حوارات

الأمين العام للجنة أطباء السودان المركزية عمر أحمد صالح لـ (الديمقراطي):

الصراعات السياسية أدت لهزات داخلية

سرد الأمين العام للجنة أطباء السودان المركزية، عمر أحمد صالح، وهو من مؤسسي لجنة أطباء السودان المركزية، والأمين العام للجنة، لـ (الديمقراطي) بدايات تكوين لجنة الأطباء المركزية. وأوضح العقبات التي تواجه قيام النقابة، وقرب زمن قيام الجمعية العمومية، في الحوار التالي..

حوار – آلاء عبد الرحيم

*ملامح اللجنة المركزية لأطباء السودان، متى بدأت تتشكل؟

لجنة أطباء السودان المركزية – ارشيف

– بدأت اللجنة تكويناتها الأولى في 2015 بلجان ولائية: ولاية الجزيرة (مدني، الحصاحيصا)، ولاية شمال كردفان (الأبيض)، وولاية سنار (سنار، سنجة). وفي يناير 2016، تم تكوين لجنة أطباء السودان المركزية، وهي جسم مركزي.

ابتدرت اللجنة طوافاً على عدد من الولايات لتكوين اللجان الفرعية، وكان التفاف الأطباء حول القضايا المطلبية التي تهم الأطباء والمتمثلة في تحسين بيئة العمل، مطالب مشروعة تخص الطبيب والمريض في آن واحد. فالطبيب يحتاج للمعينات والمواد التي تساعده على أداء مهامه، والمريض يحتاج لتقديم خدمة بجودة مقبولة، لا يمكن توفرها في ظل بيئة عمل سيئة، وانعدام المقومات.

بالتالي، أصبحت المطالب تمثل قاعدة اجتماعية واسعة، تلتف حولها الكوادر الطبية مقدمة الخدمة، بدعم المرضى المستفيدين.

القضية الثانية التي إلتف حولها الأطباء، هي تحسين وتعديل شروط أو عقود التدريب التي تخص نواب الاختصاصيين. هي الفئة الأكبر، الذين يباشرون الأنشطة الطبية اليومية في المستشفيات، بالإضافة لأطباء الامتياز، مع تآكل فئة الأطباء العموميين.

مشكلة النواب تمثلت في عقود التدريب، الدولة تتعامل معهم تعامل المتدربين وليس تعامل مقدمي خدمة أساسيين. أعدادهم كانت تتراوح ما بين (8000) إلى (9000) نائب، هم المرجعية المهنية والعملية لأطباء الامتياز والعموميين، بالإضافة إلى إشرافهم على تنفيذ البروتوكولات العلاجية، بذلك هم جزء أساسي من كل الأنشطة التي تتم داخل المستشفيات، سواء أكانت في الحوادث أو العنابر أو المحولات أو غرف العمليات الصغيرة.

عقود هذه الفئة يجب أن تكون متسقة مع قانون التدريب القومي ولائحة المجلس القومي للتدريب السوداني، فيما يخص: الابتعاث الداخلي، ومراجعة الأوضاع، وعدالة توزيع الفرص دون تحيز في الابتعاث الخارجي، ومعالجة المشاكل المتعلقة بالابتعاث على النفقة الخاصة.

فعلياً، كانت هنالك مشاكل في الابتعاث، وهي مشاكل مصنوعة لتطويع الأطباء وإذلالهم واستخدامهم لتغطية قصور الدولة في تقديم الخدمات العلاجية للمواطنين.

القضية الثالثة هي، سَن قانون لحماية الأطباء والكوادر الطبية المساعدة، أسوة بدول أخرى قامت بسن قانون يجرم الاعتداء على الأطباء، ويوقع على المدانين عقوبة رادعة (قانون خاص). كان هذا نتيجة لتكرار وتواتر حوادث الاعتداءات على الأطباء لأسباب وقصور الخدمات في المستشفيات، والذي تتحمله الدولة لعدم قدرتها على توفير الموارد المطلوبة.

العنف كسلوك مرفوض بصورة قاطعة، ويتنافى مع مبدأ سيادة حكم القانون، ونحن في اللجنة مجتهدون لإيجاد قانون يحمي الأطباء.

نتوقع قيام الجمعية العمومية في النصف الأول من 2023

*متى بدأ حراك الأطباء يتحول لإضرابات؟

– في العام 2016، بدأت إضرابات أكتوبر الشهيرة، وتمت كتابة مقترح قانون، انتظر الأطباء حتى سقوط نظام الإنقاذ للتمكن من إجازته، بضغط من الأطباء في مايو 2020م، وأثناء الفترة الانتقالية (المنقلب عليها).

جاء ذلك نتيجة مجهودات جبارة آنذاك بين أجسام الأطباء ومجلس الوزراء، عملت اللجنة على مناقشة قضايا الأطباء، من أصغر قضية إلى أكبر قضية، وصمم خطاب مطلبي ومهني، وتم التوافق على بروتوكولات وإجراءات في حال حدوث اعتداء في مكان العمل، وتوضيح كيفية التعامل مع الاعتداء مع استمرار تقديم خدمة الطوارئ. بالإضافة إلى جانب التعامل مع إدارة المستشفى، أو المركز مقدم الخدمة.

لقد مثلت حادثة الاعتداء الكبيرة على طوارئ مستشفى أم درمان في أواخر سبتمبر من العام 2016، نقطة تحول في مسيرة استرداد حقوق الأطباء وحفظ كرامتهم. بعدها تصاعدت الأحداث، وانتهت بإعلان الإضراب الكبير في أكتوبر 2016.

كان الإضراب المطلبي الأكبر في تاريخ السودان الحديث، لأنه غطى كل فئات الأطباء، وكل مناطق انتشارهم في السودان، وقد تضامن معنا عدد كبير من الأطباء السودانيين في دول المهجر.

شمل الإضراب كل من: أطباء الامتياز، والخدمة الوطنية، ونواب الاختصاصيين، والاختصاصيين، والاستشاريين. وكان حوله إجماع بصورة غير مسبوقة، إبان حقبة حكم الإنقاذ الشمولي. وفي نفس الوقت شمل كل ولايات السودان، وعدداً كبيراً من المستشفيات، بدأ بشكل تدريجي من (55) مستشفى في يومه الأول، وفي زمن وجيز ما بين (3 – 4) أيام.

غطى الإضراب أكثر من (89) مستشفى، ومئات المراكز الصحية على مستوى السودان، وامتد إلى (189) محلية. لم ينجز الإضراب النتائج المتوقعة والمرجوة، نتيجة لطبيعة حكم سلطة الجبهة الإسلامية المعروف عنها المراوغة والتراجع عن العهود والغدر بعد الالتزام، مما اضطرنا في لجنة أطباء السودان المركزية، بعد رفع إضرابنا القائم آنذاك من 6 أكتوبر إلى 13 أكتوبر، وبعد مراجعة النتائج والحصيلة الخاصة بالاتفاقيات التي تمت مع وزارة الصحة برعاية رئاسة الجمهورية، عبر نائب الرئيس المخلوع، حسبو عبدالرحمن، قررت اللجنة إعلان الإضراب للمرة الثانية، فكانت ردة الفعل المتوقعة اعتقال الأطباء في العاصمة والولايات، وفي مقدمتهم المكتب التنفيذي للجنة الأطباء المركزية، وقضاء ثلاثة أيام في معتقل موقف شندي سيئ السمعة، وبعدها سجن كوبر، حتى خروجنا في 23 نوفمبر 2016م .

شبكة الصحفيين السودانيين – ارشيف

تحولت قناعتنا وقناعة الأطباء، بعد تجربة أكتوبر 2016، وما سبقها من تجارب للأطباء، إلى أن إصلاح أمر الصحة والأطباء مرتبط بوضعية وطبيعة السلطة السياسية الحاكمة، وأن وزارة الصحة مجرد واجهة لسياساتها، وأن المواجهة تتطلب وجود طيف واسع من المهنيين كمظلة تضم الفاعلين على الأرض لتوسيع جبهة المواجهة، وتخفيف الضغط على قطاع بعينه دون بقية القطاعات.

وقد بدأ التنسيق في أكتوبر من العام 2016 مع الصحفيين الذين وفروا الغطاء الإعلامي للإضراب، والمحامين الذين وفروا الغطاء القانوني، وقاموا بالترافع عن الأطباء الذين تمت مواجهتهم بقضايا سياسية. كتبت أول مسودة لميثاق تنسيقي بين الأجسام الثلاثة، وكانت نواة تشكل تجمع المهنيين السودانيين بين: لجنة أطباء السودان المركزية، والتحالف الديمقراطي للمحامين، وشبكة الصحفيين السودانيين، كان ذلك بالتزامن مع إضرابات الأطباء.

في بداية 2017، قام اتحاد أطباء السودان، بقيادة عشميق، بفتح بلاغات في قيادة اللجنة، وتم اعتقال الرئيس الأول، حسن كرار مأمون، والرئيس اللاحق والحالي، محمد ياسين، وتم توجيه تهم للبقية، وإيداعهم حراسة نيابة الدولة لأسبوعين. ووجهت لهم تهم زعزعة الأمن الصحي، وتقويض النظام الدستوري، وغيره، وكان للمحامين دور كبير في الدفاع عن قيادة اللجنة.

تواصل حراك الأطباء المطلبي، في 2010، وقامت اللجنة الدائمة لنواب الاختصاصيين برفع مطالب تحسين شروط الخدمة، ونظمت إضراباً مشهوداً ومشهوراً في العام 2010، قوبل بهجمة أمنية شرسة. وكان على رأس اللجنة د. أحمد الأبوابي، ومن أبرز قادتها: الهادي بخيت، وولاء الدين إبراهيم، ونهلة جعفر، وعدد مقدر من الأطباء والطبيبات الذين وضعوا الأساس للتجربة التي تم البناء عليها، وتم اعتقالهم لفترات طويلة، ومطاردتهم بصورة مستمرة في ذلك الوقت، تزامناً مع قيام الإضراب.

حصر العضوية من أكبر التحديات

*متى بدأ التنسيق وقيام تجمع المهنيين؟

– في العام 2016، تم التنسيق بين الأجسام الثلاثة: الأطباء، والصحفيين، والمحاميين. في العامين 2017 و 2018، بدأت الأجسام الثلاثة تنسقاً مع قطاعات أخرى، مثل: المعلمين والبياطرة والمهندسين، وتشكل جسم أساتذة الجامعات من داخل اللجنة التأسيسية للتجمع.

انعقدت ورش عمل للأجسام في ذلك الوقت، حول التخطيط الاستراتيجي وتحديد الحد الأدنى للأجور، وهي قضية تجمع كل المهنيين، وتخاطب أشواق طيف واسع منهم، إلى أن تم التوقيع على الميثاق بالتنسيق بين (8) أجسام.

عمل الجسم التنسيقي على دراسة الأجور، وكان هنالك تفاعل كبير مع القضية. وأصبح الحراك جماهيرياً، وكانت قضية الحد الأدنى للأجور من الشعارات الواضحة لإسقاط النظام. في تجمع المهنيين، تم تغيير الوجهة من الحديث عن قضية الحد الأدنى للأجور إلى وجهة سياسية تطالب برفع الحد الأعلى للأجور، وإسقاط النظام.

كانت الدعوة للموكب المتجه إلى البرلمان في 19 ديسمبر، بعدها تغيرت الوجهة إلى القصر، وتسليم مذكرة التنحي يوم 25 ديسمبر.

قبل الموكب، عقد تجمع المهنيين اجتماعاً حدد فيه أن على كل الأجسام القيام بسلسلة إضرابات تصاعدية ومتدرجة في القطاعات المختلفة، وكانت البداية بقطاع الأطباء في 23 ديسمبر 2018. أضربنا في لجنة أطباء السودان المركزية عن الحالات الباردة حتى إسقاط النظام، أما الإضراب المفتوح فقد بدأ في 24 ديسمبر 2018، واستمر حتى 2019، وكان أطول إضراب في التاريخ، لم يرفع إلا 11 أبريل (يوم سقوط النظام)، بل رفع بعد الوصول لاتفاق سياسي، وتنحى المجلس العسكري الانتقالي عن الحكم.

*كيف كان تأثير الإضراب على الدولة؟

قيادة تجمع المهنيين السودانيين للمظاهرات

– الهدف الأساسي من الإضراب هو التعبير عن حالة الرفض لاستمرار نظام الإنقاذ عن طريق التوقف عن تقديم الخدمة للحالات الباردة التي تُدخل إيرادات كبيرة للوزارة، وغيرها من الإيصالات المالية.

الإضراب كان له أثر معنوي كبير على النظام الموجود، ومن وسائل المناهضة والرفض القوية. الالتفاف حوله وتنفيذه بصورة كبيرة أثر على النظام نفسياً، وفقد على إثره السيطرة على زمام الأمور، وعرض ذلك في حلقات (الأسرار الكبرى) التي عرضت في قناة (العربية).

بدا واضحاً أنه تمت مناقشة الإضراب بشكل مستمر في أروقة اتخاذ القرار في المؤتمر الوطني، وحاولوا بكل الطرق كسره، ولكن لم يستطيعوا.

قامت لجنة الأطباء المركزية، مع شركاء في قطاع الأطباء بالتنسيق، بمراقبة سير الإضراب، فكان ميلاد المكتب الموحد في 30 ديسمبر 2018 ما بين لجنة أطباء السودان المركزية، نقابة أطباء السودان الشرعية، ولجنة الاستشاريين والاختصاصيين. وكان المكتب الموحد مسؤولاً عن حالة الإضراب والتفاصيل المتعلقة بمجريات 18 فبراير، كان حادث اغتيال الدكتور بابكر عبدالحميد، وعليه كان القرار الكبير بالانسحاب من المستشفيات العسكرية والنظامية، وتم التنفيذ حتى من المستشفيات الخاصة، والسلاح الطبي، وعلياء، ومستشفيات الأمل التابعة للأمن، ومستشفيات الشرطة ساهرون، ومستشفى الساحة، ومستشفى دريم، وغيرها من المستشفيات التي لها علاقة باتحاد الأطباء. الانسحاب شل عدداً كبيراً من المستشفيات، والخدمات التي كانت تقدم فيها توقفت .

*كيف كانت الاستجابة للانسحاب بعد اغتيال د. بابكر؟

– التفاعل كان كبيراً مع كل الخطوات التصعيدية التي تمت من الإضراب وصولاً إلى الانسحاب من المستشفيات العسكرية، والدعوات للوقفات الاحتجاجية كانت كبيرة جداً، وبصورة غير مسبوقة.

كان هناك التزام كامل من الأطباء، حتى الأطباء المحسوبين على النظام. وجاء على لسان الرئيس المخلوع: “ناس اللجنة المركزية بقولوا يضربوا وبيضربوا، وبقى ما عارفين يتعاملوا مع الحاجة دي”.

بعد 11 أبريل، وسقوط نظام الرئيس البشير، بدأنا كأطباء نفكر في استعادة النقابة أو تكوين نقابة أطباء السودان المنتخبة المستقلة التي تمثل الأطباء، وبدأ النقاش حول آلية الاستعادة. فأقيمت ورش في الإمدادات الطبية، ناقشت: استعادة النقابة والنظام الأساسي, والمتغيرات التي حدثت بعد (30) سنة، والمكتب الموحد، واللجنة النقابية. ووضعت خارطة الطريق للوصول للنقابة، وبالفعل تكونت عدد من اللجان التمهيدية .

هنالك اتهام مباشر أن لجنة الأطباء المركزية هي السبب الرئيسي في الانقسام، وإقحام تجمع المهنيين في صراعات سياسية أدت في النهاية إلى الانشقاق والتشتت في قيادة الشارع، ظهر ذلك بعد انقلاب 25 أكتوبر.

قبل أن نحكم على الأحداث، يجب أن ننظر إلى بدايات تجمع المهنيين، والأضلاع الأساسية له. لجنة أطباء السودان المركزية هي الجسم الذي كان مستعداً في ذلك الوقت 2016، والمسودة الأولى التي طرحت للصحفيين والمحامين كانت من مجهود اللجنة، وحتى الورش التي أقيمت كان للجنة إسهام كبير فيها، إلى أن وصل عدد الأجسام المنضوية تحت تجمع المهنيين إلى (8) أجسام.

للجنة مسيرة طويلة منذ العام 2016 حتى 2018، هذه المسيرة اتسمت بالمهنية والاحترافية في العمل، ولم يكن فيها أي توجهات سياسية، لكن هذه الاتهامات للجنة الأطباء السودان المركزية كانت محاولة للتضليل، وأن الأجسام ذات الواجهات التي إلتحقت مؤخراً بالتجمع كانت السبب الأساسي للانقسامات.

عندما خاضت اللجنة في الصراع السياسي، حصلت فيها هزات داخلية أدت إلى استقالات ومواجهات صحية توقفت اللجنة عندها، وأعادت تقييم مواقفها. في الجانب الآخر، هناك أجسام كثيرة لم تتأثر إطلاقاً بما حدث داخل التجمع، لأنها تعبر عن رؤية وموقف عدد محدود من الأعضاء، يجمعهم ذات الموقف السياسي والانتماء الحزبي الساعي لابتلاع التجمع.

ارتكبنا أخطاء في هذا الصراع، ولكن كنا أحد مظاهر الأزمة، ولسنا أصلها، أصلها يعود للتسجيلات الفراكشن المشهورة والمشهودة.

الأجسام التحالفية قيادتها تقوم على التوافق بصورة تحفظ وضعيات الأجسام الموجودة، بمعنى أن التجمع به أجسام مؤسسة وأجسام أخرى إلتحقت به مؤخراً، حتى هذه الأجسام تتفاوت في فاعليتها وتأثيرها داخل قطاعاتها.

عملية الاقتراع تم الاتفاق على أن تنتخب قيادة توافقية، لأن التجمع لم يكن منتخباً من القواعد، والأجسام الموجودة لم تأت بالجمعيات العمومية.

لم يتم انتخاب القيادة التوافقية، وحدثت خروقات في العملية الانتخابية، ساد حولها جدل كبير، مما دفع (6) أجسام أساسية في التجمع لأخذ موقف رافض للانتخاب الذي تم، وقيل إن التكوين الجديد يمثل تياراً سياسياً محدداً.

*ما هي تداعيات الانتخابات التي أدت إلى انقسام تجمع المهنيين؟

– تداعيات خطيرة جداً، وأشرنا إلى أنه كان هناك اختراق أمني، ذكرنا ذلك في مؤتمر صحفي، وكذلك الخطوات التي تمت بها تخدم جهات ضد الانتقال والتحول المدني الديمقراطي.

تباينت المواقف، وترك فاعلون الأمر برمته، وكأنَّما المهمة الأساسية كانت تقسيم التجمع

 *(3) سنوات من إسقاط النظام إلى الآن، ولجنة الأطباء المركزية لم تكمل عملية البناء القاعدي، وتذهب إلى انتخابات مباشرة. وهناك اتهامات كثيرة بعدم الرغبة في قيام انتخابات، ما ردكم؟

– قطاع الأطباء يختلف عن القطاعات الأخرى، لوجود الأطباء في (189) محلية، وهذا يعني على الأقل (189) وحدة نقابية وفرعية. لذلك، فإن مجهود التنظيم سيكون مختلفاً، بالإضافة إلى تفاعل الأطباء مع عملية الحصر، وهي عملية تحتاج إلى وقت طويل، مع الوضع في الاعتبار التباين الذي حدث خلال الفترة الانتقالية والصراعات.

أيضاً، خلال الفترة الانتقالية، ومرحلة جائحة كورونا، كان هنالك توقف كامل للأنشطة والحياة العامة، وأصبح الانشغال بمكافحة وباء كورونا كبيراً، كان هناك تباعد في مسار خطوات اللجنة النقابية قبل الوصول إلى مرحلة انتخاب اللجنة التمهيدية. وهناك عدة خطوات تقدمنا بها مع الرفاق في المكتب الموحد: الخطوة الأولى كانت بطرح مسودة دستور مبادرة، وعقدنا عدداً من الورش في العاصمة والولايات للأطباء من أجل مناقشتها، واقتراح التعديلات حولها. الخطوة الثانية، بدأنا بحصر الأطباء، وتم تمديد فترات الحصر حتى يتمكن جميع الأطباء من الالتحاق بعملية تكوين اللجنة التمهيدية، وتم تكوين لجنة انتخابية من بعض أعضاء المكتب الموحد، وآخرين من خارج المكتب الموحد، بعدها بدأت عملية انتخاب اللجان التمهيدية خلال أشهر محددة، لكن العملية أخذت وقتاً طويلاً، والواقع يفند هذه الادعاءات، المكتب الموحد شرع في عمل ورش في شهر أغسطس 2019.

أنجزنا نحو (60%) من عمل اللجان التمهيدية

*لماذا تأخر تشكيل نقابة الأطباء وبقية النقابات الأخرى؟

– هناك ظروف ذاتية وموضوعية أدت إلى التأخير، وهي أن المكتب الموحد تعرض لهزات وخلافات كبيره كادت تعصف بوحدته. ورغم ذلك لم يؤثر الاتفاق على مكونات المكتب الموحد للوصول إلى النقابة، حتى داخل تجمع المهنيين. هنالك مكونات في المكتب الموحد ذهبت مع تجمع المهنيين الجديد المنتخب، ومكونات أخرى تمسكت بالتجمع القديم.

ورغم الاختلاف، كان الاتفاق على مواصلة العمل تحت مظلة المكتب الموحد في ذروة الخلاف للوصول إلى النقابة. أثناء فترة جائحة كرونا، كانت هنالك مبادرات مختلفة وسط الأطباء، أثرت على سير عملية التجهيز للنقابة .

حالياً يمكن القول إننا أنجزنا (60%) أو (65%) من مجمل اللجان التمهيدية المنتخبة بنقابة أطباء السودان، ولهذه اللجان التمهيدية مهمة محددة تتمثل في استكمال عملية حصر الأطباء. ونعمل الآن على ترتيبات تجهيز مسودة النظام الأساسي الذي سوف تتم إجازته عبر الجمعية العمومية المنتخبة. وبذلك نكون خطونا خطوة كبيرة نحو النقابة، ووضعنا أساسها المتين. وعند مقارنة قطاع الأطباء مع القطاعات الأخرى، نجد أن العملية معقدة، نسبة لوجود أطباء خارج السودان.

*ما هي الصعوبات والتحديات التي تواجه قيام النقابة الآن؟

– أكبر التحديات هو تفاعل الأطباء مع عملية الحصر، حالياً هناك هيئات نقابية في الولايات متعسرة في انتخاب ممثليها، ورفعهم للجنة الانتخابات المركزية، ليكونوا جزءاً من الجمعية العمومية المركزية التي ستكون اللجنة التمهيدية لإجازة الدستور وتنظيم الانتخابات العامة للنقابة، نحتاج لأن يزيد الأطباء من تفاعلهم مع العملية الجارية حتى نتمكن من إنجاز الملف.

ومن التحديات التي تواجهنا، هنالك هيئات نقابية تم تكوينها قبل عام أو عامين ستفقد مشروعيتها. وفي الفترة القادمة، ستزيد وتيرة العمل، ونتوقع قيام الجمعية العمومية في الجزء الأول من 2023.

التغيير المشروع طريقه طويل ومعقد، يحتاج إلى الصبر وتقبل أفكار وآراء الآخرين، ونحتاج أن نستوعب القيمة التي تجمعنا، ومشروع التغيير الديمقراطي السلمي.

الاختلاف سمة طبيعية يجب أن نستوعبها، لا يمكن أن نتفق على كل الأشياء، لكن في النهاية يجب أن نتفق، ونعمل على الوصول إلى التغيير المنشود على مستوى النقابات والمكونات المدنية الأخرى، لنعبّر عن رؤية وموقف عدد محدود يجمعهم نفس الانتماء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى