الأبدية في القلب
صَنَعَ الْكُلَّ حَسَنًا فِي وَقْتِهِ، وَأَيْضًا جَعَلَ الأَبَدِيَّةَ فِي قَلْبِهِمِ، الَّتِي بِلاَهَا لاَ يُدْرِكُ الإِنْسَانُ الْعَمَلَ الَّذِي يَعْمَلُهُ اللهُ مِنَ الْبِدَايَةِ إِلَى النِّهَايَةِ. (جامعة 3: 11)

بينما تعبث البشرية بما تملكه من قدرات، في الإنظمة والأفراد غير الحكيمة، تصرخ صوت الأبدية في قلب الإنسانية من أجل مستقبل آمن؛ ليدوي في ضمائر الناس المكتوية بنيران أفعالها. كتب ناشط هندي (دينيش كومار ثانجافيل) عن معنى الإنسانية (Humanity) بحسب رأيه الذين هم سكان الأرض، والبشر (People) أو (الناس) الذين ينتمون إلى دول. لدى “ثانجافيل” مدونة في موقع (quora.com) وهو يهتم بمشاكل الأرض، البشر، التاريخ وغيرها، قال عن الإنسانية: “يمكنها البقاء على قيد الحياة، إنها لا تحب الدمار، يمكنها صنع والسعي نحو السعادة، ترغب في الحياة، وتعيش وفق قواعد أخلاقية”. يتضح من هذه القيم أن الإنسانية أبدية إنها غالبا ما تأسى، تحن وتشفق على الناس الذن تجمعهم قواعد موضوعة، تظهر الجانب السلبي، ولا تفيد إلانسانية. يصف “دينيش ثانجافيل” (الناس) (People) الذين يتواجدون وفقًا للمنطقة، الدين، اللون والثروة، هؤلاء لا يستطيعون البقاء أو الديمومة في هذا الكوكب، ويقصد بذلك أن طريقة تفكيرهم في السعي نحو السيطرة والتفوق على المجموعات، التي يعتبرونهم أعداء أو منافسين، تجعلهم غير مبالين لمستقبل الأرض والخليقة بمواردها، لذلك غالبا ما يرتبط بقائهم وقوتهم على الدمار، لذا لا يعرفون معنى السعادة بحسب الفكر الإنساني، لا تأتي سعادتهم إلا فرحا بالسوء والإثم، طموحهم الثروة مهما كانت النتائج تؤدي إلى الدمار، ليستديموا على أنقاض اخوتهم المختلف عنهم، لذا لا يأبهون بالأخلاقيات إنما القوانين التي تناسب أهدافهم ورغباتهم لترضي مخاوفهم الأبدية. المجموعتان لديها مخاوف تظهر في أهدفهم من أجل البقاء الأبدي. هذا ما يلخصه قول الحكيم سليمان إن الله:
صَنَعَ الْكُلَّ حَسَنًا فِي وَقْتِهِ، وَأَيْضًا جَعَلَ الأَبَدِيَّةَ فِي قَلْبِهِمِ، الَّتِي بِلاَهَا لاَ يُدْرِكُ الإِنْسَانُ الْعَمَلَ الَّذِي يَعْمَلُهُ اللهُ مِنَ الْبِدَايَةِ إِلَى النِّهَايَةِ. خلق الله العالم والإنسان حسنا جميلا رائعا، ووضع فيه كل الإمكانيات التي تبقيه كما أراد الله منذ بدء الخلق، إلا أنهم اختاروا طرقا ملتوية. ما هي تلك “الأَبَدِيَّةَ التي فِي قَلْبِهِمِ؟”، وبدونها لا يدركون ما فعله البارئ، ويستمر في المحافظة عليها الله الذي يجب أن يسلك الجميع بحسب خطته؟. هذا يعني أن في أعماق روح الإنسان، شوق وقلق أبدي ساعيا وباحثا عن الأجوبة الأبدية، على مدار قدم الإنسان والتاريخ بطرق مختلفة، في الأبحاث والاكتشافات اللامتناهية. أكثرها تفوقا رأسيا وأفقيا “التكنولوجيا” قمتها رأسيا في وكالة ناسا الفضائية التي تعتبر نفسها وكالة وطنية لأهداف إنسانية، على الأقل حقق جزء من أحلام بعض الناس، يقال قديما كان بعض سكان المكسيك يؤمنون بأنهم ذاهبون إلى الشمس أو القمر بعد الموت، إلا أن ناسا بحسب أهدافها لم تكتشف حدود الفضاء وأسرار الثقوب السوداء، لم تحصر المخاوف التي يمكن أن تهدد الوجود البشري من الفضاء. وأهم الأبحاث أفقيا اكتشاف خريطة الجينوم البشري الخاص بالحمض النووي، برغم أن الهدف منه معرفة حل مشاكل الأمراض لكن حتى الآن يفتك السرطانات والزهايمر بجسد البشر في كل أنحاء العالم. بحسب احصاءات تعداد السكان العالمي يموت 3 أشخاص في جميع أنحاء العالم كل ثانية، 180 إنسان في كل دقيقة، وما يقرب من 11000 من البشر في كل ساعة. برغم إيمان الكثيرين منهم بالخلود الأبدي، ثمة كثيرين لا يعرفون إلى إين يذهبون في ذلك الفضاء الأبدي، فخلاصة سليمان الحكيم هي:على الرغم من اشتياق الإنسان إلى الأبدية، “لا يمكنه اكتشاف كل العمل الذي قام به الله من البداية حتى النهاية”. فالأبدية هي حركة نحو مكان أسمى يتحدى القلب والعقل البشري، يظهر في النشطات اللا متناهية باتساع بلا حدود، يفقد فيه العقل الماضي أو المستقبل، السر هو في السعي نحو معرفة الله شخصيا من القلب.