنت.
كما ستقوم الولايات المتحدة بتعزيز إتاحة تكنولوجيا الاتصالات عبر الإنترنت للمواطنين في المجتمعات المغلقة، مثل جهود توفير الإنترنت للمواطنين في إيران من خلال رفع العقوبات عن الشركات الأجنبية التي ستساهم في ذلك.
مواجهة الاستبداد الرقمي

الولايات المتحدة تخصص مئات الملايين لتعزيز الديمقراطية من خلال التكنولوجيا

ويؤكد البيت الأبيض أن المبادرة تستهدف مواجهة الاستبداد الرقمي، خاصة في ظل استغلال حكومات للتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في عمليات الرقابة والتتبع ضمن حملات قمع ممنهجة للسيطرة على النشطاء والمعارضين داخل وخارج البلاد.
وتشير العديد من الحالات إلى إساءة استخدام برامج التجسس التجارية وانتشار المضايقات عبر الإنترنت للناشطين، الأمر الذي يتطلب مواجهتها “حزمة شاملة” من الإجراءات بدمج مبادئ حقوق الإنسان مع التكنولوجيا.
كما يجب اتخاذ إجراءات لمكافحة انتشار “برامج التجسس التجاري” من خلال تعميق التعاون الدولي، ووضع مبادئ توجيهية حول استخدام الحكومات لتكنولوجيا المراقبة، إضافة تعزيز المبادرات لتعزيز الأمن السيبراني للمجتمعات

العديد من الحكومات تستخدم برامج التجسس التجاري ضد المواطنين. أرشيفية – تعبيرية

الأكثر عرضة للخطر، أو المعرضين للقمع العابر للحدود.
وعلى سبيل المثال، بتجدد التظاهرات والاحتجاجات في إيران يستخدم المتظاهرون في طهران شبكات التواصل وتطبيقات التراس المختلفة لتنظيم الاحتجاجات ونشر مقاطع الفيديو للقمع والاستبداد الذي يتعرضون له من قبل النظام في طهران.
وفي فبراير الماضي، أفاد تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال أن السلطات المصرية تعتقل بعض المؤثرين على شبكات التواصل الاجتماعي الذين ينتشر محتواهم على نطاق واسع، حتى لو لم تكن منشوراتهم سياسية.

وأشارت الصحيفة إلى أن هذا الأمر يعتبر جزء من حملة على “حرية التعبير من قبل الرئيس عبدالفتاح السيسي”.
ومنذ تسلم السيسي للسلطة في مصر اعتقل عشرات الآلاف من الأشخاص لأسباب سياسية بحسب منظمات حقوق الإنسان.
ورغم أن الإنترنت كان آخر المجالات المفتوحة أمام التعبير للمصريين، إلا أنها تشهد تقييدا من قبل السلطة.
التكنولوجيا الحديثة
ويؤكد البيت الأبيض أن التكنولوجيا الحديثة مثل أنظمة الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحيوية لها فوائد قد تكون مغيرة للواقع بشكل كبير، ولهذا يجب ضمان ألا تكون الابتكارات والتقدم على حساب القيم الديمقراطية وحقوق الإنسان.
وأشار إلى أنه يجب وضع خارطة طريق لتحقيق هذه الأهداف من خلال مشاريع قوانين الذكاء الاصطناعي وأطر العمل لإدارة مخاطر هذه التقنية
وفي فبراير الماضي حذر المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، فولكر تورك من أن التقدم الذي أحرز مؤخرا في مجال الذكاء الاصطناعي يمثل خطرا بالغا على حقوق الإنسان، داعيا إلى وضع “محاذير فعالة”.
وأعرب في بيان مقتضب عن “قلقه الكبير إزاء قدرة التقدم الأخير في مجال الذكاء الاصطناعي على إلحاق الضرر.. كرامة الإنسان وكل حقوق الإنسان في خطر كبير”.
*نقلا عن الحرة – واشنطن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى