الرأي

ازدراء المدنيين

• ازدراء المدنيين هو ما يتم تربية النظاميين عليه في السودان منذ معسكرات التدريب؛ تقديمهم في هيئة ما لا يمكن ولا ينبغي للعسكري أن يكونه هو ما يجعل فصام النظامي تجاه المدنيين يبدأ باكراً منذ بداية خدمته، وخطورة هذا النوع من التدريب أنه يجعل من المواطنين العدو المثالي للنظامي؛ لا خدمتهم وحمايتهم واحترامهم كدافعي ضرائب يتمتعون بكافة الحقوق الدستورية، ويدفعون مرتبات الجنود والضباط من حر أموالهم.
• مع حجم المجازر التي قامت بها قوات نظامية بحق مدنيين في السودان تبدو الحاجة إلى ردم الهوة الكبيرة بين الواقع وبين ما نطمح إليه ملحة وضرورية للغاية، ومع زيادة جرائم أفراد ينتمون إلى قوات نظامية كل يوم وتأكيد الوهم بأنها جرائم فردية لا نابعة من صميم تركيبة وتكوين تلك القوات. تكاد تكون الإجراءات التي تمت لإصلاح هذه الأجهزة غير منظورة أو لم تحدث بعد؛ لاحتفاظها لا زالت بذات بنيتها التي لا تسمح بهيكلة حقيقية تطال منابت السوء فيها.
• لن يحدث تغيير حقيقي في السودان سياسياً أو على أي مستوى دون أن يتم إصلاح المؤسسات العسكرية كافة وإجراء تعديلات تطال جوانب مهمة فيها غير الاسم فقط كما حدث في حالة جهاز الأمن والمخابرات؛ بحيث يتم النظر إلى العقيدة القتالية للجندي نفسها وكيف يتم وإعداده وتهيئته.
• قبل أن يتم استيعاب الجريمة النكراء التي حدثت باختطاف المواطن بهاء بكري من مكان عمله وتعذيبه في أحد المعسكرات التابعة للدعم السريع ومن ثم وفاته متأثراً جراء التعذيب في الوحدة الطبية التابعة للدعم السريع بشمبات؛ نتفاجأ بمواطن آخر يموت في يد الشرطة الفيدرالية جراء التعذيب أيضاً.
• حقيقة تصوير المدنيين كأعداء لمسناها ونحن يتم تجييشنا في معسكرات الخدمة الوطنية عقب امتحانات الشهادة السودانية مباشرةً؛ في طريقة تعامل التعلمجية معنا والشتائم التي يكيلونها للملكية”كُهنة” “دُلقان” “رباط البوت” ” ملكي ساكت”؛ وكل ما يأتي على ألسنتهم من عبارات تقع في سياق ازدراء المدنيين وحياتهم السائبة التي ينعدم فيها الانضباط والالتزام؛ أو هكذا يتم تغذية عقولهم، وأفئدتهم بهذا الخطاب حتى تهون حيوات وأرواح المواطنين لديهم فيسهُل سلبها في لحظات دون أن يطرف لهم جفن، كما لاحظنا في جرائم مروِّعة يشيب لهولها الولدان مثل مجزرة فض اعتصام القيادة العامة؛ التي شاهدناها تُبث مباشرةً على هواتف الشهداء والضحايا، وكيف تم التنكيل بالمواطنين العُزل ومحاولة إذلالهم والتشفي فيهم قبل قتلهم وبعد ذلك، مع حالة من الجزل والمتعة السادية التي لا يمكن أن تصيب شخصاً سوياً أبداً.
• لا نحتاج إلى مثل هذا النوع من القوات التي لا تقيم وزناً للحياة البشرية، ولا يمكن ائتمان أمثال هؤلاء على حيوات المواطنين والمجتمع؛ بل إنهم يشكلون خطراً دائماً على الحياة ككل لا المدنية فحسب، للأسف؛ رغم تقاضيهم مرتباتهم ومخصصاتهم من عرق وشقاء هؤلاء، لكنهم يظنون أنهم الأعلون، كما يتم غسل أمخاخهم في معسكرات التدريب الوحشية التي تشبه معسكرات النازية؛ لا قوات حفظ للقانون، وإنفاذه.
• الحوجة ماثلة الآن؛ لمراجعة كافة هذه العقائد التدريبية والقتالية، وطبيعة وكُنه المحتوى العلمي والمعنوي الذب يتم تقديمه للجنود والضباط في كافة القوات النظامية، ومراجعة التقييم النفسي للمعلمين النظاميين، وأنظمة اختيار منسوبي هذه القوات؛ وقبل ذلك عملية الدمج والتسريح والتأهيل والتدريب.
• لن يحدث انتقال في ظل وجود شرطة تعذّب وتقتل المواطنين؛ وجيش يحرق القرى ولا يحمي المواطنين العزل من الانتهاكات أمام بواباته، وقوات دعم سريع تختطف الناس من أماكن عملهم وتعتقل وتعذّب وتقتل.
• إصلاح هذه الأجهزة يجب أن يتم على أيدي ومعرفة المدنيين؛ بمساعدة كليات القانون ومؤسساته ومنظومات حقوق الإنسان وبإشراف خبراء لا “كيري ساي” من بعض الفاقد التربوي والأخلاقي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى