“مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ”.
صدق الله العظيم
التحية للشعب السوداني العظيم، مفجر الثورات ومعلم الشعوب. التحية لشباب المقاومة الصامدين الواعين، الذين كشفوا في يوم السادس من أبريل، أصائل الطبائع الرفيعة المطوية في حنايا هذا الشعب الكريم. التحية لجميع السودانيين، الذين جعلوا من ذكرى السادس من أبريل مهرجاناً لإعلاء قيمة الحرية، والكرامة، وحب الوطن. التحية للشبان الذين كانوا يرشون الصائمين بالماء البارد قبل الإفطار. التحية للشابات اللاتي كن يخدمن الكبار والشباب في تحضير وتوفير الإفطار لهؤلاء الصائمين الأبرار. التحية للأسر السودانية العريقة التي وفرت الطعام ونقلته إلى شارع المطار بالخرطوم، والمؤسسة ببحري، وشارع الأربعين بأم درمان وكل مكان وجد فيه الثوار.
أما الذين لا يشبهون هذا الشعب، حتى قيل في حقهم (من أين أتى هؤلاء؟) فقد أخرجهم البرهان من السجون، وأعاد لهم الأموال التي نهبوها من الشعب، ومرر ذلك من خلال القضاة التالفين، بعد أن أبعد القضاة النزيهين، وأعاد قضاة الإخوان المسلمين الذين كانوا يحكمون بين الناس في المحاكم، ولهم رتب ومرتبات من جهاز الأمن. لقد أطلق البرهان سراحهم وكأنه لا يعلم أنهم قاموا بانقلاب يونيو 1989م، الذي أطاح بالحكم الديمقراطي، وصعدوا الحرب مع أشقائنا في الجنوب، وقتلوا المئات من أبناء الشمال والجنوب في حرب جائرة، سموها زوراً وبهتاناً، جهاداً في سبيل الله. ثم حين اصطرعوا على كراسي الحكم، وأبعدوا مرشدهم الديني، وسجنوه، ولعنوه، أفتى بأن حرب الجنوب لا علاقة لها بالإسلام، والذين قتلوا فيها ليسوا شهداء. ألم يجد برهان في الجرائم ضد الإنسانية، التي حدثت ضد أهلنا في دارفور، والتي بلغت قتل حوالي (300) ألف مواطن، وتشريد حوالي مليونين بين معسكرات النزوح واللجوء، والتي يحاكم فيها كوشيب الآن في محكمة الجنائية الدولية، ما يجعله يسلم البشير، وعلي عثمان، وأحمد هارون، وهم من كان يأمر كوشيب بما ارتكب من جرائم؟!
لقد قامت حكومة الإخوان المسلمين بقتل أهلنا في النيل الأزرق، وفي جبال النوبة، ورمت البراميل المشتعلة من الطائرات على الأطفال والنساء، وحرقت القرى بما فيها من حرث وضرع.. فكيف يُخرج النافذين منهم من السجون دون مساءلة عن تلك الجرائم؟! هل يظن البرهان أن عفوه عن الإخوان المسلمين وإسقاط جرائمهم سيحقق ولاءهم ودعمهم له؟! هل يظن أن هذا سيجعل الناس يعفونه هو من جرائمه في دارفور مع كوشيب وحميدتي ومن جريمة فض الاعتصام، وقتل الشباب الثوار في مسيراتهم السلمية، منذ انقلاب 25 أكتوبر 2021م وحتى اليوم؟!
أما الإخوان المسلمون فلأنهم خفاف الأحلام، وضعاف النفوس، فقد استبد بهم الفرح لخروجهم من السجن، فكتب أحدهم: “بأمر من القضاء خرجت الأسود من عرينها .. والقطيع الرماد قال: سلمية سلمية ضد الحرامية .. فقد افتريتم علينا والذي بعث محمداً بالحق … وقد صدحت المحكمة اليوم ببراءة الطاهرين المتقين النقيين البررة الصائمين” أي أسود هذه؟! الذين احتلت في عهدهم حلايب ولم يجرؤوا حتى على المطالبة بها؟! أم الذين هزموا في حرب الجنوب حتى قبلوا باتفاقية السلام، ووافقوا على أن يكون زعيم الحركة الشعبية المسيحي نائباً لرئيس حكومتهم الإسلامية؟! وهل ينكر هذا الأفاك أن جماعته حرامية؟! ألم يكونوا فقراء كسائر أبناء الشعب قبل أن يصلوا إلى السلطة؟ ألم يمتلكوا العمارات والفارهات ويسرقوا الأموال وجاءوا ببدعة التحلل يخفون بها عن أنفسهم ما نهبوا من أموال هذا الشعب؟! ألم يفضحهم شيخهم الترابي، في برنامج الجزيرة مع أحمد منصور حين قال له إن تلاميذه سرقوا ونهبوا، لأنهم لم يكن لهم خبرة سابقة في إدارة كميات ضخمة من الأموال؟! ومن هم الطاهرون؟! الذين اغتصبوا امرأة سودانية في قرية “تابت” في دارفور؟! أم الذين اغتصبوا الثائرات في مليونيات الخرطوم؟! أم قادتهم الذين أمروهم بهذا بالمنكر ونهوهم عن الاعتراف به؟! ومن هم الأتقياء البررة؟! هل هم الذين كانوا يعذبون الأبرياء العزل في بيوت الأشباح حتى الموت أو الإعاقة؟! ومن هم الصائمون؟! هل هم البشير الذي قال في إحدى ليالي رمضان أن الله لن يقبل صيامهم ولا صلاتهم، لأن أيديهم ملطخة بدماء أهالي دارفور، وقد قتلوهم دون سبب؟! أم هم قادة الإخوان المسلمين وولاتهم الذين قبضوا وهم يمارسون الزنا في نهار رمضان؟! أم رجال الأمن الذين قال أحدهم في قضية الشهيد أحمد الخير إنه يعمل في الجهاز، ووظيفته (مغتصب)؟!
أما غندور فقد خرج علينا كالحمل الوديع، يدعو إلى التوافق والحوار، ويقول: “علينا أن ننسى الخلافات” فبلادنا تحتاج إلينا جميعاً. وكان في لقائه التلفزيوني مع الأستاذ عمر الدقير، قد أنكر بشدة، ما قاله عمر عن أنه في عام 2014م، قد هدد بأن لديهم انتفاضة معاكسة لو سقطت حكومتهم بانتفاضة، ولديهم سلاح معاكس لو سقطت بالسلاح، وهذه المحاولات ضدهم ستؤدي إلى تضرر الوطن. لكن التسجيل الذي أنكره غندور أعيد وعم صفحات التواصل الاجتماعي، كدليل على أن غندور يكذب ويتحرى الكذب.
الإخوان المسلمون مضطربون، ومحتارون، ولا يأمنون للبرهان، ولن يضحوا من أجله. فقد كتبوا في صفحة المؤتمر الوطني، في مارس، أن انهيار نظام البرهان أصبح واقعاً، وعلينا البحث عن البديل، عبر توافق وطني يشمل الجميع من دون إقصاء. ومع أنهم يتحدثون عن التوافق بين الجميع، نجدهم في نفس الصفحة، يقولون إن البرهان قد يسقط ويخرج من المعادلة، ولكن هل يملك (الأطفال) الذين يخرجون إلى الشوارع مشروعاً لإدارة دولة؟! يسمون الثوار الذين قابلوا الرصاص بصدورهم، واستمروا في النضال الوطني منذ قيام الثورة وحتى اليوم (أطفال)، ويزعمون أن الثوار لا يملكون مشروعاً. وهل كنتم أنتم تملكون مشروعاً وقد حكمتم بكل أنواع البطش والفساد ثلاثين عاماً؟! وقبل يوم 6 أبريل كتبوا: ندعو الجميع للبقاء في منازلهم حتى لا تنزلق البلاد إلى الهاوية. لم يستجب لهم أحد وخرج الشعب في معظم مدن السودان بصورة مذهلة.
لقد رمى برهان بالكرت الأخير، وظهر على حقيقته، فأخرج قادته من الإخوان المسلمين، وأعاد المؤتمر الوطني، وذلك ليستعين بهم في أمرين:
أولاً: تجميع الفلول، والمنتفعين، والمرتشين، وأصحاب المصالح الشخصية، والانتهازيين مثل مبارك الفاضل، وادعاء أنهم يمثلون التوافق الوطني. والغاية من ذلك أن يقنعوا العالم، بأن لديهم حكومة مدنية، وأنهم يستحقون الإعفاءات والإعانات، ورفع الحصار عنهم. وهذا ملجأهم الأخير لحل الضائقة الاقتصادية. ودور الإخوان المسلمين هنا هو دفع الرشاوى وإثارة الفتن والتخوين، ومحاولة تقسيم صف الثوار، وخداع القوى الثورية، وتمرير خدعة الانتخابات، وتزويرها، ثم إعفاء البرهان واللجنة الأمنية من المحاسبة، ومنحها حق إدارة القوات النظامية.
ثانياً: محاولة استغلال كتائب الظل وقواعد الإخوان المسلمين الإرهابية وحلفائهم من الوهابية الجهلاء، للاعتداء على الثوار، وتعطيل المواكب، واستغلال عضويتهم التي أرجعوها لجهاز الأمن في اعتقال المناضلين، وتعذيبهم، وإعادة سيرة بيوت الأشباح، واغتيال الأفراد بعد لبس زي الشرطة، فإذا وقفت المظاهرات، أو انحسرت، نفذوا خطة التوافق الوطني.
ولكن سعي برهان خاسر، وكيده مردود في نحره. فالإخوان المسلمون لا حول لهم ولا قوة، وتحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى، وكل من كان صادقاً فيهم خرج منهم، وأصبح ينتقدهم. وكلما فعلوا شيئاً جديداً، خرجوا من قلوب السودانيين أكثر. فقد بدأوا بالمواكب المعارضة للثورة وسموها الزحف الأخضر، ولكنها فشلت، وسماهم الثوار (الزواحف). ثم أقاموا اعتصاماً مدفوع الأجر، وزعوا على مجموعاتهم فيه الموز، فجروا إليه يتخاطفونه، ففشل اعتصامهم وسماهم الثوار (قرود الموز). فهل إذا دعوا إلى حوار، أو توافق وطني، يمكن أن تجوز كذبتهم على الثوار الشرفاء؟!
التحية لتنسيقيات لجان المقاومة، والمجموعات الثورية، التي رفضت الجلوس والتفاوض مع البرهان، ورفضت الحديث مع حميدتي. التحية للشرفاء في تجمع المهنيين، وفي قوى الحرية والتغيير الذين انحازوا حقاً إلى الثوار، وبدأوا التنسيق مع لجان المقاومة، ورضوا بهم قادة للحراك الشعبي، وأغلبية فاعلة في كافة مواقع صنع القرار في الحكومة الوطنية الحقيقية المرتقبة.
8 أبريل 2022م.